بدأت تداعيات موجة المهاجرين الأفغان إلى أوروبا بعد أن سقطت أفغانستان فى أيدى طالبان، فعلى الرغم من أن اللاجئين الأفغان فى العالم ليست جديدة، إلا أنها تصبح الآن أكثر إلحاحا على أوروبا، بسبب سوء الأوضاع فى أفغانستان.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فى تقرير لها إلى أنه منذ أن سقطت أفغانستان من جديد بين أيدى طالبان، قامت عدة دول أوروبية باستقبال لاجئين أفغان بأعداد كبيرة، مشيرة إلى أن عدد اللاجئين من المواطنين الأفغان فى العالم إلى أكثر من 2,6 مليون لاجئ فى نهاية عام 2020، وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومعنى هذا أن أكثر من شخص لاجئ من أصل عشرة فى العالم قادم من أفغانستان. وفيما تظل الدول المجاورة، وفى مقدمتها باكستان وإيران، بلدان للجوء الرئيسية بالنسبة لهم، يتواجد أكثر من 300 ألف منهم على الأراضى الأوروبية.
أما اليوم، فتعتقد المفوضية الأوروبية والأمم المتحدة أن سيطرة حركة طالبان على البلاد بأكملها قد يدفع 500 ألف شخص آخر إلى الهجرة، ولكن من سيستقبلهم؟ حاليا، يكتسب الجدل حول هذا الموضوع زخماً فى العديد من البلدان.
وتدفع ألمانيا تدفع الحكومات الأوروبية لإبقاء الأبواب مفتوحة للأشخاص الذين يحاولون الفرار من أفغانستان. يأتى ذلك مع منع عدد كبير من اللاجئين من الوصول إلى أوروبا مع انتهاء عمليات الإجلاء التى تقودها الولايات المتحدة، واقترحت خطة أوروبية بمبادرة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون. يخصص هذا المشروع مليارات اليورو لتمويل أفغانستان. وأيضًا لجيرانها من أجل رعاية اللاجئين والمشردين داخليًا.
ويسعى أعضاء الاتحاد الأوروبى إلى تجنب أزمة لاجئين جديدة بسبب الوضع فى أفغانستان، ولذلك سيتم عرض الاقتراح على المشروع الأوروبى لتمويل افغانستان واللاجئين بمليارات اليورو للموافقة عليه حيث تسعى الدول الأعضاء وتسعى إلى حماية الأفغان المعرضين للاضطهاد فى ظل نظام طالبان، وأيضا لمنع تكرار أزمة اللاجئين 2015-2016 فى أوروبا، حيث إنه فى تلك الفترة، دخل أكثر من مليونى طالب لجوء إلى المجمع.
وتحدث مسؤولو الاتحاد الأوروبى مع قادة طالبان لضمان وصول أى تمويل إلى النازحين، حيث إنهم يريدون منع نزوح جماعى من البلاد، وفقًا لمسؤولين ووثائق سرية، كما أنهم يتفاوضون مع باكستان وأوزبكستان وإيران لهذه الدول للمساعدة فى إدارة الموجة المحتملة من اللاجئين.
وقال مسؤولو الاتحاد الأوروبى إن بإمكانهم تقديم أموال للدول الأعضاء من أجل نقل الأشخاص، فأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن أى خطة لإعادة التوطين ستكون طوعية، مضيفة أن أوروبا ستلتزم بالتزامات فقط كجزء من اتفاقية دولية مع الولايات المتحدة، أيضا مع كندا ودول أخرى لاستضافة اللاجئين.
وقدمت ألمانيا وحدها 100 مليون يورو، أى ما يعادل 118 مليون دولار، كمساعدات طارئة لأفغانستان. كما سيتم توزيع 500 مليون يورو أخرى بين أفغانستان وجيرانها، وقال مسؤولون فى الحكومة الألمانية أن هذه الموارد ستستخدم لرعاية اللاجئين.
وأكد التقرير أنه حتى قبل سقوط كابول، خصص الاتحاد الأوروبى أكثر من 20 مليون يورو لمساعدة إيران وباكستان على مواجهة تدفق اللاجئين الأفغان، وقال الاتحاد الأوروبى أن باكستان وإيران ستتلقيان نحو 100 مليون يورو هذا العام للمساعدة فى استضافة الأفغان.
كما علق الاتحاد الأوروبى حوالى مليار يورو من المساعدات التنموية لأفغانستان بعد أن اقتحمت طالبان كابول. وقال دبلوماسيون أن هذه الأموال يمكن أيضا إعادة توجيهها لمساعدة اللاجئين الأفغان فى المنطقة.
وأشار مسؤولون إيطاليون إلى أن الأموال المخصصة لدعم القوات المسلحة الأفغانية يمكن إعادة توجيهها. يسعون لتخصيصها للمشاريع الإنسانية فى البلاد.
ومن جانب إيطاليا، يقترح رئيس الوزراء الإيطالى ماريو دراجى على مدى أيام عقد قمة افتراضية لمجموعة العشرين للاقتصادات العالمية الكبرى فى منتصف سبتمبر لتنسيق الجهود الدبلوماسية الدولية تجاه البلاد بعد الانسحاب العسكرى الغربي.
ويجادل دراجى، الذى تترأس بلاده اجتماعات مجموعة العشرين هذا العام، بأنه يجب على الولايات المتحدة وأوروبا التحدث إلى القوى الأخرى التى لها مصالح ونفوذ محتمل فى أفغانستان التى تسيطر عليها طالبان.
كما دعت حكومات أوروبية أخرى إلى التعاون بين الغرب وقوى أخرى مثل الصين وروسيا لتنسيق الجهود للتفاوض مع طالبان، وضمان الوصول إلى أفغانستان للحصول على المساعدة واحتواء التهديدات الإرهابية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت قمة مجموعة العشرين المقترحة ستنعقد. وستكون الصيغة أوسع من القمة الافتراضية لمجموعة السبع فى وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث لم يتمكن القادة الأوروبيون من إقناع الولايات المتحدة بتمديد وجودها إلى ما بعد 31 أغسطس لتسهيل عمليات الإجلاء من كابول. لكن حتى مجموعة العشرين لا تضم بعض اللاعبين الأساسيين، مثل جيران أفغانستان، باكستان وإيران.
اللاجئون والشعبويون
عانت الدول الأوروبية من قبل من موجة اللاجئين خلال عامى 2015-2016، بسبب الأحداث فى سوريا، والتى أدت إلى عواقب كبيرة منها تنامى دور الشعبويين فى البلاد، الذين كانوا من المعارضين للاجئين، وكانت فى هذا الوقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أكثر المدافعين، إلا أن هناك الآن مخاوف من تكرار هذا السيناريو.
ويرى العديد من الخبراء أن الفشل فى السيطرة على الهجرة قد أسقط إمبراطوريات من قبل، فالاتحاد الأوروبى، مثله مثل روما القديمة، لا يستطيع أن يفعل شيئا يذكر للسيطرة عليها، ومع ذلك يتعين عليه أن يجتاز اختباراته مرارا وهى اختبارات قد تفشل فيها أوروبا فى نهاية المطاف.