يوسف أيوب يكتب: القاهرة قبلة التنسيق العربى قبل قمة جدة

السبت، 25 يونيو 2022 08:32 م
يوسف أيوب يكتب: القاهرة قبلة التنسيق العربى قبل قمة جدة

مصر تقود تحركات عربية وتسابق الخطى للتشاور الإقليمي وإعادة ترتيب الأوراق والاولويات قبل جولة بايدن 
لقاء شرم الشيخ الثلاثى أسس لشراكة استراتيجية للحفاظ على الأمن القومي العربي.. وزيارة ولى العهد السعودى تزيد التنسيق 
 
الشرق الاوسط كله اليوم مشغول بما ستسفر عنه زيارة الرئيس الامريكى بايدن للمنطقة فى الشهر المقبل، التى سيتخللها عقد قمة بمدينة جدة تضم الرئيس الأمريكي جو بايدن فضلا عن قادة دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والاردن والعراق.
 
الأحاديث عن ترتيبات امنية وسياسية تخص المنطقة لا تنقطع، وذهب البعض إلى ربط ما يحدث بمستقبل ينتظر الشرق الاوسط الذى دخل فعليا العامين الماضيين منطقة جديدة بتطبيع للعلاقات بين اسرائيل ودول عربية.
 
ولان القاهرة لديها رؤية حول المستقبل فقد كانت الاسبوع الماضى محور لقاءات مهمة لقادة سيشاركون فى قمة جدة، في إشارة ودليل على إن مصر تسابق الخطى على صعيد التنسيق والتشاور الإقليمي والعربي لإعادة ترتيب الأوراق والاولويات، وتوحيد الرؤي والأهداف القومية المشتركة لمواجهة التحديات الملحة التي تشهدها المنطقة في ظل الازمة العالمية الراهنة.
 
وبداية الأسبوع الماضى، استضافت شرم الشيخ قمة ثلاثية ضمت الرئيس السيسى، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين والملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك الأردن، وصفت بأنها جاءت من منطلق تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن العربي لمواجهة التحديات التي تواجهه، وبما يؤمن لشراكة استراتيجية وحجر أساس داعم وقوي يساهم في الحفاظ على الأمن القومي العربي، وتوحيد الرؤى والمواقف والوقوف صفا واحدا بما يساهم في حلحلة القضايا والأزمات العربية، ووقف التدخلات الخارجية بالمنطقة.
 
وخلال القمة الثلاثية أكد الرئيس السيسى تطلع مصر إلى تعزيز التعاون البناء بين مصر والبحرين والأردن، بما يحقق المصالح المشتركة لشعوبهم الأشقاء، ويعزز من جهود العمل العربي المشترك، خاصةً في ظل التحديات الكبيرة الناتجة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة.
 
وأكد ملكا البحرين والأردن حرصهما على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعظم من استفادة الدول الثلاث من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون بينهم، فضلاً عن كون هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك في ضوء الأهمية المحورية لمصر والبحرين والأردن إقليمياً ودولياً.
 
وتناولت مباحثات شرم الشيخ العلاقات الوثيقة ومسارات التعاون الثنائي البناء بين الدول الثلاث والتنسيق المتبادل تجاه مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك، إضافة إلى آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجه المنطقة، حيث اكد القادة الثلاثة على عمق العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدان الشقيقة الثلاث، وأهمية تعزيزها وتطويرها والارتقاء بها إلى أعلى المستويات، بما يحقق الأهداف والمصالح المشتركة، ورحبوا بالقمة المرتقبة التي ستستضيفها السعودية بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن والعراق والولايات المتحدة الامريكية.
 
وقبل القمة الثلاثية عقد الرئيس السيسى لقاء مع ملك البحرين، أكد خلالها الرئيس حرص مصر على الاستمرار في تعزيز التعاون الثنائي مع البحرين في مختلف المجالات، وتكثيف وتيرة التنسيق المشترك تجاه التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز وحدة الصف والعمل العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولية. واشاد الملك حمد بن عيسى بدور مصر المحوري والراسخ كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، وجهودها المقدرة لتعزيز العمل العربي المشترك على جميع المستويات، مثمناً التطور الكبير والنوعي الذي شهدته العلاقات المصرية البحرينية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية وغيرها، ومؤكداً الحرص المشترك للمضي قدماً نحو مزيد من تعميق وتطوير تلك العلاقات.  
 
وأعقب القمة الثلاثية، زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى للقاهرة، التي جاءت أيضاً في ضوء السعي العربى نحو بلورة رؤية عربية متكاملة بشأن طبيعية العلاقة مع واشنطن خلال المرحلة المقبلة.
 
وينظر لزيارة بايدن للمنطقة بأنها تحمل العديد من الدلالات كونها أول زيارة للرئيس الأمريكى للمنطقة منذ توليه السلطة في يناير من العام الماضي، رغم أنه التقى خلال الفترة الماضية ببعض قيادات المنطقة في زيارات قاموا بها إلى الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن تركز الزيارة على مناقشة سبل توسيع التعاون الاقتصادي والأمني والإقليمي؛ بما في ذلك البنية التحتية الجديدة والواعدة ومبادرات المناخ فضلاً عن ردع التهديدات التي تواجه دول الخليج، فضلاً عن تعزيز حقوق الإنسان والضمان العالمي للطاقة والأمن الغذائي، بالإضافة إلى  توقعات بالإعلان عن مبادرات جديدة من بينها مهام بحرية في البحر الأحمر بمشاركة القيادة الوسطى الأمريكية.
 
النظر لزيارة بايدن، والقمة التي ستعقد في جدة، يجب أن يكون من اتجاهين، الأول مرتبط بما يمكن أن نسميه المصالح أو الأولويات الأمريكية في الوقت الراهن، والتي يمكن إجمالها في إن واشنطن تسعى للحافظ على مصالحها بالمنطقة وتدعيمها خاصة مع الدول الحليفة لها، مع تأكيد مدى قوة العلاقة التي تضررت نسبياً نتيجة بعض المشكلات التي أثرت سلباً على مناخ العلاقات الثنائية خلال الفترة الأخيرة خاصة مع المملكة العربية السعودية، والتي زادتن وتيرتها في أعقاب التباين في الرؤى حول الأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى السعي الأمريكي إلى إعادة التأكيد على الالتزام بأمن إسرائيل قبيل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس المقررة في نوفمبر من العام الحالي، ودعم كافة الجهود التي تؤدى إلى مزيد من اندماج إسرائيل في المنطقة العربية سواء من خلال تقديم كل أوجه الدعم لاتفاقات التطبيع الإسرائيلية العربية أو استكشاف فرص توقيع اتفاقات جديدة.
 
الاتجاه الثانى، يتعلق بالأهداف العربية التي يمكن إيجازها في أن العلاقات العربية الأمريكية تعد استراتيجية يجب أن يحرص الجانبان على الحفاظ عليها وتطويرها، ومن الضروري أن تكون سياسات الإدارة الديمقراطية تجاه المنطقة أكثر وضوحاً وتحديداً، كما أن العرب مطالبون بالظهور في القمة بأن لديهم القدرة على توحيد مواقفها إزاء القضايا الهامة رغم المشكلات المثارة حالياً في المنطقة، مع التأكيد على أن الأمن القومى العربي خطاً أحمر، وأن الدول العربية لن تألو جهداً في اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها حماية أمنها وعدم المساس به من جانب أي طرف، في ظل وجود مصالح إقليمية ودولية للدول العربية من حقها أن تسعى إلى تحقيقها، ومن ثم فإن أية علاقات عربية مع أية دول أخرى مثل روسيا والصين لا يجب على واشنطن أن تنظر إليها على أنها تجور على العلاقات العربية القائمة معها، كما يجب على واشنطن تقدير طبيعة الموقف العربي الراهن من حيث المخاطر التي يتعرض لها وتأثيرات الأزمات الدولية عليه حيث أن هناك متغيرات تفرض نفسها على الجميع ولابد من التعامل معها بهدوء وموضوعية.
 
ولا ننسى إن الدول العربية تسعى إلى إيصال رسالة للجانب الأمريكي بأنهم مستعدون للقيام بدور للمساهمة في حل أية مشكلات سياسية أو اقتصادية أو أمنية مثارة حالياً على المستويين الإقليمي والدولي؛ بما في ذلك تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والمتمثلة في الأمن الغذائي وأسعار البترول وإمدادات الغاز إلى أوروبا، وهى رسالة وصلت واشنطن بطرق فردية، وستكون قمة جدة فرصة لتوصيل الرسالة بشكل جماعى.
 
في المجمل يمكن القول أن قمة جدة مهمة للجانبين، العربى والأمريكى، لذلك يمكن فهم التحركات التي تقوم بها مصر في الوقت الراهن لتوحيد المواقف العربية، قبل قمة جدة، خاصة إن العواصم العربية تأمل أن تساهم زيارة بايدن وقمة جدة في تحقيق مصالح جميع الأطراف وأن تكون للزيارة نتائج إيجابية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة