كيماويات "سنمار" تأكل رئة "القبوطي".. تدمير مصدر رزق 16 ألف صياد و"الصحة العالمية" تحذر من أضرار مخلفات المصنع
الأحد، 20 سبتمبر 2015 12:42 م
ضيق في التنفس وسعال التهاب في العينين، هذه هي الأعراض التي ستصاب بها عند الوقوف فترة في منطقة القبوطي الواقعة على قناة الاتصال بين بحيرة المنزلة وقناة السويس، حيث يتواجد في الناحية الأخرى مصنع تي سي آي سنمار للكيماويات الذي يصرف مخلفاته السائلة على القناة، كما يصاب مخلفاته الغازية.
أنا مصاب بالتهاب رئوي، وخايف من سرطان الرئة، بسبب غازات المصنع يشتكي سعيد عبدالشافي -67 عامًا-، مضيفًا أنهم قدموا ثلاث من الشكاوي ولم يستجب أحد.
ويوضح عبدالشافي أن حالات الفشل الكلوي والكبدي في المنطقة في تصاعد مستمر، و75% من الأطفال وفقًا لتقديره، مصابين بحساسية الصدر، ووقع مئات حالات التسمم في السنوات الماضية.
كانت المنطقة التي يوجد عليها المصنع حاليًا في جنوب بورسعيد، مكانًا لتجمع مراكب الصيد، وإنشاء منطقة صيد حرة لأهالي منطقة القبوطي حتى عام 2004، عندما اشترى أحد المستثمرين من أبناء منطقة بورسعيد المنطقة، وبدأ في إنشاء أول مصنع لإنتاج الكلور والصودا الكاوية، وبعد ذلك بثلاثة أعوام اشترى مستثمر هندي المصنع، ليتم توسيعه على مساحة 4 آلاف متر مكعب، ثم بدأ في إنشاء المرحلة الثانية قبل الثورة، بعد موافقة محافظة بورسعيد على توسيع المصنع.
استغل أهالي القبوطي ثورة 25 يناير للاعتصام للمطالبة بنقل المصنع خارج المنطقة، إلا أن تدخل أكرم الشاعر مرشح الإخوان عن المنطقة، لاسترضاء الأهالي، وشكل اللواء أحمد عبدالله محافظ بورسعيد حينذاك، لجنة شعبية وبيئية بعضوية عدد من الخبراء والسياسين ومنهم الشاعر، والتي أصدرت تقريرًا في صالح المصنع.
كان لـ صوت الأمة جولة على طول امتداد المصنع عبر مركب صيد، ولحظنا أن هناك عدد من المشاريع السكانية الجديدة جاهزة لاستقبال السكان في يناير المقبل، وفقًا لما أخبرنا به المرافق، وفي المقابل منها يوجد مدخنة المصنع، ما يخالف قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 الذي ينص على ألا تقل المساحة بين المنشأة الصناعية وأقرب تواجد سكاني عن 20كيلو مترًا ، كما ينص القانون في مادته رقم 73 على أنه يحظر إقامة أية منشآت على الشواطئ البحرية للجمهورية لمسافة 200 متر إلى الداخل من خط الشاطئ إلا بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة وموافقة جهاز شئون البيئة وتنظيم اللائحة التنفيذية لهذا القانون الإجراءات والشروط الواجب اتباعها في هذا الشأن .
كما لحظنا أن هناك أنبوبتين تصرف مخلفات المصنع في البحيرة، وتسببت هذه المخلفات في عكارة المياه بشكل واضح، وهو ماله أثر بالغ على الأسماك التي في المنطقة، إذ يقول أسامة شعبان أحد الصيادين، أن هناك 16 ألف صياد في المنطقة يعتمدون في دخلهم على صيد وبيع الأسماك، وتسببت كمياويات المصنع، وفقًا لرأيه، في نفوق الأسماك، ومن ثم تدمير اقتصاد أهالي القبوطي .
الخطورة أن من ضمن مخلفات المصنع يدخل المعادن الثقيلة ومنها الفينول، ووفقًا لعدد من الدراسات على الأسماك، فإن هذه المادة تسبب عدد من الأورام السرطانية في الكلى والكبد، حال تناول الأسماك لفترة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات، هذه الأسماك تباع في الأسواق، ما يهدد حياة المستهلك، كما أنها تسببت في مقتل شقيقين بالتسمم من أهالي المنطقة، حسب ما قال شعبان، وما شهدناه خلال جولتنا أن هناك مجموعة من الأطفال يصطادون سمك البحيرة لتناوله في وجبة الغداء .
على الجهة الأخرى، كان المنظر غريب بوجود عشة بالكامل مبنية على حافة الشاطئ، بدون جدران وبسقف شبه مكشوف، وتعيش فيها عائلة كاملة، ويسبح الأطفال أمامها في مياه البحيرة المتعكرة.
ينتج المصنع، وفقًا للبيانات الواردة على موقعه الإلكتروني، 200 ألف طن صودا كاوية سنويًا، و4 آلاف طن كلوريد متعدد الفينال، كما ينتج كلوريد الفينال ومادة EDC .
وحذرت منظمة الصحة العالمية من تأثير EDC ، وقالت في تقريرها الذي اعتد في المؤتمر الثالث لإدارة الكمياويات في سبتمبر 2012: إن هذه المادة تسبب في زيادة احتمالية حدوث سرطان الثدي، وخلل في النمو الطبيعي وتشوه في الأجنة .
كما أن شركة داو للكيماويات الأمريكية عددت مخاطر مادة كلوريد الفينال التي ينتجها مصنع سنمار ، بأن لها مخاطر على العين والبشرة، ويسبب حال استنشاقه وذمة رئوية ، ويسبب دوراه الصداع والدوار، ويؤثر على الجهاز العصبي، كما أن له تأثيرات على الكبد، ويسبب أمراض سرطانية.
