في ذكرى رحيل فيردي مصر الـ101 فنان الشعب "سيد درويش".. حصاد فني لا ينضب (صور)
الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024 01:30 م
تحل اليوم الذكرى 101 على رحيل فنان الشعب سيد درويش، والذي حصل على العديد من الألقاب ومنها "فيردي مصر، فنان الشعب، مجدد الموسيقي، خادم الموسيقي العربية، خالد الذكر، موسيقار الثورة".
"أنا لا أقل عن فيردي، أنا فيردي مصر".. بمثل هذه العبارة أجاب سيد درويش بعض الأصدقاء الذين لفتوا نظره في إحدي الأمسيات إلى الشبه الغريب بين شكل جمجمته وجمجمة صاحب "عايدة"، وبدأ بها إداورد لويس كتابه "سيد درويش والموسيقي العربية الجديدة".
الميلاد والنشأة
وُلد السيد درويش البحر في كوم الدكة بالإسكندرية في 17 مارس 1892م، والده نجار أرسله إلى مدرسة شمس المعارف لتعلم القرآن، وإنشاد القصائد، ظهرت موهبته في الحفلة التي تُقام آخر العام، ويُمثل فيها التلاميذ المسرحيات، ثم التحق بالمعهد الديني بمسجد أبى العباس المرسي عام 1905م وحتى وفاة والده.
سيد درويش عمل مع صهره في بيع الأثاث ليعول أسرته حتى اختلفا، فاشتغل بالنقاشة ثم العطارة صباحاً، وأحيا الليالي مقابل بعض القروش الضئيلة مساءً، وانشد ألحان الشيخ سلامة حجازي وحسن الأزهري في سن الرابعة عشر، طُرد من المعهد بدعوى عدم مثابرته، وعمل مؤذناً بمسجد الشوربجي، وتزوج في السادسة عشر من عمره.
احتراف الغناء والموسيقى
سيد درويش عمل في ورشة بناء غنى أثناء عمله فلاحظ صاحبها زيادة إنتاج العمال، فعفاه من العمل اليدوي على أن يستمر في الغناء، ولفت انتباه الأخوين أمين وسليم عطا أشهر المشتغلين بالفن، فاتفقا معه أن يرافقهما في رحلة للشام نهاية عام 1908م ليُغني بين الفصول لتسليه المشاهدين، وعاد بعد عام بعد إفلاس الأخوين، فعمل بالمقاهي على ترعة المحمودية، ثم قبل بعمل مكتبي إثر تهديد صهره بتطليق شقيقته إن لم يعدل عن طريق الفن.
سيد درويش عاد إلى الشام في عام 1912م، واستقر بها وحقق نجاحاً كبيرًا، واتقن العزف علي العود، وعاد عام 1914م، ودرس بالمعهد الإيطالي، وتعلم كتابة النوتة الموسيقية والغناء الغربي والأوبرالي، ولحن أول أعماله "فؤادي ليه بتعشق"، وحضر الشيخ سلامة حجازي أحد حفلاته بعد شهرته، وعرض عليه الانتقال إلي القاهرة فوافق، رفضه جمهور حجازي فقرر العودة إلى الأسكندرية.
فعرض حجازي عليه تلحين رواية كاملة لجورج أبيض هي "فيروز شاه"، فنجح في جذب الجمهور، وانتقل إلى القاهرة في عام 1918م، ولحن لكافة الفرق المسرحية في عماد الدين أمثال (نجيب الريحاني، جورج أبيض، على الكسار، ومنيرة المهدية)، وسطع نجمه مع ثورة 1919، ولحن ما يقرب من 75 أغنية وطنية، منها "قوم يا مصري".
وعندما بلغ درويش سن العاشرة، كان قد أتقن القراءة والكتابة بعدما حفظ جزءًا كبيرًا من القرآن الكريم، ومع وفاة والده قررت والدته أن تواصل تحقيق حلم العائلة في أن يصبح شيخًا كما أرادا، لتقوم بنقله إلى مدرسة ابتدائية كان فيها معلم يركز على تعليم الأطفال الأناشيد الدينية والقومية، وهنا كانت نقطة الانطلاق الحقيقية لدرويش حيث لفت انتباه معلمه الذي جعله يقود الأطفال في ترديد الأناشيد.
ومع مرور الوقت، تطورت موهبته وبدأ يخرج من حدود واقعه المصغر ليزور بعد ذلك الأحياء الشعبية الأخرى ويستمع إلى كبار الشيوخ والمطربين الذين يحيون الأفراح والمناسبات الدينية، وعندما كان عمره ثلاثة عشر عامًا، اشترت له والدته ملابس رجال الدين وسجلته في المعهد الديني التابع لمسجد العباس بالمرسى في الإسكندرية، حيث كان يهدف إلى حفظ وتجويد القرآن الكريم، وهنا بدأت حياته في التغير بشكل كامل، ليكون والده و والدته هما حجر الاساس الذي بنيت عليه عبقرية احد أهم الشخصيات الفنية في تاريخ مصر.
سيد درويش والرصيد الفني
بلغ إنتاجه 40 موشحا، و130 طقطوقة، و30 رواية مسرحية وأوبريت، من أشهرها أوبريت"الباروكة" و"العشرة الطيبة" و"شهرزاد" و"أنطونيو وكليوباترا"، ومن المسرحيات (فشر، قولوا له لأ ،الهلال ،أم 44 وراحت عليك)، وكذلك اغاني الفولكلور المصري مثل:(الحلوة قامت تعجن في الفجرية، دنجي دنجي، القلل القناوي، شد الحزام، والله تستاهل يا قلبي ، طلعت يا محلي نورها، يا عزيز عيني، وسالمة يا سلامة)، واقتبس من أقوال الزعيم مصطفي كامل بعض عباراته وجعلها مطلع للنشيد الوطني "بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي"، ومن ضمن أناشيده الوطنية "أنا المصري كريم العنصرين".
سجلت ثلاث شركات اسطوانات صوته في الفترة من 1914 إلى 1922م، وسُميت دار أوبرا الإسكندرية التي بُنيت في عام 1918 باسمه في عام 1962م؛ تقديرا له علي تحديثه الموسيقي في مصر، وتأسست جمعية موسيقي سيد درويش في عام 1966م؛ للحفاظ على تراثه.
و تزوج 4 مرات وأنجب ثلاث أبناء، محمد من الأولى، وحسن ويحيي الذي توفي صغيراً من جليلة، وتوفي في 10 سبتمبر عام 1923م بالإسكندرية، أثناء استعداده للاحتفال بعودة سعد زغلول من المنفي، ووجهت أصابع الاتهام للأنجليز بتسميمه عقاباً له على تأجيج مشاعر المصريين.
وهناك اختلاف حول يوم رحيله ما بين بيوم 10 و15 سبتمبر، إذ سجلت موسوعة ويكيبيديا أن الموسيقار سيد درويش رحل عن عالمنا في 10 سبتمبر من عام 1923م، وفي الموسوعة العلمية "الغناء والموسيقى" للدكتور والمؤرخ الموسيقي الكبير زين نصار (1 أبريل 1942 ـ 25 سبتمبر 2022)، ذكر تاريخ رحيل الفنان سيد درويش كان يوم 15 سبتمبر من عام 1923.
كما نشرت صحيفة المقطم آنذاك قصيدة رثاء مع كلمة بديع خيري، والتي عاتب بها الأخير الصحف على عدم الاهتمام برحيل سيد درويش، ويذكر بديع خيرى في مقدمة مقاله "مات أمس الأول"، إذ تم أرسال المقال يوم 17 سبتمبر لكنه نشر متأخرًا فى 21 سبتمبر، مع عدم حذف "أمس الأول".
وفى دليل آخر قال الكاتب الصحفى خيرى حسن من خلال كتابه الذى صدر حديثًا بعنوان "سيد درويش.. وقائع سرقة معلنة" وجاء الكتاب بعنوان فرعى "المؤلف الحقيقى للنشيد الوطني"، "سيد درويش.. عاش سيدًا.. ومات سيدًا"!.. وسيبقى بعبقريته الفذة.. (سيدًا)!.. فهو السيد ابن السيد درويش البحر مصطفى ـ اسم الشهرة سيد درويش ـ (ولد فى 17 مارس 1892 ـ ورحل فى 15 سبتمبر 1923) ـ وهو الفلاح ابن الفلاح، وهو العامل ابن العامل وهو الكامل ابن الكامل وهو اليتيم الحزين ابن الأرض الطيبة والنهر العظيم.