كيف تصدى القانون لتحريم الاحتفال بالمولد النبوى؟
الأربعاء، 20 أكتوبر 2021 12:00 ص
تحتفى الأمة الإسلامية، اليوم، وحتى نهاية الشهر الهجرى الحالي بذكرى المولد النبوى الشريف، ويختلف شكل الاحتفال من بلد لآخر، يأتى ذلك في الوقت الذى أكدت فيه المشيخة العامة للطرق الصوفية فى بيان لها أمس، اقتصار احتفال المجلس الأعلى للطرق الصوفية على أمسية دينية بمسجد سيدنا الحسين اليوم الثلاثاء، عقب صلاة العشاء بحضور لفيف من القيادات الدينية والمسئولين.
وأكدت في بيانها عدم تنظيم موكب للاحتفال بالمولد النبوي الشريف لهذا العام، وذلك بسبب استمرار جائحة كورونا حيث تؤكد المشيخة العامة على اتخاذها كافة الإجراءات الاحترازية للحفاظ على المواطنين، وتهيب المشيخة بأعضاء الطرق الصوفية الالتزام بالاجراءات للحفاظ على سلامتهم.
تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي
واختلف الفقهاء والعلماء فى تحديد أول من احتفل بالمولد النبوى الشريف، فقد ذكر الإمام أبو شامة أن أول من احتفل بالمولد النبوى بشكل منظم هو "معين الدين الإربلي" المعروف بالملاء شيخ الموصل فى عصره، المتوفى سنة 570 هجرية، وقيل: إنه كان يحتفل بها سنويا بحضور الشعراء والأمراء فى زاويته، بينما ذكر الإمام السيوطى أن أول من احتفل بالمولد النبوى هو حاكم أربيل "شمال العراق" ابن بكتكين.
الخلاف الدائر حول الاحتفال بالمولد النبوى
وفى مثل هذه الأيام يكون الشغل الشاغل هو السؤال المعتاد والمتكرر الاحتفال بالمولد النبوى حلال أم حرام؟، حيث ينتظر الجميع هذا الموعد من كل عام حتى يتابعون عن كثب وصلة الجدال السنوية بين الأزهر الشريف والدعوة السلفية، حول حرمانية الاحتفال بالمولد النبوي، وحلالها.
محكمة القضاء الإدارى تتصدى للسلفيين
محكمة القضاء الإداري، منذ ما يقرب من 16 سنة تصدت للأمر ليس فقط لإقامة المولد النبوى الشريف، ولكن لمسألة إقامة الموالد فى العموم والتى تعتبر من المسائل الشائكة داخل المجتمع المصرى المعروف عنه أنه "شعب متدين بطبعه"، فلا توجد صغيرة ولا كبيرة فى الدين أو الأمور الحياتية إلا ويسأل عنها خاصة وأن هناك فريقاَ ممن يطلق عليهم أبناء الدعوة السلفية يحرمون العديد من الأمور والأفعال حتى يذهب البعض منهم إلى تكفير الناس والعوام بحجة أن الاحتفال بالمولد النبوى مثلا بدعة محرمة، وذلك لأن السلف لم تفعلها.
محكمة القضاء الإداري، فى الطعن رقم 15232 لسنة 53 القضائية عليا، تصدت لمسألة الاحتفال بالمولد وتحريم البعض لها، حيث ناط المشرع للطرق الصوفية وغيرها من الناحية الدينية بإقامة الموالد وعلى رأسها المولد النبوى الشريف وتنظيم الاحتفال والإشراف عليها بكافة أنحاء الجمهورية على أن تتولى المشيخة الصوفية العامة أو وكيلها المختص إخطار السلطات الإدارية المختصة للترخيص أيضاَ بذلك.
المحكمة اعتمدت فى حيثيات الحكم فى جواز الاحتفال بالمولد النبوى الشريف وإقامة الموالد بصفة عامة على شروط الترخيص لإقامة الموالد المتمثلة فى المواد "1" و"2" و"4" و"16" و"40" من القانون رقم "118" لسنة 1976 بشأن نظام الطرق الصوفية، والمادة "10" من اللائحة التنفيذية لقانون الطرق الصوفية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1978، فقد اشترطت المحكمة فى مسألة الاحتفال بالمولد على مراقبة حسن الآداب العامة بما يكفل وقار الاحتفاء وطهارة السبل لإحياء عاطر الذكريات.
خبير يؤكد علاقة الحكم بدار الإفتاء
من جانبه، قال الخبير القانوني والمحامى محمد شليل، إن المحكمة فى حيثيات حكمها أقرت بأن الترخيص بإقامة هذه المظاهر والاحتفالات الدينية منوط بكل من مشيخة الطرق الصوفية والجهة الإدارية المختصة ممثلة فى الجهات المختصة، فى حدود اختصاص كل منهما، وبموافقتهما يتم الترخيص بها وإقامة التصاريح بإقامة الموالد وتنظيمها ومجالس الذكر وسير مواكب الاحتفال، كما اعتمدت المحكمة فى حيثيات الحكم على الفتوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية بشأن الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم الذى وصفته بأنه يعد من أفضل الأعمال وأعظم القربات.
ويُضيف "شليل" أن هذا الحكم يؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ليس بدعة كما ادعى بعض الدعاة، حيث أنه من الأجدر والأحرى أن نتذكر قصة ميلاد نبينا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - ونتخذها أسوة وقدوة لنا حتى نسير على دربه ونتشبه به.
وحصلنا على نسخه من فتوى دار الإفتاء بشأن حكم الاحتفال بالمولد النبوى، من خلال الطلب المُقيد برقم 489 لسنة 2007 م المتضمن الآتى: ادعى بعض خطباء الجُمع ببلدتنا أن الاحتفال بالمولد النبوى غير مشروع، والسير بالموكب وحمل الأعلام والضرب بالدف من أجل المولد غير مشروع، وعمل ليلة احتفالية بالمولد غير مشروع، وشراء الحلوى وإهداؤها لمناسبة المولد غير مشروعة، والوقوف فى حلقات الذكر والتمايل فيها غير مشروع، وإطلاق لفظ سيدى على الأولياء غير مشروع فما حكم ذلك.
دار الافتاء تتصدى لأسئلة التحريم
إلا أن دار الإفتاء المصرية ردت على تلك الإشكاليات والأسئلة التى تدور فى القرى والنجوع والمحافظات بصورة حاسمة من خلال اباحة الاحتفال بالمولد من قبيل الاحتفاء به المقطوع بمشروعيته، وأن شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف أمر جائز فى ذاته، فإذا انضم إلى ذلك مقصد صالح صار مستحباَ، وكذا سير المحتفلين بالمولد فى موكب وحمل الأعلام والتغنى بالمدائح النبوية والقصائد الزهدية لا حرج فيه طالما خلا عما ينافى الشرع، والضرب بالدف لإظهار الفرح بمولد خير الأنام جائز بشرط مراعاة الأداب، والوقوف أو الحركة أثناء الذكر لم ينه عنه الشرع وهو على الأصل من الإباحة، طالما التزم الذاكر السكينة والوقار، ويتأكد الجواز إذا كانت الحركة قد صدرت عن الذاكر قهراَ وغلبة، وأن إطلاق السيادة على أهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع.
الفتوى قالت إن الاحتفال بذكرى مولد النبى – صلى الله عليه وسلم – يُعد من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنها تعبير عن الفرح والحب له – صلى الله عليه وسلم – الذى هو أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"، والمراد من الاحتفال المشروع بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه، وإطعام الطعام صدقة لله، واعلاناَ بالفرح بيوم مجيئه الكريم.
تاريخ الاحتفال بالمولد لدى المصريين
ووفقا لـ"الفتوى" – فإن الاحتفال بيوم المولد جاء منذ القرن الرابع والخامس الهجري، ونص على مشروعيته غير واحد من الأئمة والعلماء فى مصنفات مستقلة أو فى ثنايا كتبهم، منهم: أبو شامة المقدسى شيخ الإمام النووى، وابن الحاج فى كتابه المدخل، والحافظ ابن حجر العسقلانى شارح البخاري، والجلال السيوطى فى رسالة مستقلة سماها حسن المقصد فى عمل المولد، وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيرة النبوية سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد عن بعض الصالحين: أنه رأى النبى – صلى الله عليه وسلم – فى منامه فشكى إليه بعض الناس يقول ببدعة الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبى: "من فرح بنا فرحنا به"، والرؤيا وأن كان لا يثبت بها حكم شرعى إلا أنها يستشهد بها فيما وافق أصول الشرع الشريف – وفقا لـ"الفتوى".
وأما عن شراء الحلوى، أكدت الفتوى أنها أمر جائز فى ذاته، لم يقم دليلا على المنع منه أو إباحته فى وقت دون وقت، لا سيما إذا انضم إلى ذلك مقصد صالح كإدخال السرور على أهل البيت أو صلة الأرحام، فإنه يكون حينئذ أمراَ مستحباَ ومطلوباَ يثبت الشرع على مثله، والقول بتحريمه أو المنع منه ضرب من التنطع المذموم.
الرد على تحريم سير المواكبوأما ما جرى عليه العمل فى بعض الأنحاء من عمل موكب يسير فيه المحتفلون بالمولد حاملين رايات يثنتقش عليها بعض الشعارات الدينية، ويتغنون فيها بالمدائح النبوية والقصائد الزهدية فلا حرج فيه طالما خلا عما ينافى الشرع من الاختلاط المذموم أو تعطيل المصالح العامة ونحو ذلك، وإذا كان الضرب بالدف فى اعلان النكاح أمر اجازه الشرع من باب إظهار الفرح بالنكاح، وفيه حديث الترمذي: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه فى المساجد، واضربوا عليه بالدفوف"، فاستعمال الدف لإظهار الفرح بمولد خير الأنام أولى وأحرى، وجواز كل ذلك مشروط بمراعاة الأدب المطلوب شرعاَ.
أما بخصوص الوقوف فى حلقات الذكر والتمايل فى اثنائه، فأكدت "الفتوى" إن الله تعالى طلب الذكر من المسلمين مطلقاَ، فقال: "يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراَ كثيرا"، فالحث على الذكر جاء على لسان الشرع الشريف مطلقاَ، فالأصل انه لا يُقيد بحال دون حال أو بوقت دون وقت، ولما كان الشرع لم ينه عن الوقوف أو الحركة أثناء الذكر، كان ذلك على الأصل من الإباحة، طالما التزم الذاكر السكينة والوقار أثناء الحركة، ولم يأت بما يتنافى والأدب المطلوب فى حضرة الله تعالى أثناء الذكر، وكان على مدعى المنع أو التحريم إقامة الدليل على دعواه التى تخالف الأصل.
ويتأكد الجواز – وفقا لـ"الفتوى" – إذا كانت الحركة قد صدرت عن الذاكر قهراَ وغلبة، كأن يندمج فى الذكر فيصيبه حال من الوجد، فتصدر منه الحركة دون قصد لها، كما قال الشاعر وإنّى لتعرونى لذكراكِ رعدة ٌ.. كما انتفض العصفور بلله القطر، وقد روى الحافظ أبو نعيم فى الحلية عن الإمام على – رضى الله تعالى عنه – انه قال فى وصف الصحابة رضى الله عنهم: "إذا ذُكر الله مادوا كما تميد الشجرة فى يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تُبل ثيابهم"، وهذا الأثر صريح فى أن الصحابة رضى الله عنهم – كانوا يتحركون حركة شديدة فى الذكر، والخلاصة طالما أنه انضبط الذكر بالأدب، وعدم تحريف ألفاظ الذكر بما يفسد معناها فلا يظهر معنى فى المنع.
وخلال هذه الأيام وأثناء الاحتفال بالمولد النبوى الشريف تشهد الشوارع المصرية رواجًا فى بيع حلوى المولد النبوى، حيث تكثر المحال والفروشات الخاصة ببيع الحلوى فى الشوارع والميادين، وإذا كنت صاحب محل وأردت إقامة فرش لبيع حلوى المولد النبوى الشريف – يوضح الخبير القانوني والمحامى محمد ميزار - فى النقاط التالية كيفية الحصول على ترخيص فرش مناسبات موسمية كما يلى:
1- يمكن لمالك المحل المرخص أو المستأجر أو وكيل أعمالهما بتوكيل رسمى موثق فى الشهر العقارى الحصول على هذا الترخيص.
2- يشترط للحصول على الترخيص عدم وجود أى مخالفات أو مستحقات متأخرة.
3- يحضر طالب الترخيص صورة بطاقة الرقم القومى وإيصال سداد رسم النظر مستوفيًا الدمغة.
4- فى حالة طلب الترخيص بإشغال الطريق تقدم أيضًا صورة ترخيص المحل، ورسم هندسى أو كروكى لموقع الإشغال،وصورة البطاقة الضريبية.
5- سداد الرسوم المحددة للخدمة حسب ما ورد بجدول التنظيم والإدارة بالإضافة إلى دمغات هندسية بواقع 1.5% عن قيمة الأعمال.
6- فى حالة طلب تجديد الترخيص يتم تقديم الرخصة أو الإيصال الدال على سداد رسوم ترخيص الإشغال أو تجديده.
7- ملء النموذج الخاص بالخدمة وتقديمه مع المستندات السابقة واستلام ترخيص إشغال الطريق خلال 15 يومًا من تقديم الأوراق.