أدرك الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اللحظة الأولي لتوليه الحكم أهمية التواجد المصرى أمام المحافل الدولية، فارع بالعمل على ترسيخ هذا التواجد وإيصال الصوت المصرى لدول العالم كافة، واحتل ملف العلاقات الدولية أولوية فى أجندة عمل الرئيس.
كما أدرك جيدا أهمية اجتماعات الامم المتحدة فى صياغة مسارات العلاقات الدولية، فأصبح أول رئيس مصرى يشارك فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ7 دورات متتالية، بل أكثر قادة مصر مشاركة منذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945.
ولم يكن يخاطب السيسي خلال مشاركته الحاضرين في القاعة الرئيسية للأمم المتحدة، وإنما كان يخاطب شعوب العالم لنقل مواقف مصر للرأي العام الدولى، لتكون مشاركته بمثابة رسالة إعلامية لشعوب العالم بقدر ما هي رسالة سياسية ودبلوماسية.
وخلال مشاركته فى 7 دورات متتالية، تمكن الرئيس من إجراء أكثر من 70 لقاء مع رؤساء وقادة العالم على هامش أعمال تلك القمم.
وفى إطار مد جسور العلاقات مع مختلف دول العالم، والعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية شهد العلاقات مراحل من التميز والقرب آخرها المكالمات الهاتفية بين الرئيسين السيسى وبايدن، والتى حملت تقديرا كبيرا للجهود المصرية لإحلال السلام والاستقرار بالمنطقة، خاصة نزع فتيل الأزمة فى غزة، وهو ما تبعه زيارة وزير الخارجية أنتونى بلينكن والتى أكد خلالها توافق الرؤى المصرية الأمريكية حول أبرز القضايا فى المنطقة وتثبيت الهدنة فى غزة وإعادة الإعمار.
لم يأت التوافق المصرى الأمريكى مفاجأة بل هو امتداد لعلاقات مترسخة بين البلدين، فقد شهد عام 2020 نشاطًا ملحوظًا على صعيد العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات، وانعكس ذلك في استمرار التنسيق رفيع المستوى بين البلدين، حيث تبادل الرئيسان الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ورغم ظروف تفشي وباء كورونا وما ارتبط بذلك من فرض قيود على حركة السفر والتنقل بشكل عام، إلا إن حركة الزيارات المتبادلة بين البلدين شهدت نشاطًا واضحًا.
العلاقات المصرية الفرنسية
تتميز العلاقت بين مصر وفرنسا بالتقارب الكبير بين الرئيسين ماكرون والسيسى، وفى الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى لباريس مايو الجارى، جدد ماكرون حرصه على متانة العلاقات بين البلدين ودعمه للمبادرة المصرية لوقف التصعيد فى غزة
كما أعرب ماكرون عن تقدير فرنسا لمصر على المستويين الرسمى والشعبى، واعتزازها بالروابط التاريخية التى تجمع بين البلدين الصديقين، والتزام فرنسا بتعزيز مسيرة العلاقات الثنائية المشتركة فى مختلف المجالات، ودعم قدرات وجهود مصر بقيادة الرئيس لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ولتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها.
العلاقات الأوربية المصرية
نشاط مكثف قامت به وزارة الخارجية في الاضطلاع بدورها نحو الإعداد والمشاركة في عدد من الزيارات الرسمية الهامة ورفيعة المستوى بين مصر مع الدول الأوروبية التي من شأنها تعزيز العلاقات بين الجانبين في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
مصر الأماستكمالا لدور مصر الحاضن للأمة العربية استقبل الرئيس السيسى منذ أيام وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مؤكدا لها أن الدولة المصرية تكن كل الاحترام للمجلس الرئاسي الليبي المؤقت، والحكومة التنفيذية وتقدم كل الدعم لليبيا في مسارها السياسي، فالدولتان أمن قومى مشترك، وأن مصر تدعم استكمال المسار السياسي وصولا لانتخابات تعبر عن إرادة الشعب الليبي بعيدا عن المليشيات المسلحة والمرتزقة الموجودين.
وأوضح الرئيس أن موقف مصر ثابت تجاه القضية الليبية، ووحدة أراضيها، وسيادة إرادة الشعب الليبي دون تدخلات خارجية.
فى الوقت الذى أعربت وزيرة الخارجية الليبية عن تشرفها بلقاء الرئيس، حيث نقلت للرئيس السيسي تحيات رئيسي الحكومة والمجلس الرئاسي الليبيين، مؤكدةً تقدير وفخر الحكومة الليبية بالدور المصري الرائد في المنطقة في إطار القيادة الحكيمة والرشيدة للرئيس والجهود الحثيثة والصادقة لمصر في دعم أشقائها في ليبيا والتي تنبع من مبادئ الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية واستعادة الأمن والاستقرار بها وصون المؤسسات الوطنية للدولة الليبية بما فيها توحيد المؤسسة العسكرية وإنهاء التدخلات الأجنبية وخروج كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا وكذلك إرساء مبادئ الحوار بين الفرقاء الليبيين ودعم المصالحة الوطنية استعداداً لعقد انتخابات نزيهة وشفافة وحقن دماء الليبيين من خلال وقف إطلاق النار عبر «إعلان القاهرة».
كما أثنت نجلاء المنقوش على المساندة المصرية في تفعيل ودعم جهود تسوية الأزمة الليبية في مختلف المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية وذلك في ضوء الاعتبارات والروابط التاريخية بين البلدين الشقيقين.
وفى سياق عمل أجنحة الدبلوماسية المصرية، يجرى وزير الخارجية سامح شكرى، اتصالات عديدة مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، وتطرق فى أكثر من حديث معها إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين الشقيقين، فضلًا عن تبادل الرؤى تجاه مُستجدات الأوضاع في ليبيا وجهود تنفيذ كامل مُخرجات الحوار السياسي الليبي وقرار مجلس الأمن ذي الصلة، وبما يضمن استقرار وازدهار ليبيا ورخاء شعبها الشقيق.
وعلى صعيد قضية فلسطين ، هناك تواجد مصرى قوى فى الملف الفلسطينى، فجاءت زيارة وفد مصرى كمحاولة للوساطة وإحياء عملية السلام المتوقفة بين إسرائيل والفلسطينيين، إلى قطاع غزة والتى استمرت ساعات التقى خلالها برئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، وعددًا من قادة الحركة وفصائل المقاومة الفلسطينية، كما زار المواقع المتضررة من القصف الإسرائيلي والمناطق المقترحة للبدء في إعادة إعمار قطاع غزة، وذلك عقب وصول الوفد الأمني المصري إلى القطاع.
وكان المشهد الأبرز للخارجية المصرية في أحداث غزة، عندما مدت مصر يد العون لها، وانتشرت ملصقات كبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي وأعلام مصرية الشوارع في أنحاء القطاع ، واصطفاف المئات خارج مدخل غزة حاملين الأعلام المصرية كان مشهد أبلغ من الكلام عن محبة الشعب الفلسطينى لمصر .
جهود متصلة
على صعيد متصل، قام وزير الخارجية بزيارة العديد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية حاملاً رسائل من الرئيس السيسى إلى نظرائه من زعماء وقادة هذه الدول.
وكثفت مصر من تحركاتها في إطار محيطها العربي حرصاً على إطلاع الدول العربية الشقيقة على حقيقة موقف المفاوضات وما تواجهه من صعوبات ارتباطاً بالتعنت الإثيوبي المستمر، حيث نجحت الدبلوماسية المصرية في استصدار قرارين من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في كل من 4 مارس و23 يونيو 2020 أكدا تضامن الدول العربية مع حقوق مصر المائية.
هذا ولم تكن القاهرة بغافلة عن ضرورة التواصل مع الرأي العام في العديد من الدول المؤثرة بهدف شرح أبعاد الموقف المصري ووضعية المفاوضات المتعثرة.
إضافة إلى التحركات الدبلوماسية المصرية المكثفة من خلال زيارات مكوكية لوزير الخارجية سامح شكرى استهلها بالعاصمة الأردنية عمان، ورام الله، وتأكيدات الوزير شكرى بمواصلة دعم الأشقاء في فلسطين والسعى من أجل تحقيق التهدئة الشاملة والمستدامة، ومواصلة المساعي إعادة الانخراط في عملية السلام ؛ فضلاً عن التشاور مع القيادة الفلسطينية بشأن الجهود ذات الصلة بإعادة الإعمار في قطاع غزة وتوفير الدعم التنموي لسائر الأراضى الفلسطينية، وأكد ضرورة تفعيل حل الدولتين وتحقيق مطالب الشعب الفلسطينى وأهمية العمل خلال الفترة المقبلة من أجل التحرك قدمًا لإحياء مسار تفاوضى جاد.
الدبلوماسية البرلمانيةفي نفس السياق يستمر النشاط الملحوظ لمجلس النواب على الصعيد الداخلي والخارجي، في إطار توجه الدولة لتنشيط الدبلوماسية البرلمانية بصفتها أحد أدوات السياسة الخارجية المصرية، وكانت أبرز جهود الدبلوماسية هى تنسيق مشاركة مجلس النواب في اجتماعات البرلمان الأفريقي والجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الاقتصادي، واتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، واجتماع الجمعية البرلمانية للبحر المتوسط، إضافة إلى الإعداد والترتيب لمشاركة رئيس مجلس النواب، ووكيل المجلس، ورؤساء اللجان النوعية في مختلف الفاعليات البرلمانية الدولية ذات الصلة بمهام تلك اللجان.
دور ريادى للجامعة العربية
ومن جهة أخرى، تستمر جامعة الدول العربية فى دورها الريادى على الصعيد الإقليمى من خلال بذل مساعيها لحل أزمات المنطقة، وكان لها تواجد قوى فى الأزمة اللبنانية حيث قام السفير حسام زكى الامين العام المساعد الخميس بزيارته الثانية لبيروت، والتقى الاطراف الرئيسية فى الساحة الللبنانية ، وشملت اللقاءات الرئيس اللبنانى ميشال عون ورئيس البرلمان اللبنانى نبيه برى ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من رؤساء السياسيين البارزين.
وفى السياق ذاته، أكد السفير حسام زكى عقب لقائه الرئيس عون، أن الجامعة العربية حريصة على متابعة الوضع في لبنان، وهو وضع متأزم فهناك أزمة سياسية وأزمة اقتصادية ضخمة، والازمتان متلازمتان، ولا يمكن حل الأزمة الاقتصادية من دون الوصول إلى مخرج وتسوية للأزمة السياسية. ووضع الأمين العام المساعد السفير زكي، إمكانات الجامعة بتصرف أي خطوة تساعد على تسهيل الاتفاق بين الأطراف اللبنانيين في المجالات كافية. وفق بيان صحفى صادر عن قصر الرئاسة بلبنان