«كبسة على تزويج القاصرات».. قصة سقوط «عصابة المأذونين» فى أكثر من 7 محافظات

الأحد، 01 يوليو 2018 04:00 م
«كبسة على تزويج القاصرات».. قصة سقوط «عصابة المأذونين» فى أكثر من 7 محافظات
زواج قاصرات
كتب – محمد أبو النور

حصل«ص.أ» على أجازة من عمله، كمأذون شرعى بإحدى محافظات صعيد مصر، حتى يتمكن من السفر للخارج لظروف عائلية واجتماعية، ولكنه لم يكن يتخيل أو يتصور أنه في هذه الأجازة، سوف يتحول من مأذون شرعى، ذى سمعة طيبة بين أهله وعائلته وقريته ومركزه ومحافظته، إلى متهم مطلوب القبض عليه بتهمة تزويج قاصرات، وأنه بمجرد عودته من سفره، سيكون حبيس "تخشيبات" أقسام الشرطة والأقفاص الحديدية بالمحاكم، وأنه بذلك سيفتح الباب واسعاً، لـ"شِلّة" أو "عصابة" تبحث عن الربح، حتى ولو كان هذا الربح من حرام، وعلى حساب الآخرين من الأبرياء.


لجنة تفتيش على المأذونين الشرعيين

سافر"ص.أ" للخارج، ومن حُسن الحظ، أنه سافر على متن إحدى طائرات الخطوط الجوية، وليس عن طريق السيارات ولا السكك الحديدية ولا البواخر، وبذلك أصبح حائزاً لتذكرة طيران، بها مواعيد مغادرة طائرته للمطار بالدقيقة والساعة واليوم، وبأوراق ثبوتية رسمية حكومية تفقأ عين "الشمس" كما نقول، المهم أنه بعد سفره بحوالى 6 أشهر، وخلال هذه الفترة ، تقدم أحد المواطنين بشكوى بشأن عقد زواج يخُصّصه، فحضرت لجنة تفتيش مفاجئة على أعمال المأذونين الشرعيين لمقر العمل بهذا المركز حيث حدثت «كبسة» بالتعبير الدارج، ليتكهرب الجو.

جلست اللجنة، وبدأت فى طلب دفاتر المأذونين لمراجعتها على مستوى المركز، الذى يضم حوالى 45 قرية، وكل قرية لها مأذون شرعى، وكل مأذون لديه حوالى 5 دفاتر فى عهدته، تسلّمها وقام بالتوقيع على أنها فى حوزته حيازة كاملة، للزواج و الطلاق والتصادق والمراجعة وغيرها، ودارت عجلة العمل، وعندما صالت اللجنة وجالت فى الفحص والتدقيق والمراجعة على كم هائل من الدفاتر، قطعت شوطاً طيّباً فى اجتياز تلال من الدفاتر، غير أنه فى يوم من الأيام، حضرت اللجنة لممارسة عملها كعادتها فى الأيام السابقة، وطلبت الاستمرار فى فحص الدفاتر، وكانت المفاجأة أن الموظف المسؤول عن الدفاتر غير موجود هذا اليوم، لحصوله على أجازة.

وبعدما ثارت اللجنة ضد هذه التصرف، الذى يُعطل ويُؤخر عملها فى الفحص والتفتيش والمراجعة، أصدرت تعليمات صارمة، بضرورة إحضار الموظف من بيته أو المكان الذى يتواجد فيه لإنجاز أعمالها، وبالفعل جاء الموظف واستكملت اللجنة أعمالها، وهالها ماشاهدت وما رصدته من مخالفات لعدد من المأذونين، غير أن مخالفة ضد مأذون واحد وهو "ص.أ"، جعلت اللجنة تحيله إلى التحقيق وفى أسرع وقت.تولت لجنة أخرى التحقيقات فى مخالفة هذا المأذون ،التى تتعلق بتزويج قاصرات،ثم كانت النتيجة أن صدر أمر ضبط وإحضار لعدم استجابته للمثول للتحقيقات،وكان رد أهله أنه مسافر وخارج البلاد،وسوف نتصل به ونخبره بضرورة مثوله للتحقيقات،المهم أن المأذون "المطلوب" عاد من سفره ،وعلم أنه متهم بتزويج قاصرات ،وأنه مطلوب ضبطه وإحضاره للتحقيق معه فى هذه القضية،فما كان منه إلاّ أن توجه فى صباح اليوم التالى مباشرة ،إلى مقر عمل لجنة التحقيقات،وأخبرته اللجنة أنه فى يوم كذا وكذا قام بتزويج قاصرات،فكان رده قاطعاً وحاسماً بسفره خارج البلاد قبل هذا التاريخ ،وأنه حضر أمس فقط عندما سمع بأمر التحقيقات معه،كما قدّم تذكرة وجواز السفر والتأشيرة التى تثبت وتؤكد تواجده خارج البلاد،وأنه كان قد قام بتسليم الدفاتر التى كانت بعهدته وحوزته إلى الموظف المسؤول عن ذلك،وأخبرهم باسم الموظف.


تزوير فى أوراق رسمية

استدعت جهة التحقيق الموظف الذى يتسلّم الدفاتر من المأذونين الشرعيين، وسألته عن هذه الوقائع والمخالفات فأنكر فى البداية، ولكن مع الحوار والأسئلة والمستندات، أنهار الموظف واعترف أنه قام بتزوير توقيع استلام المأذون على استعادة الدفاتر، وأنه أى "الموظف" هو من قام بعمليات تزوير عقود الزواج للقاصرات، فكان قرار جهة التحقيق، باستبعاد هذا الموظف من ممارسة عمله حماية للتحقيقات التى تتم، مع ندب موظف جديد لهذا القسم، واستمرت التحقيقات وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، ولكنها لم تتوقف عند مأذون أو موظف واحد، بل طالت ــ حتى الآن ــ عدد من المأذونين بـ 7 محافظات بمراكزها وقراها، ومازالت التحقيقات مستمرة للقضاء على هذه المخالفات الصارخة، التى بلغت فى أحدث إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء  18.2 مليون حالة بين الفتيات دون سن 18 عاما، بين عقود الزواج التى يحررها أكثر من 4 آلاف و 525 مأذوناً شرعياً على مستوى الجمهورية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق