تقيم جامعة الدول العربية، غدا الاثنين، احتفالا بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، تحت رعاية الأمين العام أحمد أبو الغيط، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين البارزين، وذلك بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين والتي تحتفل كل عام باليوم العالمي الذي يوافق20 يونيو.
أزمة اللاجئين العرب
فيما حرصت الجامعة العربية علي دعوة المجتمع الدولي، عدة مرات، لضمان توفير سبل الرعاية اللازمة للاجئين والنازحين وتقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي لهم، مؤكدة علي أهمية ألا يؤثر إعادة توجيه الموارد المالية من أجل مكافحة وباء كورونا، علي الاستجابة الإنسانية لأزمات النزوح واحتياجات اللاجئين.
بينما كان للاجئين الفلسطينيين اهتماما خاصا من قبل الجامعة العربية، وهو ما تجلي في الدعم الكبير الذي قدمته في السنوات الماضية إلي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، حيث اعتبرتها العنوان الذي يجسد مسؤولية المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ بداية عملها الميداني في 1 مايو 1950.
ودعا الامين العام المساعد السفير سعيد ابو علي، في تصريحات سابقة، الدول المانحة والأمم المتحدة لسرعة التحرك للوفاء بالتزاماتها والمبادرة إلي تعجيل تقديم المساهمات والالتزامات المالية المعتمدة للأونروا لتمكينها من القيام بمهامها كعنوان للالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين ولحين التوصل لحل عادل لقضيتهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
بيت العرب
ولعل الاهتمام الكبير بأزمة اللاجئين، من قبل "بيت العرب"، ليس بالأمر الجديد تماما، حيث إنها تحركت مرارا وتكرارا من أجل احتوائها، عبر مسارين أولهما السعي نحو تقليص أعدادهم، بما يسهم في تخفيف الأزمة، بينما يبقي المسار الثاني قائما علي فكرة تحسين أوضاعهم، في ظل الظروف الصعبة التي يوجهونها، إما بسبب الظروف الاقتصادية التي تواجهها الدول التي تحمل علي عاتقها مسئولية استضافتهم، أو جراء تحديات جديدة ساهمت في تفاقم الأزمة، علي غرار تفشي فيروس كورونا المستجد، والذي ترك تداعيات صحية واقتصادية كبيرة، لم تستطيع أعتي الدول وأكثرها إمكانيات التصدي لها في السنوات الأخيرة، ليحظى دور الجامعة العربية بثقة دولية كبيرة، خاصة من قبل الأمم المتحدة، للقيام بدور مسئول من شأنه التصدي للأزمة في المرحلة المقبلة.
فمن حيث تقليص أعداد اللاجئين، نجد أن الجامعة العربية وجهت العديد من النداءات التي من شأنها تحسين الأوضاع في البلدان الأصلية، والتي تشهد تدفقات كبيرة من اللاجئين إلي العديد من مناطق العالم، وهو ما ساهم في تفاقم الأزمة بصورة كبيرة، حيث قدمت دعوات عدة إلي ضرورة العمل الدولي المشترك في تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية في تلك البلدان، واحتواء ما تشهده من فوضي عارمة، بالإضافة إلي الإجراءات التي تتخذها العديد من الدول لمنع تدفق التحويلات المالية إلي تلك البلدان، بالإضافة إلي تشديد قيود السفر، مما ساهم في زيادة وتيرة الهجرة غير الشرعية، والتي تراها عدة دول، خاصة في الغرب الأوروبي، بمثابة تهديد مباشر لها، سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو الأمني.
تحقيق السلام والتنمية
السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أكدت علي أهمية التماسك الاجتماعي في تحقيق السلام والتنمية، وأن هذا التماسك لا يمكن تحقيقه إلا بتشجيع السياسات التي تؤدي إلي الحفاظ علي التنوع الثقافي وتعمل علي إدماج ومشاركة الجميع، بما يتفق مع الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي وخطة التنمية المستدامة 2030 وإعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين والاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، حيث يعد التقريب والتواصل بين الثقافات أمراً ضرورياً وعاجلاً للسلام والاستقرار والتنمية.
كما ركزت الجامعة العربية في تحركاتها علي التعاون مع كافة المنظمات الدولية، والمهتمة بشئون الهجرة، واللاجئين، من أجل احتواء الأزمة، بعيدا عن التصريحات والتحذيرات، وذلك من خلال استراتيجية طويلة المدي تهدف إلي تحقيق التعاون وتبادل المعلومات بين الدول للتصدي إلي الأزمة الشائكة، خاصة وأن العديد من الدراسات أكدت أن أكثر من نصف اللاجئين في جميع أنحاء العالم وحوالي 40% من النازحين داخلياً متواجدون في المنطقة العربية، كما تشير نفس التقديرات إلي أن نصف الميزانية السنوية لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين مخصصة للعمليات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي هذا الإطار، وقعت جامعة الدول العربية مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في عام 2017، بهدف وضع إطارٍ عام للتعاون من أجل الاستجابة الفعالة لاحتياجات اللاجئين في المنطقة العربية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والاستجابة الإنسانية في حالات الطوارئ، وهي الخطوة التي أشادت بها المفوضية آنذاك، مؤكدة علي موقعها الإلكتروني أنها تعمل بالتعاون مع الجامعة علي مناصرة وحشد الدعم والتوعية بقضايا اللجوء في المنطقة، وتعزيز الدعم السياسي بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الاثنين والعشرين وتوسيع نطاق الحماية في جميع أنحاء المنطقة.
احتياجات اللاجئين
ومن جانبه، قال المفوض السامي لشئون اللاجئين فيليب جراندي إن هذا الاتفاق يعزز من التعاون الطويل الأمد الذي تتشارك فيه المفوضية مع جامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها من أجل التصدي للتحديات الإنسانية الأساسية ومشاكل النزوح.
وأضاف "نظراً لحجم ونطاق النزوح القسري في المنطقة، فإن الشراكة الإقليمية مع جامعة الدول العربية ستتيح لنا بشكل أفضل إمكانية الاستجابة الجماعية لاحتياجات اللاجئين والنازحين داخلياُ والاشخاص عديمي الجنسية، وفي الوقت نفسه، دعم الحكومات والمجتمعات التي تستضيفهم بسخاء".
ويمثل تفشي فيروس كورونا بعدا جديدا، أضاف المزيد من الثقل علي عاتق الدول العربية، خاصة تلك التي تستضيف اللاجئين علي أراضيها، في ظل ما أدي إليه من أزمات اقتصادية وصحية، وهو الأمر الذي وضع اللاجئين في خطر حقيقي، خلال السنوات الماضية، حيث تبقي هذه الفئة هي الأكثر عرضة لخطر الأوبئة، نظرا لظروفهم المعيشية داخل المخيمات.