بعد أول حكم بإثبات زواج قاصر.. حكايات التشرد والضياع ب" ورقة عرفي "
الثلاثاء، 31 أغسطس 2021 10:00 معنتر عبداللطيف
جاء أول حكم بإثبات زواج قاصر بمثابة طوق نجاة لينقذ مئات القاصرات وأطفالهن من مصير مرعب بعد وقوعهن ضحية جشع بعض الآباء الذين باعوا فلذات أكبادهم بثمن بخش مقابل بضعة آلاف من الجنيهات.
وربما يعد مشروع القانون الذى تقدمت به النائبة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، بشأن تغليظ عقوبة زواج القاصرات والتى تعتبرجريمة في حق المرأة والطفولة خطوة على طريق انهاء هذه المأساة.
وفي ذات السياق تعد النائبة ميرفت عبد العظيم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، مشروع قانون لتغليظ عقوبة زواج القاصرات، للحد من تفشي الظاهرة لتصل الغرامة على الأب إلى 50 ألف جنيه، وتغليظ عقوبة الحبس على والد القاصر والمأذون إلى 7 سنوات بدلًا من سنتَين.
وفي نفس السياق انتصرت محكمة قليوب لشئون الأسرة للأحوال الشخصية لحقوق المرأة بإثبات زواج قاصر بعد أن كتب أهلها عقدا عرفيا وقائمة ووصل أمانة فقام الزوج بالاستيلاء على كل تلك الأوراق والتخلى عن الزوجة وإلقائها في الشارع وابتزازها وأهلها.
وقالت الفتاة القاصر في عريضة الدعوى إنها تزوجت بموجب عقد زواج عرفي مؤرخ 13 يونيو 2019، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج حتى بلوغها السن القانونية ليتمم إجراءات الزواج الرسمية، وعندما طالبت المدعى بذلك رفض وأخذ يماطل لإتمامه، ولما كان هذا الزواج توافرت فيه الأركان الشرعية وشروط صحته، الأمر الذى حدا بها لإقامة دعواها لإثبات هذا الزواج.
حكايات ماساوية تعج بها ردهات المحاكم وطرقات أقسام الشرطة بسبب زواج القاصرات، حيث ألقت الشرطة القبض على أب زوَّج ابنته عرفيًا مرتين وهى عمرها 11 عامًا و13 عامًا، وأنجبت طفلًا، حيث تبيت قيام "م. ال"، عامل باليومية، مقيم دائرة فاقوس، وراء واقعة زواج إبنته وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 5958 إداري قسم شرطة فاقوس لسنة 2019 لتقرر النيابة حبس الأب أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بتهمة زواج القاصرات.
كما قضت محكمة استئناف القاهرة، بالسجن المشدد 6 سنوات وتغريمه 200 ألف جنيه على سائق جرى اتهامه ببيع ابنته الطفلة لثري عربي.
وألقت الإدارة العامة لحماية الآداب، القبض على فتاة قاصر، زوَّجها والدها 5 مرات من أثرياء عرب، مقابل مبالغ مالية كبيرة، وصلت إلى 40 ألف جنيه فى الزيجة الواحدة، حيث كانت تتزوج لمدة 24 ساعة، من ثرى عربى، ثم يتم فسخ العقد، والزواج من شخص آخر بعدها بساعات، دون قضاء مدة العدة الشرعية، وتبين أن والدها كان يبرم العقود بنفسه مع المحامى، ويتفاوض مع الأثرياء العرب فى زيادة المبالغ المالية، فيما أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار 45 فتاة تعرضت لنفس الحادث، بعدما ألقت القبض على المتهمين بالتورط فى الحادث.
تبين أن سيدة تدعى "أم ياسر" اشتهرت بزواج القاصرات من الأثرياء العرب بمنطقة نزلة السمان فى الهرم، كونت وزوجها، وشخص فلسطينى الجنسية انتحل صفة محام، بالإضافة إلى ابنها تشكيلا لاستقطاب راغبى المتعة من الأثرياء العرب، ويتفق معهم على الزواج من القاصرات مقابل مبالغ مالية كبيرة.
ووفقا لما أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر مسح ديموغرافي فإن 117 ألف طفل في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاما متزوجون أو سبق لهم الزواج، وأن محافظات الصعيد هي الأعلى من حيث معدلات الزواج والطلاق، بينما سجلت محافظات مصر الحدودية "البحر الأحمر وسيناء ومرسى مطروح وأسوان" أقل نسبة في زواج الأطفال.
وتقول دار الإفتاء إنَّ حكم زواج القاصرات في الاسلام، يعد حرام شرعا، به مخالفة للقانون، لاسيما وأنه يؤدي إلى الكثير من المفاسد والأضرار في المجتمع، موضحة أنَّ الإسلام اعتنى بالأسرة أعظم عناية، واهتم بأسس تكوينها اهتماما عظيما.
وأكدت الدار أنَّ الإسلام اهتم أيضا بتعميق أسس ترابطها، وما يؤدي إلى تماسكها واستمرارها، موضحة أنَّه بالنظر إلى مقاصد الشريعة الإسلامية والحكمة من الزواج، يتبين أن ما يقدم عليه البعض من تزويج البنات القاصرات هو عمل منافي لهذه المقاصد.
ولفتت إلى أنَّ حكم زواج القاصرات في الاسلام، تأتي الحكمة منه الحفاظ على تماسك الأسرة وترابطها، معتبرة أنَّه يمثل جريمة في حقهنّ، لاسيما وأن الفتاة القاصر ليس لديها القدرة على تحمل مسؤولية الحياة الزوجية والقيام بالأعباء المادية والمعنوية اللازمة لاستمرارها، مما ينتج عنه الكثير من الأضرار والمفاسد التي تؤدي لفشل هذه الزيجات وانتشار حالات الطلاق المبكر.
وشددت دار الإفتاء، على أنَّ حرمة زواج القاصرات، ووجوب الالتزام بالسِّنِّ القانونية لزواج الفتيات، هو الحكم الشرعي المناسب للواقع والحال والمتوافق مع الحكمة من الزواج، مؤكّدة أنَّ القاعدة الشرعية تقرر أن دَفع المفاسِد مُقدَّمٌ على جلبِ المصالِح، وهو الغاية الأساسية من تحريم زواج القاصرات.