المنتقلون من العشوائيات إلى الأسمرات يطالبون بفرص عمل قريبة وتثقيف أبنائهم (صور)
السبت، 04 سبتمبر 2021 08:00 مسامى سعيد
المنتقلون من العشوائيات الخطرة للسكن البديل في الأسمرات: نعيش حياة أدمية جديدة و"عاوزين أولادنا يتغيروا كمان"
من رأى خير ممن سمع.. ولأن الحديث عن المنتقلين من العشوائيات الخطرة إلى السكن البديل في الأسمرات وغيرها من الأماكن التي وفرتها الدولة بكافة التجهيزات للمنتقلين إليها، كان في الغالب حديث نظرى، لم يتطرق إلى ما يعيشه هؤلاء على الأرض، لذا قررت "صوت الأمة" أن تجرى جولة في السكن البديل لتتعرف على أراء المنتقلين خاصة بعد مرور أكثر من عامين على انتقالهم.
من داخل حى الأسمرات بمراحله الثلاثة كانت بداية الجولة، فبداخل ذلك الصرح الكبير الذي يعيش فيه نحو 100 ألف مواطن في 18 الف وحدة سكانية كاملة المرافق ومفروشة بالكامل، حيث كان واضحاً الفارق الكبير في حياة المنتقلين للحياة في "الاسمرات"، فالابتسامة لا تغيب عن وجوه الجميع خاصة الأطفال، وهو الهدف الأساسى الذى تسعى له الدولة، من خلال العمل على توفير مستقبل أكثر اشراقاً للأجيال الشابة.
فارق كبير بين الحياة في عشوائيات خطرة، والحياة في منطقة بها كافة مقومات الحياة، وهو ما لمسته جولة "صوت الأمة"، فرغم أن الاهالى لديهم بعض المطالب، مثل توفير فرص عمل في مناطق قريبة من محل سكنهم، لكن ما لمسته "صوت الأمة" أيضاً هو وجود رغبة حقيقية لدى الأهالى، خاصة أولياء الأمور في تثقيف أبناءهم، من خلال المطالبة بزيادة الجرعة الثقافية التي تقدمها المراكز الثقافية في مناطق السكن البديل، لتعمل على تغيير السلوكيات الغير سوية التي نشأ عليها أطفالهم في المناطق العشوائية التي كانوا يعيشون بها، وكذلك زيادة في النشاط الرياضى، وهو ما يؤكد نجاح التجربة، لإنها تحولت في شهور قليلة من حديث نظرى إلى رغبة متأصلة في قلوب وعقول أولياء الأمور، والاهالى الحريصين على مستقبل أبنائهم.
واستمعت "صوت الأمة" للعديد من الأهالي سواء سكان منطقة الدويقة التي تعيش هناك منذ 6 سنوات أو سكن منطقة بطن البقر التي تم نقلها في شهر مايو الماضي، وذلك تماشيا مع تصريحات الرئيس السيسي حول مستقبل الأطفال الذين عاشوا في المناطق العشوائية والطريقة التي يفكر بها، كذلك تم طرح السؤال الصعب ماذا بعد السكن و ما أهم مطالب السكن في المستقبل.
وقالت رباب فتحى، إحدى سكان حى الاسمرات، أن المساكن التي وفرتها الدولة تعد انجاز كبير تم تحقيقه على ارض الواقع، خاصة بعد انتقالهم من مناطق كانت تفتقد لأدنى مقومات الحياة الأدمية إلى منطقة بها كافة الخدمات، لكنها أشارت إلى أهمية توفير العديد من فرص العمل للمنتقلين إلى السكن البديل، في مناطق قريبة من هذا السكن، لافتة إلى أنها تعمل في مجال العلاقات العامة، بأحدى الشركات في مدينة 6 أكتوبر، وهو ما يستدعى منها مشقة الذهاب والعودة يومياً ما بين "الاسمرات" و6 أكتوبر.
وأضافت رباب فتحى أن الأماكن السكنية الجديدة بحاجة إلى توفير فرص عمل في مختلف التخصصات، بحيث يمكن أن تعمل في وظيفة بالقرب من محل إقامتها، كذلك يمكن استغلال المحلات الموجودة في الدور الأرضي في عدد من العمارات في مشروعات خدمية توفر على السكان الوقت والجهد في شراء طلبات البيت، وفي نفس الوقت توفر فرص عمل، مشيرة الى أن هناك بعض المحال الموجودة.
وأشارت رباب إلى وجود أماكن في السكن البديل لتقديم خدمات تعليمية وتثقيفية للسكان، خاصة للأطفال، وهو ما يساعد الأسر على تكوين جيل جديد لديه الثقافة والوعى، بخلاف ما كانوا يعانوا منه في المناطق العشوائية التي كانوا يقيمون بها قبل ذلك، لكنها طالبت بزيادة الجرعة الثقافية في الأماكن المخصصة لهذا الهدف في الاسمرات وغيرها من المناطق المخصصة كسكن بديل لسكان العشوائيات، وقالت: نحتاج لجرعة مكثفة لتعديل السلوكيات السلبية لبعض السكان، الذين عاشوا طيلة عمرهم في أماكن غير آدمية، واعتادت على القيام بعادات سيئة كثيرة، كما يمكن تدشين ندوات ولقاءات يتم من خلالها تأهيل بعض السكان لحياة جديدة تساهم في خدمة المجتمع".
ويحكي عم محمود، أحد سكان حي الاسمرات، والذي أحيل للمعاش منذ عدة سنوات، أنه يستيقظ في الساعات المبكرة يوميا يذهب لإحضار الإفطار من المطعم المجاور وبعدها يمر على مخبز العيش، وبعدها يجهز الافطار بصحبة زوجته، حيث تعيش معه ويتغير الحالي يوم الجمعة حيث تأتي أحفاده.
وتابع، أنه انتقل إلى الاسمرات، حيث تم توفير سكن حديث في الحي وتحديد في شهر مايو الماضي، مؤكدا أن الحي أفضل عشرات المرات من المنطقة التي كان يسكن بها في بطن البقر بمصر القديمة، لكن ينقصه العديد من الخدمات في الحي الذي يسكن فيها منذ 3 شهور لصيانة الاجهزة الكهربائية وتصليح التلفونات المحمولة".
في نفس السياق يقول عم "علي" هو رجل في نهاية الأربعينات، أنه يعمل في طائفة المعمار في المحارة، وتم نقله إلى مسكنه الجديد منذ عامين، وخلال هذه الفترة شعر بالفارق الكبير في حياته وحياة أسرته، لإنه اليوم أصبح أمنا على أبناءه ومستقبلهم، لكنه أشار إلى أهمية توفير فرص عمل للحرفيين المتواجدين في هذه المناطق قريبة من مقر سكنهم، لافتاً إلى أنه يعمل في مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة.
في السياق نفسه يقول مصطفى محمد وهو شاب في الخامسة عشر من عمره، أنه لم يستكمل تعليمه وخرج من مرحلة الابتدائية ويعمل حاليا مع والده في إحدى المخابز المجاورة لحي الاسمرات، لافتا إلى أنه كان يتمنى استكمال تعليمه، لكن لأسباب تتعلق بظروف المالية اضطر والده أن يخرجه من المدرسة حتى يعمل معه ويساعد في توفير احتياجات البيت.
وأضاف مصطفى أنه يذهب أحيانا لقصر الثقافة لكن ظروف عمله في المخبز تمنعه من الانتظام وحضور الدروس التي تقام هناك، مشيرا أنه كان يعيش في منطقة الدويقة، وتم نقله منذ عدة سنوات إلى حي الاسمرات، وقال "المكان هنا أفضل ونظيف"، مشيراً إلى أنه كان يتمنى استكمال تعليمه ويصبح لاعب كرة " زي محمد صلاح".