عام كامل، استطاعت مصر خلاله أن تتزعم قارة أفريقيا، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، كان عام 2019، هو نقطة البداية، وشرارة أطلقت من خلالها الدولة المصرية مكوكها الفضائى المحمل بأجندتها وجهودها وبطاقم دبلوماسيتها نحو بلدان القارة السمراء، مكوك حمل كل الخير والدعم والمساندة للشعوب الأفريقية، تلك التى فتحت أذرعها لمصر، واستقبلت رجوعها للحضن الأفريقى بحفاوة بالغة، هى سنة ترأس مصر للإتحاد الأفريفى، وإلى اليوم لايزال هذا المكوك يدور فى فلك قارتنا، حتى بعد أنتهاء رئاسة مصر للإتحاد.
كل ذلك ما كان لولا ثورة الـ30 من يونيو التى استعادة بها الشعب المصرى دولته من عبثية الجماعة الإرهابية، تلك الثورة العظيمة التى أفرزت قائد حكيم استطلاع أن يخرج القارة الأفريقية والعلاقات المصرية بجيرانها من الظلام إلى النور.
365 يوم كانت فرصة كبيرة للقيادة المصرية لتطبيق استراتيجيتها المتمثلة فى إعادة مصر إلى محيطها الافريقى باعتباره أحد مرتكزات الأمن القومى المصرى، والتى اهملت لسنوات مديدة نتيجة لظروف سياسية مختلفة عصفت بمصر فى فترات متفاوتة، قبل صعود الرئيس للحكم.
بعد 6 سنوات من صعود الرئيس السيسي لسدة الحكم تكللت الجهود المصرية التى قادها بفوز مصر برئاسة "الاتحاد الأفريقى" الذي يضم 54 دولة فى الـ9 من فبراير 2019، فى فترة سبقت تعليق عضويتها فى 2013 ثم نجحت الجهود الدبلوماسية المكثفة للقيادة المصرية آنذاك باعادة الأمور إلى نصابها، وفى عام 2014 قرر مجلس السلم والأمن الأفريقي بالاجماع عودة مصر لأنشطتها في الاتحاد الإفريقي، فكانت الدولة المصرية حريصة على عودة قوية لتكون نقطة بداية لريادة حقيقية للقارة للسنوات المقبلة.
وكانت مصر الدولة الثانية فى شمال إفريقيا التى ترأست الاتحاد بعد ليبيا التى تولت هى الأخرى رئاسة الاتحاد لعام 2009، نظرا لدور القاهرة المحوري إقليما وعالميا، وتعد المرة الأولى التى تتولى فيها مصر الاتحاد الأفريقى منذ نشأته عام ٢٠٠٢، باعتبارها احدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية الأم في ستينات القرن الماضي، وهي الجهود التي قوبلت من الدول الأفريقية بالتقدير الذي انعكس بالمقابل في منح مصر والرئيس الثقة في إدارة والإشراف على الجهود القارية لتلبية أحلام وطموحات الشعوب الأفريقية.
محاور عدة برزت من خلالها استراتيجية مصر فى أفريقيا منذ توليها زمام الأمور، فى مقدمتها تصحيح صورتها بالخارج بعد عبث الجماعة الارهابية، واستعادة ثقة الدول الإفريقية، فى قدرة مصر على القيام بمسئولياتها الإقليمية بما لها من باع طويل فى هذا المجال منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وطبقا لتقرير أعدته "الهيئة العامة للاستعلامات، فان مصر عززت تواجدها فى الاتحاد كما قامت بالتصديق على 20 اتفاقية فى إطار الاتحاد، بالإضافة للنظام الأساسى للجنة القانون الدولى للاتحاد الإفريقى، كما وقعت على الميثاق الإفريقى للشباب والاتفاقية الإفريقية لإنشاء برنامج التعاون الفنى وميثاق النهضة الثقافية الإفريقية والمعاهدة الإفريقية لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية "معاهدة بليندبا"، والاتفاقية المؤسسة للمعهد الإفريقى لإعادة التأهيل وبروتوكول الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إنشاء محكمة إفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
خلال العام 2019، مثلت مصر القارة الافريقية فى العديد من المحافل الدولية، التى حرص الرئيس السيسي، على المشاركة فيها بنفسه، لعرض هموم وآمال شعوب القارة، واطلاق المبادرات، وهى التالى:
مؤتمر ميونخ للأمن (15 فبراير 2019)
شارك الرئيس السيسى فى الدورة الـ55 لمؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا بعد 5 أيام فقط من تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى، تأكيدًا على عمق العلاقات الأوروبية العربية والأفريقية، وطرح خلال المؤتمر الرؤية المصرية لحل أزمات العالم العربى وتطوير التعاون الأوروبى الإفريقى فى ظل رئاسة مصر للاتحاد، وناقش خلال المؤتمر أجندة إفريقيا 2060 وسبل التكامل والاندماج الاقتصادى الإقليمى وتعزيز التجارة البينية بالقارة.
كما طرح الرئيس رؤيته في حل أزمة تدفق اللاجئين ومكافحة الظواهر الإرهابية وجماعات الفكر المتطرف، فضلا عن طرح رؤية مصر لتعزيز العمل الأفريقي من خلال دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي على مستوى القارة، وتسهيل حركة التجارة البينية في إطار أجندة أفريقيا 2063 للتنمية الشاملة والمستدامة، بالإضافة إلى تعزيز جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، بالاضافة إلى ذلك استعرض الرئيس الإنجازات الاقتصادية التي حققتها مصر منذ إطلاق برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي. والتأكيد على أن مصر تعمل على تدشين مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بالقاهرة، ليكون بمثابة أداة فعالة في مساعدة الدول التي خرجت من النزاعات المسلحة على تقييم احتياجاتها وبلورة تصورها الوطني لإعادة الإعمار.
انطلق منتدى الحزام والطريق ببكين- الصين بمشارك الرئيس السيسي، والتى ركزت على إنشاء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير، والذى سيجعل قناة السويس منطقة للتنمية يتوافد عليها المستثمرون لتخرين بضائعهم، لتكون قريبة من السوق الأوروبى، فضلا عن بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط قارات العالم القديم ببعضها البعض.
القمة الصينية الافريقية (18 يونيو 2019 )
مثل الرئيس عبدالفتاح السيسي، مصر فى القمة الصينية الأفريقية المصغرة على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين بأوساكا، والتي جمعت إلى جانبه كلاً من الرئيس الصيني "شي جين بينج"، ورئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا"، والرئيس السنغالي "ماكي سال"، وسكرتير عام الأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، ومن خلالها رسخت مصر أساس الملكية الوطنية لبرامج التنمية وأجندة التنمية الأفريقية 2063.
كما عملت على توحيد أصوات الدول الأفريقية خلال الاجتماعات الدولية التي تجمعها بالشركاء الإستراتيجيتين، كما عملت علي تحقيق التوازن والمصلحة المتبادلة ما بين الدول الأفريقية والشركاء الدوليين، وأقترحت مصر بلورة نماذج عملية لتعزيز تعاون الصين مع أفريقيا، طرحت مصر مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتعزيز مبادرة الصين الحزام والطريق، وأخيرا طالبت مصر بضرورة التعجيل بدخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية القارية حيز النفاذ.
مشاركة مصر في قمة مجموعة العشرين فى أوساكا باليابان (28 ، 29 يونيو 2019)
شارك الرئيس السيسي في 4 جلسات لقمة مجموعة العشرين، حيث عرض الرئيس أمام قادة 37 دولة حضروا القمة إلى جانب كبار المسؤولين الدوليين، الرؤية المصرية فيما يخص الشراكة بين الجانبين والتحديات الحالية، مؤكدًا المسؤولية الجماعية في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف، وطالب بحق أفريقيا في شراكة اقتصادية عادلة، مؤكدًا أن القارة الأفريقية مؤهلة لنقل التكنولوجيا واستقبال الاستثمارات خاصة في مجال البنية التحتية .
شارك الرئيس السيسي الدورة الـ12 للقمة الإفريقية الاستثنائية التي عٌقدت في نيامي عاصمة النيجر، بالاضافة إلى قادة ورؤساء حكومات 55 من دول الاتحاد الإفريقي، وأعلن الرئيس بوصفه رئيس الاتحاد الإفريقي عن بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الإفريقية، و ناقشت القمة أجندة 2063، "قمة نيامي" بحثت كذلك مستجدات المنطقة وما يحدث في ليبيا والسودان ودول آخرى، إضافة إلى مقترح إعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي، وأولت القمة اهتماما خاصا للملف الأمني والخطر الإرهابي.
مشاركة السيسي في قمة السبع الكبرى (24 اغسطس 2019)
شارك الرئيس السيسى، بمدينة "بياريتز" الفرنسية، والتى ركز جدول أعمالها على مكافحة الإرهاب وتحقيق المساواة بصورة عالمية، وتجديد الشراكة مع القارة الإفريقية على نحو يتسم بقدر كبير من الإنصاف، وألقى كلمة أمام قمة شراكة مجموعة السبع وإفريقيا، بصفته رئيسا للاتحاد، وتطرق خلال حديثه للتحديات التى تواجه الدول الإفريقية، مؤكدا على ضرورة وضع خطط تنموية ترتكز على الموارد المادية والبشرية الإفريقية؛ لتحقيق تنمية معتمدة على الذات.
القمة اليابانية الافريقية (28 اغسطس 2019)
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في "مؤتمر طوكيو الدولي السابع للتنمية في أفريقيا" (تيكاد 7) الذي عقد خلال الفترة (28/8 -30/8/2019) ، أنعقد المؤتمر بمدينة "يوكوهاما"، تحت رئاسة مشتركة يابانية - مصرية، في ضوء الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي، ويمثل ذلك دعم التعاون بين مصر واليابان في أفريقيا بما يسهم في تحقيق التطلعات التنموية لأفريقيا، كما أن هذه القمة كانت فرصة لتكثيف تبادل وجهات النظر بين البلدين في هذا الإطار، فضلا عن ان "تيكاد" تعد إحدى أهم القمم والتجمعات من أجل التعاون في تنمية وتطور القارة السمراء.
الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة (24 سبتمبر 2019)
ركز الرئيس السيسى خلال مشاركته بالدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على المبادرات الصحية المصرية التى يهدف لنشرها وتعميمها بإفريقيا، مثل تعميم مبادرة "مائة مليون صحة" بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وتطرق إلى رؤية مصر فى سبل مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن والسلم العالميين، كما تناول جدول أعمال الدورة موضوع "الشراكة الجديدة من أجل التنمية فى إفريقيا".
القمة الروسية الافريقية (24 اكتوبر 2019)
ترأس السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، أول قمة روسية إفريقية، فى أكتوبر الماضى، وناقش الجانبان خلالها قضايا تتعلق بـ"التقنيات النووية فى خدمة تنمية القارة" و"المناجم الإفريقية فى خدمة شعوب إفريقيا".
القمة الالمانية الافريقية (19 نوفمبر 2019)
شاركت مصر في القمة الألمانية الأفريقية التي أنعقدت هذا العام تحت عنوان "قمة الاستثمار مستقبل مشترك" يومي 19 و20 نوفمبر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته رئيسا لمصر وللاتحاد الإفريقي، إلى جانب حضور عدد من رؤساء الدول الإفريقية.
وتعد أبرز الانجازات الاقتصادية والتنموية لمصر والقارة خلال عام 2019، إطلاق المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية، كما استضافت فعاليات المنتدى الاقتصادى لإفريقيا نوفمبر 2019 بالعاصمة الإدارية، وحقق المنتدي نجاحات لهذا العام، تمثلت فى توقيع 13 مذكرة تفاهم واتفاقية بقيمة استثمارات تصل لـ3 مليار دولار، كما شهد الإعلان عن استثمارات جديدة بإفريقيا، كما شهد العام نفسه مضاعفة أنشطة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى إفريقيا.
ودعم مصر فى إطار توليها لرئاسة الاتحاد الإفريقى، جهود الدول الإفريقية لتوليد الطاقة النظيفة من المصادر المتجددة لتوصيل الكهرباء لـ600 مليون إفريقى، فى ظل المبادرة الإفريقية للطاقة المتجددة، بالاضافة إلى الاعلان عن مشاريع بمجال النقل مثل طريق "القاهرة-كيب تاون" لربط دول شمال إفريقيا بالجنوب، وخطط الربط الملاحى "الربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط"، وأخيرا صياغة أجندة التنمية 2063 وهى إطار استراتيجي للتحول الاقتصادي والاجتماعي للقارة على مدار 50 عامًا القادمة.
جولة تاريخية للرئيس في غرب إفريقيا إبريل 2019
جولة تاريخية قام بها الرئيس بعد شهرين فقط من تسلم مصر مهمة الاتحاد الأفريقى، بدأت بعاصمة أفريقية، واختتمت بعاصمتين أفريقيتين وفى وسطهم زيارة العاصمة الأمريكية واشنطن ، وشملت غينيا (وكان أول رئيس مصرى يزروها بعد 54 سنة من زيارة الراحل دمال عبدالناصر) – كوت ديفوار – السنغال. وكانت الجولة تترجم عودة مصر القوية لدول القارة واستعادة دورها وثقلها المعتاد بين أشقائها فى أفريقيا، حيث قابلت الدول الإفريقية هذه العودة المصرية بما تستحق من حفاوة وتقدير وترحيب وتجاوب.
خلال القمة الإفريقية بأديس أبابا فى فبراير 2019، قدم الرئيس السيسي مبادرة "إسكات البنادق" وتضمنت آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء بحلول عام 2020، وتستهدف إلى التوصل إلى اتفاقات نهائية مع أطراف النزاعات بربوع القارة السمراء بوقف إطلاق النار، فضلا عن طرح مبادرات للحوار بين كافة الأطراف، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات ومحاربة المجاعات، كما أكد مجلس الامن الدولي على دعمه للمبادرة وأصدر القرار 2457 بالاجماع والذي رحب فيه بتصميم الاتحاد الأفريقي على تخليص أفريقيا من النزاعات.
وفى إطار جهود القيادة السياسية لتحقيق الأمن والسلامة والتنمية بقارة إفريقيا، عقدت ولأول مرة فى القاهرة إجتماعات خبراء اللجنة المتخصصة للدفاع والسلامة والأمن بالعاصمة الإدارية (15-19 ديسمبر 2019 )، بهدف توحيد القرارات بين الدول الإفريقية لإيقاف أية تهديدات أو عدائيات تواجه القارة، وبحث قضايا السلم والأمن وتطوير القوة الأفريقية الجاهزة.
كما وقعت مصر 11ديسمبر2019، اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، والذي اقترحت مصر إنشاءه في فبراير الماضي .
ولعبت مصر دورا محوريا فى فى حل الأزمة السودانية، بحسب الفريق ياسر عطا، رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكرى الانتقالى السودانى، فى أغسطس 2019، حيث استضافت القاهرة فى أبريل 2019، قمة إفريقية مصغرة، بحضور 13 رئيسا ومسؤلا إفريقيا، لمناقشة تطورات الأوضاع بالسودان، وخلصت القمة إلى مد المهلة التى أمهلها الاتحاد الإفريقى للمجلس العسكرى السودانى من 15 يوما إلى ثلاثة أشهر. وحضر مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء المصرى، فعاليات مؤتمر فرح السودان، فى أغسطس 2019، والذى أسفر عن توقيع بين المجلس العسكرى الانتقالى وقوى "إعلان الحرية والتغيير"؛ للتوقيع على اتفاق نقل السلطة لحكومة مدنية.
وفى ليبيا سعت مصر إلى توحيد القوى الوطنية الليبية؛ للتوصل لحل سياسى للأزمة، كما رعت عدة جولات من المباحثات؛ للوساطة بين المشير خليفة حفتر وحكومة فايز السراج. واستضافت القاهرة فى يوليو 2019، 80 نائبا ليبيا بقيادة فوزى النويرى، رئيس البرلمان الليبى، بدعوة من اللجنة الوطنية المعنية بليبيا؛ لتوحيد رؤى النواب الليبيين حول حل سياسى بقيادة البرلمان الليبى؛ لوضع حد للأزمة التى تمر بها البلاد.. ومازات مصر تواصل جهودا دؤوبة فى أفريقيا.
