«غزوة القرود».. لماذا لا تترك نسانيس حدائق الأهرام أحرارا مثل أجدادها؟
الأربعاء، 18 أغسطس 2021 06:30 ممحمد فزاع
«نسانيس» و«قرود» تقفز من شرفة إلى أخرى، الوضع يخرج عن السيطرة والذعر ينتشر، لا نوم للأطفال والكبار ينامون بنصف أعين، سطور قد تشاهدها فقط في الأفلام السينمائية المخيفة، لكنها رأيناها مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجروبات «حدائق الأهرام»، تناقلها الجميع، بعد هروب دراماتيكي لاثنين من «النسانيس» من أحد المواطنين يهوى تربيتها.
الواقعة بدأت تحديدا منذ 3 أشهر، وبين يوم وليلية استيقظ الجميع على نبأ انتشارها، وأخذ السكان يلتقطون صورا للقرود وهي تقفز عبر البلكونات وشرفات المنازل، بينما كانت تلك القرود تلهو وتقفز بحثا عن الطعام.
الصور المنتشرة قابلها نداءات استغاثة للمسئولين، للوصول إلى القرود وإعادتها إلى المنطقة التي هربت منها، وبدروها تدخلت محافظة الجيزة التي شكلت لجنة من مديرية الطب البيطري وحديقة الحيوانات بالجيزة، لتتبع القرود الهاربة ونصب «الأفخاخ» لها، حرصًا على عدم تعرض المواطنين لأي أذى.
موجة الذعر المنتشرة قابلها آخرون بالسخرية والتهكم من تضخيم الواقعة، وقال أحد سكان منطقة حدائق الأهرام: «النسانيس عندي في البلكونة وبيخبطوا علي الشبابيبك، طلعوا هادين جدا حطتلهم أكل ومياه».
وتضيف أخرى من جروب سكان حدائق الأهرام: «مافيش حاجة تستدعى القلق، أنا ساكنة في الحدايق.. كده كده دول بيتباعوا في محلات تربية الحيوانات عادي.. تلاقيهم هربوا من صاحبهم مش أكتر».
وتعلق ربة منزل: «الفكرة إنهم مسالمين جداً وشكلهم أصلاً، خايف من الناس يعني مفيش قلق منهم خالص.. كمان بقيننا نرميلهم موز وأكل».. هكذا كانت تعليقات السكان، لكن هل فعلا النسانيس مسالمة، وهل يمكن تركها حرة مثل أجدادها؟.
حقوق البشر والقرود
في جزيرة «سانت كيتس» إذا أخذتك الأقدار وخطت قدماك للسياحة، ستجد بين الأشجار ووسط المباني والحدائق الخاصة وحتى الشواطئ، أعين لوزية تبرز بشكل واضح ليلا، حيث تضيف هذه القرود جمالا على الجزيرة الكاريبية، مثل غاباتها وشواطئها ذات الرمال السوداء.
ومن المرجح أن المستوطنين الأوائل في القرن السابع عشر جلبوهم كحيوانات أليفة غريبة، وبعدها تكاثرت بشكل كبير، في السنوات الأخيرة وقدر أعدادهم بنحو 60 ألفا متجاوزة عدد سكان الجزيرة.
ومع معاناة المزارعين من القرود، استخدموا الكلاب لإبعادهم دون جدوى، إذ وجد المزارعون بعد أيام أن القرود قد استأنست الكلاب، فما كان منهم إلا الاستسلام للأمر الواقع.
ويقول السكان إنها «باتت الآن في كل مكان، والسياح يعتقدون أنها لطيفة، وفي الواقع هي فعلا لطيفة، ولكنها وحش أيضًا، وهي مصدر طبيعي يجب حمايته».
خصم سياسي بعض الأحيان
أما في الهند فالقرود تتمتع بدهاء كبير لا تقل عن أي خصم سياسي، ويُقدسها الكثيرون من الأغلبية الهندوسية، ويطعمونها لأنهم يرون علاقة روحية تربطها بالإله «هانومان» الذي يتخذ شكل قرد.
Fight club! 🐒 Monkeys in Lopburi are at war with each other again. A shortage of food offerings from tourists is said to be the reason the crab-eating macaques have been seen brawling in recent times. #Thailand #Lopburi #Monkeys pic.twitter.com/3Sewoc4g1X
— Globe - Bangkok’s News + Lifestyle (@GlobeBangkok) July 26, 2021
تنشر عموما في الهند القرود من فصيلة «المكاك الريسوسي» حمراء الوجه، وتسبب أحيانا فوضى بخطف الطعام والهواتف المحمولة وتقتحم المنازل وتروع السكان داخل وحول العاصمة الهندية، بعدما فقدت إحساسها بالخوف لاعتيادها على أن البشر سيقدمون لنا الغذاء، عاجلا أو آجلا.
وفي بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية نرى القرود في الشوارع تخرج أحيانا من المحميات الطبيعية، وفي بريطانيا تجدهم يتجولون في الشوارع، أما في تايلاند فعددهم وصل الآلاف مؤخرا.
تربية النسانيس
يقول الطبيب البيطري، الدكتور طاهر عثمان، إن النسانيس لا يجري تصنيفها كائنات أليفة ولكن ككائنات برية، ولا يمكن تربيتها في المنزل خاصة وأن هناك أنواع شرسة منها.
وأوضح أن هناك بعض أنواع الأمراض من السهل انتقالها بين الأنسان والنسانيس مثل مرض «السعار»، لذا لابد من اتخاذ الحذر في التعامل معهم، خشية التعرض للعض.
وعن تربية النسانيس في المنازل، يوضح محمد رجائي رئيس الادارة المركزية لحدائق الحيوان، أن هناك العديد من العائلات التي تعمل على تربية الأسود والزواحف بأنواعها.
وتابع: «أصبحت ظاهرة دائمة الحدوث فالكثير من الأشخاص يقوموا بتربية الحيوانات التي تشكل خطورة على الأخرين ومن الممكن أن تأذيهم.. ولما تكبر وتبدأ تضره هو شخصياً بيتخلص منها بأي طريقة ودايماً نلاقي بلاغات عن تمساح في ترعة معينة أو نسانيس في منطقة ما».