الحلم العربي بين زيارة شارون ومجازر نتانياهو

السبت، 20 يوليو 2024 04:11 م
الحلم العربي بين زيارة شارون ومجازر نتانياهو
حمدي عبد الرحيم

- مأساة فلسطين أعظم تجربة يعانيها الأدب العربي المعاصر وأغنت العنصر العاطفي في الشعر فانطلقت قصائد النكبة مفعمة بالألم والدموع
 
شاء من شاء وأبى من أبى، فإن فلسطين هي قضية العرب والمسلمين المركزية، بل هي القضية المركزية للإنسان الحر في أي مكان كان وعلى أي عقيدة يعيش، تلك المركزية وجدت في الأدب باختلاف أشكاله وألوانه داعمًا وسندًا ومبشرًا، فمنذ البدايات الأولى لانطلاق الصراع رأينا أهل البصيرة من الأدباء يحذرون من خطورة الهجمة الصهيونية، وينادون بالمساندة الفعلية لقضية فلسطين، فسمعنا صرخة الشاعر العربي المصري علي محمود طه «أخي جاوز الظالمون المدى»، تلك الصرخة سيجعل منها الموسيقار العربي المصري محمد عبد الوهاب أنشودة تستدعيها الأجيال في كل مناسبة وحين.
 
نشر الكاتب الأستاذ خالد الخضري على صفحات جريدة الرياض السعودية دراسة مهمة، تحت عنوان «القضية الفلسطينية في الأدب العربي.. تاريخ من إنتاج ملتزم».
 
قال الخضري: تمركزت فلسطين في صميم الشعر العربي المعاصر، حيث مثلت خلال القرن العشرين أرضاً خصبة في وجدان الأمة العربية فيما عرف بأدب القضية، من هنا لا يكاد يخلو ديوان شاعر عربي من قصيدة أو قصائد تتناول فلسطين مأساةً وأملاً في التحرير، بل هناك دواوين كثيرة خصصت لفلسطين دون غيرها.
 
ويقول صالح الأشتر في كتابه «مأساة فلسطين وأثرها في الشعر المعاصر»: «ومنحت القضية في فلسطين الأدب العربي ديواناً دموياً ضخماً، كتبت الحروب الصليبية صفحاتها الأولى، وهو لا يزال إلى اليوم في تضخم مستمر، وكلما تضخم الديوان ازدادت ملحمة الدم العربية في فلسطين غنى واتساعاً»، لذلك يرى الأشتر أن مأساة فلسطين أعظم تجربة يعانيها الأدب العربي المعاصر، وأنها أغنت العنصر العاطفي في الشعر، فانطلقت قصائد النكبة مفعمة بالألم والدموع، ودفعت الشعراء إلى التطوير والتجديد والحياة من خلال ثورة الشعر الجديد على التقاليد الشعرية القديمة، وألزمت الشعر العربي المعاصر على وجه العموم بالاتجاه الالتزامي الهادف، من خلال نبذ طريقة الفن من أجل الفن في الشعر أو في غيره من الأجناس الأدبية والفنية الأخرى.
 
تعددت صور فلسطين في الشعر، فهي الأرض المغتصبة، والزمن المفقود، واللغة الدامية، والرموز والدلالات المتعددة، والشخصية الضائعة الغريبة، وعدوها غول يلتهم الأرض والزمن واللغة والشخصية، وناسها مرابطون، يعانون تحت احتلال استيطاني صهيوني يجتث الجذور، أو في المنافي والمخيمات يعانون الضياع والاغتراب. فعلى الرغم من مأساة فلسطين التي تقطر دماً منذ نشأتها إلى اليوم، إلى الحد الذي يشعر فيه الناس بفقدان الأمل، فإنّ الشعر العربي يصر على التفاؤل والإيمان بالمستقبل المشرق.
 
هل منا من ينسى أشعار إبراهيم طوقان، ومحمود درويش، وسميح القاسم، وعز الدين المناصرة، وتوفيق زياد، وكمال ناصر، ويوسف الخطيب، وفدوى طوقان، وإبراهيم نصر الله، ومريد البرغوثي، وتميم البرغوثي وتوفيق صايغ، وأحمد دحبور، ومعين بسيسو، وسلمى الخضراء الجيوسي، وراشد حسين وأمل دنقل ومحسن الخياط وفؤاد حداد وصلاح جاهين وفؤاد قاعود ومظفر النواب وأحمد فؤاد نجم.
 
كل هؤلاء جعلوا من قضية فلسطين محورًا رئيسيًا من محاور أشعارهم على مدار حياتهم، وبكل تأكيد فإن هؤلاء الذين ذكرناهم، إنما ذكرناهم على سبيل المثال وليس الحصر، لأن الأمر فوق الحصر ولا تستوعبه دراسات متخصصة.
 
وستجد هذا الحضور الساطع للقضية الفلسطينية في القصة القصيرة وفي الرواية وفي المسرحية، وفي السينما ومسلسلات التلفزيون.
 
الآن تخوض الصهيونية العالمية معركة وجودها الثاني على أرض فلسطين، الصهيونية تخوض معركة صفرية، فإما أن تفنى وإما أن تقوم باستئصال الفلسطينيين، مرة واحدة وإلى الأبد.
 
هذه المعركة التي تشهد صمودًا فلسطينيًا أسطوريًا كان يجب يساندها إنتاج أدبي وفني يبشر بالصمود ويفضح مزاعم الصهيونية العالمية، ولكن لا أعرف لماذا خفت الحضور الأدبي والفني، حتى يكاد يتلاشى.
 
أنقل من صفحة ويكيبيديا سطورًا تظهر حجم المفارقة بين ما كان وبين ما صرنا إليه، تقول ويكيبيديا عن أوبريت «الحلم العربي» لقد اكتسب الأوبريت مكانة بارزة في سبتمبر 2000 عقب انتفاضة الأقصى الثانية، والتي أشعل شرارتها وزير الدفاع الإسرائيلي وقتئذٍ أرئيل شارون عقب تدنيسه باحة المسجد الأقصى. غَدا الأوبريت، الذي أصبح معروفًا على نطاق واسع، رمزًا للتضامن من خلال بثه على نطاق واسع على مختلف القنوات الفضائية العربية.
 
هذا الأوبريت من إنتاج أحمد العريان وإخراج طارق العريان، ومن تأليف الشاعر المصري مدحت العدل. ولحنه المصريان صلاح الشرنوبي وحلمي بكر، وتوزيع الملحن حميد الشاعري ويغني الأوبريت 21 فنانًا عربيًا.
 
تدنيس شارون لباحة الأقصى كانت سببًا في إنتاج هذه الأوبريت الخالد، فهل مجازر نتانياهو لا تستدعى أدبًا وفنًا يبشران بالمقاومة؟
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق