يوسف أيوب يكتب: الصعيد.. الرقم الصحيح في معادلة التنمية
السبت، 25 ديسمبر 2021 06:28 م
كيف حولت استراتيجية الرئيس السيسى بعدالة توزيع التنمية محافظات الصعيد من طاردة للشباب قبل 2014 إلى أرض مليئة بالعمل والاستثمارات؟
حياة كريمة تنتشل القرى من براثن الفقر والجهل.. وتهيئة البنية التحتية للمناطق الصناعية وتدشين 9 مجمعات جديدة فى 8 محافظات.. ومحاور جديدة تربط المجتمعات العمرانية والصناعية والزراعية
لم يكن مستغرباً أن نرى قبل 2011 وزيراً أو مسئولاً في الحكومة يخرج في تصريحات صحفية أو تليفزيونية مطالباً بوقف الهجرة من محافظات الصعيد إلى القاهرة الكبرى والوجه البحرى بشكل عام، ورغم أن هذه التصريحات كانت في مجملها "استفزازية" وتعبر عن الوجه الأخر لحكومات متعاقبة كانت تتعامل مع الأزمات أو المشاكل بمنطق "الترقيع" أو "سد الخانة"، لكنها في الوقت نفسه كانت تكشف عن وجه أخر للحقيقة التي كانت ماثلة أمام الجميع، فلولا أن هذه المحافظات "الصعيد" كانت خارج دائرة الاهتمام الحكومى في التنمية والتعليم وغيرها، ما رأينا هذا الكم من الهجرة الشبابية من الجنوب إلى الشمال.
فالقضية في مجملها كانت تلخص لواقع مؤلم تعيشها هذه المحافظات، فعلى الورق وفى كل تصريحات المسئولين حينها "الصعيد في عيونا"، لكن على الأرض كانت هذه العيون أبعد ما تكون عن رؤية الحقيقة والواقع على الأرض، فالصعيد غاب عمداً عن أجندة واهتمامات الدولة، ونتج عن ذلك هذه الهجرة العشوائية تجاه العاصمة ومحافظات الشمال بحثاً عن مصادر رزق، بعدما أغلقت الدولة أبواب الرزق في الصعيد، كما نتج عن هذه السياسة الخاطئة التي تستحق محاسبة المسئولين عنها، نتج عنها أنتشار للتيار الدينى المتشدد في الصعيد، الذى استغل الاهمال الحكومى المتعمد في تعبئة الشباب ضد الدولة.
هذا الوضع المأساوى والمؤلم، كان ولازال محل نظر واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى منذ اللحظة الأولى له، وحتى قبل أن يطالبه المصريين بالترشح للرئاسة في 2014، وهو يضع الصعيد وقضاياه ومشاكله ضمن دائرة اهتماماته، وتوصل إلى القناعة التي حولها إلى فلسفة واستراتيجية نحصد اليوم ثمارها.
في كلمته خلال ختام المؤتمر الوطنى للشباب بأسوان نهاية شهر يناير 2017، قال الرئيس السيسى موجهاً حديثه لأهالى الصعيد: إننى على يقين كامل بأنكم لم تحصلوا بعد على ما تستحقونه، وأدرك إدراكاً عميقاً حجم معاناتكم على مدار عقود من مشكلات متراكمة طالت كافة مناحى الحياة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وأقدر حجم تضحياتكم وصمودكم أمام هذه المعاناة، ولأننا شرعنا سوياً، دولـةً وشعبـاً فــي المضـى قدمــاً نحو إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة، فكان لزاماً علينا أن يكون الصعيد وشبابه على رأس أجندة العمل الوطنى في هذه المرحلة، ولذلك فأننى قررت أن يكون المؤتمر الدوري الثانى للشباب في مدينة أسوان كى نتناقش ونتحـاور بكـل صراحة ومصداقية حول إيجاد الرؤى والمقترحات لمواجهة التحديات التى تواجه أهلنا في الصعيد، ولاسيما الشباب، ونصيغ سوياً دولـة وشعبـاً حلولاً واقعية وإجراءات تنفيذية، تحقق لنا الهدف المرجو بأن تتحقق في الصعيد طفرة ملموسة فــي مجال التنميـة، وتطويــراً حقيقياً في كافة المجالات السياسية والاقتصاديــة والمجتمعيــة مـــن خــلال تعظيم الاستفادة من كافة الفرص والموارد المتاحة، والتخطيط العلمى والواقعــى السليــم لإدارة هــذه المــــوارد، وانطلاقاً من هذه الرؤية الواضحة نحو ضــرورة أن يكــون للصعيــد رقــم صحيح في معادلة التنمية الشاملة.
عدالة توزيع التنمية والخطط وفق استراتيجية وطنية تنتصر للصعيد
ما قاله الرئيس حينها تحول إلى استراتيجية وطنيه تجاه الصعيد تقوم على فكرة عدالة توزيع التنمية والخطط، بشكل يدمج كل مكان فى الجمهورية بما يمنحها فرصة النمو والتوسع بشكل توازى، حتى تختفى الفروق بين المدن المصرية، وبشكل تستطيع من خلاله كل محافظة أن تستفيد مما يتوفر لها من قدرات بشرية وثروات طبيعية، لذلك كان ولازال هناك حرص من جانب الدولة على خلق أنشطة زراعية وصناعية مع محاور وطرق لتسهيل حركة النقل، يضاف لذلك مد مبادرة حياة كريمة إلى ريف الصعيد، ليكون قادرا على المشاركة فى التنمية.
هذه الاستراتيجية تلافت أخطاء الماضى القاتلة، حينما كانت حركة التنمية فى مصر مفتقدة للتوازن، وظلت مقتصرة على القاهرة والإسكندرية وبعض محافظات الوجه البحرى، وبقيت التحركات موسمية ترتبط بالانتخابات ولا تتجاوز الوعود، ونتج عن هذه الأخطاء عدم العدالة وحرم الأقاليم والمحافظات من فرص التنمية، وجعلها طاردة للسكان، وهو ما تلافته استراتيجية الرئيس السيسى، التي تعتمد على ممرات التنمية المتكاملة، والتوزيع العادل للمشروعات، من خلال التوجه فى كل الاتجاهات.
وللتدليل على ما سبق يمكن الاشارة لما قاله الدكتور هشام الهلباوى، مدير برنامج تنمية الصعيد المشرف على مشروع "حياة كريمة" بوزارة التنمية المحلية، الذى أكد وفقاً للأرقام المتوفرة لديهم أن هجرة أهالى الصعيد ولاسيما بمحافظتى سوهاج وقنا، للمناطق الحضرية، انخفضت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، بسبب اهتمام الدولة بالصعيد وتوفير فرص عمل لأهاليه، حيث كانت نسبة الفقر فى محافظات الصعيد قبل 2014 مرتفعة، لكن اليوم تم توفير 269 ألف فرصة عمل لشباب الصعيد فى أقل من 3 سنوات بمحافظتى سوهاج وقنا، كما تم منح 10.4 مليار جنيه قروض لـ371 ألف مشروع، أوجدوا أكثر من 500 ألف فرصة عمل للشباب بالصعيد.
ونسبة الفقر هي المعيار الذى يمكن أن نستند إليه ونحن نتحدث عن التنمية وتأثيرها على حياة المواطنيين، والفقر وفقاً للمقاييس الدولية يتم تعريفه مبدئياً بفقر البنية التحتية وخدمات الصحة والتعليم ومتوسط الدخل والفقر فى القدرات البشرية، لذلك كان قرار الرئيس السيسى بسد فجوات التنمية الأساسية وتطوير الصعيد والمناطق الريفية على مستوى الجمهورية، ومن هنا دخلت محافظات الصعيد بقوة ضمن مشروعات "حياة كريمة" التي سيكون لنا وقفة معها بعد قليل، حيث تم اختيار 34 مركزا فى الصعيد ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية، باعتبارهم الأكثر احتياجا، بتكلفة 155 مليار جنيها، وتضمنت هذه المشروعات تطوير كامل للبنية التحتية وتوفير خدمات التعليم والصحة للمواطنين، إلى جانب إدخال شبكات الصرف الصحى والعمل على إنشاء مراكز خدمات حكومية كاملة فى الصعيد، بالإضافة إلى توفير مصادر دخل ثابتة لأهالى هذه القرى والمراكز من خلال مشروعات صغيرة تتناسب مع طبيعية وإمكانيات كل قرية أو مركز.
وحتى نكون أكثر وضوحاً قبل أن ندخل في لغة الأرقام، علينا بداية أن نتعرف على الكتلة السكانية لمحافظات الصعيد، والتي قال الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة أنه يقطنه 29.3 مليون نسمة (7.1 مليون نسمة بالحضر، و17.6 مليون نسمة بالريف)، موزعين على 8 محافظات (الفيوم - بنى سويف - المنيا - أسيوط - سوهاج - قنا - الأقصر - أسوان)، بمساحة 101.1 ألف كم، بما نسبته 16.1 ٪ من إجمالى الجمهورية.
قبل 2014 الصعيد كان يعانى من أعلى نسبة فقر
وقبل عام 2014، كانت هناك محدودية في نصيب الصعيد من الاستثمارات فى خطط التنمية لسنوات طويلة، فقد عانى الصعيد من ارتفاع نسبة الفقر، التى تراوحت بين 40 ٪ فى أسوان وبنى سويف، و58 ٪ فى سوهاج وقنا، بجانب ارتفاع نسبة البطالة، والتى تراوحت بين 10 ٪ فى قنا و15.3 ٪ فى أسوان، إضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية، والتى تراوحت بين 14 ٪ فى الأقصر وأسوان، و30 ٪ فى أسيوط، وتزامن ذلك مع محدودية الاستثمار في الخطط الاقتصادية، والانعزال المكانى، وتكدس العمران وتدنى مستوى جودة الحياة، فقبل عام 2014، كانت 9 ٪ فقط من إجمالى الاستثمارات في قطاع الإسكان والمرافق تتجه إلى الصعيد، لعدم وجود حوافز تشجع الاستثمار، وتساهم في توفير فرص عمل جديدة، والقضية الثانية، تتمثل في الانعزال المكانى (الداخلي) حيث ضعف الارتباط ما بين نطاقات التنمية شرق وغرب النيل، وصعوبة التنقل بين ضفتى النيل، وهذا عائق كبير أمام التنمية، وضعف الارتباط بين محافظات الصعيد، ومناطق الموارد بالصحراء الغربية، ومناطق الموانئ والتصدير بالبحر الأحمر.
ونتج عن ذلك ارتفاع كثافات المناطق السكنية خاصة بالمدن الكبرى، التى تصل إلى أكثر من 450 شخصاً / فدان، وارتفاع معدلات الزحف العمراني بالمدن على الأراضي الزراعية (1500 فدان / سنة)، بجانب ضعف كفاءة الخدمات والمرافق، حيث بلغ متوسط نسبة تغطية خدمات مياه الشرب 85 ٪، ومتوسط نسبة تغطية خدمات الصرف الصحي 22 ٪، وكلها أعراض لمرض استمر كثيرا، وهو الخلل فى النسق العمراني للصعيد، من حيث نسبة الحضر إلى الريف، والتى لا تتجاوز 25 ٪ حضر مقابل 75 ٪ ريف، ومحدودية النمو الاقتصادي لمدن الصعيد.
محافظات الصعيد كانت طاردة للشباب من أجل بحث عن فرص عمل
والأربعاء الماضى شهد الرئيس السيسي، افتتاح عددا من المشروعات التنموية في نطاق محافظات الصعيد، حيث افتتح عبر تقنية الفيديو كونفرانس عددا من محطات المياه والصرف الصحي شمل عدة محافظات، منها محطة مياه أبو قرقاص في المنيا، ومحطة صرف صحى أبو شنب في الفيوم، وتوسعات محطة مياه دشنا، بالإضافة إلى مشروعات أخرى متعددة، وكانت هذه الافتتاحات مناسبة جيدة لتذكير الجميع بما تم على أرض الصعيد خلال السنوات السبع الماضية، وخلالها أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، إن المشروعات التي تنفذها الدولة تهدف إلى جودة الحياة ورفع مستوى المعيشة للمواطن المصري في صعيد مصر، مشيراً إلى أن محافظات الصعيد كانت طاردة للشباب من أجل بحث عن فرص عمل، وهو ما أدى إلى الهجرة للمحافظات الأخرى أو حتى خارج مصر، متابعا: "محافظات الصعيد كانت تسجل أعلى معدلات البطالة.. وكانت أحد مشكلات الصعيد، ظهور المناطق غير الآمنة وكان لدينا 115 منطقة غير آمنة، بالإضافة إلى 132 ألف فدان من المناطق غير المخططة، ورغم كل المشاكل والتحديات في الصعيد، إلا أن المقومات كبيرة حيث الحافز الرئيسى للتطوير كبير من خلال المقومات الطبيعية والسياحية والفريدة والثروات التعدينية والكنوز التاريخية والاثار المصرية القديمة، القوى البشرية في صعيد مصر"، مشيرا إلى أن الصعيد ينتج لمصر قامات وقيادات في كل المجالات السياسة والفن والأدب والثقافة والاقتصاد، قامات عظيمة من صعيد مصر أثرت في تاريخ مصر والعالم كله.
الأرقام تؤكد أنه على مدار 7 سنوات تم تنفيذ مشروعات بـ 1.1 تريليون جنيه مصري، شملت تنفيذ 365 كوبرى ونفق وطريق بتكلفة تجاوزت 50 مليار جنيه في محافظات ومدن الصعيد، حيث تم افتتاح طريق الصعيد الغربي، وطريق هضبة أسيوط الذى كان حلما لأهالي أسيوط وأصبح محور تنموي مهم يربط غرب أسيوط بمدينة أسيوط القائمة، فضلا عن إنشاء محاور التنمية على النيل في صعيد مصر لربط شرق وغرب النيل على امتداد المحافظات وجار تنفيذ 14 محور بتكلفة استثمارية تبلغ 23.5 مليار جنيه، كما شهد قطاع الكهرباء تطورا كبيرا في محافظات الصعيد، حيث أن الطاقة الموجودة في الصعيد قبل 7 سنوات كانت 3400 ميجا، والآن أصبحت 12200 ميجا وات لمحافظات الصعيد، وهو ما يؤدى إلى ثبات واستقرار الخدمة على مدار اليوم والسنة، وتشهد أسوان على سبيل المثال مشروعا كبيرا للطاقة الجديدة والطاقة المتجددة من خلال الطاقة الشمسية بتكلفة 2 مليار جنيه وكلها استثمارات للقطاع الخاص، فى نموذج أخر للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ضمن العديد من المشروعات الضخمة التي تشهدها البلاد.
وشهدت أيضاً محافظات الصعيد تطويرا كبيرا في قطاع البترول والغاز، بتوصيل الغاز الطبيعى إلى 1.1 مليون وحدة سكنية، إضافة إلى العمل على تنمية حقول البترول والتكرير والغاز الطبيعى، وكل هذه المشروعات تهدف إلى الاكتفاء الذاتي من منتجات الوقود، وتوسيع وصول الغاز الطبيعى للأهالى في كل ربوع مصر وخاصة الصعيد، ولم يكن قطاع الاتصالات بالصعيد غائباً، بل تم إنشاء العديد من المشروعات الخاصة مثل مشروعات تطوير ورقمنة المحاكم والنيابات وأقسام الشرطة والشهر العقارى والبريد، ومشروع الكابلات ضمن مشروع حياة كريمة، كما تم التركيز في خدمات التعليم والصحة ضمن خطة التطوير في الصعيد، وشهد التعليم قبل الجامعى طفرة كبيرة، وتم إنشاء وتطوير 34 ألف فصل وإنشاء 2300 مدرسة جديدة، منها 219 مدرسة تعليم فنى، بالإضافة إلى المدارس اليابانية التي تعد نموذج جديد في خدمات التعليم على مستوى الجمهورية، وتم إنشاء جامعتين حكوميتين جديدتين و5 جامعات خاصة التعليم و105 كلية ضن مشروعات ضخمة جدا للتعليم العالى بمحافظات الصعيد، إضافة إلى المجمعات التكنولوجية والكليات الجديدة، وغيرها، وتم إنشاء كلية الملاحة وتكنولوجيا الفضاء أول كلية متخصصة في بنى سويف، واليونسكو اخترت مدينة اسوان ضمن أفضل 10 مدن للتعلم في عام 2019.
وفى الضمان الاجتماعى، استفاد 2 مليون مواطن بالصعيد من برنامج "تكافل وكرامة" بقيمة وصلت 48 مليار جنيه، والحقيقة أن هذه المبادرة ساهمت في تخفيض نسبة الفقر في الصعيد، ويضاف إلى ذلك "مشروع حياة كريمة" في محافظات الصعيد، فهناك 65 % من المراكز التي يتم العمل بها في المرحلة الأولى من المشروع في صعيد مصر بأجمال 10 مليون مواطن مستفيدين من هذه المشروعات، كما تم البدء في 8 آلاف مشروع باستثمارات 180 مليار جنيه من إجمالي 270 مليار جنيه بالمرحلة الأولى من المشروع، بما يعنى أن ثلثي الاستثمارات تضخ في الصعيد لتقليل الفجوة الموجودة بين ريف الصعيد وريف الوجه البحري، وشملت هذه المشروعات إنشاء شبكات المياه والصرف الصحي وتبطين الترع ورفع كفاءة الطرق والوحدات الصحية والمدارس التي يتم بنائها وانشاءها ورفع كفاءتها ومجمع الخدمات الحكومية لتوفيرها في كل القرى مع تطبيق أحدث أنواع الرقمنة، وهذا المشروع وفر 600 الف فرصة عمل للشباب الموجود في الصعيد حتى الان، وساهم أيضا في تخفيض 3.8 % من معدل الفقر، وتراجع في البطالة بصعيد مصر الى 6 %.
كما تم استصلاح 550 ألف فدان فى شرق العوينات وتوشكى وغرب المنيا، وتطوير منظومة الرى الحديث لـ 300 الف فدان، وإنشاء أكبر مزرعة تمور في العالم على مساحة 40 ألف فدان لزراعة 2 مليون نخلة في توشكى، بالإضافة إلى ضخ 17.4 مليار جنيه استثمارات في تحديث مصنع قنا للغزل والنسيج وإنشاء محلج الفيوم المتطور بقيمة 410 مليون جنيه، وتطوير وتأهيل مصنع كيما بقيمة 11.6 مليار جنيه، وتطوير شركة سيد بقيمة 8 ملايين جنيه، وتطوير النقل البرى ومحطات الركاب بقيمة 158 مليون جنيه.
وشملت الخطة أيضاً إنشاء وتطوير 63 مشروع في المستشفيات ضمن خطة تطوير الملف الصحى في محافظات الصعيد، وتوفير 1500 قافلة طبية، بالإضافة إلى انه ضمن مشروعات تجميع وتصنيع مشتقات البلازما، تم إنشاء المركز الإقليمي في المنيا، وجار إنشاء مركزين في سوهاج والبحر الأحمر، و تخصيص 22 مليار جنيه في محافظتي الأقصر واسوان، لتقديم أفضل خدمة طبية، وأصبح للصعيد نصيب كبير من المبادرات الرئاسية مثل علاج مرضى فيروس سى والقضاء على قوائم الانتظار، ودعم صحة المراة، والكشف عن الأمراض المزمنة، وغيرها.
ويبلغ عدد التجمعات العمرانية الجديدة بالصعيد 14 مدينة جديدة (8 مدن جديدة قبل عام 2014 - 6 مدن جديدة بعد عام 2014) إضافة إلى 6 مدن جديدة أخرى مستقبلية، ويقدر عدد السكان المستقبلى للمدن الجديدة بالصعيد بـ9 ملايين نسمة.
هذا جزء بسيط مما تم على الأرض وامكن حصره، لإن هناك العديد من المشروعات التي جرى ويجرى الأن تنفيذها في الصعيد وشاهدة على النقلة النوعية، والتي تستكمل بناها مستقبلاً بعناصر استراتيجية واضحة تقوم على إيجاد مناطق تنموية للأنشطة الاقتصادية والاستثمارات، حيث تبلغ المناطق التنموية المقترحة ضمن المخطط الاستراتيجي القومى لمصر 2052، خمسة عشر نطاقا تنمويا، منها 8 نطاقات تنموية بالصعيد، وإنشاء شبكة الطرق القومية، والارتباط المكانى بين الأقاليم التنموية، ودعم الربط المكانى العرضى ما بين مناطق الإنتاج في الوادي، والصحراء الغربية، مع الموانئ التصديرية بالبحر الأحمر، وتطوير ورفع كفاءة العمران القائم، من خلال تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحى، وتوفير السكن اللائق الميسر (سكن لكل المصريين)، والخدمات المجتمعية، وتطوير المناطق غير الآمنة، ورفع كفاءة الطرق، وإنشاء محاور جديدة، بجانب إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، لتمثل شبكة مراكز ريادة المال والأعمال والاستثمار، بحيث يكون هناك مركز مال وأعمال رئيسي لكل نطاق تنموي مقترح، ويتم الربط بين مراكز المال والأعمال من خلال شبكة من المحاور التنموية المتكاملة، وكل ذلك يؤدي لوجود حزمة من الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية لكل مركز تنموي.
الوعى الشعبى ضرورى للحفاظ على ما تحقق من تنمية
لكن تبقى نقطة مهمة تتعلق بكيفية الاستفادة من كل هذه المشروعات التنموية التي يشهدها الصعيد للمرة الأولى في تاريخه، وهى كيفية الحفاظ على ما تحقق، وهنا استوقفنى حديث الرئيس السيسى في أسيوط الأربعاء الماضى، حينما تحدث عن قضية خطيرة تتمثل في الزيادة السكانية وتأثيرها على الرقعة الزراعية، فقد شدد الرئيس السيسي، على ضرورة مواجهة ثقافة البناء على الأراضى الزراعية، وزيادة النمو السكاني، وقال أن "ثقافة البناء على الاراضى الزراعية يجب مواجهتها وثقافة النمو السكان"، فهذه القضية محورية وضرورية، لإنها تماثل في أهميتها ما يجرى على الأرض من تنمية، بل تفوقها في الأهمية، فهذه المعدلات من الإنجاز لن يكون لها أي صدى اذا لم تقابل بوعى شعبى بضرورة السيطرة على الزيادة السكانية، وفى الوقت نفسه الحفاظ على الرقعة الزراعية التي تواجه خطر الالتهام، بتحويلها إلى كتل خرسانية تأكل الأخضر واليابس.