أثبتت جائحة فيروس كورونا التي أصابة العالم في الآونة الأخيرة أن التحول الرقمي أصبح ضرورة حتمية نظراً لما يوفره من تقنيات التحكم والمراقبة عن بعد، والتنسيق بين المنشآت الصناعية المتباعدة.
يساهم التحول الرقمي "التطبيقات الرقمية" في تحسين الأداء التشغيلي والاقتصادي لصناعة التكرير والبتروكيماويات، من خلال تحسين العمليات الإنتاجية، وإدارة برامج الصيانة، وسرعة الاستجابة لتقلبات الأسواق وتغيرات الطلب على المنتجات، وذلك وفقا لدراسة "دور التحول الرقمي في تحسين أداء صناعة التكرير والبتروكيماويات" لمنظمة "أوابك" .
وذكرت الدراسة، أهمية دور استخدام الروبوتات في عمليات الصيانة في الأماكن الخطرة، وتطبيق الذكاء الاصطناعي ونظم المراقبة للتحكم بمشكلات التآكل وتنبيه المشغل عن وجود مؤشرات تنبئ المشغل عن احتمال حدوث الأعطال ليتمكن من اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل تفاقمها، بما يسهم في رفع مستوى الالتزام باشتراطات الصحة والسلامة المهنية، وخفض الانبعاثات الملوثة للبيئة.
واستعرضت الدراسة، دور التقنيات الرقمية مثل "الواقع المعزز" التي على مبدأ التكامل بين كل من عمليات وصف بيئة العمل الحقيقية، وبين المعلومات المتعلقة بهذه البيئة، بهدف تمكين المستخدم من تصورها بشكل أوضح وأشمل، وتستخدم هذه التقنية في مجالات عديدة، مثل عمليات الصيانة في موقع العمل، حيث تظهر تعليمات افتراضية على لوحة عرض تبين مراحل عملية الفحص والإصلاح، وفي نفس الوقت يتم بث صور مباشرة إلى خبراء الصيانة توضح الأجزاء التالفة أو التي تحتاج إلى إصلاح، فيقوم الخبراء بإرسال رسائل نصية معززة بالمخططات التي توضح مراحل عملية إصلاح العطل.
كما تستخدم تقنية الواقع المعزز في تدريب المشغلين، أثناء وجودهم في العمل، وذلك بتنظيم دورات تدريبية عن بعد من قبل خبراء مختصين، وتظهر مواقع وأشكال المعدات بالتصوير ثلاثي الأبعاد بطريقة تحاكي الواقع الحقيقي،واستعرضت الدراسة بعض الأمثلة العملية لتنفيذ مشاريع التحول الرقمي المطبقة في صناعة التكرير والبتروكيماويات في مناطق مختلفة من العالم، وفي بعض الدول العربية مع الإشارة إلى الفوائد التي تحققت نتيجة تنفيذها.
وأشارت الدراسة، إلي أهمية دور البيانات في تقييم الحالة الراهنة لمنشآت التكرير والبتروكيماويات، وتحديد الظروف التي يمكن أن تؤثر في العمليات الإنتاجية، وبالتالي اختيار أفضل الحلول الممكنة لتفادي الأعطال وتحسين الأداء التشغيلي والاقتصادي للصناعة.
وتوصلت الدراسة إلى بعض الاستنتاجات والتوصيات، من أهمها أن تكنولوجيا التحول الرقمي ستساهم في التمييز بين الشركات بمقدار نجاحها وسرعة تطبيقها لهذه التكنولوجيا، وفيما يلي أهم الفوائد التي يمكن الحصول عليها من تطبيق التكنولوجيات الرقمية في صناعة التكرير والبتروكيماويات النفط وكانت كالتالي..
1- تحسين الربحية من خلال تطبيق أنظمة التحسين في الزمن الفعلي التي تدمج نظم التحكم بالعمليات الإنتاجية بعملية تخطيط الإنتاج.
2- تحسين كفاءة عمليات الإنتاج من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي في نظم التحكم التقليدية.
3- تحسين موثوقية المعدات والوحدات الإنتاجية وبالتالي خفض فرص حدوث الأعطال، بفضل تطبيق حلول الصيانة التنبؤية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنية تعليم الآلة.
4- تبسيط إجراءات ومعاملات تأمين التوريدات، والتخلص من الوسطاء وتسريع الحصول على المواد واللقائم وبتكاليف أدنى.
5-أثبتت جائحة فيروس كورونا التي أصابات العالم في الآونة الأخيرة أن التحول الرقمي أصبح ضرورة حتمية نظراً لما يوفره من تقنيات التحكم والمراقبة عن بعد، والتنسيق بين المنشآت الصناعية المتباعدة.
6- تعتمد عملية التنبؤ بحدوث الأعطال على تحليل البيانات التاريخية، ليس فقط من موقع واحد، ولكن من مواقع متعددة، لهذا يتعين على الحكومات وضع تشريعات يمكن من خلالها مشاركة البيانات بين مصافي تكرير النفط والوحدات البتروكيميائية القائمة في الدول الأعضاء في أوابك.
7- من الفوائد غير المباشرة لتطبيق التقنيات الرقمية في صناعة التكرير والبتروكيماويات، خفض الانبعاثات الملوثة للبيئة نتيجة تحسين كفاءة عملية إدارة الطاقة في العمليات الإنتاجية، والكشف المبكر عن بدء حدوث مشكلات التآكل في المعدات والأنابيب التي تحتوي على مواد خطرة، بحيث يمكن اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل أن تؤدي إلى تسريب المواد الهيدروكربونية إلى البيئة.
8-على الرغم من أهمية التكنولوجيا في عملية التحول الرقمي، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها وحدها في إدارة أي مشروع يتضمن تطبيق تكنولوجيا المعلومات. فالاستثمار في التكنولوجيا وحدها أمر باهظ التكلفة، ولا يحقق النتائج المرجوة، إذا لم يترافق مع تحديد دقيق وواضح لأهداف المشروع أو العائد على الاستثمار بحيث يتمكن المستثمر من تحديد الجدوى الاقتصادية من المشروع أو الحصول على التمويل اللازم.
9-لضمان نجاح النتائج وتحقيق الأهداف المرجوة يجب أن تكون خطة تنفيذ مشروع التحول الرقمي على جداول الأعمال الإستراتيجية لشركات التكرير والبتروكيماويات.
10- يحتاج التحول الرقمي، مثل أي تغيير مهم آخر، إلى رعاية واهتمام الإدارة العليا للشركات، وهذا يشمل وضع رؤية واضحة، وتخصيص التمويل والموارد اللازمة، والعمل على نشر الثقافة الرقمية، ودعم ثقافة الابتكار والرغبة في التغيير لدى العاملين في الشركة.
11- تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في أوابك، من خلال عقد الاجتماعات التنسيقية والندوات لبحث فرص تطبيق التقنيات الرقمية، وتبادل الآراء والخبرات حول تنفيذ مشاريع مشتركة لتخفيض أعباء التكاليف الاستثمارية المرتفعة التي يمكن أن تتحملها كل مصفاة منفردة.
12- إن الافتقار إلى المواهب والكوادر المؤهلة يعوق تطبيق المبادرات الجديدة، وعلى الشركات أن تدرك احتياجاتها من الخبرات والمهارات من خلال تقييم قدرات الموظفين الحالية، وبناء خطة استراتيجية لمعالجة أي نقص في الكوادر بما يتناسب مع المشاريع المستقبلية التي ستنفذها.