ليلة «أذلت» الملك الفاروق..الإرتباك السياسى يسيطر على الوضع الداخلى والخارجي.. القوات تحاصر قصر عابدين بـ«الدبابات»..والسفير البريطانى يختار «النحاس» رئيسًا للحكومة.. ومحاولات لإحتواء غضب الشارع

الخميس، 04 فبراير 2016 04:57 م
ليلة «أذلت» الملك الفاروق..الإرتباك السياسى يسيطر على الوضع الداخلى والخارجي.. القوات تحاصر قصر عابدين بـ«الدبابات»..والسفير البريطانى يختار «النحاس» رئيسًا للحكومة.. ومحاولات لإحتواء غضب الشارع
محمد عبدالله

يحل يوم 4 فبراير من كل عام ليحي ذكرى يوم إستثنائي مر على مصر، حيث أكتشف مدى ضعف الحكومة المصرية وعلى رأسها الملك فاروق في مواجهة الإحتلال الإنجليزي، وتجلى ذلك في قيام الجيش الإنجليزي بمحاصرة وإقتحام قصر عابدين لإرغام الملك على القبول بزعيم حزب الوفد مصطفى النحاس باشا كرئيس جديد للحكومة أو التنحي عن السلطة.

ترصد «صوت الأمة» تفاصيل إحتجاز الملك فاروق داخل عابدين.

وضع داخلي وخارجي مقلق

كان الوضع في هذه الفترة ينذر بكارثة بالنسبة لبريطانيا التي كانت تحتل مصر، حيث أن القوات الألمانية بقيادة الفيلد مارشال اروين روميل، تتقدم بثبات نحو مصر لتصل إلى منطقة العلمين وتستعد لمعركة حاسمة هناك مع القوات الإنجليزية، الأمر الذي كان يقابله مظاهرات أجتاحت البلاد ترفع هتاف «تقدم يا روميل» في دعم شبعي كبير للقوات الألمانية بغية الخلاص من الإحتلال الإنجليزي.

محاولة بريطانية لإحتواء غضب الشارع

تزامن مع ذلك تقدم حكومة حسين سري باشا بإستقالتها في 2 فبراير بعد فشلها في التعامل مع الأزمات الداخلية، الأمر الذي شجع الإحتلال الإنجليزي على الدفع بقوة في إتجاه إختيار زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس باشا كرئيس جديد للحكومة، حيث كان يحوز حزبه في ذلك الوقت على أغلبية المقاعد في البرلمان، وكان ذلك الإتجاه مدفوعًا بأمال بريطانية أن يؤدي ترأس الزعيم الشعبي الكبير للحكومة إلى إحتواء أي مظاهرات مناوئة للإحتلال قد تشتعل بالشارع في هذه اللحظات الحاسمة، علاوة على كون النحاس باشا أحد الموقعين على أتفاقية عام 1936، والتي نصت على أنسحاب جزئي للقوات الإنجليزية وبقائها في منطقة السويس فقط وذلك مقابل أن توفر مصر الدعم اللازم لبريطانيا في حالة خوض الأخيرة أي حرب.


أولى مظاهر الضغط على الملك

لتصطدم الرغبة البريطانية بموقف الملك فاروق الذي لم يكن يفضل النحاس باشا أو حزب الوفد، وبدأت أولى مظاهر الضغط بطلب السفير البريطاني مايلز لامبسون لقاء الملك فاروق، حيث قام بتقديم مذكرة تضم عدة نقاط يجب أن تتوفر في رئيس الحكومة القادم، دارت جميعها في فلك ضرورة إلتزامه بإتفاقية عام 1936، بالإضافة إلى قدرته على أخذ ثقة وعون الشعب ليتمكن من السيطرة عليه، في إشارة واضحة إلى النحاس باشا زعيم حزب الأغلبية.


تهديد صريح للملك

وتحت ضغوط الإحتلال وافق الملك على أن يشكل مصطفى النحاس الحكومة، ولكنه لم يكن يريد أن يتم تشكيل حكومة وفدية بل فضل أن تتشكل من إئتلاف يضم شخصيات من داخل حزب الوفد ومن خارجه، وكان يدفع ذلك التوجه خوف الملك من تفرد الحزب بالسلطة إذا ما حصل على الحكومة والبرلمان معًا.


الأمر الذي قابله رفض النحاس باشا في 3 فبراير لهذا العرض، مؤكدًا على رغبته بأن تكون الحكومة التي سيشكلها وفدية في حال ما تم إختياره كرئيس للحكومة، ليرسل السفير البريطاني تهديد صريح إلى الملك ذكر فيه «إذا لم أسمع قبل السادسة مساء اليوم أن النحاس دعى لتشكيل حكومة، فعلي صاحب الجلالة الملك فاروق تحمل العواقب»، أتى ذلك أثناء دعوة فاروق رؤساء الأحزاب للإجتماع من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة.


حصار قصر عابدين

ليكون الرد الرسمي برفض الرسالة البريطانية وإعتبارها خرقًا لإستقال مصر ومعاهدة الصداقة والتحالف الموقعة بين البلدين، وكُلف رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا بإيصال هذا الرد إلى السفير البريطاني، فما كان من الأخير سوى التأكيد على خطورة هذا الكلام، وأخبر حسنين باشا أنه سيزور الملك بالقصر في تمام الساعة التاسعة للرد على هذه الرسالة، ليتوجه عقب ذلك إلى قصر عابدين برفقة رائيس البعثة العسكرية البريطانية بالجيش المصري الجنرال ستون، بالإضافة إلى عدة وحدات من الجيش الإنجليزية لقيوموا في مثل هذا اليوم 4 فبراير من عام 1942 بمحاصرة قصر عابدين من جميع الجهات وإقتحام إحدى بواباته في أثناء تواجد السفير بداخله.

إرغام الملك على قبول مطلب النحاس أو التنازل عن الملك
حيث جرى بالداخل إرغام الملك على القبول بتشكيل حكومة وفدية يرأسها النحاس أو التنازل عن الحكم بالتوقيع على وثيقة دون فيها «نحن فاروق الأول ملك مصر تقديرا منا لمصالح بلدنا فأننا هنا، نتنازل عن العرش ونتخلى عن أي حق فيه لأنفسنا ولذريتنا، ونتنازل عن كل الحقوق والامتيازات والصلاحيات التي نملكها بحكم الجلوس على العرش، ونحن هنا أيضا نحل رعايانا من يمين الولاء لشخصنا»، فقبل الملك بمطلب النحاس باشا بتشكيل حكومة وفدية، ورحلت القوات البريطانية المحاصرة للقصر برفقة السفير بعد إنهاء الإجتماع والذي لم يستغرق سوى 10 دقائق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق