بأي ذنب قتلوا!
الخميس، 06 يناير 2022 05:11 م
الحادث المروع الأخير على الطريق الدائري الأوسطى، الذي راح ضحيته أبرياء وتسبب في تدمير مستقبل طفل تعرض جسده لحروق بنسبة 50% يدعونا لإعادة النظر في العقوبات المقررة على سائقي السيارات، خاصة على الطرق السريعة بعد أن تحولت السيارات لنوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل حين يكون القائد أرعن معدوم الضمير، فالعديد من الأسر وبشكل يومي يتم تدميرها نفسيا إلى الأبد بسبب فقدانهم لأعزاء في حوادث طرق ناتج عن أخطاء الآخرين واستهتارهم، كما قد يكمل البعض حياتهم بعاهة مستديمة أو يظلون لسنوات في غيبوبة تامة بسبب حوادث الطريق، وفي اعتقادي أن أعداد ضحايا حوادث الطرق في الفترة الأخيرة لا يقل عن ضحايا الحروب والعمليات الإرهابية، لذا وجب على مجلس النواب إعادة النظر في التشريعات الخاصة بهذه القضية الهامة التي تمس أمن وحياة الجميع بلا استثناء.
إن القيادة على الطرق السريعة أصبحت اليوم دربا من دروب المخاطرة بالنفس ندعو الله أن ينجينا منها ونحمد الله حين نمر منها على خير ونعود لمنازلنا سالمين.
فبالرغم من كل ما بذلته الدولة من جهود لإنشاء الطرق الجديدة السريعة التي تسهل على المواطن حياته، إلا أن بعض قائدي السيارات يستخدمون تلك الطرق أسوأ استخدام وينهون حياة آخرين في لحظة دون رحمة بتهورهم ويتسببون في كوارث لا يعلم مداها سوى من تجرعها.
بشكل شبه يومي أسمع أخبارا أو أقرأ منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تبكي القلب عن أسر فقدت الأب أو الأم أو أحد الأبناء، والأسوأ أن هناك أسراً كاملة أصبحت مجرد ذكرى لذويها بعد فقدانهم في أحد الحوادث المأساوية.
أشعر بغصة في قلبي حين أعلم أن طفلا مر بتجربة أليمة في حادث فقد فيه أسرته كاملة وبقي هو يتجرع الألم والحسرة، أو أن أماً فقدت فلذة كبدها وثمرة حياتها في حادث سيارة، وغيرها من القصص المأساوية بسبب سائقين معدومي الضمير.
من منا لم يفاجأ في طريقه بأحد السيارات القادمة في وجهه عكس الاتجاه على الطرق الدائرية والسريعة وطرق السفر ولولا عناية الله لما نجى؟.. وكم منا لم تجاوره سيارة تتجاوز السرعة المقررة للطريق وتسير بسرعة الصاروخ ويمكنها في لحظة أن تنقلب فلا تؤذي سائقها فقط، بل قد تقضي على حياة آخرين دون ذنب لهم، وكم مرة تخترق سيارة مسرعة الرصيف وتواجهه السيارات القادمة من الجهة المقابلة لتصبح سلاحا قاتلا لأعداد من البشر؟.
أقف أحيانا عاجزة عن التقبل أو الفهم أو الاستيعاب أمام تلك المآسي متسائلة "بأي ذنب قتلوا!".
واليوم وبعد انتشار الطرق السريعة في ربوع مصر أعتقد أنه قد آن الأوان لتعديل وتغليظ العقوبات، فتجاوز السرعة المحددة والذي يعاقب عليه السائق بغرامة مالية يجب أن يكون له حدود ومن يتجاوزها تصبح العقوبة كعقوبة الشروع في القتل، وكذلك السير بعكس الاتجاه، وتعاطي المخدرات والكحول أثناء القيادة وبخاصة على الطرق السريعة، أما في حال التسبب في وفاة آخرين فلابد من أن يعتبر الحادث جناية قتل وليس قتلا خطأ، فلا يعقل أبدا أن يتساوى مثلا من يفاجأ بشخص أمامه يعبر الطريق وهو يسير بالسرعة المسموحة وفي طريقة الطبيعي والمفترض أنه للسيارات وليس مخصصا لعبور المشاة بمن يتصور أنه يقود صاروخا أو بمن يسير بعكس الاتجاه.
كما أتصور أنه لابد من وجود قانون يعوض أصحاب السيارات التالفة بسبب أخطاء الآخرين بشكل فوري، فربما ينجو قائد السيارة من الموت إلا أنه ودون ذنب يخسر سيارته وأمواله، ومن الطبيعي أن من أتلف شيء عليه إصلاحه، وقد لا يستفيد القائد المتضرر من سجن المخطئ فالأهم بالنسبة له تعويضه ماديا لذا فمن الضروري أن يدفع المخطئ تعويضا ماديا مناسبا للتلفيات التي تسبب بها وإن رفض يتم الحجز على أمواله أو ممتلكاته وتعويض المتضرر.
أما بالنسبة لسائقي النقل والمقطورات والأوتوبيسات العاملين لدى شركات فيجب إلزام تلك الشركات بتعويض المتضررين فورا بسبب سوء اختيارهم لموظفيهم وعدم الاهتمام بالتحاليل الدورية للكشف عن تعاطي المخدرات، حتى من فقد حياته يجب تعويض ورثته ماديا إلى جانب العقوبة الجنائية، بدلا من أن تكون الكارثة "موت وخراب ديار".
كما أنني أقترح عقوبة سحب رخصة القيادة للأبد لكل من سولت له نفسه القيام بمثل تلك الجرائم القاتلة سواء "السير عكس الاتجاه، تعاطي المخدرات، تجاوز السرعة بشكل جنوني"، لأن أمثال هؤلاء ليسوا أهلا للقيادة ولا يأتمنوا على أرواح البشر في الشوارع والطرقات.
الأمر أصبح مسألة حياة أو موت فعليا وعلينا إنقاذ ما يمكن انقاذه، فمن أمن العقاب أساء الأدب.
كفى الله الجميع شر سوء القضاء .