حرب المعلومات (2).. كيف سحق الأمن المصري أخطر شبكات تهريب «داعش»؟

◄تدمير أنفاق غزة أحبط خطة إنقاذ فلول التكفيريين بسيناء

◄عصابات أبو حمدان وأبو طه والمقيد وأبناء الدن والبريق سلمت التنظيم طائرة تجسس وأجهزة اتصال وأسلحة ضبطها الأمن

رصدت الجهات الأمنية المختصة، أسرار الخطة الفاشلة التي أعدها زعماء فلول داعش بسيناء، لإيجاد أي مصادر تمويل لأنشطتهم العدائية، بعد نجاح أجهزة وزارة الداخلية، بالتعاون مع القوات المسلحة، في فرض حصار تام على التنظيم الإرهابي.

ووفقا لما نشرناه في الحلقة الأولى من سلسلة حرب المعلومات، لجأ التنظيم لتأسيس شبكات من المهربيين الذين يمتلكون أنفاق بالمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، لتوفير الدعم المال لنشاط فلول التكفيريين بسيناء، وتهريب الأسلحة والمواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات.

وفي هذا التقرير نستعرض النتائج التي أسفرت عنها جهود 33 ضابطا بقطاع الأمن الوطني، في ملاحقة فلول التكفيريين ومحاصرتهم، وكشف 5 شبكات تهريب تابعة لتنظيم داعش على حدود غزة، حيث تبين أن عناصر فلسطينية الجنسية ومجموعات قبلية تتولى إدارتها لصالح الإرهابين بسيناء.

◄سري للغاية.. قصة أخطر رجل أعمال مصري تورط في تمويل "داعش" (وثائق)

شبكة أبو حمدان

تزعم الشبكة الأولى قيادى يدعى "حماد سلمان غنيم سالمان"، الذى ارتبط بشكل مباشر مع مسؤول إعادة إحياء أنشطة تنظيم ولاية سيناء "على الدرز"، والذى تمكن من استقطاب 41 شخصا استخدمهم فى أعمال التهريب من وإلى قطاع غزة، وتنفيذ التكليفات الصادرة له من "الدرز" بشأن استهداف رجال الجيش والشرطة، وزرع العبوات الناسفة.

أكدت تحريات الأمن الوطنى أن المتهم "حماد سلمان غنيم سالمان"، اشتهر بين عناصر التنظيم وفى مجال التهريب باسم حركى يدعى "أبو حمدان"، واعتمد على ثلاثة من أشقائه هم كل من: محمود سالمان غنيم سالمان، ويوسف سالمان غنيم سالمان، وجهاد سالمان غنيم سالمان، لاستقطاب عناصر جديدة من أبناء القبائل للعمل ضمن شبكته التى تضم مجموعة خلايا عنقودية تتبعه تنظيميا.

نفق تهريب عثرت عليه القوات المسلحة برفح

كشفت التحقيقات أن الشبكة ضمت عناصر تنتمى لعائلات واحدة وهم كل من: محمد عبد الباسط إبراهيم حمدان، ومحمود حمدان أحمد حمدان، وحسين زهران حسين إبراهيم شاهين، وأحمد زهران حسين إبراهيم، ومحمد حسين زهران حسين، وأحمد حسين زهران حسين، وعبد الله أحمد مهنى، ومحمد أحمد مهنى، ومحمد عطية عايش محمد برهوم، وسامى فايز إبراهيم محمد برهوم، وفايز أبو عطية، وسليمان أبو عطية، بجانب عدد آخر من المتهمين تم إدراجهم على قوائم الإرهاب رسميا.

تخصصت شبكة أبو حمدان، فى تهريب بعض السلع والمواد الغذائية لقطاع غزة مقابل مبالغ مالية تدخل خزينة التنظيم، لاستخدامها فيما بعد فى توفير احتياجات المجموعات المسلحة، وعرف من عناصر التهريب كل من: إبراهيم محمد خليل رضوان، وأحمد أمين على عيد، وعصام أيوب عيد رضوان الجبور، وحمدي شحدة محمد خليل، وشادى عونى طلب إبراهيم وعثمان عادل محمد سويلم.

◄كيف فشل مخطط إحياء خلايا داعش في مصر؟

استخدمت تلك العناصر فى عمليات التهريب إلى قطاع غزة 9 سيارات بياناتها: "د س ط 396"، "س م ق 674" "د ص ب 6293"، "ط أ ب 6815"، "62161 نقل الإسماعيلية"، "ر ج 4173"، "ع ج س 4375"، "س ل ب 172"، "ق و أ 5623".

وسقط أحد أعضاء الشبكة بتاريخ 4 يوليو 2017 يدعى شادى عونى إبراهيم أثناء استقلاله سيارة رقم "رج 4173" كانت محملة بألواح من الرخام والسجائر، كما ضبطت 3 سيارات أخرى تتبعه، واعترف أمام جهات التحقيق بأنه كان فى طريقه لتهريب البضائع إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية التى تديرها الشبكة، بهدف توفير الدعم المالى واللوجستى لعناصر جماعة ولاية سيناء.

صورة قديمة يظهر بها شادي المنيعي أبرز مؤسسي الجماعات التكفيرية بسيناء

شبكة أحمد المقيد

ظهر اسم الإرهابى الفلسطينى الجنسية أحمد محمود عبد القادر يوسف المقيد، صاحب الـ32 عامًا، فى العديد من العمليات الإرهابية التى نفذتها جماعة أنصار بيت المقدس قبل وبعد مبايعتها لتنظيم "داعش"، غير أنه تحول إلى أحد أكبر الكيانات المالية لفلول التكفيريين بسيناء بعد الضربات الأمنية الموجعة.

"المقيد" حسب المعلومات المتاحة كان يعمل فى السابق كوافير رجالى، أقام مع أسرته الفلسطينية قبل التحاقه بالتنظيمات المسلحة بحى آل أيوب بمدينة العريش، صاحب موقف أمنى سابق مثل باقى أفراد أسرته، حيث اعتادوا تجديد إقامتهم سنويا.

◄أمير "داعش كرداسة" نجل قيادي كبير بحزب النور (خاص بالوثائق)

بعيدا عن العمليات الإرهابية المضطلع فى تنفيذها بنفسه يعتبر "المقيد" الرجل الثانى فى اللجنة المالية المشكلة منذ شهور سابقة لإنقاذ فلول التكفيريين، إذ كشفت التحقيقات التكميلية فى قضية ولاية سيناء المقيدة برقم 79 لـسنة 2017 فى أرشيف نيابة أمن الدولة العليا، عن أدق التفاصيل الخاصة بنشاط شبكة التهريب التى أشرف عليها المتهم المدرج على قوائم الإرهاب فى مصر.

تقول التحقيقات تحديدا حول دوره فى خطة توفير مصادر تمويل لإعادة إحياء أنشطة التكفيريين العدائية فى شمال سيناء، إنه لجأ لإدارة شبكة أنفاق حدودية مع قطاع غزة بالاشتراك مع شخص آخر فلسطينى الجنسية يدعى مروان عبد الرحمن محمد عبد الله مصبح الغرابلى، ينتمى إلى إحدى العائلات المقيمة بحى الشجاعية داخل قطاع غزة.

نفق تهريب على حدود غزة

اسم عائلة الغرابلى يتردد كثيرا داخل قطاع غزة فى أوساط المهربين، وتجار السلاح والمتفجرات، حيث ينشط أفرادها فى مجال إدارة شبكة الأنفاق الحدودية مع رفح المصرية، فضلا عن انتمائهم للفكر التكفيرى ووجود علاقات مصاهرة مع أعضاء بالمجموعات المسلحة المهزومة فى شمال سيناء.

شكل "المقيد" شبكة كاملة تولى زعامتها، ضمت 57 شخصا من المدرجين على قوائم الإرهاب فى مصر، اضطلعوا فى نشاط جلب الأسلحة، وأجهزة الاتصالات الحديثة لمد عناصر التنظيم بها، وذلك بعد فشل فلول التكفيريين فى إيجاد أى مصادر داخل مصر بفضل الحصار الأمنى الكامل.

اتبع "المقيد" خطى "أبو حمدان" فى تكوين الشبكة من أفراد العائلات والقبائل المرتبطة بمجال التهريب لضمان ولائهم التام، عرف منهم كل من: عبد الله محمد عبد الله سالم حسين، ومصطفى محمد حسن سالم، وأحمد محمد عبد الله سالم حسين، وسالم محمد سالم حسين، وعبد الرشيد رشاد محمد الكاشف، وإسلام حسين أحمد مصطفى الكاشف، وعبد الرحمن مصطفى أحمد صادق الكاشف.

◄حكاية أصغر طفل مصري جنده سلفيون للالتحاق بتنظيم داعش (وثائق)

وفيصل حمدان عبد الله الفالوجى المكنى بـ"أبو صهيب"، ووليد فيصل حمدان عبد الله الفالوجى، وعبد الله حسن خليل سلامة، وأحمد حسن خليل سلامة، ومحمد حمد سلامة، وأحمد رضا عبد الرحمن سلمان، وأحمد محمد زايد سلمان، وسامى سلامة جدوع سلمان، ومحمد غنيم شويدر غنام، وموسى غنيم شويدر غنام، وإبراهيم عراضة، ومحمد عراضة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية فى كشف نشاط أعضاء تلك الشبكة، ونجحت فى القبض على عدد من كوادرها فى مقدمتهم متهم يدعى سالم سالمان، عثر بحوزته على طائرة صغيرة الحجم مزودة بكاميرا، كان فى طريقه لمد التنظيم بها لاستخدامها فى تصوير المنشآت الحيوية، والقيام بطلعات رصد وتجسس على التمركزات الأمنية تمهيدا لاستهدافها.

تمكن النقيب "أمير.ع" بتاريخ 12 مارس 2017 من ضبط الإرهابى عبد الرحمن مدحت عبد العزيز البسيونى، وعثر بحوزته على مبالغ مالية بعملات أمريكية وعربية ومحلية، حصيلة أعمال التهريب بالأنفاق الحدودية، وأثبت الرائد "محمد.ك" ضبط إبراهيم محمد خليل وثلاث سيارات من المستخدمة فى تهريب البضائع عبر الكمائن الأمنية وتوصيلها إلى الشريط الحدودى مع قطاع غزة.

الجيش يطارد فلول الإرهاب

فى محضرى ضبط قدمهما إلى نيابة أمن الدولة العليا الرائد "محمد.ف" ضابط قطاع الأمن الوطنى، أثبت بالأول المؤرخ فى 4 يوليو 2017 القبض على المتهم حمدى شحدة محمد خليل أثناء استقلاله سيارة عثر بداخلها على مبلغ مليون و150 ألف جنيه حصيلة أعمال تهريب لصالح التنظيم الإرهابى، كان فى طريقه لتسليمها لأحد الكوادر المضطلعة فى شراء السلاح والمتفجرات.

والثانى محرر بتاريخ 28 نوفمبر الماضى أثبت فيه القبض على المتهم مجدى بدير شحتو نعمة الله، وبحوزته كمية من أجهزة اللاسلكى، وأجزاء من قطع غيارها وشواحنها، ومبالغ مالية بعملات محلية ودولارات ويوان صينى، تبين أنها حصيلة عمليات تهريب عبر أنفاق الشريط الحدودى.

فى نفس التاريخ أثبت النقيب "خالد.ع" الضابط بقطاع الأمن الوطنى، ضبط الإرهابى حسن عبد الناصر حجاب، وعثر بحوزته على 400 جهاز لاسلكلى ومحمول وقطع مرتبطة بها، فيما

◄بأموال شخصية غربية.. هكذا تأسست أول خلية لـ"داعش" خارج سيناء

شبكة عائلة الدن

الشبكة الثالثة أدارها ثلاثة أشقاء من عائلة الدن التى اشتهرت فى السابق بامتلاكها نفق تهريب مع قطاع غزة، وهم كل من عبد الرحمن محمد حمدان سليمان برهوم الدن، وعبد الله محمد حمدان سليمان برهوم الدن، وبلال محمد حمدان سليمان برهوم الدن.

حسبما ورد فى محاضر التحقيقات الرسمية، التى استند إليها القضاء فى إدراج ولاية سيناء على قوائم الكيانات الإرهابية، خطط الأشقاء الثلاثة بالاشتراك مع شخص رابع يدعى أشرف حسن سلامة أبو عجوة، فى إدارة النفق الذى يمتلكوه لإدارة عمليات تهريب الأسلحة من قطاع غزة لصالح فلول تنظيم ولاية سيناء، وجلب كميات من المواد الكيميائية ثنائية الاستخدام لتصنيع العبوات الناسفة، إلا أن الأجهزة الأمنية رصدت مخططتهم وأحبطت محاولاتهم لفك الحصار عن فلول التكفيريين.

جدير بالذكر أن أخبار انتشرت مطلع أغسطس الماضى على صفحات بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، نسبها مدونون إلى ما يسمى باتحاد القبائل، تضمنت اعترافات مسجلة لشخص يدعى "بلال الدن" يعتقد أنه القيادى المتورط فى إدارة شبكة التهريب، ذكر أنه تائب عن الأفكار التكفيرية ويقدم العون فى مجال مكافحة الإرهاب.

نفق تهريب دمرته القوات المسلحة

شبكة تهريب الدراجات البخارية

ذكرت التحقيقات، أن الشبكة الرابعة ضمت المتهمان راشد حسين سلامة سليمان، وسيد محمد على، الذان اضطلعا فى عمليات تهريب الدراجات النارية من قطاع غزة إلى شمال سيناء لصالح فلول التكفيريين، لاستخدامها فى تنقلاتهم والعمليات الإرهابية، وذلك بعد تدمير عربات الدفع الرباعى المستخدمة سابقا بفضل الضربات الجوية الساحقة.

◄انفراد.. طريق "شيبوب" إلى داعش بدأ بـ"سيجارة حشيش"

شبكة عائلة الأبرق الفلسطينية

التحقيقات كشفت النقاب عن تورط مجموعة أخرى من عائلة الأبرق الفلسطينية فى إدارة شبكات التهريب لصالح تنظيم ولاية سيناء، وأظهرت ضلوع شخصية فلسطينى الجنسية فى تزعم شبكة التهريب الخامسة، تبين فيما بعد أنه يدعى فيصل فايد محمد عودة، مكنى بـ"أبو طه الفلسطينى"، وأن مجموعته تضم كل من: عمه جمعان محمد عودة الأبرق، فلسطينى الجنسية، و3 مصريين من العناصر التكفيرية إسماعيل محمد ربيع جمعة، وعلى زايد أحمد شبيب، وسعيد عابد عواد فراج.

تبين من التحقيقات القضائية، أن شبكة تهريب عائلة الأبرق الفلسطينية حملت على عاتقها مهمة جلب المواد ثنائية الاستخدام من قطاع غزة لتصنيع المتفجرات فى الشيخ زويد، وأجهزة حاسب آلى، وكاميرات تصوير، وقطع غيار للدراجات النارية.

بهذا الكم المعلوماتى نسج فلول التكفيريين خيوط مؤامرة إيجاد مصادر تمويل ودعم لإعادة إحياء نشاط تنظيم ولاية سيناء الإرهابى، إلا أن العيون الساهرة حراس هذا الوطن كانت لهم بالمرصاد، لتتحطم على صخرة الأمن المصرى أوهام الطامعين والحاقدين.

الجيش المصري يسيطر على كامل سيناء