أبوظبي تستضيف الدورة الرابعة لمؤتمر القمة العالمية للمياه

الأربعاء، 13 يناير 2016 10:08 ص
أبوظبي تستضيف الدورة الرابعة لمؤتمر القمة العالمية للمياه
مؤتمر القمة العالمية للمياه

تستضيف العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 18 - 21 يناير الحالي خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، الدورة الرابعة لمؤتمر القمة العالمية للمياه 2016 تحت شعار "الأمن المائي لمنطقة الخليج"، والتي من المتوقع أن تستقطب أكثر من 180 شركة عارضة من 35 بلدا، وأكثر من 10 آلاف زائر من 70 دولة حول العالم، لإتاحة فرصة فريدة للإطلاع على التقنيات ذات الكفاءة العالية.

وسوف يتم خلال القمة مناقشة الفجوة المائية بين العرض والطلب في منطقة الشرق الأوسط والحاجة الملحة إلى تقليصها، فضلا عن تناول التحديات والفرص المتاحة لضمان استدامة المياه، كما سيتم تقديم أعمال لمعالجة أمن المياه، وتعزيز النمو المستدام والتنمية الاقتصادية في المناطق القاحلة وتحقيق الإدارة المستدامة لموارد المياه، والمساعدة على تلبية الطلب المتزايد على هذا المورد الحيوي في منطقة الشرق الأوسط.

ويشير تقرير صادر عن معهد الموارد العالمية (منظمة بحثية غير ربحية) إلى أن حوالي خمس دول العالم يواجهون نقصا حادا في المياه بحلول عام 2040، حيث تؤدي تغيرات المناخ إلى الإخلال بأنماط هطول الأمطار وتزايد الطلب من جانب السكان، كما اعتبر التقرير أن منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق عرضة لحدوث أزمة نقص المياه، مضيفا أن 14 دولة من إجمالي 33 هي الأكثر عرضة لنقص المياه في الشرق الأوسط ومن بينها 9 هي الأشد تعرضا لهذه الأزمة هي البحرين والكويت وفلسطين وقطر والإمارات وإسرائيل والسعودية وعمان ولبنان.

وبحسب التقرير، فإن منطقة الشرق الأوسط تعتمد إلى حد كبير على المياه الجوفية ومياه البحر المحلاة، وتواجه تحديات استثنائية متعلقة بالمياه في المستقبل القريب، كما رصد التقرير دول كبرى يحتمل أن تعاني من نقص المياه مثل الولايات المتحدة، والصين، والهند، وهذه الدول التي تعاني بالفعل من نقص في المياه سوف تستمر في مواجهة مستويات مماثلة من أزمة المياه خلال عام 2040، كما أن هناك بعض المناطق، بما في ذلك جنوب غرب الولايات المتحدة ومقاطعة نينغشيا الصينية، قد تشهد نقصا بالمياه بشكل مكثف بنسبة 40 - 70 % ، بينما أستراليا وإندونيسيا والفلبين ومنغوليا وناميبيا وجنوب أفريقيا وبتسوانا وبيرو وتشيلي وعدة دول في شمال أفريقيا هي عرضة لنقص حاد في المياه بحلول عام 2040.

وأشار تشارلز أيسلندا مدير برامج المياه والأغذية والغابات بالمعهد - في التقرير - إلي أنه مع زيادة النمو الاقتصادي، يزداد استهلاك المياه بالنسبة للفرد الواحد، متوقعا أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات بحلول عام 2050، وبحسب التقرير فإن الحصول على مياه نظيفة هو حق أساسي من حقوق الإنسان ويمثل تحديا كبيرا حتى الآن في ظل المناخ الحالي، معتبرا أن أزمة المياه سوف تتكشف بشكل مختلف من بلد إلى بلد، وسوف تتطلب حلولا فريدة من نوعها حسب الطلب.

وخلص التقرير إلى أن ندرة المياه المتزايدة يمكن أن تؤدي إلى وقوع فوضى وصراعات، ولا سيما في المناطق المعرضة للأزمات بالفعل، مثل الشرق الأوسط وأفريقيا - وفقا للعديد من الدراسات الحديثة - بما في ذلك دراسة لوزارة الدفاع الأمريكية، وقال إن "الدول التي على درجة عالية من التوتر الجيوسياسي، هي ذاتها التي ستكون على درجة عالية جدا في الإجهاد المائي في المستقبل".

وذكر الخبراء أن نحو نصف عدد الدول (33) من المتوقع أن يواجهوا أزمة مياه طاحنة بحلول عام 2040، وستكون بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تندر المسطحات المائية ويشتد الطلب على المياه، ويقول الخبراء الذين قاموا بتصنيف 167 دولة من حيث توافر المياه إن 13 دولة بالشرق الأوسط علاوة على الأراضي الفلسطينية من المتوقع أن تواجه أزمة خانقة في المياه في غضون 25 عاما، كما صنفت 8 دول من بين الدول 10 الأولى عالميا المرشحة لهذه الأزمات، وهي البحرين والكويت والأراضي الفلسطينية وقطر ودولة الإمارات وإسرائيل والسعودية وسلطنة عمان.

وقال باحثون من المعهد العالمي للموارد المائية - الذين وضعوا أول مقياس لمدى شدة المنافسة على المسطحات المائية مثل البحيرات والأنهار ولنفاد هذا المخزون على مدار كل عقد من عام 2010 وحتى 2040 - إن "منطقة الشرق الأوسط ربما كانت أكثر مناطق العالم من حيث الافتقار للأمن المائي"، وأشاروا إلي أن هذه الدول تسحب المياه الجوفية بغزارة وتقوم بتحلية مياه البحار وتواجه تحديات استثنائية تتعلق بالمياه في المستقبل المنظور.

وقالت بيتسي أوتو مديرة البرنامج العالمي للمياه في المعهد العالمي للموارد المائية إنه "من الأهمية أن تتفهم الحكومات المخاطر المحتملة التي تواجهها فيما يتعلق بالمياه اللازمة لتسيير شئونها الاقتصادية بما في ذلك تعاظم الطلب الناجم عن الزيادة السكانية، علاوة على الآثار غير المؤكدة لتغير المناخ".

وأشارت أوتو إلى سنغافورة بوصفها نموذجا لدولة تستعين بالأساليب المبتكرة، قائلة إنه "بوسع الدول اتخاذ قرارات للحد من هذه الأزمة وتجنب المخاطر المرتبطة بكيفية إدارة موارد المياه، وأنه من بين الأساليب التي قد تشيع في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى أنظمة إعادة استخدام المياه، والتي تقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي و إعادة استخدامها".

وأضافت "ليس من المجدي معالجة المياه إلى مستوى المياه القابلة للشرب وإتاحة استخدامها في المنازل ثم تهدر بعد ذلك في شبكات الصرف الصحي"، موضحة أن بعض دول الشرق الأوسط تعول على تحلية المياه من خلال إزالة ملوحة مياه البحار والمياه الجوفية، وقد تواجه مثل هذه الدول وغيرها التي تعاني من أزمات المياه العجز عن توفير الغذاء اللازم لشعوبها لأن المياه تلتهم موارد المياه.

وأوضح خبراء المعهد أن السعودية على سبيل المثال تقول إن شعبها سيعتمد بصفة أساسية على واردات الحبوب بحلول 2016، مشيرين إلي أنه فيما تمثل الاضطرابات السياسية مبعث القلق الرئيسي اليوم في الشرق الأوسط، فربما كان للجفاف ونقص المياه في سوريا أسهم في الاضطرابات الاجتماعية التي أذكت الحرب الأهلية هناك، ونزوح نحو 1.5 مليون شخص معظمهم من المزارعين والرعاة إلي مناطق عمرانية، فيما عجزوا عن الحصول على فرص عمل وخدمات كافية، وقالوا إن المياه لعبت دورا مهما في الصراع الممتد منذ عقود بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.

وقالت أوتو "من غير المرجح أن تصبح المياه سببا للصراع، بل قد تكون عنصرا لتسريع وتيرته أو مضاعفة الصراعات"، وتضمن التحليل 4 دول من المقرر أن تواجه أزمة حادة في المياه بين عامي 2010 و2040 هي تشيلي واستونيا وناميبيا وبوتسوانا، مما يضيف أعباء جديدة على أنشطتها التجارية والزراعية والمجتمعية، كما حذر التقرير من أن التصنيف على المستوى القومي يخفي خلفه تفاوتات ضخمة فيما بين الدول، فالولايات المتحدة على سبيل المثال صنفت في المركز 49 في عام 2010 والمركز 47 في عام 2040 لكن كالفورنيا تكابد أزمة جفاف خانقة.

وأكدت أوتو أن بعض هذه الدول قد يشهد زيادة إمدادات المياه مستقبلا من خلال مياه الأمطار بسبب التغير المناخي، كما أن قطاع الزراعة قد يعول على مياه الأمطار بدلا من مياه الري، ما ينقذ الطلب المباشر على مياه المسطحات المائية، مضيفة أنه في جنوب القارة الأفريقية ومناطق أخرى من العالم من المتوقع نضوب المعروض من المياه مع تعاظم الطلب، لذا يتعين على صناع السياسة التحرك للحيلولة دون تفاقم أزمة المياه، مشيرة إلى ضرورة التوصل لفهم العلاقة بين المعروض المتاح من المياه والطلب عليها واتخاذ خطوات لاستهلاك المياه التي تحت تصرفنا بصورة أكثر كفاءة.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها "فروست آند سوليفان" بتكليف من القمة العالمية للمياه، عن أن نصيب الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي من استهلاك المياه للأغراض المنزلية هو الأعلى في العالم، بعد أن بلغ 1600 لتر في اليوم، علاوة على الهدر الحاصل على نطاق كبير في توسيع الفجوة بين العرض والطلب، وفقاً للتقرير الذي صدر خلال عام 2015.

كما توقعت دراسة منفصلة - أجراها البنك الدولي - أن تنخفض حصة الفرد من المياه بأكثر من 50 % بحلول العام 2050، في ظل استمرار النمو السكاني بمنطقة الشرق الأوسط ، والتوقعات بأن تتضاعف أعداد السكان خلال السنوات 40 القادمة. وتعتزم دول مجلس التعاون الخليجي رفع الطاقة الإجمالية لتحلية مياه البحر بنحو 40% بحلول العام 2020 في إطار مساعيها لتلبية الطلب المتزايد على المياه الصالحة للشرب في المنطقة، وفقا لأرقام جديدة كشفت عنها القمة العالمية للمياه بالتعاون مع شركة "ميد للمشاريع".

وبحسب البيانات الصادرة عن "ميد للمشاريع" فإن الطاقة الإجمالية الحالية لتحلية مياه البحر في دول مجلس التعاون الخليجي تقدر بنحو 4000 مليون جالون إمبريالي يوميا، ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 5500 مليون جالون يوميا على مدى السنوات الخمس القادمة، في ضوء استمرار دول الخليج في ضخ استثمارات كبيرة لزيادة إنتاجها من المياه الصالحة للشرب.

وقال إد جيمس مدير المحتوى والتحليل في "ميد للمشاريع" إن "تحلية المياه أصبحت مسألة ذات أهمية متزايدة لدول مثل الإمارات وقطر اللتين شهدتا ارتفاعات سريعة في الطلب على المياه على خلفية النمو الاقتصادي والسكاني الكبير في البلدين، وفي السعودية التي تشهد استنزافا كبيرا في مخزونات المياه الجوفية، مما زاد من الحاجة لموارد مائية جديدة في هذه الدول"، مضيفا أن "الطلب الحالي على المياه الصالحة للشرب في المنطقة يصل إلى حوالي 3300 مليون جالون يوميا ومن المتوقع أن ينمو ليبلغ نحو 5200 مليون جالون بحلول العام 2020".

وتشير تقارير البنك الدولي إلي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتبر أكثر مناطق العالم ندرة في المياه، فعلى مستوى العالم، يبلغ متوسط كمية المياه المتاحة للفرد سنويا نحو 7000 متر مكعب، بينما يبلغ متوسط كمية المياه المتاحة للفرد سنويا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 1200 متر مكعب فقط، ويعاني نصف سكان هذه المنطقة من أوضاع مائية صعبة للغاية، وفضلا عن هذا، مع توقع نمو سكاني من حوالي 300 مليون نسمة في الوقت الحالي إلى زهاء 500 مليون نسمة في العام 2025، من المنتظر تراجع كمية المياه المتاحة للفرد إلى النصف بحلول عام 2050.

وتختلف مصادر المياه من بلد إلى آخر، فبعض البلدان مثل مصر والعراق يعتمد أساسا على المياه السطحية من أنهار دولية كبيرة، وتعتمد بلدان أخرى مثل اليمن وجيبوتي ودول مجلس التعاون الخليجي العربية اعتمادا كليا تقريبا على المياه الجوفية وتحلية مياه البحر، بينما تستخدم بلدان أخرى مزيجا من المياه السطحية والجوفية، وتستغل معظم البلدان كل المياه السطحية المتاحة تقريبا، ولا تصل مياه الكثير من الأنهار الرئيسية إلى البحار والمحيطات.

وتمثل المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسألة تنمية، أكثر منها في أي منطقة أخرى من مناطق العالم، وبالتالي وعلى مدى العقود القليلة الماضية، شرعت بلدان المنطقة في التصدي لمشكلة ندرة المياه عن طريق ضخ استثمارات في البنية التحتية، وزاد نطاق تغطية إمدادات المياه زيادة ملحوظة وبات أكثر من ثلاثة أرباع سكان البلدان المقترضة من البنك الدولي في هذه المنطقة يحصلون الآن على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي المحسنة، رغم عدم انتظام الخدمات في أغلب الأحيان، وقامت العديد من البلدان بإنجاز استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتخزين المياه وبالاستثمار الكثيف في توسيع شبكات الري.

علاوة على ذلك، تتصدر هذه المنطقة بلدان العالم في تطبيق تكنولوجيات غير تقليدية في مجال المياه مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه المستعملة، غير أن هذه الاستثمارات لم يصاحبها في أحوال كثيرة إجراء ما يلزم من تغييرات مؤسسية وأخرى في السياسات، بل إنها في الغالب لا تحقق العوائد الاقتصادية المثلى، وتمثل السياسات غير المائية حافزا للاستخدام غير الكفء للمياه في قطاع الزراعة، على سبيل المثال حيث يجري استخدام 85 % من مياه هذه المنطقة، وضخ المياه الجوفية على نحو غير مستدام والذي يشجعه بالمثل في بعض البلدان الدعم الكبير للطاقة.

وتشير التقارير الدولية إلي الاستخدام غير المستدام وغير الكفء، حيث تستخدم 7 بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كل عام كميات من المياه تزيد على إمدادات المياه المتجددة المتوفرة لديها، كما يستخدم الكثير من بلدانها المياه بصورة تتسم بالإسراف، ويعتبر استهلاك الفرد من المياه المحلية في دول الخليج العربية هو الأكثر على مستوى العالم ، حيث يزيد هذا المعدل بنسبة 50 % للفرد عن معدلات الاستهلاك في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن نسبة تسرب المياه من شبكات التوزيع في المدن تتراوح في الغالب بين 40 و50 %، كما أن أكثر من نصف كميات المياه المسحوبة لأغراض الزراعة لا تصل إلى النباتات، كما هو مستهدف.

كما تؤدي السياسات المتعلقة بالأمن الغذائي والحفاظ على معدلات التشغيل في المناطق الريفية إلى استخدام آليات جمركية وغير جمركية لحماية قطاع الزراعة، وقد أدى هذا إلى استخدام حوالي 85 % من المياه المتاحة في هذه المنطقة لأغراض الزراعة، ومنها زراعة محاصيل قد يكون أفضل للبلدان المعنية استيرادها في بعض الأحيان، وغالبا ما يستلزم تحويل المياه لأغراض الزراعة استثمارات باهظة لضمان توفير إمدادات المياه للاستهلاك المنزلي والتجاري.

وأكد التقرير أن المشكلة تكمن في إدارة الموارد أكثر من ندرتها، لأن مشكلة الأمن الغذائي والمائي العربي هي إدارية، وترتبط بضعف إدارة الموارد من المصادر والمنتجات ، وأنه في وقت يستورد فيه العالم العربي أكثر من 50 % من متطلباته الغذائية من السلع الأساسية، تصل نسبة الهدر من هذه السلع إلى 37 % سنوياً على رغم شح الموارد المتاحة للزراعة ولتوفير الغذاء ، ولفت التقرير إلى أن سوء استخدام الموارد المائية وعدم اعتماد الطرق العلمية الصحيحة في الري، يؤديان إلى هدر نحو 50 % من المياه المستهلكة ، ولم يغفل التقرير تأثير النزاعات والأزمات التي تعصف بالمنطقة، والتي ساهمت في تفاقم أزمة الأمن الغذائي في عدد من الدول العربية ، وكان العالم العربي الإقليم الوحيد في العالم الذي سجل زيادة في انتشار الجوع في العقد الأخير.

كما ذكر التقرير أن السياسات الخاصة بتسعير المياه - والتي تحركها اعتبارات اجتماعية - تحول دون استرداد التكاليف والحد من الصيانة اللازمة وتدهور جودة الخدمة المقدمة وتهديد الاستدامة المالية للمرافق في العديد من بلدان المنطقة . كذلك أدى انعدام كفاءة البنية التحتية للصرف الصحي إلى تلوث المياه السطحية والجوفية، مما أنشأ آثارا سلبية على البيئة والصحة العامة ، ففي إيران تشير التقديرات إلى أن التكلفة الناجمة عن الإصابة بالأمراض والوفيات المرتبطة بالأساليب غير الملائمة لتجميع المياه المستعملة ومعالجتها بلغت نحو 2.2 % من إجمالي الناتج المحلي عام 2002 ، ويشكل الإنفاق العام على المياه ما يتراوح بين 1 و5 % من إجمالي الناتج المحلي في هذه المنطقة، كما يصل إلى نحو ربع مجموع الإنفاق الرأسمالي العام.

ويبدو أن كثيراً من النفقات العامة في هذا القطاع لا يحقق دائماً المنافع المتوقعة ، فالاستثمارات ربما لا يتم تخطيط تسلسلها بصورة سليمة (بناء سدود دون وجود بنية تحتية لمنظومة الري لاستغلال المياه المخزنة)، وفي بعض الحالات تعاني من مشكلات تقنية ، وبالنظر إلى أن معدل هطول المطر قد انخفض في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة مقارنة بالعقود الأخيرة، فمن الممكن أن تتعرض حالة مرافق البنية التحتية الخاصة بتخزين المياه للتدهور في ضوء كمية المياه المتاحة، كما أن عدم الانتظام في إمدادات المياه للمناطق الحضرية يؤدي إلى تسريع وتيرة التدهور في مرافق البنية التحتية ، ولا تغطي المرافق بشكل عام تكاليفها التشغيلية والإدارية إلا في بلدين اثنين في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الاستثمارات الموجهة لأعمال الصيانة.

وقد أوصي البنك الدولي في تقريره للحد من استخدام المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلي التخطيط للتحول الحتمي في استخدام المياه الزراعية، حيث مما لا شك فيه أن النمو السكاني وتغير المناخ سيؤديان إلى تقليص كمية المياه المتاحة لأغراض الزراعة، وسيضطر المزارعون إما إلى التكيف مع تلك التغيرات عندما تنضب أماكن المياه الجوفية أو عندما لا يمكن التعويل على المياه السطحية، أوسيتسنى إدارة التحول والتخفيف من حدته بغرض زيادة إنتاجية المياه المستخدمة وزيادة الاستثمارات في نظم الري الحديثة ومصادر المياه غير التقليدية، إضافة إلى تعزيز المعارف بشأن الموارد المتاحة لأغراض التخطيط الهيدرولوجي الأكثر واقعية واستدامة، وقد ترغب بلدان المنطقة في دراسة آليات للحماية الاجتماعية للحيلولة دون تأثر الأسر الفقيرة في المناطق الريفية.

وبتحسين إمدادات المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية، سيقوم سكان المناطق الحضرية الأكثر عدداً بزيادة الضغوط على شركات تشغيل المرافق للتوسيع في خدمات المياه للاستخدام المنزلي، وكذلك توسيع نطاق تجميع المياه المستعملة ومعالجتها، ويشكل تحسين أداء هذا القطاع في الأساس تحدياً مؤسسيا، حيث سيتعين على البلدان المعنية تحسين اللوائح التنظيمية وأوجه التنسيق فيما بين مختلف القطاعات، وتحسين نظام الإدارة العامة في هذا القطاع وفتحه أمام مشاركة المجتمع المدني.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق