في نقاط.. تعرف على ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل
الخميس، 21 فبراير 2019 09:00 م
الملايين من هواة الفلك على موعد خلال الساعات القادمة مع واحدة من أهم وأغرب الظواهر الفلكية، وهى ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل بمحافظة أسوان، والتى من المقرر أن تبدأ صباحا غد الجمعة، ويحرص العلماء والباحثون على متابعتها.
وتنشر «صوت الأمة» لقرائه كافة التفاصيل الخاصة بالظاهرة وتوقيت حدوثها وتفسيرها فى معلومات مبسطة كشف عنها الدكتور ياسر عبد الهادى، أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، وذلك كما يلى:
- أمام شاطئ بحيرة ناصر يوجد معبدان، أحدهما كبير للملك رمسيس الثانى، والآخر صغير قام ببنائه نفس الملك، وأهداه إلى زوجته المحبوبة نفرتارى (جميلة الجميلات).
- المعبد الذى تحدث فيه الظاهرة هو المعبد الكبير.
- يقع المعبد الكبير حالياً على خط عرض 22°20′13″ شمالاً وخط طول 31°37′32″ شرقاً.
- بُنى المعبدان فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد (تقريباً فى الفترة من 1244 ق.م. إلى 1223 ق.م.).
- من الثابت أن البناء انتهى فى عهد الملك رمسيس الثانى أشهر ملوك الأسرة 19 تخليداً لأعماله وإنجازاته وانتصاراته (المختلف فيها من قبل المؤرخين).
- هناك من المصادر ما يرجح بداية البناء فى عهد والد الملك المذكور (سيتى الأول) وأن هذا المعبد كان له ولم يكن لابنه رمسيس الثانى الذى يصفه بعض المؤرخين بأنه واحد من لصوص التاريخ حيث نسب لنفسه أعمالاً كانت لسابقيه وأخرى لم تحدث أصلاً.
- فى السابق كان التعامد يحدث فى يومى 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، لكن بعد بناء السد العالى ونقل المعبد إلى أعلى التلة المجاورة والمرتفعة حوالى 66 متراً فوق منسوب مياه نهر النيل تأخرت الظاهرة يوماً كاملاً فى موعديها لتكون يوم 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام.
- اكتُشف المعبد المطمور تحت الرمال لأول مرة عام 1813م بواسطة المستشرق السويسرى جى أل بوخاردت الذى تحدث عن هذا الاكتشاف مع نظيره الإيطالى المستكشف جيوفانى بيلونزى فقررا القيام بأول محاولة لدخوله واستكشافه لكنهما لم يتمكنا من ذلك، لكن بيلونزى عاد فى عام 1817م ومجح فى الدخول إلى المعبد لأول مرة منذ نسيانه تحت رمال الصحراء.
- تقول إحدى الأساطير إن فتى من السكان القريبين من المنطقة اسمه (أبو سمبل) هو من قاد بيلونزى إلى اكتشافه وساعده فى دخول المعبد، ومن هنا قرر بيلونزى إطلاق اسمه على المعبد والمنطقة.
- فى عام 1874م قامت المستكشفة اميليا ادوارذ والفريق المرافق لها برصد هذه الظاهرة وتسجيلها فى كتابها المنشور عام 1899م (ألف ميل فوق النيل) والذى جاء فيه: "تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها"، وتستطرد قائلة: "إن أى مشاهد إذا لم يراقب سقوط أشعة الشمس هذه يساوره شك فى أثرها القوى المحسوب بدقة حسب علم الفلك والحساب عند قدماء المصريين، حيث حُسب بدقة ووجه نحو زاوية معينة حتى يتسنى سقوط هذه الأشعة على وجوه التماثيل الأربعة".
- تبدأ ظاهرة التعامد بعد شروق الشمس الذى يحدث فى تمام الساعة 5:52 صباحاً ويحس بها المشاهد فى حوالى الساعة السادسة صباحاً بعد ارتفاع الشمس بضع درجات فوق خط الأفق وتستمر حوالى ثلث ساعة لتنتهى فى الساعة 6:22 صباحاً فى يوم 22 أكتوبر. أما فى يوم 22 فبراير فتبدأ هذه الظاهرة بعد شروق الشمس الذى يحدث فى تمام الساعة 6:20 صباحاً وتستمر حتى الساعة 6:42 صباحاً.
- المقصود بالتعامد هو سقوط الشعة عمودياً تقريباً على قدس أقداس المعبد الذى هو أهم مكان فيه وغالباً ما يكون أبعد مكان عن مدخله.
- قدس أقداس معبد أبى سمبل هو عبارة عن حجرة صغيرة بها 4 تماثيل تواجه مدخل الغرفة الذى هو امتداد لمحور المعبد البالغ طوله 66 متراً من البوابة الرئيسية له. هذه التماثيل من اليمين بالنسبة للمشاهد هى على الترتيبك ثمثال للإله رع حور إختى ثم تمثال للملك رمسيس الثانى نفسه ثم تمثال للإله آمون رع وأخيراً تمثال للإله بتاح.
- أثناء ظاهرة التعامد يغطى أشعة الشمس وجهى التمثالين الأوسطين (رمسيس الثانى وآمون رع) تماماً ونصف وجه التمثال الأيمن (رع حور إختي)، بينما يقبع التثمال الأيسر (بتاح) فى ظلام دامس.
- التفسير المقبول حالياً لترتيب هذا التعامد هو أن تمثالى آمون ورمسيس الثانى لابد أن تتعامد عليهما الشمس لأنهما تمثال كبير الآلهة والملك، بينما يمثل تمثال (رع حو إختي) اليوم الفلكى الذى يكون نصفه نهار والنصف الاخر منه ليل ولذلك يكون التعامد على شقه الأيسر، فى حين أن الإله (بتاح) كان يرمز فى بعض الأحيان إلى الظلمة والسواد، ولذلك فهو يبقى فى الظلام لا يكاد يُحَسُّ به.
- الفكرة فى التصميم الهندسى المبنى على هذه الظاهرة هو أن أى نقطة على سطح الأرض يمكن أن تتعامد عليها الشمس مرتين فى السنة وفقاً للحقيقة الفلكية القائلة بميل محور الأرض على مستوى دورانها حول الشمس والذى يستغرق سنة شمسية، ولذلك فمن الممكن إقامة بناء وتوجيهه إلى نقطة ما يكون فيها موقع الشمس فى وقت محدد وسنجد أن ظاهرة التعامد ستتكرر يوماً آخر بنفس الكيفية فى يوم مناظر لأى من الاعتدالين (الربيعى والخريفى) أو الانقلابين (الصيفى والشتوى) على حسب موقع وتوجيه المبنى.
- المشاهد للظاهرة ينتابه بالفعل إحساس سحرى يأخذه إلى عالم من الخيال (وهو ما حدث لى أنا شخصياً بالفعل عندما زرت هذا المعبد أثناء ظاهرة التعامد فى 22 أكتوبر 1997م)، وهذا ما يرجح فكرة تصور الطاقة فى البنية الهندسية المراعى فيها الموقع والأبعاد والزمان والارتباط بالظواهر الفلكية.
- لا يوجد أى دليل يدعم صحة الزعم بأن يومى تعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبى سمبل الكبير لهما أى علاقة بمولد الفرعون رمسيس الثانى أو جلوسه على العرش.
- مازال هناك تقليد متوارث عند أهالى المنطقة المحيطة بالمعبدين وهو الاحتفال بما يسمى (عيد الشمس) يبدأ من مساء اليوم السابق لظاهرة التعامد.
- فى تقديرى الشخصى هناك ارتباط لهذه الظاهرة بمواعيد أحداث كبيرة تختص بالدولة وقتها سواء كانت مواسم زراعية أو اجتماعية أو سياسية ومازال الأمر قيد البحث منِّى على المستوى الشخصى ومن الزملاء المهتمين بمثل هذه الظاهرة.
- فى تقديرى كذلك هناك ارتباط بين التماثيل الأربعة التى تقف فى واجهة المعبد للملك رمسيس الثانى والتماثيل الأربعة المذكورة فى قدس الأقداس.
- ظاهرة تعامد الشمس أو القمر أو بعذ النجوم والأجرام الفلكية موجودة فى معابد مصرية كثيرة وقد أجرينا عليها سلسلة من الأبحاث ضمن بعثة مصرية إسبانية وتم نشر هذه الأبحاث منذ فترة، لكن تبقى ظاهرة التعامد على معبد أبى سمبل هى الشهر بسبب ارتباطها بالشمس ووضوحها وذلك الشعور السحرى المصاحب لها والذى يغمر المشاهد لها.
- بسبب هذه الظاهرة وغيرها يمكن القول بأن الحضارات القديمة ومنها الحضارة المصرية توصلت إلى فكرة ارتباط الطاقة كفكرة وكشعور بالتصاميم الهندسية والفلكية وليس فقط بالصورة الميكانيكية، وهو ما يعود الآن إلى الواجهة فى ظل علوم البيوجيومترى التى عادت الدراسة فيها من خلال علوم وآثار القدمين.