لماذا اختار "داعش" جهنم

الخميس، 07 يناير 2016 07:47 ص
لماذا اختار "داعش" جهنم
داعش

فيما كانت الأطراف الليبية غارقة في الصراع على النفوذ والثروة في العاصمة طرابلس، تسلل تنظيم داعش بهدوء إلى مدينة سرت المدمرة وسيطر تدريجيا على جميع مناطقها، بما في ذلك "جهنم".

وتنظيم داعش في ليبيا بدأ منذ وقت مبكر من عام 2011 في ترسيخ أقدامه بعدة مناطق في طول البلاد وعرضها حتى قبل انتهاء الأحداث بمقتل القذافي وسقوط النظام.

وعلى الرغم من ظهور جماعات متطرفة مختلفة بكثافة وخاصة في مدن شرق ليبيا، إلا أن تنظيم "داعش" اختار بعناية أن تكون قاعدته مدينة سرت التي دُمرت خلال عمليات تعقب الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بشكل عنيف، ونهبت مؤسساتها ومنازلها.

ويمكن القول أن "داعش" قرر أن يجعل من "جهنم" قاعدة رئيسة له في بداية مشواره نحو "التمكين" لانعزالها وخلوها من السكان، متوخيا أن تصبح فيما بعد منطلقا لتمدده داخل سرت وفي محيطها بخاصة إلى الشرق.

بالمقابل، واصلت مختلف المليشيات انهماكها في الصراع على مقدرات البلاد في طرابلس بصورة عنيفة تحولت إلى اقتتال في عام 2014 انتهى بتدمير مطار المدينة الرئيس، وبسيطرة ما يعرف بقوات "فجر ليبيا" على العاصمة، ما مكن "داعش" فيما بعد من ترسيخ أقدامه في سرت وما جاورها، وطرد قوات مدينة مصراتة التي كانت متمركزة في بعض مؤسساتها.

حظيت "جهنم" بمكانة خاصة لدى القذافي، حيث ذكرها في قصة نشرها بعنوان "الفرار إلى جهنم". والمنطقة عبارة عن وادي يحمل نفس الاسم بسبب شدة الحرارة فيه، ويقع جنوب المدينة وقد بنى به القذافي استراحة اتخذها ملجأ للتأمل والابتعاد عن الأضواء وهموم السلطة، كما يشير في تلك القصة الرمزية، فما الذي دفع الدواعش للجوء إلى وادي "جهنم" وسائر سرت دون غيرها؟

تمتاز مدينة سرت بموقعها الهام الذي يتوسط شرق البلاد وغربه، وهي بوابة استراتيجية لمنابع النفط ولخطوط وموانئ التصدير، وقد تعرض سكانها للتنكيل والانتقام ما جعل منها بيئة مناسبة للمتطرفين الليبيين الذين فرضوا سلطانهم عليها، خاصة بعد أن عززوا صفوفهم باستقدام أعداد كبيرة من المسلحين الأجانب من جنسيات مختلفة، خاصة من تونس والسودان.

استمر الانقسام والتمزق في البلاد بين رفاق الأمس وترسخ في حكومتين، الأولى متمركزة في طبرق والثانية في طرابلس، وبقي "دواعش" سرت في الظل لا أحد يفسد راحتهم وضيوفهم من الغرباء في معسكرات التدريب، وفي مؤسسات الدولة التي رفعوا علمهم عليها، وباتوا أسياد المكان.

ويبدو أن تنظيم داعش استشعر قدرته الكبيرة على الحركة، مع غياب أي ردود فعل حازمة ضده، فاندفعت طلائعه فجأة في اتجاه ميناء السدرة النفطي في محاولة للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية.

ومن الصعب التكهن بالهدف الحقيقي من هذا "الغزو" خاصة أن التنظيم لن يستطيع بسهولة في كل الأحوال بيع النفط الخام حتى لو تمكن من السيطرة على جميع الموانئ، إضافة إلى أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة لن تقف جانبا في مثل هذه الحالة.

من الأرجح أن التنظيم يحاول أن يستبق الأحداث بالمبادرة بهجوم وقائي ينطلق نحو الشرق بهدف مباغتة "حرس المنشآت النفطية"، وربما للوصول إلى اجدابيا، المدينة التي تتحدث الأنباء عن وجود خلايا كبيرة للتنظيم داخلها.

وإذا فشل تنظيم "داعش" في هجومه، فسيعود مسلحوه بالتأكيد إلى "جهنم"، حيث يشعرون بالأمان التام إلى حين أن تصل الأطراف الليبية إلى تفاهمات بشأن تقاسم السلطة، وهو الأمر الذي يراهن التنظيم على عدم حدوثه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق