- الرئيس السيسي للقيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى: موقف مصر ثابت فى إطار صون أمنها المائى من خلال إبرام اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى
- الكونجرس: الولايات المتحدة الأمريكية لن تنسي فضل مصر فى فتح باب السلام ونشر ثقافة التعايش المشترك فى منطقة الشرق الأوسط
- وزير الدفاع الأمريكى يؤكد التقدير البالغ لجهود الرئيس السيسى الشخصية وروح القيادة شديدة الاتزان والفاعلية لتحقيق الأمن والاستقرار والتهدئة فى الشرق الاوسط وأفريقيا
تتعاقب الإدارات الأمريكية على حكم البيت الأبيض، وتتعدد ولاءاتها الحزبية، جمهورية أو ديمقراطية كانت، وتبقى مصر 30 يونيو، هي رمانة ميزان واستقرار الشرق الأوسط، مهما كانت التجاذبات والاستقطابات السياسية والأحداث العالمية.
ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكم، كانت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، تتخذ مواقفًا غير متقاربة مع القيادة السياسية فى مصر، لأنها إدارة كانت أقرب إلى جماعة الإخوان التي أطاح بها الشعب المصري فى ثورته الخالدة فى 30 يونيو؛ وعلى الرغم من ذلك، كانت الإرادة المصرية أقوي وأشد صلابة، وتعاملت مصر- وفقًا لمصالحها ومصالح شعبها- للحفاظ على شخصيتها وهويتها ومكتسبات وآمال شعبها فى الاستقرار والأمن والانطلاق نحو تدشين المشروعات القومية العملاقة؛ ومع مرور الوقت فطن الأمريكان إلي أن سياسة أوباما تجاه المنطقة وخاصة مصر لم تضف لهم شيئًا، بل على العكس تمامًا جعلت الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين على المحك، خاصة فى ظل التغييرات التي طرأت على العالم وظهور قوي اقتصادية وسياسية وعسكرية غير القوي التقليدية الكلاسيكية المرتكزة فى واشنطن وبعض العواصم الأوروبية.
ومن ثم كانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، أكثر ذكاء من سابقتها، فقد تقاربت وجهات النظر مع مصر، وحدث أكثر من لقاء بين الرئيسين السيسى وترامب، وكانت الرسائل إيجابية فيما بينهما، وكأن الأمريكيون يقولون لمصر نحن معكم ولا يمكن أن يستمر تأثر هذه العلاقات الراسخة بتقديرات إدارة أوباما المنحازة والمبنية على الأوهام.
وعندما رحلت إدارة ترامب، وجاءت إدارة الرئيس الديمقراطي "چو بايدن"، ظن المراقبون، أن السياسات التي كانت تنتهجها إدارة أوباما تجاه مصر يمكن أن تفرض نفسها من جديد، لكن إدارة بايدن كانت أكثر ذكاء وفهمًا لمجريات الأحداث، واقتناعًا وإيمانًا منها بأن دولة 30 يونيو، قرارها مستقل، ولن تسمح لأحد- مهما كان- المساس بسيادتها ومكتسبات شعبها بعد ثورتين على الفساد والتطرف.
عدد من المراقبين لمسار العلاقات المصرية- الأمريكية، ظن- وفقًا للسياقات السابقة- بأن إدارة بايدن ستنتهج سياسات أكثر تشددًا ضد مصر؛ فى المقابل بمجرد الإعلان عن فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية كان الرئيس السيسى سباقًا بتهنئة بايدن، وأكد الرئيس السيسي في هذه المناسبة على التطلع للتعاون والعمل المشترك من أجل تعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، بما فيه صالح البلدين والشعبين الصديقين.
ثم أعادت الولايات المتحدة ترتيب أوراقها، وهي تؤمن تماما أن العالم يتغير، والشعوب التي صارت أكثر وعيًا تلتف حول قيادتها لتحديد مصائرها بأيديها فقط؛ فيما أصبحت السياسات المصرية فى عهد الرئيس السيسى أكثر انفتاحًا على العالم، وقرارتها وتقارباتها مرهونة بمصالح شعوبها فقط.
وفى نوفمبر الماضى، بينما كان بايدن يزور مصر لأول مرة، حيث وجه كلمة فى قمة المناخ بشرم الشيخCOP27 ، كان هناك لقاء ثنائيًا مهما بينه وبين الرئيس السيسى، كانت رسائلة إيجابية للغاية، واتسم بالتقارب الشديد بين الرئيسين فى مختلف الملفات.
وأعرب الرئيس الأمريكى عن تقديره لاستضافة مصر مؤتمر التغيرات المناخية "COP27"، والمعروفة بأنها "أم الدنيا"، مضيفا أن مدينة شرم الشيخ المكان المناسب لاستضافة القمة. كما أعرب "بايدن" أيضا عن شكره لتذكير مصر العالم بالحاجة الملحة لمعالجة قضية التغيرات المناخية، كما أعرب عن خالص شكره لدور مصر الوسيط للأوضاع فى غزة.
وأشاد "بايدن" بموقف مصر فى الأزمة الروسية الأوكرانية، عندما قال، إن مصر اتخذت موقفا رائعا فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية وتحدثت بصوت عال ضد ما يجرى؛ مشيرًا إلى أن العلاقات الأمريكية المصرية تمتد على مدار 100 عام.
واليوم، جاءت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا المنعقدة حاليا فى واشنطن، لتؤكد على المعانى السابقة، حيث تشهد أهمية كبيرة من حيث توقيتها والموضوعات المطروحة للنقاش على أجندتها.
وركز الرئيس السيسى، خلال أعمال القمة، على الموضوعات التى تهم الدول الأفريقية في ظل التحديات العالمية القائمة، وتعزيز الشراكة الأفريقية الأمريكية لمواجهة أزمة الأمن الغذائي، وتيسير اندماج الدول الأفريقية فى الاقتصاد العالمى، لاستفادتها مما يوفره من فرص ومزايا فى تحقيق النمو الاقتصادي، ونقل التكنولوجيا ودفع حركة الاستثمار الأجنبي.
وتضمن برنامج زيارة الرئيس إلى الولايات المتحدة عقد لقاءات مع عدد من كبار المسئولين الأمريكيين، وذلك لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، على نحو يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين الصديقين، فضلاً عن مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما عقد الرئيس لقاءً مع نخبة من مجتمع رجال الأعمال الأمريكي لبحث سبل دفع التعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.
>> لقاء القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى
وفى اليوم الثانى لزيارته لواشنطن- الأربعاء- ازدحم جدول أعمال الرئيس السيسى باللقاءات، حيث شارك الرئيس بمقر إقامته بواشنطن، في إفطار عمل مع عدد من القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى؛ مؤكدًا على استراتيجية ومتانة العلاقات المصرية الأمريكية، معرباً عن تقدير مصر للدور الذي يقوم به مجلس النواب الأمريكي في تعزيز الشراكة بين البلدين، والتطلع لمواصلة الارتقاء بهذه الشراكة وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون الثنائي في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. مؤكداً الحرص على التواصل مع مختلف دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، في إطار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين إزاء مختلف القضايا،
من جانبهم؛ أعربت القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكي عن تشرفهم بلقاء الرئيس، مؤكدين على ان مصر تمثل حليف رئيسي للولايات المتحدة فى منطقة الشرق الاوسط، ومعربين عن التقدير لدور مصر المحوري كركيزة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية، إلى جانب جهود مصر الناجحة في التصدي لخطر الإرهاب والفكر المتطرف وإرساء مفاهيم التسامح الديني، ومساعيها المتزنة الرشيدة بقيادة الرئيس للتوصل إلى حلول لمختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة.
وشهد اللقاء حوار متبادل بين الرئيس والقيادات الجمهورية بمجلس النواب الذين حرصوا على الاستماع لتقديره تجاه مجمل الاوضاع الإقليمية بالشرق الأوسط ، وكذلك القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما تناولت المناقشات مع اعضاء مجلس النواب الامريكى من القيادات الجمهورية مستجدات قضية سد النهضة، ومن جانبه اكد الرئيس على موقف مصر الثابت الذي يهدف الى صون أمنها المائى من خلال ابرام اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد مليء وتشغيل السد وذلك لضمان التدفق الطبيعى التاريخى لمياه النيل إلى مصر، اخذاً في الاعتبار الاعتماد الكلى لمصر على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه.وعبر الحضور من أعضاء مجلس النواب الأمريكى عن تفهمهم التام لشواغل مصر وموقفها من تلك القضية الحساسة التي تتعلق بالأمن القومى المصرى.
>> مناقشات مهمة مع أعضاء تجمع أصدقاء مصر في الكونجرس الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهورى
كما استقبل الرئيس السيسى، في مقر إقامته بواشنطن، أعضاء تجمع أصدقاء مصر في الكونجرس الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهورى.وأكد خلال اللقاء على استراتيجية العلاقات الممتدة منذ عقود بين مصر والولايات المتحدة، وحرص مصر على تعزيز تلك العلاقات بكل جوانبها، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، لاسيما في ظل الواقع الإقليمي المضطرب في المنطقة وما يفرزه من تحديات متصاعدة، وعلى رأسها عدم الاستقرار وخطر الإرهاب الآخذ في التنامي والذي طالت تداعياته العديد من الدول، فضلاً عن التداعيات السلبية على الاقتصاد وأمن الطاقة والغذاء التي سببتها العديد من الأزمات العالمية المتلاحقة وعلى رأسها جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما يستدعي التكاتف لمواجهة تلك التداعيات.
من جانبهم؛ ثمن أعضاء تجمع أصدقاء مصر بالكونجرس الأمريكي عمق التعاون المشترك بين البلدين الصديقين، مؤكدين الأهمية الكبيرة التي توليها الولايات المتحدة للعلاقات مع مصر، أخذاً في الاعتبار أن مصر تعد ركيزة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم العربي، فضلاً عن كونها شريكاً محورياً للولايات المتحدة في المنطقة، مع الإعراب عن التقدير البالغ لدور مصر الناجح والفاعل تحت قيادة الرئيس في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وإصلاح الخطاب الديني وإرساء المفاهيم والقيم النبيلة من حرية الاعتقاد والتسامح وقبول الآخر، مؤكدين أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تنسي فضل مصر فى فتح باب السلام ونشر ثقافة التعايش المشترك فى منطقة الشرق الاوسط.
كما تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية في عدد من المجالات، كما تم التطرق إلى التطورات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصةً ما يتعلق بمستجدات القضية الفلسطينية، حيث أشاد أعضاء الكونجرس بالجهود المصرية الداعمة لعملية السلام، في حين أكد الرئيس موقف مصر الثابت في هذا الخصوص بالتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية، الأمر الذي يفتح آفاقاً للتعايش السلمي والتعاون بين جميع شعوب المنطقة.
>> مباحثات مع "بلينكن" وزيارة مهمة لـ"البنتاجون"
وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى في واشنطن مباحثات مهمة مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، حيث رحب وزير الخارجية الأمريكي بزيارة الرئيس السيسى إلى واشنطن، والتى تأتى فى اطار دعم مسيرة العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين على نحو بناء وإيجابي، مؤكداً التزام الإدارة الأمريكية بتعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر فى مختلف المجالات، ودعم جهود مصر الحثيثة في السعى نحو تحقيق الامن والاستقرار والتنمية فى المنطقة.
وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر حول مجمل القضايا الافريقية فى ضوء القمة الامريكية الافريقية الحالية، حيث شدد الرئيس على ان القارة الافريقية تحتاج الى بنية اساسية قارية مكتملة الاركان تدعم تنفيذ الجهود والمبادرات التي تستهدف الدول الافريقية، وليكن ذلك من خلال مشروع دولى ضخم يحشد الموارد والدعم من الدول الكبرى والخبرات التنموية العالمية لبلورة رؤية شاملة لتلك البنية الاساسية التى تعتبر حتمية لنجاح جهود التنمية في القارة.
كما تم التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية، ذات الاهتمام المشترك خاصة قضية سد النهضة الاثيوبى، حيث اكد الرئيس بتمسك مصر بتطبيق مباديء القانون الدولى ذات الصلة ومن ثم ضرورة ابرام اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد مليء وتشغيل السد للحفاظ على الامن المائى لمصر وعدم المساس بتدفق المياه فى نهر النيل الذي قامت عليه اقدم حضارة عرفتها البشرية منذ آلاف السنين، ومن جانبه اكد وزير الخارجية الامريكى دعم بلاده لجهود حل تلك القضية على نحو يحقق مصالح جميع الاطراف ويراعى الاهمية البالغة التى تمثلها مياه النيل لمصر.
وعبر الجانبان عن الحرص المتبادل لتدعيم وتعميق الشراكة الاستراتيجية الممتدة بينهما مع والتي تمثل ركيزة هامة للحفاظ على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والتطلع لتعظيم التنسيق والتشاور المشترك خلال الفترة المقبلة بشأن مختلف القضايا السياسية والأمنية ذات الاهتمام المشترك.
وفى مقر البنتاجون، التقى الرئيس السيسي مع، وزير الدفاع الأمريكي، لويد اوستن، حيث عبر وزير الدفاع الأمريكي ك عن تشرفه بزيارة الرئيس لمقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، مؤكداً على التقدير البالغ لجهود الرئيس الشخصية وروح القيادة شديدة الاتزان والفاعلية لتحقيق الأمن والاستقرار والتهدئة ليس فقط فى الشرق الاوسط وأفريقيا بل علي المستوى العالمى، وتجاه مختلف القضايا والأزمات الدولية، وذلك امتدادًا لدور مصر التاريخى السباق فى إرساء ونشر ثقافة السلام والعيش المشترك في المنطقة، وهو الدور المهم جدا للولايات المتحدة التى تعول عليه وتدعم قدراته.
ومن جانبه، أكد الرئيس حرص مصر على دعم شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، خاصة ما يتعلق بالشق العسكري، وكذلك على الصعيد الأمني خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تشهدها المنطقة والعالم،
وفى هذا السياق، تم التوافق خلال اللقاء على الاستمرار في تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة باعتبارها صلب الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتدعم مسؤوليتهما وجهودهما المشتركة تجاه استعادة الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.
ووقع الرئيس السيسى على كلمته المسجلة في دفتر الشرف الخاص بوزارة الدفاع الأمريكية، والتي جاء فيها:
" بسم الله الرحمن الرحيم"
إنه لمن دواعى سرورى اليوم زيارة مقر وزارة الدفاع الامريكية "البنتاجون"، الصرح الذي يمثل إحدى أعرق المؤسسات العسكرية على مستوى العالم، كما يسعدنى الالتقاء بالسيد لويد اوستن، وزير الدفاع الأمريكي، وبهذه المناسبة وبصفتي رئيس لجمهورية مصر العربية اؤكد حرصى على ترسيخ العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط مصر بالولايات المتحدة، لما فيه صالح الشعبين المصري والأمريكي، وأتطلع إلى أن تمثل زيارتى الحالية خطوة جديدة على طريق توثيق الروابط التي طالما جمعت بين بلدينا وتعزيز التعاون الثنائى المشترك في كافة المجالات، لما فيه صالح شعبينا ودولتينا.
مع خالص الشكر على حفاوة الاستقبال، وأصدق التمنيات للولايات المتحدة الصديقة بكل الخير والسلام والرفعة ومزيد من التقدم والازدهار.
عبد الفتاح السيسي
رئيس جمهورية مصر العربية