أخرها كورونا.. «الأزهر» يرصد أسباب تراجع أعداد اللاجئين في ألمانيا منذ 2011

الأحد، 25 أبريل 2021 04:00 م
أخرها كورونا.. «الأزهر» يرصد أسباب تراجع أعداد اللاجئين في ألمانيا منذ 2011
أرشيفية

يتوافد منذ عقود الكثير من اللاجئين إلى البلدان الأوروبية وخاصة ألمانيا، فقد كان هناك ما يقرب من 400.000 شخص في ألمانيا حاصلين على الإقامة في عام 2011، ومنذ ذلك الحين والأعداد في تصاعد، بلغت ذروتها في عام 2015؛ تزامنًا مع موجة اللجوء بسبب سوء الأوضاع الأمنية في سوريا والعراق، وسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الكثير من المناطق هناك. 
 
استمرت تلك الأعداد في الارتفاع عامًا تلو الآخر؛ ليصل إجمالي الحاصلين على حقِّ الإقامة من اللاجئين في ألمانيا إلى 1.77 مليونًا مع نهاية عام 2019، واختلف الأمر تمامًا مطلع عام 2020 مع تفشي وباء فيروس كورونا المستجد؛ واتجاه الكثير من الدول لإغلاق حدودها؛ خوفًا من تفشي المرض وارتفاع عدد الحالات، الأمر الذي أثَّر بطبيعة الحال على أعداد اللاجئين، وطلبات اللجوء، وعلى حالات لمِّ شملِ الأسر في الولايات الألمانية؛ فقد أشار تقريرٌ حديثٌ، نشره موقع "شبيجل أونلاين"، صادرٌ عن وزارة الداخلية الألمانية ردًّا على استفسارٍ مقدَّمٍ من تكتل اليسار بالبرلمان الألماني، إلى تراجع أعداد اللاجئين المُسجِّلين داخل ألمانيا للمرة الأولى منذ عام 2011؛ بعد ارتفاعٍ دام تسع سنوات مُتتالية، ووفقًا للتقرير فقد انخفضت أعداد اللاجئين، المُقيمين داخل ألمانيا، لتصل إلى 1.77 مليون لاجئ، من بينهم 1,33 مليون لاجئ يتمتعون بوضعِ إقامةٍ آمن، وهو ما يُشكِّل تراجعًا بنحو 60 ألفًا مُقارنةً بالأعداد المُسجّلة نهاية عام 2019.
من جانبها، أرجعت وزارة الداخلية الألمانية هذا الانخفاض إلى عدة أسباب؛ منها: انتهاء صلاحية أو إلغاء وضع الحماية الممنوح لعدد من اللاجئين، كما أن نسبة كبيرة منهم غادرت الأراضي الألمانية، كما انخفضت أعداد طلبات اللجوء بما يقرب من الثلث خلال الأشهر الأولى من عام 2020، وذلك مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وفقًا للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فيرجع السبب في هذا التراجع إلى تفشي فيروس كورونا، وإغلاق الحدود الأوروبية في وجه اللاجئين، ووفقًا للمكتب فقد تمَّ تسجيل حوالي 29.132 طلب لجوء خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2020، بنسبة انخفاض بلغت 29% وذلك مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019، حسب صحيفة "بيلد أم زونتاج". 
 
يُذكر أنه تمَّ تقديم حوالي 4100 طلب لجوء في ألمانيا خلال شهر أبريل 2020، مقارنةً بعام 2019 والذي بلغت فيه طلباتُ اللجوء نحو ضعف هذا العدد المذكور، معظمها كانت مقدمة من لاجئين من سوريا وأفغانستان والعراق، كما أبلغ الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عن انخفاض كبير في طلبات اللجوء، ووفقًا لسلطة اللجوء الأوروبية "Easo"، فقد تمَّ تسجيل طلبات لجوء أقل بحوالي 43% خلال شهر مارس عنها في فبراير 2020.

حالات لمِّ شمل الأسر
 
وفيما يخصُّ حالاتِ لمِّ شمل الأسر؛ فقد شهدت ألمانيا خلال عام 2020 قبولًا أقل لحالات لمِّ شمل الأسرة، بنسبة بلغت نصف عدد أقارب اللاجئين فقط، حيث تمَّ منح 12502 من أقارب اللاجئين - المعترف بهم بموجب القانون الدولي أو كلاجئي حرب - الحقَّ في القدوم إلى ألمانيا مقارنة بعام 2019 التي بلغت ضعف عام 2020 بحوالي 24.835 طلبًا، حسب ردٍّ من وزارة الخارجية على سؤال شفوي من النائب اليساري "يوليا يلبكي"، والذي نقلت عنه صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونج".
 
كما انخفض العدد الإجمالي للتأشيرات الصادرة لحالات لمِّ شمل الأسرة في عام 2020 مقارنة بالعام السابق 2019 بشكل حادٍّ بنسبة بلغت 29.3٪ لــ (75978) فردًا، مقارنةً بعام 2019 لحوالي 107.520 آخرين، وترجع الأسباب الرئيسة للانخفاض في عام 2020 للقيود المفروضة على السفر، وتأخر معالجة التأشيرات في السفارات نتيجة لتفشي وباء كورونا، بعد إغلاق أحد عشر قسمًا للتأشيرات في عشر دول بسبب الوباء، وكتب وزير الدولة في وزارة الخارجية، "مايكل روث"، في ردِّه على سؤال السياسي اليساري: "ستفتح أقسام التأشيرات عملها حالما يسمح الوضع بذلك"، كما صرَّح "يلبكى" لـصحيفة NOZ قائلًا: "هناك عقبات بيروقراطية كبيرة للغاية تواجه التنفيذ العملي لحالات لمِّ شمل الأسرة، الأمر الذي يتطلب تغييرًا جوهريًّا في وزارة الخارجية".
وخلال الآونة الأخيرة، لم يقتصر تراجع أعداد اللاجئين، وانخفاض أعداد طلبات اللجوء، وحالات قبول لمِّ شملٍ  – بحسب وزارة الداخلية الألمانية - على ولاية بعينها؛ بل شملت معظم الولايات الألمانية.
 
فوفقًا لوزارة الداخلية بـ ولاية براندنبورج، فقد تم تسجيل عدد أقل من طالبي اللجوء بالولاية في عام 2020 مقارنةً بعام 2019، وذلك في ردٍّ من الوزارة في "بوتسدام" على طلب من حزب اليسار في برلمان الولاية، والتي ذكرت فيه أنه حتى نهاية عام 2020 تم تسجيل حوالي 1224 شخصًا، في أربع منشآت للاستقبال الأوَّلي للاجئين بالولاية، كما انخفض عدد اللاجئين المخصص لـ"براندنبورج" منذ خمس سنوات من خلال نظام "الحصص" المطبق على الولايات الألمانية، حيث تمَّ استقبال حوالي 2196 شخصًا في نهاية عام 2015، وفقًا لإحصائيات الوزارة. 
 
يذكر أنه خلال نهاية عام 2020، تم استقبال 999 لاجئًا في منشأة أولية في "براندنبورج" لمدة تصل إلى ستة أشهر، كما استمرت الإقامة لمدة عام ونصف، وبالنسبة لآخرين بلغ عددهم 223 شخصًا، وغيرهم لمدة تزيد عن 18 شهرًا، كما تم إيواء 459 طالب لجوء في مقر "تسوسين-Zossen"، وحوالي 377 لاجئًا في مقر اللجوء" Doberlug-Kirchhain" 
 
كما انخفض عدد طلبات اللجوء في ولاية ساكسونيا السفلى بشكل كبير خلال عام 2020، حيث سجَّلت سلطات الولاية بنهاية نوفمبر ما مجموعه 10100 طلب من اللاجئين. وذكرت إحصاءات وزارة الداخلية أن العدد المسجل أقل بمقدار الثلث مقارنة بالأعداد التي سجلت بنفس الفترة خلال عام 2019، حيث تمَّ تسجيل 13400 طلب لجوء، كذلك انخفض عدد المغادرين طوعًا خلال الفترة نفسها، حيث سجَّلت السلطات مغادرة 530 لاجئ للولاية ممن رفضت طلبات لجوئهم، بعد حصولهم على تمويل من سلطات الولاية، هذا فضلًا عن مغادرة 299 آخرين طواعية دون الحصول على تمويل، وقد أرجعت السلطات هذا الانخفاض الكبير في أعداد طلبات اللجوء، وأعداد المغادرين إلى انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، والذي أثَّر بشكل كبير على حركة السفر والانتقال بين دول العالم. 
 
كما استقبلت ولاية هيسن عددًا أقل من طالبي اللجوء خلال عام 2020، مقارنة بعام 2019، حيث أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية في ولاية "هيسن"، بناءً على طلب وكالة الأنباء الألمانية، أنه تم توزيع وتسجيل 6653 شخصًا عبر نظام "المحاصصة الاتحادي"، من بينهم 105 طالب لجوء إلى ولايات فيدرالية أخرى، من خلال عملية الاستقبال الأولية في "هيسن"، كما تمَّ تسجيل ما مجموعه 9177 طالب لجوء في تلك الولاية، خلال العام الماضي 2020. 
 
وترى الوزارة أن تبعات وباء كورونا هي سبب الانخفاض في عام 2020، حيث كان عدد طالبي اللجوء في مارس وأبريل ومايو ويونيو، على وجه الخصوص أقل بكثير مما كان عليه خلال الأشهر الأخيرة من عام 2019، والأشهر الأولى من عام 2020؛ ويمكن القول: إن الإغلاق على مستوى أوروبا كان له تأثير كبير على الهجرة خلال هذه الأشهر. وجاء معظم طالبي اللجوء من أفغانستان (21.3٪)، تليها سوريا (18.7٪)، وتركيا (11.2٪)، ثم العراق (7٪)، والصومال (6.3٪). 
 
يذكر أن الولاية قد استقبلت 10500 لاجئ خلال عام 2018، ومنذ ذلك الحين والأرقام في انخفاض منذ أزمة اللاجئين، التي حدثت خلال عام 2015 وقد بلغت الذروة في يوم 28 أكتوبر 2015 عندما استقبلت الولاية 1370 طالب لجوء في يوم واحد.
 
وتتحدث بعض التقارير عن سبب آخر لتراجع أعداد اللاجئين عام 2020 غير الأسباب المتعلقة بكورونا، فقد تمَّ الإبلاغ حاليًا عن ما يقرب من نحو 1600 لاجئ قاصر غير مصحوب بذويه في عداد المفقودين لدى السلطات الألمانية، وكان هناك حتى 4 يناير نحو 972 شابًّا تتراوح أعمارهم بين 14 و 17 عامًا و607 أطفال حتى سن 13 عامًا، ووفقًا لما ذكرته صحيفة "نوى اوسنابروكر تسايتونج" يوم الثلاثاء الموافق 12/1/2021، نقلاً عن أرقام من مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية، أنه في معظم الحالات لم تكن أسباب الاختفاء تشير إلى أيِّ ضرر لحق بهم. 
 
ونقلت الصحيفة عن المكتب أنه في كثير من الحالات، لا يغادر الأطفال بدون خطة، لكنهم غالبًا ما يرغبون في زيارة آبائهم أو أقاربهم أو معارفهم، في مدن ألمانية أخرى أو حتى في دول أوروبية أخرى، إضافة إلى ذلك، كثيرًا ما يُسجَّل العديد من الأشخاص مرات عديدة، إذا كانوا يسافرون بدون وثيقة سفر، أو إذا كان هناك حرف هجائي مختلف، وأفادت الأنباء أن معظم اللاجئين القُصَّر المفقودين هم من أفغانستان، والمغرب، والجزائر، وسوريا، والصومال.
 
هذا ويُذكر أن عدد المفقودين انخفض بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، ففي يوليو 2016، في ذروة أزمة اللاجئين، فُقد أكثر من 8900 طفلٍ وشابٍّ، وفي بداية عام 2018 كان هناك نحو 5334 قاصرًا غير مصحوبين بذويهم، وفي بداية عام 2019 كان هناك نحو 3192 طفلًا وشابًّا، وكان السبب وراء هذا الانخفاض هو أن عدد طالبي اللجوء الذين قدموا إلى ألمانيا في السنوات الأخيرة أقل بكثير، وقد وصل العديد من الشباب الآن إلى سن الرشد، وبالتالي لم يعد يتم تسجيلهم في الإحصائيات على أنهم قُصَّر.
 
وبالرغم من تأكيد الاحصائيات والتقارير الصادرة من السلطات الألمانية على تراجع أعداد اللاجئين في عام 2020 للأسباب المتعلقة بوباء كورونا، إلا أن هناك تكهنات بعودة تدفق اللاجئين فور زوال تلك الأسباب، فقد صرَّح وزير الداخلية "هورست زيهوفر"(CSU) مؤخرًا بالبرلمان الألماني أن أعداد اللاجئين الجدد تقترب مرة أخرى من مستويات متقدمة. ولعل السبب وراء ذلك ما ذكرته "جلبك" النائب بحزب اليسار أن هناك أعدادًا كبيرة تعثرت أمام الموافقة على طلب اللجوء، ومن ثمّ غادروا ألمانيا، وتابعت "جلبك" بأن هناك العشرات من الآلاف لا يزالون ينتظرون الموافقة على طلبات اللجوء، وليس هذا الأمر مقتصرًا على ألمانيا وحدها؛ بل على أغلب البلدان المُضيِّفة مثل اليونان وإيطاليا.
 
وفي إطار متابعته لقضية اللاجئين، يؤكد مرصد الأزهر أن قضية اللجوء والنزوح قضية إنسانية في المقام الأول، ينبغي فيها مراعاة البعد الإنساني، كما يناشد المرصد شعوبَ العالمِ أجمع ضرورة احترام المهاجرين واللاجئين، ونبذ كراهية الأجانب، وتحسين القوانين والتشريعات المتعلقة بالتعامل مع المهاجرين وأسرهم، وفقًا لما تنصُّ عليه قوانين حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وقبل كل ذلك احترامًا للإنسانية. 
 
وقد شدّد الأزهر مرارًا على أهمية إعطاء المجتمع الدولي بكل مكوناته، المزيدَ من الاهتمام لقضايا اللاجئين وحقوقهم، خاصةً في ظل ما يشهده العالم من وباء كورونا الفتَّاك، والذي زاد اللاجئين ألمًا فوق ألمهم، وفرضَ المزيد من التحديات والمخاطر على حقِّهم بالعيش في سلامٍ وأمانٍ، وتركهم فريسة سهلةً لوباء لم يُفرِّق بين بني البشر، فطال القاصي والداني.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق