آل البيت وأولياء الله في رعاية الرئيس
السبت، 31 يوليو 2021 08:30 م
الرئيس السيسي يأمر بتطوير أماكن يحج إليها المصريون لطلب السكينة
لاقى توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير مساجد وأضرحة آل البيت بشكل متكامل، بما في ذلك من صالات داخلية بالمساجد، وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية، تماشيا مع الطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات، حفاوة بالغة.
الرئيس السيسي اجتمع الأسبوع الماضى مع اللواء أ.ح إيهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء دكتور أشرف العربي رئيس المكتب الاستشاري للهيئة الهندسية، والعميد عبد العزيز الفقي مساعد رئيس الهيئة الهندسية لتصميمات الطرق، والدكتور طارق الخضيري مدير مصنع "إبداع" للرخام والجرانيت، والمهندس أحمد فايز استشاري مشروع مسجد مصر.
محمود الشريف نقيب السادة الأشراف، أعرب عن خالص الشكر والتقدير للرئيس لتوجيهاته بترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، وآخرها أضرحة مساجد "السيدة نفيسة والسيدة زينب وسيدنا الحسين"، التي تأتي بالتزامن مع جهود الدولة الحالية في تطوير المناطق المحيطة بتلك الأضرحة والمواقع الأثرية بالقاهرة الفاطمية والتاريخية، فضلا عن الجهود والإنجازات التي تحققت على يد الرئيس السيسي في وقت قياسي.
ولفت نقيب الأشراف، إلى أن تطوير الطرق والميادين والمرافق المحيطة بمساجد آل البيت ستجعلها أكثر جذبًا للزائرين وأسهل فى الوصول إليها، مما يعيد إلى تلك المساجد والأضرحة مريديها من جديد.
ويحتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومساجدهم وأضرحتهم مكانة خاصة في قلوب المصريين، وفي محبتهم حيث قال الإمام الشافعي: "يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله.. كفاكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له".
وعلى مدار العام يتوافد المصريين إلى أضرحة آل البيت رضي الله عنهم، متوسلين إلى الله عز وجل في باحاتها الطاهرة أن يقضى حوائجهم ويحقق آمالهم.
وحاولت الجماعات المتطرفة التشكيك في شرعية زيارة أضرحة آل البيت، بل وهجموا خلال زمن حكم الجماعة الإرهابية لمصر على العديد من المساجد المتواجد بداخلها أضرحة آل البيت، وأضرموا النيران في بعضها، وهدموا أضرحة أخرى، محرمين زيارتها والتبرك بها.
وحسمت دار الإفتاء المصرية جدل زيارة مقامات آل البيت ورجال الله الصالحين وردت على من يدعى أن زيارتهم بدعة وشرك بالله في فتوى لها بقولها: إن زيارة مقامات آل بيت النبوة من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولاً عند رب البريات، فإن زيارة القبور على جهة العموم مندوب إليها شرعًا؛ حيث حث النبى صلى الله عليه وآله وسلم على زيارة القبور فقال: "زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ" وفى رواية أخرى للحديث: "فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ". وأَوْلى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبور آل البيت النبوى الكريم، وقبورهم روضات من رياض الجنة، وفـى زيـارتهم ومودتهم برٌّ وصلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الله تعالى: "قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى" (الشورى: 23).
وأكدت دار الافتاء أن زيارة قبور آل البيت والأولياء مشروعة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفا، وكان علماء المسلمين وعوامُّهم عبر العصور يزورون قبور الأنبياء والصالحين وآل البيت المكرمين ويتبركون بها من غير نكير، فزيارة قبور آل البيت والأولياء والصالحين هى من آكد القربات، والقول بأنها بدعة أو شرك قول مرذول، وهو كذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وطعن فى الدين وحَمَلَتِه، وتجهيل لسلف الأمة وخلفها، وعلى المسلم أن ينأى بنفسه عن هذه الأقوال الفاسدة والمناهج الكاسدة.
مسجد الإمام الحسين بالقاهرة قبلة الصوفية، ومحبي آل البيت، ويقع بالقرب من منطقة خان الخليلي في حي الحسين، يعد من ويؤمن المصريون أن رأس الحسين الإمام الحسين رضى الله عنه مدفون في هذا المسجد، بالرغم من تضارب الروايات بهذا الشأن.
وبنى المسجد الحسين بالحجر الأحمر ويضم خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية، ومحرابه مزخرف بخردة دقيقة مأخوذة من قطع قاشانى صغيرة ملونة، وبجانبه منبر من خشب يجاوره ثلاث أبواب أثنان يؤديان إلى القبة والثالث يؤدى إلى حجرة الأثار النبوية.
كما بنيت مأذنته على نمط المآذن العثمانية فهي أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهي بمخروط. وللمشهد ثلاثة أبواب بالوجهة الغربية وباب بالوجهة القبلية وآخر بالوجهة البحرية يؤدى إلى صحن به مكان الوضوء وبالمسجد ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وهناك باب آخر يقع بجوار القبة يُعرف بالباب الأخضر.
وجرى بناء المسجد خلال حكم الفاطميين مصر، ويحتوي على مقتنيات إسلامية مهمة مثل الحجرة النبوية التي يتوافد عليها المسلمون للتبرك بما داخلها حيث تضم قطعة من قميص النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذى أهدته له أم ابنه إبراهيم المصرية ماريا القبطية، وهو من الكتان المصري، وكذلك وقطعة من عصاه ومكحلته وشعرتين من لحيته الشريفة، وقطعة كسوة الكعبة، فضلا عن نسختين من المصاحف بالخط الكوفي أحدهما بخط يد عثمان بن عفان، والآخر بخط يد الإمام علي بن أبي طالب، كما توجد بالمسجد نجفة ضخمة يصل وزنها إلى خمسة أطنان من الكريستال المحلى بالذهب الخالص وقوائمه من الفضة الخالصة، وتعد الأضخم بالعالم العربي.
يقع مسجد وضريح السيدة زينب بنت الإمام علي وأخت الحسنين رضى الله عنهم، في حي السيدة زينب بالقاهرة حيث أستمد الحي اسمه من صاحبة المقام الموجود في داخل المسجد، الذى يتوسط الحي ويعرف الميدان المقابل للمسجد أيضا بميدان السيدة زينب.
وكانت السيدة زينب قد جاءت إلى مصر بعد أن منحها معاوية بن أبي سفيان فرصة اختيار منفاها، ليستقبلها والي مصر وأهلها فرحين بقدومها، لتدعوا السيدة زينب ومن معها، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا".
ووهب والي مصر آنذاك قصر للسيدة زينب لتقيم فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر، وجعلتها مكانا لتعبدها وزهدها، لتتحول هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب، وبناء على وصية السيدة زينب تحول باقي القصر إلى مسجد، يحمل اسمها حتى الآن.
وجدد الأمير "عبد الرحمان كتخدا"، المسجد في عام 1768م، كما جددته الأوقاف المصرية مرتين الأولى عام 1940م، والثانية في عام 1969 حيث ضاعفت مساحته.
أما مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها فيقع في منطقة بذات الاسم بالقاهرة، ويعد أول مسجد في درب عرف قديما بــ "درب السباع" ثم تغيير إلى "درب أهل البيت"، لكونه يضم عدة محطات مشرفة منها مسجد السيدة نفيسة، ومشهد الإمام علي زين العابدين، ومشهد السيدة زينب بنت الإمام علي، ومسجد السيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة رقية بنت الإمام علي بن أبى طالب، وسيدي محمد بن جعفر الصادق، والسيدة عاتكة عمة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
والسيدة نفيسة؛ واحدة من آل البيت الأطهار، فهي بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهي من مواليد مكة المكرمة عام 145هــ، قدمت إلى مصر عام 193هــ، ومكثت فيها إلى أن انتقلت إلى الرفيق الأعلى عام 208م، تزوجت من "إسحق المؤتمن" الذي يعود نسله إلى الامام الحسين بن على بن أبي طالب كرم الله وجه، وقد كانت -رضي الله عنها- سيدة عظيمة، حافظة لكتاب الله، وعالمة بعلوم الفقه والتفسير، زاهدة بالدنيا، مقبلة على الآخرة، وقد لقبت بــــ "نفيسة العلوم، ونفيسة الدارين، السيدة الشريفة العلوية، والسيدة النقية، والعفيفة والساجدة والمتبحرة، وأم العواجز، وفرع الرسالة، وجناح الرحمة، ونفيسة المصريين".
وتقول كتابات تاريخية كثيرة إنه :"عندما توفيت السيدة نفيسة بنت الحسن بمدينة القاهرة؛ فأراد زوجها دفنها في البقيع، فحزن أهل مصر حزنًا شديدًا، وهرعوا إلى الوالي واستجاروا به عند زوجها، ليرده عما أراد، فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم، فأبى أيضا، فباتوا منه في ألم عظيم، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي، وجدوه مستجيبًا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: "رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم"، وطبقا لــ خطط المقريزي" كان عبيد الله بن السري بن الحكم والى مصر من قبل الدولة العباسية، أول من بنى على قبرها عام 482 ه، وفي عهد الدولة الفاطمية أمر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله بتجديد الضريح، ثم أمر الخليفة الحافظ لدين الله بعدها بتجديد القبة وكساء المحراب بالرخام".
وفي عام 714 هـــ أمر الناصر محمد بن قلاوون بتجديد الضريح وبإنشاء مسجد بجواره، كما أمر بأن يتولى نظارة المشهد النفيسي الخلفاء العباسيون، فكان أول من تولى النظارة الخليفة العباسي المعتضد بالله، وفي عهد الخديوي عباس الثاني نشب حريق بالمسجد وأتلف قسم كبير منه، فأمر بإعادة بناءه، أما المسجد بشكله الحالي فقد تأسس في عام 1314هــ /1897م؛ ويتوسط واجهة المسجد الرئيسية المدخل وهو بارز ومرتفع عنها ومغطى بطاقية مقرنصة، وتقوم أعلاه منارة رشيقة بنيت على الطراز المملوكي، ويؤدي المدخل إلى دركاه تفضي للمسجد؛ وهو عبارة عن مساحة مربعة مغطاة بسقف خشبي منقوش بزخارف عربية ومحمول على ثلاث صفوف من العقود المرتكزة على أعمدة رخامية، ويعلو منتصف البائكة الثانية منه شٌخشيخة مرتفعة، ويتوسط جدار القبلة محراب مكسو بالقيشاني الملون، وعلى يمين المحراب باب يؤدي إلى ردهة مسقوفة يتوسطها شخشيخة، نصل من خلالها إلى الضريح المغطى بقبة، حيث يتوسطه مقصورة نحاسية أقيمت فوق قبر السيدة نفيسة، وذلك بحسب موقع محافظة القاهرة.
كما يعد ضريح الإمام زين العابدين، ومسجده أحد أهم الأضرحة الإسلامية الموجودة بالقاهرة، ويقع فى منطقة آثار السيدة زينب التابعة لمناطق آثار جنوب القاهرة، وكان قد جرى ترميم الضريح والمسجد وإعادة افتتاحهما من خلال فريق من إدارة ترميم القلعة والقاهرة الجنوبية.
وتعود عمارة المسجد والذي يعد من أكبر المساجد بمصر حيث تبلغ مساحته 4600 م2 ويسع 5200 مصلى، إلى عهد الوالى العثمانى حسن باشا طاهر السلحدار.
والإمام زيد بن على المعروف بزين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب وكنيته أبو الحسن، ولد عام 78 ﻫجرية في المدينة المنورة، واستشهد عام 122 هجرية.