"التحريم القاطع".. رأي شيخ الأزهر والمفتي في امتلاك الآثار أو الاعتداء عليها
الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 03:16 م
استغل البعض من أصحاب النفوس الضعيفة التنقيب عن الأثار للتجارة فيها وتحقيق الثراء الحرام، ما منعه القانون المصري وحرمتها الشريعة الإسلامية بحكم انها ملك للدولة وانها تراث للحضارة المصرية وتدرس بها تاريخ مصر، على مر العصور سواءا كانت اثار" اسلاميه او فرعونيه أو قبطيه أورمانية "وعائدها للجميع افراد الشعب وهى تعد كنز من كنوز مصر التي وهبها الله لها .
وقررت المادة 32 أنه: "لا يجوز لغير هيئة الآثار المصرية مباشرة أعمال البحث أو التنقيب عن الآثار إلا تحت الإشراف المباشر للهيئة عن طريق من تندبه لهذا الغرض من الخبراء والفنيين وفقًا لشروط الترخيص الصادر منها".
قال الدكتور مختار محسن، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن الآثار تعتبر من القيم والأشياء التاريخية التي لها أثر في حياة المجتمع وبالتالي فإن من تسول له نفسه ويتجرأ ويدعو للمساس بأي أثر تاريخي بحجة أن الإسلام يحرم وجود مثل هذه الأشياء في بلاده فإن ذلك يعكس توجهات متطرفة تنم عن جهل بالدين الإسلامي.
جاء ذلك خلال محاضرة (موقف التكفيريين من الآثار واعتبارها من الأصنام دراسة.. ونقد)، ضمن فعاليات سلسلة المحاضرات التي تعقدها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بمقرها الرئيس بالقاهرة، لعدد من الطلاب الوافدين من مختلف الجنسيات.
وأوضح فضيلته، أن الإسلام انتشر باللين والترغيب وليس بالصدام والترهيب، انطلاقا من قوله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)، مؤكدا أن الاثار الموجودة في جميع البلدان التي دخلها المسلمون، لم يأمر أحد من الصحابة الكرام بهدمها أو الاقتراب منها.
وأشار إلى أن الصحابة قدموا مصر إبان الفتح الإسلامي ووجدوا الأهرامات وأبو الهول وغيرها ولم يصدروا فتوى أو رأيا شرعيا يمس هذه الآثار التي تعد قيمة تاريخية عظيمة، موضحا أن فتاوى الاعتداء على الآثار جاءت نتيجة للفكر المشوه والتطرف العنيف.
وفى ذات السياق اكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، عبر موقع دار الافتاء، أكد المفتي أن الآثار في اللغة تعني بقية الشيء، وأما اصطلاحًا فقد نَصَّ القانون المصري في المادة رقم 1 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983م على أنه: "يعتبر أَثَرًا كلُّ عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة، أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة، حتى ما قبل مائة عام، متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية، باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر، أو كانت لها صلة تاريخية بها، وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها".
مفتي الجمهورية: الآثار تعتبر من الأموال التي يتضرر مجموع الأمة لو اقتصر تملكها على بعضهم وتصرف فيها بما لا يحقق المصلحة العامة
وأوضح المفتي أن الآثار التي يعثر عليها آحاد الناس في مصر أقسام، الأول ما يكون متعلِّقًا بحضارات الفراعنة والرومان، والثاني ما يكون متعلِّقًا بثقافات وطوائف غير إسلامية عاصرت عهد الفتح الإسلامي وما بعده؛ كالآثار القبطية، والثالث ما كان من الآثار الإسلامية، فأما الأول والثاني فيطلق عليه اسم الركاز، وأما الثالث فيسمى كنزًا.
وأشار "علام" إلى أن فقهاء الحنفية ذهبوا إلى أن الركاز اسم يطلق على ما كان ذا قيمة مدفونًا في باطن الأرض؛ سواء أكان بفعل المخلوق أم بفعل الخالق سبحانه وتعالى، فهو عندهم أعم من الكنز ومن المَعدِن؛ والمفتي به أن انتقال ملكية الأرض لا يستتبع انتقال ملكية الركاز المدفون في الأرض.
مفتي الديار إلى أن الآثار تعتبر من الأموال التي يتضرر مجموع الأمة لو اقتصر تملكها على بعضهم وتصرف فيها بما لا يحقق المصلحة العامة، فمثلها في ذلك كالماء العِدِّ والمعادن وما لا يستغنى عنه؛ لما لها من قيم تاريخية وحضارية وعلمية واقتصادية تصب جميعها في مصلحة المجتمع ونمائه وتقدمه.
واعتبر القانون المصري الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة؛ سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد، وجاء في المادة 6 من القانون المذكور: "على أن جميع الآثار تعتبر من الأموال العامة -عدا ما كان وقفًا-، ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له".
وجاء في المادة 24 منه أنه: "على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول، أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان، أن يُخطِر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمانٍ وأربعين ساعة من العثور عليه، وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة، وإلا اعْتُبِرَ حائزًا لأثر بدون ترخيص، وعلى السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فورًا، ويصبح الأثر ملكًا للدولة، وللهيئة إذا قدرت أهمية الأثر أن تمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة".
وفي فتوى سابقة للإمام الأكبر الشيخ، جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، حول الحفاظ على الآثار وحرمة الاعتداء عليها، وضرورة إقامة المتاحف وعرض التماثيل، الصادرة عام 1980، أكد أن الآثار وسيلة لدراسة التاريخ كالمصريين القدماء والفرس والرومان، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملؤوا جنبات الأرض صناعة وعمران، قد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيًّا وسياسيًّا وحربيًّا نقوشًا ورسومًا ونحتًا على الحجارة، وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرًا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمي والحضاري النافع.
وتابع شيخ الازهر الأسبق أن القرآن الكريم في كثير من آياته لفت نظر الناس إلى السير في الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها؛ إذ منها تعرف لغتهم وعاداتهم ومعارفهم في الطب والحرب والزراعة والتجارة والصناعة، والقرآن الكريم حثَّ على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات في هذا الموضع، إذ كان كل ذلك كان حتمًا الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلًّا وتاريخًا دراسيًّا؛ لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة في القرآن الكريم في آيات كثيرة
وأوضح أن إقامة المتاحف ضرورة لما كان التحفظ على هذه الآثار هو الوسيلة الوحيدة لهذه الدراسة أصبح حفظها وتهيئتها للدارسين أمرًا جائز إن لم يكن من الواجبات باعتبار أن هذه الوسيلة للفحص والدرس ضرورة من الضرورات، وقاعدة الضرورة مقررة في القرآن الكريم
وأكدت دار الإفتاء لا يجوز المتاجرة بالآثار أو التصرف فيها بالبيع أو الهبة ولو وجدها الإنسان في أرض يمتلكها
وفي فتوى لدار الافتاء المصرية عبر موقعها، أكدت الدار أن الاحتفاظ بالآثار؛ سواء كانت تماثيل أو رسومًا أو نقوشًا في متحف للدراسات التاريخية ضرورة من الضرورات الدراسية والتعليمية لا يحرمها الإسلام؛ لأنها لا تنافيه، بل إنها تخدم غرضًا علميًّا وعقائديًّا إيمانيًّا حث عليه القرآن، فكان ذلك جائزًا إن لم يصل إلى مرتبة الواجب، بملاحظة أن الدراسات التاريخية مستمرة لا تتوقف، كذلك لا يجوز المتاجرة بالآثار أو التصرف فيها بالبيع أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات ولو وجدها الإنسان ان يمتلها او يتصرف فيها.