مصر على أعتاب الاكتفاء الذاتي من لقاح كورونا
السبت، 26 يونيو 2021 07:00 مأحمد سامي
رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح: استيراد اللقاحات عملية مكلفة وتخضع لأهواء سياسية.. والتصنيع المحلى الحل
عضو نقابة الأطباء: نسير على الخطى الصحيحة ونحتاج قانون ينظم تصنيع اللقاحات محليًّا حتى لو حدث نقل للتكنولوجيا الطبية
تعمل مصر جاهدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وتوفيرها بكميات كبيرة للمواطنين، وكذلك لأن تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة اللقاحات والأدوية، من خلال التواصل الناجح مع الدول والشركات المصنعة للقاحات، وذلك حرصا من الرئيس السيسي على صحة المواطنين ومحاولة الدولة المصرية توفير لقاحات كورونا في ظل استحواذ بعض الدول الغنية على نسبة كبيرة من الجرعاتٍ.
ونجحت مصر في البدء بتصنيع لقاح "سينوفاك" الصيني محليا في مصر، كما أعلنت شركة "فاركو" للأدوية في مصر أنها حصلت على حقوق تصنيع اللقاح الروسي المضاد لفيروس كورونا المستجد "سبوتنيك في"، على أن تبدأ إنتاجه قبل نهاية العام الجاري، فضلا عن خطط وزارة الصحة المصرية لإنتاج لقاح "أسترازينيكا" الأوروبي لاحقا، إضافة لاستمرار الأبحاث الجارية حاليا على لقاح مصري بنسبة 100 بالمئة تمهيدا لتصنيعه داخل البلاد.
وتضع الدولة المصرية خطة لتحقيق الاكتفاء من خلال تصنيع أنواع متعددة من اللقاحات الأجنبية والمحلية وسد احتياجات المواطنين منها، ثم التصدير للخارج، وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط لإمدادها باللقاحات، وتوفير أكبر كمية منها، فضلا عن إنشاء منصات بين الدول لتسهيل نقل التقنيات والتكنولوجيا الحديثة التى تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلى للمواد الخام وتطوير الأدوية واللقاحات الحيوية والوصول إلى تطعيم 70% من السكان للسيطرة علي فيروس كورونا وعودة الحياة لطبيعتها مرة أخري.
وقال الدكتور أمجد حداد، رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، أن مصر بدأت عملية تصنيع لقاح كورونا الصيني "سينوفاك"، على أن يتم إنتاج أول جرعة منه داخل مصانع الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا)، وتسعى الحكومة في انتاج 40 مليون جرعة من هذا اللقاح بنهاية 2021، ونقل تكنولوجيا تصنيعه بالكامل إلى مصر، تكون قدرتها الإنتاجية للقاحات كورونا أواخر العام الجاري 100 مليون جرعة، على أن يتم التوسع بكميات أكبر بعد انتهاء الدراسات الجارية على 3 لقاحات مصرية.
وأضاف حداد لـ"صوت الأمة"، أن استيراد اللقاحات عملية مكلفة، وفي بعض الأحيان قد تخضع لأهواء سياسية، مما قد يهدد بالحرمان من توفير بعض الكميات المطلوبة والتي ستساهم في تقليل انتشار الفيروس تدريجيا، حتى نصل لمرحلة المناعة المجتمعية، وأن سعي مصر للاكتفاء الذاتي من اللقاحات من شأنه سد احتياجات المواطنين منه دون الانتظار حتى تتوفر الكمية التي يحتاجونها، خاصة أن التطعيم باللقاح سيكون موسميا والدولة تحتاج إلي كميات كبيرة لتطعيم المواطنين.
وأوضح حداد، أن بنجاح مصر في إنتاج "سينوفاك"، ستكون هي أول دولة إفريقية تقوم بتصنيع لقاح مضاد لـ"كورونا" محليا، وسيتم استثمار ذلك الإنتاج في تحقيق اكتفاء ذاتي من اللقاحات، وتصدير الفائض وتكنولوجيا التصنيع لدول عربية وإفريقية، كما أنه هناك مباحثات اخري لاستكشاف إمكانية تصنيع أنواع أخرى من "اللقاحات الأجنبية" في مصر، مشيرا إلى أن من بينها لقاح "سبوتنيك في"، التي تم التوقيع بالفعل على عقد لتصنيع اللقاح في مصر من خلال شرك فاركو، كما تعمل هيئة الدواء المصرية على فحص لقاح "جونسون آند جونسون" أحادي الجرعة، وذلك بعد اتفاق "هيئة الشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي" على استيراد قرابة 20 مليون جرعة منه إلى مصر في الفترة المقبلة.
وأشار حداد، إلى إن لقاح فيروس كورونا هو طوق النجاة الوحيد للتخلص من وباء كورونا، وأن مصر سعت إلى تنويع مصادر اللقاح منذ بدء الجائحة مع عدم الاعتماد على مصدر واحد لشراء اللقاحات، وكانت خطوة كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من انتشار الوباء، وسيكون له بالغ الأثر في تقليل نسب الإصابات الخطرة في مصر عبر تطعيم أكبر فئة ممكنة من المواطنين، كما سيساعد في عدم استيراد مثل تلك اللقاحات بل تصنيعها محليًا ومن ثم تصديرها للخارج بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي منها.
من جانبه قال الدكتور كريم مصباح عضو نقابة الأطباء، أن مصر تسير على الخطى الصحيحة والحل الأسرع والأسهل للانتهاء من الجائحة هو صناعة اللقاحات محليا داخل مصر، طالما أن بعض الدول تُخزن اللقاح، وبالتالى لابد من وجود قانون ينظم مسألة تصنيع اللقاحات محليًّا حتى لو حدث نقل للتكنولوجيا الطبية، وحتى لا يكون إنتاج بعض الشركات محجوزًا لبلدان بعينها لأن بعض الدول الكبرى تستحوذ على اللقاحات دون توزيعها علي الدول الفقيرة وهو ما جعل بعض الدول تعاني من جائحة كورونا وانهيار منظومتها الصحية.
وأضاف مصباح، لـ" صوت الأمة"، أنه جاري تصنيع اللقاح بعد وصول المادة الخام من الصين والتي تتيح أن نننتج حاليًّا نحو مليونين و200 ألف جرعة، وفور الانتهاء من إنتاج أول دفعة من لقاح "سينوفاك" والتي ستكون جاهزة خلال ايام، ستخضع للاختبار الأخير من خلال التحليل بمعامل هيئة الدواء المصرية والتي تستهدف الاطمئنان إلى درجة أمان وفاعلية اللقاح المستخدم، مشيرا إلى وجود خبراء صينين بمصر حاليا للإشراف على عملية التصنيع ونقل الخبرات وتكنولوجيا التصنيع، بكل من "فاكسيرا" وهيئة الدواء المصرية.
وأوضح مصباح أن هناك خطة تستهدف إنتاج 40 مليون جرعة قبل نهاية العام من اللقاح الصيني هذا بجانب الخطوات الجادة لتصنيع "لقاح مصري، ووافق مجلس الوزراء المصري مؤخرا على الترخيص لوزارتي "التعليم العالي" و"الزراعة" على التعاقد مع شركة "إيفا فارما"، لبدء تصنيع وإجراء دراسات التجارب ما قبل السريرية على اللقاح المصري تخضع للتقييم حاليا، ومن المقرر أن تتم تجارب سريرية له أواخر يونيو الجاري.
وكانت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، أشادت بجاهزية مجمع مصانع فاكسيرا، والذي تم إنشاؤه وفقًا لأعلى مستويات الجودة وطبقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، كما يتميز بكونه صديق للبيئة، وأشارت أنها ستصبح أكبر مجمعًا لإنتاج اللقاحات في الشرق الأوسط وأفريقيا، وستساهم في رفع الطاقة الإنتاجية للقاحات فيروس كورونا بالتعاون مع مختلف الشركات المُنتجة للقاحات في العالم.
وأكدت زايد، أن شركة "فاكسيرا" هي ذراع الدولة القوي في تصنيع اللقاحات، والتي ستضع مصر في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال، كما أوضحت أنه من المقرر تصنيع جميع لقاحات شلل الأطفال بمختلف أنواعها، ولقاح بكتيريا المكورات الرئوية بالتعاون مع الشركات الأوروبية من خلال خطوط الإنتاج الجديدة لمصانع "فاكسيرا".
ووجهت بسرعة الانتهاء من تشغيل جميع الأجهزة والمعدات الطبية والكهروميكانيكية بمجمع مصانع شركة "فاكسيرا"، والانتهاء من تدريب جميع العاملين تمهيدًا لبدء تصنيع اللقاحات ويضم خط إنتاج و8 معامل مركزية للرقابة على الأمصال واللقاحات المُنتجة، ومجمع ثلاجات مركزي يسع لتخزين 150 مليون جرعة، وتصل طاقته الإنتاجية إلى 3 ملايين جرعة من اللقاحات في اليوم، بما يعادل 6 أضعاف القدرة الإنتاجية لمصانع الشركة بالعجوزة.