دولة ملتزمة.. تسديد كافة الديون في مواعيدها.. منها 38.7 مليار دولار في 2024
السبت، 11 يناير 2025 03:01 مهبة جعفر
خطة الإصلاح تنجح في تقليص الدين الخارجي مع تعزيز النمو الاقتصادي.. والحكومة: لم نتأخر يوما رغم الازمات الاقتصادية
تحرص مصر منذ بداية تطبيق البرنامج الإصلاح الاقتصادي على تأكيد مفهوم "الالتزام" في الوفاء بكافة الديون المالية، وإحراز تقدم في ملف سداد الديون الخارجية، وبختام عام 2024 سددت مصر 38.7 مليار دولار، وخلال شهري نوفمبر وديسمبر فقط سددت نحو 7 مليارات دولار من الديون المستحقة عليها، رغم إن عام 2024 يعد الأثقل اقتصاديا نظرا للظروف والاحداث الإقليمية المحيطة بالمنطقة العربية ومصر خاصة، إلا إن الدولة سددت الديون الملتزمة بها في المواعيد المحددة ووفقا للخطة الموضوعة من قبل الدولة.
وخلال 2025 فإن المبلغ المستحق للسداد قد يكون في حدود 20 مليار دولار أو أقل وفقا لتصريحات وزير المالية أحمد كجوك، ووفقا للخطة الزمنية فإن الالتزامات الخارجية يتم تسديدها من مصادر عدة، بينها تحويلات المصريين بالخارج، وكذلك الصادرات وعائدات السياحة، عائدات قناة السويس، وإن كان شهد تراجعا (بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر)، موضحًا أن إجمالي كافة موارد الدولة من العملة الأجنبية تساهم في سداد الالتزامات الخارجية.
وسبق أن أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، أ مصر التزمت بسداد ديوانها ولم تتأخر يوما عن الوفاء بمستحقات الديون رغم الازمات الاقتصادية وقال إن هناك جهودًا كبيرة تبذلها الحكومة لزيادة العائدات الدولارية، مشددًا على أن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة مكنتها من تحقيق الاستقرار في سوق النقد الأجنبي والتوازن في سعر صرف مرن، ما ساهم في عودة جزء كبير من تحويلات المصريين الخارج.
وتبلغ حصة أجهزة الموازنة من الديون الخارجية نحو 79 مليار دولار بنهاية يونيو، لكنها تراجعت إلى 78 مليار دولار فى أكتوبر، ومن المستهدف خفضها إلى 77 مليار دولار بنهاية يونيو 2025، يشار إلى أن الدين الخارجي لمصر انخفض خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 152.9 مليار دولار، مقارنة بـ 168 مليار دولار بنهاية عام 2023، بدعم من صفقة رأس الحكمة التي أدت إلى تدفق 24 مليار دولار لمصر، بالإضافة إلى تحويل ودائع إماراتية بالدولار إلى الجنيه المصري.
لجنة إدارة ملف الدين الخارجي
وفى اطار خطة الدولة للنزول بمسار الدين الخارجي شكلت الحكومة إدارة ملف الدين الخارجي وتنظيم الاقتراض الخارجي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي (وتكون مقررة اللجنة)، ووزير المالية، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وممثل عن جهاز المخابرات العامة، وممثل عن هيئة الرقابة الإدارية.
ووفقا لمشروع القرار، تختص اللجنة بإدارة ملف الدين الخارجي بشكل متكامل يشمل جميع أدواته، مع وضع حد أقصى للاقتراض الخارجي سنويا، يتحدد في ضوء معايير الاستدامة المالية، ولا يجوز الخروج عليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبموافقة مجلس الوزراء، ووضع حد أقصى للاقتراض الخارجي سنويًا يتحدد في ضوء معايير الاستدامة المالية، كما تختص اللجنة بمناقشة بدائل سد الفجوة التمويلية بالعملات الأجنبية من المصادر الخارجية، وتحديد حجم الاقتراض الخارجي المطلوب، من خلال المصادر التمويلية المختلفة، بما لا يتخطى الحد الأقصى للاقتراض الخارجي (سقف الدين)، إضافة إلى تطبيق نظام حوكمة دقيق لتنظيم الحصول على سائر أدوات الدين الخارجي، طبقا لإطار مؤسسي متكامل، أسوة بالنظام المتبع في القروض التنموية الميسرة.
وحدد مشروع القرار عددا من الشروط قبل التوقيع على القروض الخارجية، من بينها الحصول على موافقة اللجنة لأي مشروع يتطلب الاقتراض من الخارج، قبل عرض المشروع على رئاسة مجلس الوزراء، أو رئاسة الجمهورية، مع ترتيب أولويات المشروعات التي تحتاج إلى قروض خارجية.
كما يشترط عدم التعاقد مع شركات أجنبية أو محلية لتنفيذ المشروعات التي تحتاج إلى مكون أجنبي قبل الحصول على موافقة اللجنة، مع ضرورة وجود دراسة جدوى تنموية مكتملة للمشروع، مع بيان قدرة الجهة على سداد القرض.
ومن بين الشروط أيضا أن يقتصر الاقتراض الخارجي بالنسبة للمشروعات على تمويل المكون الأجنبي غير المتوافر محليا لهذه المشروعات، ويستثنى من ذلك الحالات الضرورية التي توافق عليها اللجنة، وأن تكون الأولوية لتمويل الاحتياجات الاستراتيجية في حال الظروف الاقتصادية الطارئة، مع مراجعة هذه الظروف بشكل دوريّ ربع سنوي، والاتجاه إلى القروض التنموية التي تدعم السيولة وتقلل من الفجوة الدولارية، وذلك بشروط ميسرة وبآجال سداد طويلة وبفترات سماح مناسبة.
وتضمن مشروع القرار أسلوب تقديم طلبات الحصول على القروض الخارجية، الذي يكون من خلال النظام المُميكن المعد من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي لهذا الغرض.
وأكد رئيس الوزراء، إن اللجنة مستمرة في تحقيق مستهدفات الحكومة الخاصة باستدامة المسار النزولي للدين الخارجي، بعد النجاح الذي حققته خلال العام المالي الماضي في خفض مستويات الدين من إجمالي الناتج المحلي، وتعمل على تحقيق مستهدفات خفض مستويات الدين من الناتج المحلي الإجمالي بالتوازي مع العمل على ضخ استثمارات جديدة تضمن زيادة معدل النمو الاقتصادي.
ونجحت الدولة في تحقيق تراجع لمسار الدين الخارجي لمصر ليسجل 160.60 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من 2023-2024 مقابل 168.03 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، بتراجع قدره 7.427 مليار دولار.
دور الدولة في النزول بمسار الدين الخارجي
وبالرجع إلى مسار الدين الخارجي لمصر نجد أنه منذ اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، وتحرز مصر كل يوم تقدما كبيرا فى ملف سداد الديون الخارجية المستحقة عليها، التى وصلت وفقا لبيانات البنك المركزى بنهاية مارس 2016 إلى نحو 106.2 مليار دولار، فتم سداد نحو 25 مليار دولار، ديونا وفوائد ديون مستحقة على مصر، فى الفترة من نهاية مارس 2017 وحتى نهاية مارس 2019، هذه الديون المسددة موزعة على 21 مليار دولار أقساط ديون مسددة، ونحو 5 مليارات دولار فوائد مدفوعة، بذلك تكون مصر قد نجحت فى سداد ديون خارجية بقيمة 36.711 مليار دولار خلال بداية من يونيو 2013 وحتى نهاية الربع الأول من العام المالى 2018-2019، وتشمل تلك الديون المستحقة على مصر، من بينها دول نادى باريس ومستحقات للمؤسسات الدولية واستحقاق سندات وودائع للدول والمؤسسات الأجنبية، بالإضافة إلى فوائد الأقساط، وتوزعت هذه المبالغ ما بين 30.239 مليار دولار أقساط الديون المستحقة على مصر ونحو 6.472 مليار دولار فوائد الدين الخارجى خلال الفترة ذاتها.
هذا الرقم الكبير، الذى التزمت مصر بسداده، كشف مدى نجاح خطة الإصلاح فى النهوض بالاقتصاد، فمنذ بدء تنفيذ الخطة فى نوفمبر 2016، استطاعت مصر توفير ما لا يقل عن 20 مليار دولار، الأمر الذى خلق حالة من التفاؤل الدولى، ترجمتها العديد من التقارير العالمية، التى تحدث عن النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى.
سداد مصر لديونها الخارجية بشكل منتظم وثابت، وفق خطة موضوعة مسبقا، أوضح مدى قدرة القائمين على الاقتصاد المصرى بالعبور به إلى بر الأمان، لا سيما أنهم استطاعوا عبر خطة الإصلاح فى تحقيق زيادة موارد العملة الصعبة، وتشهد على ذلك أرقام تحويلات المصريين فى الخارج التى ارتفعت منذ تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى بشكل غير مسبوق.
ما فعلته مصر- على مدار السنوات القليلة الماضية- يعد إنجازا اقتصاديا كبيرا أشادت به مؤسسات العالم الاقتصادية سواء صندوق النقد أو البنك الدوليين، أو مؤسسات التصنيف العالمية وكبريات صناديق الاستثمار العالمية، فضلا عن أن تلك الإصلاحات مكنت مصر من الوقوف بقوة فى مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة فى دول مثل تركيا والأرجنتين التى يعانى كل منها أزمات اقتصادية حادة، حيث حافظت مصر على الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين الحكومية التى تطرحها مصر للمستثمرين الأجانب وبأسعار فائدة جيدة لصالح مصر.
وتستمر مؤسسات الدولة من إعادة هيكلة آجال الدين الخارجى ليصبح على فترات طويلة وبشروط أفضل لصالح مصر، وذلك هدفه تحسين جودة الديون المصرية والقدرة على سدادها على آجال طويلة وبفائدة منخفضة جدا وشروط مميزة، وهو ما نجحت فيه مصر خلال الآونة الأخيرة بالإضافة إلى أنها استطاعت الحفاظ على مستوى الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين الحكومية وهو ما يسهم فى توفير عملة صعبة من ناحية وتخفيض تكلفة الديون من ناحية أخرى بخلاف توفير مصادر تمويل خارجية، لتخفيف الضغوط على الدين المحلى.
خطة مصر لإدارة الدين الخارجي
ووضعت وزارة المالية خطة لإدارة الدين على المدى المتوسط وقال أحمد كجوك وزير المالية، إن حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة انخفض بنحو 4 مليارات دولار خلال العام الماضي، وأن معدل دين أجهزة الموازنة للناتج المحلى تراجع إلى 89.6٪ فى يونيو 2024 بدلاً من 96٪ فى يونيو 2023، مشيرا إلي تراجع العجز الكلي بالموازنة العام للدولة إلى 2.12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، مسجلا 361.8 مليار جنيه، مقارنة بـ 3.26% بما قيمته 455.8 مليار جنيه، الفترة المناظرة، مؤكدا أن الربع الأول لم يشهد أي إيراد استثنائي وهذا يدل علي تحسن الأداء الاقتصادي، لافتاً إلى أن سقف الدين في الموازنة العامة للدولة تراجع لـ 90% من الناتج المحلي مقارنة بنسبة 96% في العام المالي 2022-2023، مرجحًا أن يتراجع لـ 85% خلال الفترة المقبلة، وأن أى حصيلة مالية سيتم توجيهها لسداد سقف الدين سواء فى الموازنة العامة او الدين الخارجى، وذلك على حسب العملة، المحلية ستوجه لسقف الدين فى الموازنة العامة، والأجنبية للدين الخارجي.
وأشار وزير المالية، إلى أن الفترة الاخيرة شهدت نجاح فى خفض مدفوعات الفوائد بالموازنة العامة للدولة، للمرة الأولى، بنحو 79.5 مليار جنيه بنسبة تراجع 20.3% لتصل إلى 312.3 مليار جنيه خلال شهري يوليو وأغسطس من العام المالي 2024/2025، لافتا إلى العمل المستمر على خفض مؤشرات الدين الخارجى، معلنا إطلاق استراتيجية كاملة لتسوية المديونيات تشمل كل التفاصيل المتعلقة بالمنظومة.
وخلال الربع الأول حققنا فائضا أوليا 90 مليار جنيه وهذا الرقم لم نشهده منذ سنوات ويدل أن النشاط الاقتصادي يأتي بإيرادات والأرقام تؤكد ذلك، رغم أننا فقدنا 70% من إيرادات قناة السويس نظرا للأوضاع الجيوسياسية"، متابعا:" معدل الدين الداخلي لأجهزة الموازنة انخفض بنسبة 4.7% من الناتج المحلي رغم صعوبة الظروف الاقتصادية، مشيرا إلي أن الوزارة تستهدف الحفاظ على تحقيق فوائض أولية سنوية للنزول بمعدل الدين للناتج المحلي إلى أقل من 85% مع نهاية العام المالي المقبل، مشيرا إلى أن المتحصلات الضريبية من ضريبة القيمة المضافة صعدت بمقدار 57 مليار جنيه بنسبة 45% لتسجل 185 مليار جنيه خلال فترة الدراسة، والحصيلة من الضرائب على الممتلكات ارتفعت بنحو 44.3 مليار جنيه بنسبة 81.7% لتبلغ 98.6 مليار جنيه، كما زادت المتحصلات من الضرائب على التجارة الدولية بنحو 14 مليار جنيه بنسبة 92%، لتصل إلى 29.4 مليار جنيه.
وقال كجوك، إن تراجع خدمة الدين عن الماضي يقلل أي ضغوط ويعزز باب الدعم وشراء السلع والخدمات، مشيرا إلى أن ضرائب القيمة المضافة زادت بنسبة 45% ، كما أن الضريبة العقارية زادت بنسبة 24%، وإن المؤسسات الدولية رفعت تصنيف مصر الائتماني، وهذا مؤشر جيد، كما أنه أمر إيجابى للقطاع الخاص من أجل الوصول إلي الأسواق لعمل شركات، مشيرا إلى أن إعلان وكالة "فيتش" رفع التصنيف الائتمانى لمصر للمرة الأولى منذ عام 2019، من "B-" إلى "B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، خطوة مهمة تعكس نجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الدولة.
قال الوزير، إننا سنبذل جهدًا أكبر لخفض معدل الدين وعندنا برنامج متكامل لخفض المديونية الحكومية على المدى المتوسط، ونعمل على خفض تكلفة الدين وتنويع قاعدة المستثمرين والعملات والأسواق وإطالة عمر الدين من أجل تعزيز «درجه الـثقة» للاقتصاد المصرى، وبدأنا استعادة ثقة المستثمرين ومستمرون فى استهداف دخول أسواق جديدة وسداد الاستحقاقات واستعادة تقييم مصر الائتماني لمساره الإيجابي، وأن تكلفة الدين بدأت تتراجع فى الإصدارات المصرية السيادية الدولية، وأن عوائد السندات الدولية بالسوق الثانوية انخفضت ٦٪ لأجل ٣ سنوات و٣,١٪ لأجل ٥ سنوات مقارنة بأسعارها فى فبراير الماضى، وأن معدلات أسعار التأمين ضد مخاطر السداد لأجل خمسة وعشرة أعوام تراجعت ٢٢٤ و١٦٨ نقطة على التوالى، لافتًا إلى أننا أصدرنا سندات الباندا الصينية وسندات الساموراي اليابانية بتكلفة منخفضة جدًا، كما عملنا على تنشيط سوق الأوراق المالية الحكومية وميكنة وتطوير نظم التسويات المالية والضريبية، مع التركيز على الإصدارات متغيرة العائد لجذب قاعدة جديدة من المستثمرين فى أدوات الدين الحكومية.