«الفلوماستر» سلاح «شركات الدواء» لتحدي الدولة
الأربعاء، 04 يناير 2017 11:04 ص
في الوقت الذي لم تتوقف فيه معاناة الملايين من المصريين بمختلف شرائحهم الاجتماعية، من مسلسل «ارتفاع أسعار الدواء» على مدى الفترة الماضية بل واختفاء العديد من أنواعها، بالرغم من إصدار القرار الوزاري رقم 449، الخاص بارتفاع بعض أصناف الأدوية منذ أكثر من 7 شهور، إلا أن غرفة صناعة الدواء وأصحاب الشركات ما زالوا يضغطون على الحكومة لرفع أسعار الأدوية مرة أخرى، ليفاجىء ملايين المصريين ممن تأثروا في الآونة الأخيرة بارتفاع الأسعار، في أعقاب تحرير سعر صرف الجنيه وارتفاع سعر الدولار إلى مستويات غيرمعقولة، واستمرار الوضع على ماهوعليه دون وضع حد نهائى وفاصل لتلك الأزمة الخانقة التي اختلط فيها الحابل بالنابل من مافيا الصيدليات والشركات لتزيد من معاناة المواطنين بحثا عن الدواء.
خطة «الصحة» لتركيع قطاع الدواء الحكومي
من جانبها كشفت بوابة «صوت الأمة» أسباب ارتفاع سعر الدواء في الصيدليات، وذلك من خلال جولة لها فى العديد من الصيدليات بمناطق مختلفة، وتبين أن 90 % من شركات الأدوية لم تطرح علب الدواء بالتشغيلة الجديدة، أي أن جميع أصناف الأدوية في الأسواق كانت داخل مخازن الشركات.
البداية كانت من إحدى صيدليات منطقة باب اللوق بوسط القاهرة، حيث تجول محرر البوابة داخل الصيدلية، وفحص أرفف الدواء، ووجد أن الصيادلة يستخدمون «القلم الفلوماستر» لمحو السعر الأصلي للدواء، وكتابة السعر بعد الزيادة، وهوما يؤشر إلى عدم طباعة أي علب دواء بالزيادة التي صدرت في شهر مايو الماضي.
«إحنا كل يوم بنأخد السعر من شركات الأدوية بالتليفون، ومعظم الأدوية متخزنة»، بهذه الكلمات علّق الصيدلي «ح. م»، الذي يعمل في إحدى صيدليات باب اللوق، قائلًا إنه لم يتم إنتاج أي أصناف أو تشغيلات جديدة حتى الآن، لذا يتم استخدام القلم الفلوماستر لتدوين السعر الجديد.
وفي منطقة أرض اللواء، لم يختلف الحال كثيرًا، فعندما تجول «محرر البوابة» في إحدى الصيدليات وتحديدًا صيدلية «الدكتور أحمد»، لاحظ تعديلًا في أسعار الدواء الموجودة بأصنافه كافة، بالأقلام الملونة، ولم تكن أصناف الدواء المستوردة بمنأى عن التعديل، حيث وُجد أن الأصناف المستوردة أيضًا «تشغيلات قديمة».
نقيب الصيادلة: 30 شركة تسيطر على سوق صناعة الدواء
وقال الدكتور أحمد عبد القادر، أحد الصيادلة، إن شركات الأدوية ترفع أسعار الدواء المخزن لديها، ولم تنتج أي صنفًا جديدًا منذ أكثر من 6 أشهر، ما يُثبت تعمد الشركات في فعل ذلك؛ لرفع سعر الدواء مجددًا، أي أن أزمة نقص الأدوية، خاصة الأدوية الحيوية مثل السكر والضغط والأورام «مفتعلة»، ولم تكن وليدة الصدفة.
وتعليقًا على هذه الأزمة، قال مدير «الحق في الدواء»، محمود فؤاد، في تصريحات لـبوابة «صوت الأمة»، إن رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل رفع أسعار 7 آلاف صنف دواء في مايو الماضي، دون تحديد الموعد الزمني لتطبيقه، كما أنه لم يحدد إذا ما كانت الزيادة تتم على «شريط الدواء» أو «العلبة كاملة»، الأمر الذي جعل شركات الأدوية تستغل ذلك في جني ملايين الجنيهات بين يومٍ وليلة.
وأضاف «فؤاد» أن هناك مشاجرات نشبت وصفها الصيادلة بـ «التاريخية»، بين المرضى والعاملين بالصيدليات؛ نظرًا لبيع الدواء بأكثر من سعر في أماكن مختلفة، كاشفا في الوقت ذاته عن ممارسة شركات الدواء ضغوط رهيبة عن طريق تقليل القدرة الإنتاجية لها، ليصبح المستهلك «ضحية» جشع شركات الأدوية، وفشل وزارة الصحة وإدارة الصيادلة، المسئولتان عن الرقابة على هذه الشركات.
«وزارة الصحة بتتفرج زي المواطن».. بهذه الكلمات أعرب مدير «الحق في الدواء» عن استيائه من افتعال أزمة الدواء، التي اتضح فيها عجز وزارة الصحة عن السيطرة على جشع شركات الأدوية، عندما صدرت قرارات ضبط الأسواق من الرقابة الإدارية، نظرًا لعدم وجود مفتشي الصحة داخل الرقابة الإدارية، مؤكدًا انعدام الرؤية الاستراتيجية لدى الدولة عن الدواء، لذلك يجب أن نتوقع تعرض مصر لأزمات كثيرة الفترات المقبلة.
وطالب «فؤاد»، بضرورة تحقيق التوازن المطلوب وسرعة إقرار قانون هيئة الدواء العليا، وعدم ضمّ الهيئة في أعضائها مالكي شركات الأدوية أو شركات التوزيع، على أن يكون دور الهيئة إعادة التوزيع بشكل متوازن والتحكم في الأسعار، ومنع الممارسات الاحتكارية، وتساءل بلهجة استنكارية، قائلا: «إذا كانت شركات الدواء تدّعي خسارتها لبيعها الدواء بسعر أقل من تكلفة إنتاجه، فمن أين تأتي بالملايين التي تنفقها على الهدايا للأطباء والمؤتمرات والحفلات للترويج لمنتجاتها».