متحدث الخارجية: السياسة المصرية تتمتع بمرونة وقدرة على التعامل مع التحديات
الثلاثاء، 20 فبراير 2024 09:13 م
أكد السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية مدير إدارة الدبلوماسية العامة "أننا نعيش فى مرحلة تشهد تغيرات سريعة للغاية وتحديات كبيرة ومتزامنة"، مشددا على أن السياسة الخارجية المصرية تتمتع بقدر كبير من المرونة والقدرة على التعامل مع هذه التغيرات والتحدي
جاء ذلك خلال مشاركة السفير أحمد أبوزيد في المائدة المستديرة الثانية للمؤتمر السنوي لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتي عقدت اليوم الثلاثاء تحت عنوان "دوائر السياسة الخارجية المصرية: الآمال والتحديات"، والتي تحدث خلالها كذلك السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، وآن سكو نائب سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، وأدار المائدة المستديرة الدكتور صفي الدين خريوش أستاذ العلوم السياسية.
وقال السفير أبو زيد: "إن رؤية مصر 2030 -ومع الإدراك الكامل بأن هذه الرؤية هى رؤية اقتصادية تنموية واجتماعية بالأساس لتشكيل وجهة مصر فى الفترة التالية لإعدادها- فإنه يجب أن نستوعب من البداية أن السياسة الخارجية المصرية والأداة الدبلوماسية تعمل لدعم وتحقيق أهداف هذه الرؤية، فإذا كانت الرؤية في بعدها الاقتصادي والتنموي تأتي في شكل مشروعات وبرامج وخطط لكن جوهر هذه الرؤية يتأسس على فكرة استقرار الدولة المصرية وفكرة حماية الأمن القومي المصري ومصالح الشعب والمواطن المصري، وهنا يأتي دور السياسة الخارجية لهذه الدولة وأداتها الدبلوماسية التي تسعى لتحقيق هذه الأهداف".
وأوضح أن السياسة الخارجية المصرية لها محددات واضحة ودوائر واضحة وثابتة في أولويات السياسة الخارجية المصرية كالدائرة العربية والأفريقية والمتوسطية والإسلامية، ولكن أضيفت إليها خصائص جديدة ودوائر جديدة.
واستعرض السفير أبو زيد خصائص محددات السياسة الخارجية المصرية الآن وعلى رأسها التشعب المتمثل في الزيادة الهائلة في التحديات المتزامنة كالأزمات في دول الجوار الجغرافي الملاصق لمصر في السودان وليبيا وفلسطين والتحديات الأمنية المرتبطة بالبحر الأحمر وقضية مياه النيل وحوض النيل، وهى تحديات متزامنة وجميعها في حالة الأزمة، وتقتضى اتخاذ قرارات عاجلة وأن تعمل أجهزة الدولة في تكاتف وتناغم من أجل التعامل ومواجهة هذه الأزمة.
وقال إن الخاصية الثانية تتمثل في التشابك الكبير بين ما هو إقليمي ودولي ولاسيما في ظل مرحلة الاستقطاب التي نمر بها الآن نتيجة للحرب الروسية - الأوكرانية أو القضية الفلسطينية وما يرتبط بها من اهتمامات ومصالح دولية أو قضية الملاحة في البحر الأحمر، حيث نتحدث عن أزمات يتشابك فيها الإقليمي مع الدولي وبالتالى تزداد تعقيدا لأنها ترتبط بمصالح أخرى خارج الإقليم.
وأوضح أن الخاصية الثالثة تتمثل في أن اللاعبين الدوليين والاقليميين تغيروا، ولفترات طويلة كنا نتحدث عن أطراف محددة ولاعبين إقليميين محددين ولكن الآن هناك تزايدا في عدد الدول التي لها دور فاعل في صياغة التفاعلات والسياسة في الاقليم، كما أن هناك تناميا في الدول المحيطة بهذا الإقليم ، وبالتالي هناك لاعبين إقليميين جدد ولاعبين في دول جوار الإقليم ازداد دورهم وهو ما يخلق واقعاً جديدا تتعامل معه السياسة المصرية الخارجية.
وقال السفير أبو زيد، إن السياسة المصرية الخارجية تتفاعل مع وضع فيه حالة إستقطاب شديدة على المسرح الدولي في ضوء ما خلفته الحرب الروسية - الأوكرانية من حالة استقطاب دولي فرضت ظروفاً بعينها جديدة على الدول العربية والأفريقية، مشيرا إلى أنه من بين الخصائص والتحديات الجديدة التي تميز السياسة الخارجية هى الأزمة الاقتصادية العالمية وهو ما يفرض علينا واقعا جديدا وتحديا جديدا.
وأضاف أن هناك دوائر وموضوعات جديدة لم تكن على الساحة من قبل ولكنها باتت تشكل أولوية في التعامل ومن بينها القضايا الجديدة كالهجرة غير الشرعية والطاقة وأزمة الطاقة والغذاء والإتجار في البشر والذكاء الإصطناعي وتأثيره، وهى موضوعات فرضت نفسها وأصبحت تشكل جزءا من أولويات ودوائر إهتمام السياسة الخارجية المصرية وهو ما يفسر دخول مصر في مبادرات كمنتدى شرق المتوسط للغاز والمبادرات الخاصة بالمياه التي طرحت بالأمم المتحدة، لافتا إلى أن كل ذلك يعكس أن مصر تتفاعل مع التغيرات الدولية وتحدد مساراتها وأولوياتها وفقا للتغيرات التي يشهدها الإقليم وبالتالي فهى سياسة خارجية مرنة.
وأشار السفير أبو زيد إلى أنه من أهم الخصائص الجديدة هى مركزية المواطن المصري، وهو اليوم في بؤرة اهتمام السياسة الخارجية المصرية بمعنى العمل على حماية الأمن القومي ومصلحة هذا المواطن، وحق المواطن في المعرفة خاصة فيما يتعلق بمواقف وسياستها مصر وهو ما تعكسه البيانات الرسمية الصادرة عن الوزارة، وأيضا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال إن السياسة الخارجية أصبحت تراعي عدم المغامرة بمصلحة المواطن التي تعد أولوية أولى ومباشرة، مضيفا: "الخصائص تتضمن أيضا إقامة الشراكات الاقتصادية مع مراكز اقتصادية كبرى والارتقاء بالشراكات الاقتصادية مع عدد من الدول والاتحاد الأوروبي وهذه الشراكات هدفها بناء جسور تعاون اقتصادي واجتماعي وسياسي وتنموي مع هذه الكتل المهمة على مستوى العالم لدعم اقتصاد الدولة ودعم مواقف مصر الاستراتيجية ومصالحها في الإقليم".
وأوضح أن البعد الجديد الذي بات يشكل دائرة إهتمام للسياسة الخارجية المصرية هو الدبلوماسية العامة لأن هناك إدراكا متزايدا لتعظيم الاستفادة من كافة مصادر القوة المصرية وفي مقدمتها القوة الناعمة المصرية التي باتت جزءا لا يتجزأ من اهتمامات الدولة.
وردا على سؤال حول الشراكات الاقتصادية وكيف يمكن الاستفادة مع شركائنا، قال السفير أبو زيد إن هذا توجه جديد جاء مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014، مشيرا إلى أنه كان لا بد من الاستهداف الذكي في العلاقات الخارجية بما يحقق مصلحة المواطن المصري، مشيرا إلى أنه قد تكون هناك شراكة مع طرف في مجال التعليم ومع آخرين في مجالات مثل الثقافة أو مع التنمية أو التكنولوجيا وغيرها.
وأشار في هذا الصدد إلى الشراكة مع الهند والصين وهى دول لا تطبق هذه الشراكات إلا مع عدد محدود من الدول ما يوضح أهمية مصر كشريك إقليمي لهذه الدول والمصلحة المتبادلة، ونحن نسعى في ذلك وأيضا شركاؤنا يسعون لذلك، كما يسعى الإتحاد الأوروبي لذلك ليصل قريبا إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ونحن مستمرون في هذا التوجه من خلال الدولة بأجهزتها المختلفة.
وشدد أبو زيد على الاهتمام الذي توليه مصر بالقوة الناعمة للدولة، موضحا أن القوة الناعمة هى مسئولية جماعية تبدأ بمؤسسات الدولة وتنتهي بالفرد أو الشخص وكيف يمكن توظيفها من خلال الصورة الذهنية للدولة، فالاستفادة من القوة الناعمة تحتاج لرؤية واستراتيجية في هذا التوقيت لأنها ليست مكلفة فهى أقل تكلفة ومخاطرة.
وردا على سؤال حول إنشاء هيئة لرعاية المصريين في الخارج، قال السفير أبو زيد إن الدولة منذ عام 2014 تدرك إدراكا كبيرا أهمية التواصل مع المواطن وارتباطه بالوطن وأهدافه ودوره في عملية التحول والاستفادة من مواطنيها بالخارج وقدراتهم لدعم الاقتصاد في الدولة .
وأضاف أن هدف رعاية مصالح المصريين في الخارج يعد أولوية أولى في تكليفات سفراء مصر وقناصلها في الخارج كما أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي دور مهم للتواصل معهم وتسهيل الإجراءات القنصلية وتقديم الخدمات في الخارج واستخدام التكنولوجيا والرقمنة وهو جهد تشترك فيه وزارات الخارجية والهجرة والوزارات الأخرى.
وردا على سؤال حول التعاون بين مصر وأفريقيا، قال أبو زيد "إننا منخرطون مع القارة الأفريقية وهناك زيارات عديدة على مستوى رؤساء الدول والوزراء مع مصر ،فالتفاعل من جانب الدولة المصرية في أفريقيا كبير ولكن ليس كافيا"، مشددا على أهمية دور المجتمع المدني وكذلك القطاع الخاص الذي يجب أن يكون أكثر جرأة في الاستثمار بأفريقيا.
وأضاف أن المجتمع المصرى لا بد أن يكون أكثر احتضانا للثقافة واللغة الإفريقية كي نشعر أننا قادمون من منبع وفكر واحد.
ومن جانبها، أشادت وآن سكو نائب سفير الإتحاد الأوروبي بالدور الذي قامت وتقوم به مصر لتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول الإتحاد الأوروبي ودول العالم لغزة عبر معبر رفح وكذا التسهيلات التي قدمتها من خلال مطار العريش ومطاراتها لتسهيل وصول المساعدات الانسانية إلى العريش ومنها إلى قطاع غزة.
وشددت على أن مصر شريك موثوق به دوما للاتحاد الأوروبي ما يجعل الاتحاد حريصا على تدعيم كافة أوجه علاقاته بمصر التي تتمتع بجهاز دبلوماسي كفء للغاية، مشددة على الدور الذي تلعبه مصر لتحقيق السلام في وقت يدرك فيه الإتحاد الأوروبي أهمية تحقيق السلام في مناطق أخرى من العالم خاصة مناطق الجوار.
وعرضت آن سكو لحاضر ومستقبل العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، مؤكدة حرص الاتحاد على تعزيزها وترفيعها لمستوى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقالت"إن مصر بوسعها دائما التعويل على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي".
وأشارت إلى حرص الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه على تعزيز العلاقات التجارية مع دول العالم في إطار سياسة متبعة تعتبر أن توسيع التجارة مع العالم من شأنه توسيع رقعة السلام العالمي كجزء من مشروع السلام الأوروبي.
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي يضع ضمن أولويات سياساته الخارجية عددا من المبادئ الحاكمة من بينها السلام والاستقرار مع جيراننا وحكم القانون الدولي والنمو الاقتصادي.
وشهدت المائدة المستديرة تفاعلا ملحوظا لطلاب العلوم السياسية وحرصا على تفهم رؤية الدبلوماسية المصرية للتحديات المحيطة بالوطن ما يعكس عمق الإنتماء والوطنية لدى الجيل الجديد من أبناء مصر.