حرب الشائعات لا تهدأ.. والهدف: مصر.. يروجها العدو ويتداولها الخائن ويصدقها الجهول.. فمن أنت؟

السبت، 09 نوفمبر 2024 01:24 م
حرب الشائعات لا تهدأ.. والهدف: مصر.. يروجها العدو ويتداولها الخائن ويصدقها الجهول.. فمن أنت؟
محمد الشرقاوى

كيف تصدت الدولة والشعب لأخطر 4 شائعات فى أسبوع واحد.. الرد السريع والوعى الشعبى كانا فرسى الرهان

فى سياق التحولات السياسية والاقتصادية، تواجه مصر موجة متصاعدة من الشائعات تهدف إلى زعزعة استقرارها الداخلى وتشويه صورتها الدولية، ومع دعم مصر المستمر للقضية الفلسطينية ورفضها الواضح للتدخلات الخارجية، كانت الشائعات الأخيرة فى محاولة لمصداقية القيادة المصرية وإثارة الشكوك حول مواقفها.

خلال أسبوع واحد فقط، برزت شائعات كبرى فى حملات ممنهجة تحمل جميعها فى طياتها محاولات لإحداث شروخ فى الرأى العام المصرى، وإعادة تشكيل التصورات المجتمعية تجاه الدولة.

مصر تساعد إسرائيل.. من يصدق؟

من يصدق أن الدولة التى لا تدخر جهدا لوقف نزيف الدماء فى الأراضى الفلسطينية، تسمح لسفينة محملة بالأسلحة بالرسو على أراضيها، فكانت الشائعة الأشرس شائعة «رسو سفينة أسلحة بميناء الإسكندرية»، حيث ارتبطت الشائعة بدخول السفينة الألمانية «كاثرين» المحملة بمواد عسكرية، والتى ادعت بعض الأطراف بأنها موجهة لإسرائيل عبر الأراضى المصرية، بما يعكس محاولة واضحة للنيل من موقف مصر المبدئى تجاه القضية الفلسطينية، ولم يكن الغرض من هذه الشائعة سوى التشكيك فى الثوابت المصرية الراسخة، والتى تعتبر دعم الشعب الفلسطينى من أولوياتها القومية.

ولم تكن شائعة السفينة الوحيدة التى تناولت التعاون العسكرى المصرى المزعوم مع إسرائيل؛ إذ تأتى هذه الادعاءات كخطوة إضافية تهدف إلى زرع الشكوك لدى المواطن المصرى تجاه التزامات الدولة الإقليمية، خاصة فى وقت تتكثف فيه الجهود المصرية للوساطة فى النزاع الفلسطينى الإسرائيلى.

ونفت القوات المسلحة المصرية بـ«شكل قاطع» ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعى والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه عن مساعدة إسرائيل فى عملياتها العسكرية جملة وتفصيلا، مؤكدة أنه لا يوجد أى شكل من التعاون مع إسرائيل.

وقال المتحدث العسكرى: «إذ تهيب القوات المسلحة بالجميع تحرى الدقة فيما يتم تداوله من معلومات، تؤكد على أنها هى درع الوطن وسيفه لحماية مقدراته والزود عن شعبه العظيم».

وتهدف هذه الشائعات إلى تشويه صورة مصر كداعم محورى للقضية الفلسطينية، ومحاولة لزرع انقسام مجتمعى بين مؤيد للدولة ومعارض، وهو ما يعكس نية واضحة لإحداث تشرذم فى الصف الداخلى.

كانت مزاعم ترددت على مواقع التواصل الاجتماعى بأن السفينة MV Kathrin التى ترفع علم ألمانيا ورست فى ميناء الإسكندرية المصرى، تحمل مواد متفجرة متجهة لشركة إسرائيلية، ردت عليها وزارة النقل المصرية قالت فيه إن «هذا الخبر غير صحيح وعار تماما من الصحة»، مشيرة إلى أنه تم السماح للسفينة KATHRIN برتغالية الجنسية وترفع العلم الألمانى بالرسو بميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربى، مضيفة أن السفينة تقدمت بطلب رسمى للسماح لها بمغادرة الميناء فى اتجاه ميناء حيدر باشا بدولة تركيا لاستكمال خط سيرها.

بحيرة البردويل اتباعت يا بلد!

هذه الشائعة استهدفت رمزا من رموز الثروة الطبيعية المصرية، إذ تلعب البحيرات والمسطحات المائية دورا كبيرا فى التراث المصرى، بما يتجاوز التشكيك فى السلطة إلى زعزعة ثقة المواطنين فى سيادة مصر على مواردها، ما قد يؤدى إلى تصاعد النزعة الشعبية المعارضة، ويعزز مناخا غير مستقر محليا ويضعف من موقف القيادة أمام الشعب.

ورد المستشار محمد الحمصانى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، بنفى ما أثير من ادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعى بشأن بيع بحيرة البردويل، مشيرا إلى أنها معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة، مطالبا الجميع باستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، فى ظل ما تتعرض له الدولة يوميا من حرب شائعات تستهدف زعزعة الاستقرار، وإحداث البلبلة.

وأوضح أن جهاز «مستقبل مصر للتنمية المستدامة» سيبدأ فى أعمال تنمية بحيرة البردويل، مشيرا إلى أن الهدف من إسناد هذه المهمة للجهاز هو العمل على التنمية الاقتصادية للبحيرة، وإعادة بحيرة البردويل لما كانت عليه، حيث سيتم تطوير مراسى الصيد، لزيادة الإنتاجية السمكية، وكذا تطوير أعمال النقل والتداول، بما يسهم فى زيادة الدخل للصيادين والعاملين فى البحيرة، مشيرا إلى أن هناك توجيهات من القيادة السياسية بالعمل على تقديم حزمة مختلفة من المساعدات الاجتماعية للصيادين، لمساعدتهم حتى تستعيد البحيرة طاقتها الإنتاجية من إنتاج الأسماك.

طردوا الرهبان وفضوا الدير!

بجملة الشائعات كانت شائعة إخلاء دير سانت كاترين، فى محاولة لتوظيف النزعة الدينية للضغط على وحدة الشعب المصرى من خلال الادعاء بأن الدولة تسعى لإخلاء أحد أهم معالم التراث المسيحى.

وتداولت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، أنباء بشأن وجود مخططات لإخلاء دير سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء، تزامنا مع تطوير المنطقة، وهو ما نفته الحكومة فى بيان رسمى لها يوضح الحقائق، حيث تواصل المركز الإعلامى لمجلس الوزراء مع محافظة جنوب سيناء، والتى نفت تلك الأنباء، مؤكدة أنه لا صحة لوجود مخططات لإخلاء دير سانت كاترين تزامنا مع تطوير المنطقة.

وشددت محافظة جنوب سيناء على أن دير سانت كاترين مفتوح ويعمل بشكل طبيعى، مع استمرار جميع إدارته ومسئوليه من القساوسة والرهبان فى القيام بأعمالهم دون وجود أى مخططات لإخلائه، مشيرة إلى أن هناك تعاونا مستمرا ومشتركا مع الدير بما يعكس دعم الجهود المبذولة لحماية التراث الدينى والثقافى للدير، باعتباره رمزا دينيا وتاريخيا مهما، مؤكدة أن استمرار العمل على تطوير المنطقة بأكملها، سعيا لتقديم هذه البقعة المقدسة فى أبهى صورة لها تقديرا لقيمتها الروحية، وجعلها مزارا سياحيا عالميا.

وناشدت محافظة جنوب سيناء المواطنين إلى عدم الانسياق وراء مثل تلك الأخبار المغلوطة، مع استقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة وضرورة توخى الحرص والدقة قبل نشر مثل هذه الشائعات، والتى قد تؤدى إلى بلبلة الرأى العام وإثارة غضب المواطنين.

المؤكد أن استهداف هذا الرمز الدينى ليس عشوائيا، بل هو محاولة لاستثارة مخاوف المجتمع المسيحى وخلق حالة من الانقسام الطائفى، بهذه الطريقة، تحاول الشائعات توجيه الرأى العام إلى اعتقاد بوجود سياسات تستهدف طوائف بعينها، مما يؤدى إلى زيادة حالة الاحتقان المجتمعى.

زيادة فى أسعار الغاز المنزلى!

«لقد تم إقرار زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعى يتم تطبيقها بدءا من شهر نوفمبر الجارى، وتداول قائمة بأسعار تلك الشرائح».. للأسف أنت صدقت هذه الشائعة، التى تداولتها بعض صفحات التواصل الاجتماعى، بجملة الشائعات التى تملأ الفضاء الإلكترونى، لكن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء نفى ذلك، وتواصل مع وزارة البترول والثروة المعدنية، والتى نفت تلك الأنباء.

وأكدت الوزارة أنه لا صحة لإقرار أى زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعى يتم تطبيقها بدءا من شهر نوفمبر الجارى، وأن القائمة المتداولة خاصة بالأسعار التى تم اعتمادها ضمن الحزمة الأخيرة فى شهر سبتمبر 2024، فى ظل السعى لتضييق الفجوة القائمة بين الأسعار وتكاليف الإنتاج، مشددة على أن الأسعار الحالية للغاز الطبيعى سواء المخصص للمنازل أو للأنشطة التجارية هى المعمول بها منذ شهر سبتمبر الماضى دون تطبيق أى زيادة جديدة عليها فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أن الوزارة تنفذ برنامجا لزيادة معدلات توصيل الغاز للمنازل فى جميع محافظات مصر، وذلك بهدف تخفيف العبء عن المواطنين وتمكين أكبر عدد من الأسر المصرية من الاستفادة من الغاز الطبيعى بمنازلهم، مناشدة المواطنين عدم الانسياق وراء مثل تلك الشائعات، مع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.

الحقيقة أن استغلال القضايا الاقتصادية لتحقيق زعزعة الاستقرار هو أمر شائع فى حروب الشائعات، وجاءت شائعة رفع أسعار الغاز فى وقت يعانى فيه المواطنون من تبعات التحديات الاقتصادية، وبالتالى توسيع رقعة الغضب عبر إظهار الدولة كغير مبالية بمصالح الشعب، بما يحقق للعدو ضربة مزدوجة، إذ يسهم فى إثارة الرأى العام ويزيد من الضغوط الاجتماعية على الحكومة.

ما الهدف من «الشائعة»؟

تسعى الشائعات بطبيعتها إلى إثارة البلبلة وإضعاف معنويات المواطنين، لكن ما تتسم به الشائعات الأخيرة هو ارتباطها بمحاولات متكررة لتغيير توجهات الرأى العام بشأن المواقف الاستراتيجية لمصر، فمثلا عبر شائعة السفينة الألمانية، يحاول المروجون لهذه الأكاذيب إعادة تشكيل التصور المجتمعى لدور مصر الإقليمى، خاصة تجاه النزاع الفلسطينى، ويعكس ذلك استهدافا منهجيا للمحاور القومية بهدف إشاعة حالة من عدم اليقين وزعزعة الثقة بالقيادة السياسية.

كما أن شائعات مثل بيع بحيرة البردويل وإخلاء دير سانت كاترين تظهر أنها تهدف إلى زعزعة الإحساس الوطنى وإثارة المخاوف بشأن سيادة مصر على مواردها وحمايتها لتراثها الدينى، ويؤدى انتشار هذا النوع من الشائعات إلى إحداث تصدعات داخلية، قد تؤدى إلى صعوبة إتمام المشاريع الوطنية الكبرى، كما تخلق جوا غير آمن للاستثمار الأجنبى، مما يزيد الضغط على الاقتصاد الوطنى.

ويتضح أن الشائعات التى تستهدف مصر ليست مجرد أخبار عشوائية، بل هى أدوات مدروسة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية تتمثل فى تشويه صورة القيادة السياسية المصرية، وضرب مصداقيتها، وتأليب الرأى العام.. ولم تقف الدولة مكتوفة الأيدى أمام هذه الموجة من الأكاذيب، بل لجأت إلى تكثيف جهود التوعية وتفنيد الأخبار المغرضة.

ومع ذلك، يبقى الرهان الأكبر على وعى المواطن الذى يشكل خط الدفاع الأول ضد هذه المحاولات الخبيثة، فتفاعل المواطن بوعى مع الشائعات والاعتماد على المصادر الرسمية للتحقق من الأخبار يمكن الدولة من تعزيز استقرارها وحماية مصالحها الوطنية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق