وأنت أيضا سيدي الرئيس!

الإثنين، 14 أكتوبر 2024 07:03 م
وأنت أيضا سيدي الرئيس!

لأكثر من 43 عاما، شكلت سيرة ومسيرة ورحلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مادة خصبة وثرية لكل المفكرين والباحثين والمثقفين، إذ لربما يكون الرئيس الوحيد في العالم، الذي حرر واستعاد كل شبر من أرضه من براثن الاحتلال، ماحيا عار وانكسار هزيمة الستة أيام المذلة، ولا يزال يتعرض- من قبره- لحملة تشويه مسعورة تتهمه بكل وقاحة بالخيانة والعمالة، فقط لأن رؤيته وخططه وأفكاره، لإنهاء الحروب والصراعات المسلحة، التي تورطت فيها بلاده لسنوات دون أن تغير أي شيء على أرض الواقع، وأيضا دون أي انتصار حقيقي، لم تتفق ورؤية وخطط وأفكار، قادة وأنصار ودراويش جماعات المسدسات الصوتية ومليشيات الألعاب النارية.
 
لقد أرادت تلك الجماعات وقادتها ودراويشها، من الرئيس الراحل- عليه رحمة الله- أن يسير على درب وخطى من سبقه في تحقيق الانتصارات «الصوتية» المدوية، بالخطابات الرنانة الحماسية، التي ترمي الأعداء في البحر، وتبني لهم خوازيق الرفض والكبرياء، حتى لو علت أشلاء شهداء وضحايا الوطن عنان السماء، وتهجر مئات الآلاف من المواطنين، بل حتى لو تهدمت القاهرة على رؤوس ساكنيها، فكل شيء يهون ويرخص ويصغر، أمام الحرب الدينية المقدسة، وطالما بقيت نارها مشتعلة وموقدة، لتذهب ويلاتها وتكلفتها الباهظة وفاتورتها الضخمة إلى الجحيم.
 
لا يزال هناك من يعيش على أطلال الماضي، دون أن أي قراءة أو فهم لموازين القوى في العالم حينها والآن، ولك أن تعرف أن الاتحاد السوفيتي، حليف مصر الأول في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، والذي أمد مصر بالعتاد العسكري والسلاح والمقاتلات، كان بقاء إسرائيل وأمنها وحدودها بالنسبة له خط أحمر، لا يمكن تجاوزه، وجرى إرسال تلك الرسالة بشكل صريح ومباشر لا لبس فيها، للرئيس السادات خلال إحدى زياراته إلى موسكو قبيل حرب أكتوبر، ولا يوجد الآن ما يدعو للشك أن يكون الموقف قد تغير؛ فعلى ما يبدو التزام أغلبية دول العالم المتقدمة والقوية- وفي مقدمتها روسيا، تجاه إسرائيل وأمنها، راسخ وباق وثابت لا يتزعزع، مهما ارتكبت من جرائم ومجازر وانتهاكات.
 
حاولت جماعات المسدسات الصوتية في الماضي، مرارا وتكرارا تشويه بطل الحرب والسلام بضراوة، فانتزعوا منه كل إنجاز، وسلبوه فضائله، ومآثره، وخلال الأحداث الأخيرة ومع الحرب الغاشمة التي تشنها إسرائيل على غزة ولبنان، عاد أبناء وأحفاد قادة تلك الجماعات، ومراهقو السوشيال ميديا، لتحميل الرئيس الراحل مسئولية تلك الأحداث، وترديد نفس الاتهامات الباطلة «الوقحة»، رغم أنه قاد مصر لاستعادة أرضها وشرفها العسكري، بعد هزيمة 67.
 
لكن، لأن العرب كما يقولون «ظاهرة صوتية»، لا تزال تلك الأصوات تستفرغ علينا تقيؤاها، على أمل أن تدق طبول الحرب من جديد، وتتورط مصر في مغامرة عسكرية، ليس لتحرير كل الأراضي العربية المحتلة، كما يدعون ويزعمون، بل لإنقاذ المليشيات والجماعات المسلحة التي تختطف الأوطان والمواطنين كرهائن، لتنفيذ وتحقيق أجندتها، وأجندة من يمولها ويرعاها.
 
بقيت الأيام وحدها كفيلة لرد اعتبار السادات، ورد الاعتبار لرؤيته وخططه وأفكاره، كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاح محطة قطارات صعيد مصر في منطقة «بشتيل» قبل أيام، بعد أن أكد أن الرئيس السادات سبق عصره وهزم خصومه حتى وهو غائب وغير موجود، قبل أن يضيف: «متهيألي إن كل 10 سنين بيتكتبله (أي السادات) صفحة جديدة علشان أنت هزمت خصومك وأنت مش موجود.. الله يرحمك.. وأنت مش موجود كل خصومك هزمتهم وغلبتهم».
 
وبعد كل تلك السنوات التي تلت ثورة «25 يناير- 30 يونيو»، وبداية من التعنت الأمريكي ومنع المساعدات العسكرية، التي كانت تشمل تطوير وتحديث مقاتلات «إف-16»، وتصنيع دبابات «أبرامز» أيضا محليا، واشتعال كل الجبهات على الحدود المصرية، والطمع في مقدرات ومكتسبات المصريين، إلى نجاح الدولة المصرية باقتدار، في تحديث وتطوير قدرات قواتنا المسلحة وأذرعها الطولية، بقي أن نقول للرئيس السيسي: وأنت أيضا سيدي الرئيس سبقت عصرك وهزمت خصومك.
 
- اقرأ أيضا:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق