انتشرت خلال الأيام الماضية ظاهرة تكرار حوادث قتل "الأزواج"، وانفجرت بعدها التعليقات الساخرة من الرجال على مواقع التواصل الاجتماعي، معبرين عن الرعب من زوجاتهم ومطالبين بالرجوع إلى أيام محكمة الأسرة وزمن الخلافات الجميل.
هذه النوعية من حوادث القتل كانت تحدث من حين إلى آخر على فترات متباعدة للغاية، ولظروف وأسباب كانت في الأغلب كبيرة، إلا أن الأمر اللافت للنظر تكرارها مؤخرا.
على الأغلب لا يمر أسبوع حتى ضجت الأجواء بتفاصيل حادثة جديدة لمقتل زوج على يد زوجته لأسباب تكاد تكون عادية، كانت أشهرها الحادثة المعروفة إعلاميا باسم "حادثة قتل القليوبية" والتي أقدمت فيها زوجة شابة على قتل زوجها الشاب طعنا بالسكين قبل يوما واحدا من أول أيام عيد الأضحى المبارك بسبب خلاف على دفع فاتورة الكهرباء.
وفي حادثة قلب مواقع التواصل الاجتماعي رأسا على عقب بعدما قتلت الزوجة ريهام زوجها أحمد طعنا بالسكين، بعد قصة حب مشتعلة على السوشيال ميديا، في قرية طنط الجزيرة التابعة لمدينة طوخ.
كشفت التحريات أن مشاجرة نشبت بين الزوجين بسبب خلاف حول نفقات العيد، وتبادلا الضرب، ففرت ريهام إلى المطبخ وأخذت سكيناً وطعنت زوجها في صدره. وبعد نقله إلى المستشفى بساعات، فارق الحياة.
من جهتها قالت الزوجة إنها كانت تدافع عن نفسها وإنها لم تتعمد قتله، مضيفة أنها لم تتوقع أن الطعنة ستقتله.
وتبين أن ريهام وأحمد لديهما طفلان وأن الأسرة تعيش حياة سعيدة والخلافات بين الزوجين كانت قليلة، فيما أكد الجيران أنهما ارتبطا سوياً بعد قصة حب كبيرة.
عقب الجريمة، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في القرية وكذلك أصدقاء الزوجين مجموعة من الصور والتعليقات التي حملت عبارات تعبر عن قوة العلاقة بينهما. وكتب الزوج في إحدى تعليقاته: "وتبقى هي أعظم انتصاراتي وأجمل اختياراتي"، بينما كتبت الزوجة على إحدى صور زوجها: "أحلى عريس ده ولا إيه.. أحلى زوج ده ولا إيه".
وشكل تكرار وتعاقب حوادث قتل "الأزواج" ظاهرة اجتماعية خطيرة، استلزمت تدخل خبراء علم نفس واجتماع، لتفسيرها والوقوف على أسبابها الحقيقية، وكشف الدوافع وراء ارتكابها، ووضع روشته لعلاجها وتفادي انتشارها في المجتمع المصري، بشكل أخطر من الواقع.
كشف الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي، في تصريح خاص لـ "صوت الأمة"، أن مصر، من الناحية الإحصائية تحتل المرتبة الـ 3 على مستوى العالم العربي في قتل الزوجات للأزواجهن، موضحا أن منظمة الأمم المتحدة، ذكرت في إحدى تقاريرها، "إن الرجال معرضون للقتل أكثر من النساء بنسبة 4 إلى 1"، أي أن كل امرأة معرضة للقتل، يقابلها 4 رجال معرضون للقتل من جانب زوجاتهم.
وعن أسباب تكرار مثل هذه النوعية من الحوادث، أكد الدكتور وليد هندي، أن التفاهم والتوافق بين الأزواج، هو أمر في غاية الأهمية، خاصة أنهن كن في الماضي القريب، يلقبون بـ "الجنس الضعيف"، أما الأن فقد اختلف الأمر كثيرا، ولم تعد المرأة كما كانت في السابق، بل وأن السيدة "استرجلت" ولم تعد كالسيدات في الماضي، مشيرا إلى أنه هناك إحصائية علمية تؤكد بأن كل 10 رجال يقتلون، يكون من بينهم 8 رجال قد قتلوا على على يد سيدات من الأقارب سواء كن الزوجة أو الابنة أو العشيقه.
وأوضح الاستشاري النفسي، أن التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في تكوين المرأة وتجعلها شخصية عدوانية، لافتا إلى أن هناك عوامل نفسية للعنف الأسري، كالضغط النفسي وعدم الإنتماء والإشباع والإحباط، من الممكن أن تؤدي إلى جرائم أسرية كبيرة، وهو ما لاحظناه في أوقات حظر كورونا، موضحا أن أصحاب الجرائم الأسرية، هم نتاج مستوى تعليمي منخفض، أو دون تعليم، أو تعلموا داخل مدارس ليس بها أنشطة اجتماعية، فضلا عن أنهم أشخاص يعانون من اضطرابات وخلل في الشخصية، وغالبا يكون نمط الشخصية لديهم غالبًا "شخصية عدوانية"، أي يقدمون على ارتكاب أعمال العنف أولًا قبل التفكير في أي شئ.
وتابع: "من الممكن أن تكون شخصية سادية تتلذذ بتعذيب الآخرين، أو شخصية معقدة وفاقدة للاهتمام، إلى جانب بعض الشخصيات السيكوباتية، مشيرا إلى أن هناك كذلك، أسباب بيئية تتسبب في حدوث العنف، من أهمها تعاطي المخدرات، والتي لها آثار نفسية خطيرة مثل الغيبوبة الحسية، وكذلك الضلالات التي يقع المدمن بها ويكون غير مدرك لأفعاله، وهنا يمكنه قتل شخص دون وعي، بالإضافة إلى "الزحام" والذي يؤدي إلى ممارسة سلوك عدواني، وهو ما قد يدفع الأب أو الأم أو الزوج أو الزوجة إلى القتل في بعض الأحيان.
ولفت دكتور وليد هندي إلى أهمية دور وسائل الإعلام في تنمية وزيادة العنف و العنف الأسري داخل المجتمع، عبر بث الأفلام والمسلسلات التي تتناول جرائم قتل، موضحا أن المجرم يؤدي جريمته باحترافية وإتقان بعد مشاهدته لمثلها من خلال وسائل الإعلام المختلفة سواء التليفزيون أو السينما، علاوة على ما يعانيه المجتمع من نقص شديد في الدين الوسطي الصحيح، فضلا عن الإنشغال الدائم بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا المستحدثة، وهو ما أفقد الأسرة المصرية سلوك الذوق الرفيع والإنسانية ومشاعر الأمومة والأبوة، الأمر الذي أدى إلى تفكك العلاقة الأسرية التي كانت تتمتع بالتماسك الاجتماعي.
وشدد على أن هناك تطورا خطيرا في عمليات قتل الرجال على يد السيدات، منها الزوجة التي خدرت زوجها بحبوب منومة، ثم وضعته في "بانيو" الحمام، وسكبت عليه مادة بوتاس الصوديوم وكلوريد الصوديوم، لتذيب جسده، ثم بنتهى السهولة شدت "سدادة البانيو" لتصريف جسد زوجها في المصرف الصحي، كذلك الواقعة البشعة التي ارتكبتها زوجة إماراتية عام 2020، وضعت 12 قرص فياجرا لزوجها في الطعام، ثم قطعته وطهيه ووضعته كطعام للعمال.