البقيع الثاني.. 70 صحابيًا يرقدون في أرض البهنسا بالمينا

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015 07:41 م
البقيع الثاني.. 70 صحابيًا  يرقدون في أرض البهنسا بالمينا

البهنسا هي إحدى أشهر المدن الأثرية في محافظة المنيا، وتعد من أجمل قرى المحافظة، وتقع على بعد 16 كيلومترا من مركز بني مزار، ناحية الغربوهي مدينة أثرية قديمة، عثر فيها على الكثير من البرديات التي ترجع إلى العصر اليوناني الروماني.

وعنها يقول المؤرخون العرب: إنها كانت عند فتح مصر مدينة كبيرة حصينة الأسوار، لها أربعة أبواب ولكل باب ثلاثة أبراج، وإنها كانت تحوي الكثير من الكنائس والقصور، مؤكدين أنها ازدهرت في العصر الإسلامي، وكانت تصنع بها أنواع فاخرة من النسيج الموشى بالذهب.

وتحتوي مدينة البهنسا على آثار من مختلف العصور التي مر بها التاريخ المصري، حيث تشتمل هذه القرية على الآثار الفرعونية والرومانية والإسلامية، حتى آثار التاريخ الحديث متواجدة بها متمثله في المباني والقصور التي يرجع عمرها إلى أكثر من مائة عام.

وكانت هذه البلدة ذات أسوار عالية، وحكمها حاكم جبار يسمى البطليموس ، وكانت له فتاةً ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها أُطلق عليها «بهاء النسا» ومن هنا سميت البلدة بـ البهنسا ، ومن المعالم التاريخية الموجودة فيها مقام المعجزات مقام سيدنا التكروري .

أرض لا تأكل أجساد الموتى!

المكان الوحيد الذي حظى باهتمام هيئة الآثار وتم تحديده واقامة حرم حوله هو مقام سيدي علي الجمام قاضي قضاة البهنسا.. لكن حوله توجد آلاف المقابر التي تتزاحم بجوار بعضها، ولذلك يصفها البعض بالبقيع الثانية، حاولنا الدخول إلى مقام علي الجمام ، أحد حراس المقام استوقفنا مصرا على أن نخلع أحذيتنا قبل الدخول؛ حيث روى هذا الثرى المبارك بدماء الشهداء الأبرار، فهي أرض كما يعتقد كل أهلها لا تأكل أجساد المدفونين تحت ترابها.

أكد الشيخ علي إسماعيل، وهو أحد الباعة المتواجدين بجوار مقام الجمام ، أنه حينما قامت هيئة الآثار بنقل جثته وكان بجسده قطعة كبيرة من القطن، وعندما نزعوها فوجئوا بأن الدماء تسيل من جسد علي الجمام وكأنه توفي أمس وليس من زمن بعيد.

ــ مفرج الكروب

وعندم دخول المقام وجدنا سيدات تتبرك داخله وتتمتم بأصوات غريبة وكلمات أغرب، وحينما سألت الشيخ علي الذي يرافقنى بهذا المكان قال لي: إن مقام علي الجمام يعتبره الوافدون عليه بمثابة مفرج الكرب ، بمعنى إذا واجهتك مشكلة كبيرة تأتي إلى هذا المقام وتلقي بعض الأذكار والتعاويذ القديمة وتبث له شكواك، وترحل فيفرج الكرب، وبعتقد الزائرون أن الجمام هو مفرج الكروب.

واستكمل الشيخ علي حديثه معنا، قائلا: إن تراب البهنسا الطاهر يشجع سكان القرى المجاورة بالصعيد لدفن موتاهم فيها، وهناك من يوصي بأن يدفن بجوار شهداء الصحابة بالبهنسا.

ـ أبو العودين

تحوي البلدة عدة طرق لمشايخ الطرق الصوفية، منها الطريقة البيومية وهي أشهر الطرق ثم الطريقة الرفاعية، والموالد وجلسات الذكر تعد شيئا معتادا في البهنسا، فهناك من يقوم بجلسات الذكر في مناسبات الأفراح والطهور والموالد والسبوع والعقيقة وغيرها، ومن أهم الموالد في القرية مولد سيدي محمد أبو العودين نسبة لصحابي جليل حارب مع الرسول في فتح الحديبية، وسمي بالعودين لأنه كان يحارب بذراعيه الاثنين.

البقيع الثانى .. رفاة 70 صحابيا شهدوا بدرا دفنو في البهنسا

ففي عام «22 هجرية» أرسل «عمرو بن العاص» جيشا لفتح الصعيد بقيادة «قيس بن الحارث» وعندما وصل إلى البهنسا، كانت ذات أسوار منيعة وأبواب حصينة، كما أن حاميتها الرومانية قاومت جيش المسلمين بشدة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء في صفوف المسلمين، وهو ما كان سببا في قدسية المدينة داخل نفوس أهلها الذين أطلقوا عليها مدينة الشهداء تبركا والتماسًا للكرامات.

تقع جبانة المسلمين التي تضم عددا كبيرا من القباب والأضرحة التي تنسب للصحابة والتابعين والعلماء الذين زاروا المدينة ومقابر (مقامات) لشهداء الجيش الإسلامي الذين شاركوا في فتح مصر واستشهدوا على هذه الأرض خلال حملتهم في فتح الصعيد بجوار مسجد « على الجمام »، الذي رصدته فيتو بالصور والفيديو في التقرير السابق.

ويفخر أهل البهنسا اليوم بهذه القرية التي تضم بين جنباتها رفات الشهداء من الصحابة، بل والبدريين منهم أي من حضروا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم

أشهر الشهداء

أكد الحاج محمود حسن عبد التواب حارس أضرحة أصحاب الرسول، أن كل مكان في البهنسا ارتوى بدماء شهداء المسلمين من الصحابة والتابعين، وأن بها عددا كبيرا من المقامات للشهداء مثل محمد بن أبى ذر الغفارى وعبدالرحمن بن أبى بكر ومجموعة من أبناء عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بينهم الفضل بن العباس وأبناء عقيل وجعفر بن أبى طالب وعبدالله بن عمر بن الخطاب وأبان حفيد عثمان بن عفان.

خولة بنت الأزور

وأضاف، دفنت هنا الصحابية الجليلة الفارسة الشجاعة التي كان لها صولات وجولات في معركة أجنادين خولة بنت الأزور ومقام وخلوة أبى سمرة حفيد الحسين بن على بن أبى طالب والذي يعتقد الناس أن من يبيت فيها وهو مريض شفى بإذن الله، ومدفون بها 70 صحابيًا ممن شهدوا غزوة بدر ويطلق عليهم في التاريخ البدريون .

قضاء الحاجات

واستكمل حديثه قائلا يوجد أيضا الحسن بن صالح المنتهى نسبه إلى الحسين بن على بن أبى طالب والذي بنى بها مسجدا كبيرا، وقال السلف الصالح في فضلها ممن زاروا البهنسا إن من أتاها خاض في الرحمة حتى يعود، ومن زارها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وأنه لا يزورها مهموم إلا فرج الله همه، ولا مغموم إلا أذهب الله غمه، ولا صاحب حاجة إلا قضيت بإذن الله عز وجل.

أضاف: زارها جماعة من العراق مثل بشر الحافى وسرى السقطى ومالك بن دينار وسحنون، وزارها من أقصى المغرب أبو مدين وشعيب وأبو الحجاج، وأبوعبدالله وزارها الفضيل بن عياض، وروى أن إقليم البهنسا كثير البركة.

مقام «الفارس الملثم» مقصد النساء لحل المشاكل الزوجية

رغم حالة الركود التي تشهدها السياحة المصرية سواء خارجيا أو داخليا فإن قرية البهنسا لم تنقطع عنها الزيارات والرحلات، عقب صلاة الجمعة، حيث يتوافد عليها المواطنون بغرض الاستشفاء أو التداوي أو محو ذنوبهم، أو لزيارة شجرة مريم وبئرها الذي شربت منه السيدة العذراء وطفلها نبي الله عيسى.

«بئر» شرب منه «المسيح» وشجرة انحنت لمريم العذراء بالمنيا

ومن المعالم التاريخية الموجودة في البهنسا شجـرة مـريم «عليها السلام»، وسميت كذلك لأنه يقال إن مريم العذراء انحنت تلك الشجرة لها وجلست تحتها ومعها المسيح عيسى بن مريم، عندما كانوا في رحلة إلى صعيد مصر.

ويعد مزار شجرة مريم هو أكثر مزار يقصده الأقباط، والذي يؤكد أحد خدام هذه الشجرة أن عمرها يرجع لآلاف السنين وهي عبارة عن شجره تقع بجوار بئر مردوم شربت منه السيدة العذراء وطفلها عيسى.

وذكر أهالي البهنسا، أن شهادات الأجداد أكدوا أن المسلمين حينما دخلوا البهنسا وكانت الشجرة والبئر على حالهما حافظا عليهما وشربوا من البئر تبركا به لأن نبي الله المسيح عيسى بن مريم شرب منه واستظلوا بالشجرة كذلك وحافظوا عليها، وقيل إنهم عمقوه وحافظوا على آثار العائلة المقدسة بالبهنسا.













 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة