الجمهوريون يشعرون باطمئنان أكبر للاحتفاظ بمجلس الشيوخ
سياسات أمريكا الخارجية بما فيها قضايا الشرق الأوسط بعيدة عن احتمالات التغيير
يقترع الأمريكيون يوم الثلاثاء 6 نوفمبر فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، والتى ستكون حاسمة أكثر من أى وقت مضى، نظرا لكونها ستحدث أحد أمرين، إما سترسخ حالة الاستقطاب الجارية حاليا داخل السياسة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين، وذلك حال سيطرة الديمقراطيين على أحد جناحى الكونجرس (مجلس النواب) أو كلاهما (مجلسى النواب والشيوخ)، متعززين بقوة انتخابية تتمثل بالشباب والنساء، أو ستعطى الرئيس ترامب تفويضا جديدا يمنحه قوة دفع غير مسبوقة حال استمرار سيطرة الجمهوريين على المجلسين، وهو سيناريو من شأنه أن يطمئن ترامب بأن مهمته للفوز بدورة رئاسية ثانية لن تكون صعبة كما يظن البعض.
انتخابات الكونجرس الأمريكي
تشير جميع استطلاعات الرأى حتى الآن، ومنها استطلاع أخير أجراه معهد «راسموسن» إلى أن الديمقراطيين مازالوا يتقدمون على الجمهوريين، حيث حظوا بتأييد ٤٧ ٪ من الأصوات المستطلعة آراؤهم مقابل تأييد ٤٤٪ منهم للجمهوريين فى حين فضل ٣٪ مرشحين آخرين، ولم يقرر ٦٪ موقفهم بعد.
تجرى الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب (٤٣٥ مقعدا)، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ (٣٥ مقعدا) من بين ١٠٠ مقعد، حيث يستمر عضو مجلس الشيوخ ست سنوات.
ويحتاج أى من الحزبين الفوز بـ ٢١٨ مقعدا كى يفوز بالأغلبية فى مجلس النواب، فإذا فاز الديمقراطيون بـ ١٨٢ مقعدا مضمونة حاليا، فضلا عن الفوز بـ ٩ مقاعد أخرى مضمونة نسبيا، و١٥ مقعدا يوجد ميل ديمقراطى للفوز بها، يكون الديمقراطيون قد حصدوا ٢٠٦ مقاعد، ولكن يتعين عليهم الفوز بـ ١٢ مقعدا آخر من إجمالى ٢٨ مقعدا لا تزال متأرجحة، وغير معروف من سيفوز بها. أما الجمهوريون، فمهمتهم أصعب رغم سيطرتهم الحالية على أغلبية المقاعد، حيث تشير استطلاعات الرأى أن ١٥٣ مقعدا مضمونة لهم، و٣٠ مقعدا آخر من المحتمل بقوة فوزهم بها، و١٨ مقعدا يوجد ميل لصالح الجمهوريين لاقتناصها، فإذا فازوا بهذه المقاعد سيكون لهم ٢٠١ مقعد، ويتعين عليهم حصد ١٧ مقعدا آخر من بين ٢٨ مقعدا متأرجحة، وغير معروف توجهاتها.
الشباب والنساء
ويساعد الديمقراطيين على هذا التقدم النسبى عدد من العوامل، منها أن أكبر كتلة انتخابية فى الولايات المتحدة، وهى كتلة الشباب تحت سن ٣٦ عاما، يصل عددها إلى ٧٠ مليون ناخب، وهو ما يزيد على أى شريحة عمرية أخرى، وهؤلاء يتميزون بأفكار ليبرالية أكثر من الفئات العمرية الأخرى، خاصة ما يتعلق بسياسات الهجرة.
الكونجرس الأمريكي
ومن أهم العوامل المشجعة لنجاح الديمقراطيين فى هذه الانتخابات، هو النساء المتعلمات من خريجى الجامعات المتحمسات للتصويت، بل ويتنافسن بأرقام غير مسبوقة، حيث قالت ٦٣٪ من النساء إنهن سوف يصوتن لصالح المرشح الديمقراطى فى دوائرهن الانتخابية، فى حين أن ٥٠٪ من الرجال سوف يصوتون للجمهوريين.
ويقول «ديفيد ويذرمان»، وهو باحث مختص بدراسات الكونجرس الأمريكى، إن عام ٢٠١٨ سيكون الأول من نوعه فى التاريخ الذى ينتخب فيه الأمريكيون نحو ١٠٠ امرأة من بين ٤٣٥ فى مجلس النواب، وهو ما لم يكن ليحدث لولا وجود الرئيس دونالد ترامب على رأس الحكم فى البيت الأبيض.
البيت الابيض
ويشير التقرير السياسى الصادر عن مؤسسة «كوك»، وهى مؤسسة غير حزبية إلى أن ٧٢ من مقاعد الجمهوريين فى مجلس النواب وخمسة من مقاعد الديمقراطيين تتعرض لخطر الخسارة من المنافس الآخر، وهو ما يعزز من فرص سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، خاصة أنهم تمكنوا من جمع تمويل أفضل من الجمهوريين، مما يساعدهم فى الحملات الدعائية التى تسبق الانتخابات خاصة فى الأيام الأخيرة.
اطمئنان جمهورى
وفى حين يراهن الديمقراطيون على شعبية أفضل فى مناطق الضواحى المتاخمة للمدن الكبرى، كما هو الحال فى جنوب نيوجيرسى وأورانج كاونتى فى كاليفورنيا وفى ضواحى مدينة دالاس فى ولاية تكساس، يراهن الجمهوريون للاحتفاظ بمجلس الشيوخ على الولايات الريفية والغرب الأوسط الأمريكى.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
يشعر الجمهوريون باطمئنان أكبر للاحتفاظ بمجلس الشيوخ، حيث يقتضى الأمر الحفاظ على تسعة مقاعد بحوزتهم حاليا، بينما تتوافر فرص أفضل لمنافسة الديمقراطيين فى ٢٦ من مقاعدهم، خاصة فى الولايات التى فاز فيها الرئيس ترامب عام ٢٠١٦ ضد هيلارى كلينتون وأصبحت ولايات «حمراء»، وهو لون يشير إلى الحزب الجمهورى، وهى عشر ولايات، مقابل تراجع اللون الأزرق، الذى يشير إلى الحزب الديمقراطى فى هذه الولايات.
لمن الغلبة؟
وعلى الرغم من أن كلا من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، يرفضان فكرة خسارة سيطرتهما على مجلسى النواب والشيوخ، فإن المراكز البحثية المقربة من الجمهوريين، بدأت فى تحضير أجندة تشريعية لمواجهة الديمقراطيين إذا ما سيطروا على مجلس النواب، خاصة أن الديمقراطيين سوف يسعون إلى إجراء تحقيقات واسعة وبلوغ أقصى حد ممكن فى ملاحقة الجمهوريين، مثل ملف التدخل الروسى فى انتخابات ٢٠١٦، بل وإمكانية الشروع فى إجراءات إدانة الرئيس ترامب، تمهيدا لعزله، الأمر الذى يجعل الجمهوريين فى حاجة للرد وإظهار أن هذه التحقيقات تضر بالولايات المتحدة.
يشير كثير من الباحثين فى مراكز التفكير بواشنطن إلى أن انتخابات نوفمبر النصفية ستؤدى إلى زيادة حالة الاحتراب والاستقطاب داخل الولايات المتحدة، التى اتسمت بها فترة حكم الرئيس ترامب، فإذا فاز الديمقراطيون بمجلس النواب فسوف يشرع كثير منهم فى معركة إدانة الرئيس، ووضع تشريعات مناوئة لأجندة الجمهوريين، وهذا من شأنه أن يقيد حركة ترامب والجمهوريين كثيرا، ويؤثر على حظوظ ترامب فى انتخابات الرئاسة فى نوفمبر ٢٠٢٠، أما إذا خسر الديمقراطيون هذه المعركة، وتمكن الجمهوريون من الحفاظ على أغلبيتهم فى المجلسين، فسيكون ترامب فى أفضل موضع تاريخى له بما يمكنه من شن الضربات الواحدة تلو الأخرى للديمقراطيين فى الوقت الذى يمرر فيه أجندته التشريعية بسهولة ويسر دون أى عوائق، وهو ما سيرفع كثيرا من حظوظه للفوز فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
ومع كل التكهنات، تظل السياسات الخارجية الأمريكية بما فيها قضايا الشرق الأوسط بعيدا عن احتمالات التغيير، فلا الرئيس ترامب وحلفاؤه الجمهوريون يرغبون فى ذلك، ولا الديمقراطيون على استعداد لخوض سجال لا يثقون بأنه سيزيد من حظوظهم بالفوز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة التى سيبدأ التجهيز لها خلال أشهر قليلة.