موت بدون تأشيرة
السبت، 25 سبتمبر 2021 06:00 مطلال رسلان
موسم الهجرة إلى ألبانيا بدأ.. يتخذها شباب جسراً لدخول أوروبا
عشرات الصفحات على مواقع التواصل تروج علانية إلى الهجرة غير الشرعية لأوروبا من حدود ألبانيا
عشرات الصفحات على مواقع التواصل تروج علانية إلى الهجرة غير الشرعية لأوروبا من حدود ألبانيا
منذ يونيو الماضي، ظهر اسم ألبانيا إحدى دول إقليم البلقان في شرق أوروبا، على قوائم الوجهات الأكثر سفرا لدى المصريين، رغم أنها قبل ذلك التاريخ لم تكن ضمن وجهات السفر السياحية، لكن الأمر مختلف هذا الصيف، ويخضع لأسباب.
على صفحات السفر المتخصصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي انفجرت الأسئلة بعد تصدر الأمر وازدياد أعداد السفر إلى ألبانيا خلال الفترة الماضية، وكتب الدكتور نجيب عازر أحد المصريين المقيمين في ألبانيا على إحدى صفحات السفر الشهيرة "مصر كلها في ألبانيا بسأل واحد في أحد المولات في ألبانيا بالإنجليزي لو سمحت فين منطقة ألعاب الأطفال.. الراجل ما كانش فاهم إنجليزي خالص.. لقيت صدى صوت جاي من بعيد بيقول بلسان مصري مبين الدور الرابع يا أستاذ وفاضل ساعتين الحق بسرعة قبل ما يقفل".
استشهد الدكتور المصري المقيم في ألبانيا بهذا الموقف ليكشف جزءا من القصة ويزيد التساؤلات بشأن سفر المصريين ألبانيا بأعداد كبيرة، خلال الفترة الماضية فقط.
في 22 أبريل من العام الجاري، سمحت ألبانيا، الواقعة في القارة الأوروبية، للمواطنين من مصر والسعودية والبحرين وقطر وعمان بالدخول إلى أراضيها من دون تأشيرة، للإقامة قصيرة المدى من 1 أبريل 2021 حتى 31 ديسمبر 2021.
موقع ألبانيا مميز فهي إحدى دول إقليم البلقان في جنوب شرق أوروبا، يحدها من الشمال الغربي الجبل الأسود وكوسوفو إلى الشمال الشرقي وجمهورية مقدونيا إلى الشرق واليونان من الجنوب والجنوب الشرقي. تطل البلاد على البحر الأدرياتيكي إلى الغرب وعلى البحر الأيوني إلى الجنوب الغربي. تبعد أقل من 72 كم (45 ميل) عن إيطاليا عبر مضيق أوترانتو والذي يربط بين البحر الأدرياتيكي والبحر الأيوني.
بإلقاء نظرة سريعة على موقع ألبانيا الجغرافي، نكون اقتربنا من الإجابة على التساؤل.. لماذا ألبانيا الآن؟.
بالتأكيد لم تفوت صفحات وحسابات البلوجرز والانفلونسرز المصريين والعرب فرصة الترويج بالسفر إلى ألبانيا وتقديم عروض الشركات للسفر إلى تلك البلاد دون تأشيرة.
لكن منشورا على إحدى الصفحات الخاصة بالسفر كشف تفاصيل مفاجأة وراء الأعداد الكبيرة المسافرة من المصريين إلى ألبانيا، عندما عرض المنشور على الشباب وراغبي الهجرة إلى أوروبا دون أية مخاطر وبطريقة مضمونة إلى المبادرة والحجز للسفر إلى ألبانيا ومنها التسلل والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، هكذا روجت الصفحة وانهالت على منشورها التعليقات جميعها تتساءل عن التفاصيل.
شركات سياحية أخرى بدأت في استقطاب الراغبين إلى الهجرة غير الشرعية عبر ألبانيا لكن بطريقة مستترة، حيث قدمت عروض رحلات بدأت في مايو الماضي بـ10 آلاف جنيه مصري فقط لمدة 8 أيام شاملة الطيران ذهاب وعودة وإقامة كاملة في الفندق وشاملة الانتقالات، وبالتأكيد في حالة الهجرة غير الشرعية ستكون الرحلة ذهاب فقط دون عودة، وبعدها تبدأ رحلات الهروب لآلاف الشباب إلى دول أوروبا عن طريق حدود ألبانيا.
على أحد جروبات السفر على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك كتب مينا وهو أحد المصريين المسافرين مع زوجته وأبنائه في رحلة سياحية إلى ألبانيا بعد قرار السفر إليها دون تأشيرة، يكشف تفاصيل ما أسماه جريمة في حق مصر عن طريق الهجرة غير الشرعية من ألبانيا إلى أوروبا.
قال المصري المسافر للسياحة إنه حجز مع أسرته تذكرة ذهاب وعودة من وإلى ألبانيا لأنه وجد التكاليف ستكون بسيطة والرحلة ممتعة ودون تأشيرة، وكانت الطائرة في رحلة الذهاب من مطار القاهرة ممتلئة عن آخرها، لدرجة أنه شك في الأمر، خاصة وأن أغلب المسافرين ظهرت عليهم علامات تواضع الحال، أو صنايعية في أعمال يدوية ، وعندما سأل المسافرين معه، وجدهم من مناطق شعبية ومن محافظات مختلفة وأغلبهم يعرفون بعضهم في مجموعات، ومستخرجين أوراق تثبت أنهم أصحاب أعمال وهم غير ذلك".
وكشف المسافر إلى ألبانيا عن "أن كل الشباب المصريين المسافرين إلى ألبانيا لم يكن غرضهم السياحة، بل الهرب وبدء الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عن طريق الحدود، وهذا ما أكدوه بالفعل".
وأضاف بعد أن نشر صور لرحلة الطائرة خلال العودة "لم يرجع أحد من الشباب المصريين الذين سافروا معنا في رحلة الذهاب.. الأمر كان واضحا من البداية ذهاب بلا عودة.. مثلما تروون أنا وأسرتي فقط في الطائرة لأننا كنا سياحة والباقي هرب وبدأ رحلة الموت والهروب إلى أوروبا".
دقائق حتى انهالت التعليقات على مينا، الذي كشف تفاصيل الأعداد الكبيرة المسافرة إلى ألبانيا خلال الفترة الماضية، وأغلبها كان يطالب بإيقاف قرار السفر إلى ألبانيا دون تأشيرة وعودة التأشيرات من جديد لإيقاف هرب الشباب إلى الموت من هذا المسلك، والحفاظ على صور مصر.
فيما تدخل عشرات الخبراء في المجال السياحي معلقين على الأزمة بأنها مستمرة منذ قرار إلغاء تأشيرة السفر إلى ألبانيا، والشاب يلجأ إلى تلك الرحلة التي تكلفه على أقصى تقدير 10 آلاف جنيه، ومن ألبانيا يسلك رحلة الهروب في جماعات إلى إحدى الدول الأوروبية.
وأضاف الخبراء أن هناك شركات سياحية تبشر بالهجرة الشرعية إلى أوروبا بطريقة السفر إلى ألبانيا دون مواربة وفي العلن، وعشرات الصفحات تكتب تفاصيل الرحلة إلى أوروبا، ووعود ترتيب الإجراءات ومقابلة الوسيط الذي سيمهد لهم طريق الهروب إلى إحدى الدول الأوروبية بعد اللقاء في ألبانيا.
ووفقا لدراسة بحثية أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير شرعية، فإن هناك 11 محافظة مصرية كانت تضم أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين وهي الشرقية، والدقهلية، والقليوبية، والمنوفية، والغربية، والبحيرة، وكفر الشيخ، والفيوم، وأسيوط، والأقصر، والمنيا.
على مدار السنوات الماضية بذلت الدولة المصرية جهدا كبيرا لإيقاف كارثة الهجرة غير الشرعية، وخاصة على جانب التوعية الإعلامية، في التلفزيون والصحافة وعن طريق اللقاءات والندوات، والحديث مع الشباب عن مخاطر الأمر، لتوضح أنها ستقدم لهم البدائل وفرص العمل وستقيم لهم مشاريع يمكنهم من خلالها العمل والإنتاج والكسب.
أما في محور التنمية، فقد قامت مصر بالعمل بجهد جبار، ليكون الرابع من حيث صد الدولة للهجرة غير الشرعية، وفيه تم الاهتمام بالشباب وعمل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتقديم القروض الميسرة، إلى جانب المشروعات العملاقة التي أقامتها مصر، والتي جعلت هناك فرصا للعمل في شتى المجالات.
ونص قانون رقم 82 لسنة 2016 الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين في مادته السادسة على أن "يُعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك".
والعقوبة تكون السجن المشدد وغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه أو غرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، إذا كان الجاني قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضما إليها، أو إذا كانت الجريمة ذات طابع عبر وطني، وإذا كان من شأن الجريمة تهديد حياة من يجرى تهريبهم من المهاجرين أو تعريض صحتهم للخطر، أو تمثل معاملة غير إنسانية أو مهينة.