بعد تصدر "انتش واجرى" لمواقع التواصل.. خبراء: الترندات أحد أدوات حروب الجيل الخامس وتضغط الشباب نفسيا

تصدر ترند "انتش واجرى"، بشكل استفزازى، بعدما بات يتعاقب الواحد تلو الأخر، ويسيطر على مواقع التواصل الاجتماعى، كاملة "فيسبوك، تويتر، تيك توك"، ويتفاعل معها المجتمع بكافة صوره وأنماطه الثقافية والتعليمية وشرائحه الاجتماعية، حتى أن عدد ليس بالقليل من الفنانين المصريين والعرب، يتداولونها بشكل واسع، بل والأدهى هو تعاطى الإعلام بجميع أشكالة سواء  "قنوات فضائية، مواقع اخبارية...إلخ" مع الترندات، أى كانت جيدة أو سيئة، هادفة أو تافهة.

إلا أن اللافت للنظر مع ظاهرة الترندات، التى لا تستمر أكثر من أسبوع فى أغلب الأحيان، هو تهافت المواقع الإخبارية الكبيرة، والبرامج الأكثر شهرة على القنوات الفضائية، لترند"انتش واجرى"، واستضافة صاحبه، ودفع مبالغ مالية له مقابل إجراء حوارات معه، أقل ما توصف بأنها ركيكة، علاوة على تعاقد إحدى شركات الاتصالات على شراء الأغنية، على الرغم من تفاهتها وتدنى مستوى كلماتها وعدم لياقتها.

والسؤال هنا "لماذا يتصدر ترندات مثل (انتش واجري) بهذه السرعة وينساق المجتمع خلفه؟.. وهل هناك حسابات مجهولة تقف خلف انتشار مثل هذه الترندات؟.. وهل الموضوع أشبه بتنظيم فكري أم هو تفريغ كبت لدى افراد المجتمع؟.. أم هى مسألة تجارة يجرى وراءها الجميع لزيادة المتابعين؟.

صاحب انتش واجرى

دراسة: نصف سكان مصر يستخدم السوشيال ميديا

وأظهر تقرير لمؤسسة we are social لأبحاث الإنترنت، الذى صدر شهر فبراير 2020، أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر، بلغ نحو54.7 مليون مستخدم، بينما يقدر عدد مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الفاعلين والناشطين حوالى 42 مليون مستخدم، أي ما يقارب من نصف سكان مصر، يتعرضون لتأثير الترندات، ويتفاعلون معها، الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة حول التأثير النفسي والاجتماعي لهذه الترندات.

صاحب ترند انتش واجرى

صناعة التريند منظومة موجهة

ويرى متخصصون، أنه بات من المعروف لدى الكثيرين من المهتمين بشأن السوشيال ميديا، أن صناعة الترند لا تأتي هباء، بل إن بعضها ما لم يكن أغلبها، ليس بمحض الصدفة البحته، ولا تضامنا حقيقيا مع أحد القضايا، لكنه توجيه من جانب جهة ما، تحاول حشد الجماهير أو مجتمع التواصل الاجتماعى، حول "ترند" محدد، يحمل وراءه هدف ما.. فكيف يتم ذلك؟

خبير أمن معلومات: التكنولوجيا تفهمنا أكثر من أنفسنا وتقودنا بغير أن نعلم أو يعلم مخترعوها

ويقول الدكتور محمد الجندي، خبير أمن المعلومات بالأمم المتحدة، إن مواقع التواصل الاجتماعى، تشهد الكثير من الترندات المزيفة أو الغريبة، موضحا أنها إحدى أدوات الصراعات الهجينة أو ما يطلق عليها "حروب الجيل الخامس"، ويعنى هذا المصطلح الذى ظهر مع التطور التكنولوجى الحالى، "استغلال نقاط الضعف التي تهدد المرتكزات الأساسية للدولة، لإحداث تأثيرات عميقة من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى المجتمعات"، مشيرا إلى أن هناك سؤالا هاما يطرح نفسه الأن، وهو ما ذكره الأب الروحي للبروباجندا والعلاقات العامة، إدوارد بيرنيز، وهو: "ماذا سيحدث إذا استطعنا فهم آلية عمل عقول الجماهير.. هل من الممكن السيطرة عليهم وفقا لإرادتنا ودون علمهم بذلك؟".

وتابع: باتت التكنولوجيا تفهمنا أكثر من أنفسنا، وأصبحت تقودنا بغير أن نعلم أو يعلم مخترعوها"، مؤكدا على أن مواقع التواصل الاجتماعي تقرأ أفكارنا، وهو يتضح من خلال  إعلانات الفيس بوك، على سبيل المثال، فتجد شخصا يتكلم مع صديقه عن أحد المنتجات أو حاجته لشقة أو أى أمر أي كان، فيجده أمامه على الفيس بوك، ومثلها فيديوهات اليوتيوب المقترحة له، موضحا أن السوشيال ميديا، تم تطويرها في البروباجاندا ونشر الأخبار المفبركة، من خلال تطوير أدوات لعمل حسابات وهمية، تتفاعل مع المستخدم والتعليق على المنشورات ونشر وتفعيل الترندات والهاشتاجات الموجهة، التي يتفاعل معها المستخدمون بعد ذلك.

واستكمل: هذا ما يفسر تصدر بعض الترندات والهاشتاجات للقائمة على مواقع السوشيال ميديا، خلال ساعات قليلة، لتتحول إلى قضية عامة أو حدث عام يتحدث عنه مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى، منها على سبيل المثال، ما حدث أثناء جائحة كورونا، بتداول خبر عن حادث إلقاء زوج لزوجته من الدور الخامس بسبب إصابتها بكورونا، وتصدر ترند "الناس اتجننت بسبب كورونا"، ثم نفت الزوجة الخبر، وأكدت أنه بسبب شجار بينهم، لتتوقف الموجة، ويصدر ترند "الرجالة حصلها إيه"، في تعليقات منظمة وكأنها مستنسخة من حسابات موجهة توجيها نفسيا.

استشاري الطب النفسي: الترندات تضغط الشباب نفسيًا

يقول الدكتور وليد هندى، استشاري الطب النفسي: "ترندات مواقع التواصل الاجتماعى، انفعالية لحظية اندفاعية"، موضحا أنه يظهر ترند لعدة أيام ويختفي، ثم يظهر آخر وهكذا، غير أن ذلك يؤثر بشكل أساسى، بالسلب على نفسية الشباب، حيث أن أغلب تلك الترندات تضغط الشباب نفسيا، أكثر من غيرهم، كذلك الأشخاص العصبيين أكثر من الهادئين، والذكور أكثر من الإناث، والاندفاعيين أكثر من الناضجين، موضحا أن شدة التأثير النفسي للترندات لا يدركه مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى.

وأوضح، أن ليس كل مستخدمي السوشال ميديا يتأثرون بالترندات، لكن وحتى إن كان 1% فقط يتأثر، فهو يعني خسارة 1% من المواطنين، وهو أمر سلبي، مشددا على أن أغلب الترندات ما هي إلا حروب جيل خامس، يستخدمها البعض لإثارة حالة من النقم على كل شيء أو لتهييج وتقليب الرأى العام، وطالب بضرورة عمل دراسات اجتماعية ونفسية دقيقة، مبنية على أسس علمية، لتبحث عن إجابة لسؤال "هل يمتد تأثير ترندات مواقع التواصل الاجتماعى لتُغير تفكير المجتمع أم لا؟".