محمد حسين يعقوب.. وسقطت العباءة
الأربعاء، 16 يونيو 2021 12:06 م
حجم ردود الأفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي على ما أسميته شخصيا «التنصل التاريخي» للشيخ محمد حسين يعقوب من فتاوى التطرف وفكر الإغواء إلى التشدد والإرهاب أمام المحكمة في قضية "خلية داعش إمبابة"، يعكس كارثية عدد الشباب الذي طاله السحر الأسود للعقول الذي كان يلعبه يعقوب ورفاقه "محمد حسان والحويني".
هذا في محيطك فقط أو بالأحرى بقعة صغيرة من معارفك ممن كرهوا يعقوب وانهالوا عليه بالتعليقات الساخرة وتعرضوا لفضائح فتاويه، فما بالك بمن لا تعرفهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تنسى حجم غضب مريدي مولانا واضطروا إلى دفس رؤوسهم في الرمال هربا من موقفهم المقدس تجاه الشيخ يعقوب سابقا، والآن لا يجدون ما يحفظ ماء وجههم قبل المس الذي أصاب عقولهم.
شردت بذهني وتخيلت أنني أرى فتاوى يعقوب وفكره المؤصل للجهاد بالدم مثل العباءة البيضاء التي يرتديها دون ثياب أسفل منها تماما، حتى إذا وقف أمام المحكمة وقال إنه «ليس عالما بل عابد ولم يمارس الفتوى وآرائه اجتهاد شخصي منه.. وليس له علاقة بالفكر السلفي بل الحنبلي.. وحسن البنا أسس الإخوان للوصول إلى كرسي الحكم.. وطاعة الحاكم واجبة وفرض.. إلى آخره»، سقطت العباءة وانفضحت عورته أمام ملايين الأشهاد الذين اكتوا بنار فكره.
القاضي: هل هناك فكر سلفي تكفيري؟
يعقوب: معرفش
القاضي: هناك متهم تأثر بك وبفكرك واعتنق الفكر الجهادي؟
يعقوب: معرفش
القاضي: متهم آخر قال إن الجهاد هو تفجير الدولة؟
يعقوب: لا أعلم إن كان فكر داعش يتفق مع الشريعة الإسلامية أصلا أم لا
آلاف الحكايات والشهادات منذ أمس خرجت إلى النور، تتحدث عن مافيا يعقوب التي تغلغلت إلى المجتمع على مر سنوات عجاف كانت هدفها تجريف العقول من الفكر والثقافة والفنون، مئات الكتب بيعت على الأرصفة بأسعار رمزية وغالبا لم ينج منها بيت في مصر، مئات شرائط الكاسيت والمقاطع ختمت بصوت مولانا الجهوري وحنجرته الرنانة وهو يقول على طريقة فناني الاستاند اب كوميدي "صلللللي.. صلللللي"، ويتبعها بسيل من الشتائم للشباب والمجتمع، ورشات فلفل التكفير حتى تكتمل الطبخة.
قبل مشهد المحكمة، بدأت تعرية محمد حسين يعقوب فعليا على يد مجموعات من شباب التيار السلفى والإخوان أنفسم الذين ضاقوا ذراعا بمواقفه المتناقضة وتلاعبه بالفتاوى في أوقات ينتظرون منه موقف حاسم، غير أن الشيخ اعتاد تكرار المشهد بحذافيره، وقت اللزوم سينزل بعريضة "أنا عابد مش عالم.. واللي مش عايز ياخد كلامي هو حر"، وهذا ما حدث بالضبط عندما خطب في السلفيين قبل 25 يناير 2011 وأفتى بحرمانية المظاهرات ثم هاجم مبارك ونظامه بعد التنحي، ثم قفز الشيخ إلى لعبة السياسة بإعلان دعم حازم صلاح أبو إسماعيل والتأييد المطلق لمحمد مرسي وجماعته، وبدأ في حشد الناس إلى طوابير الانتخابات.
يعقوب الذي تحول إلى مجرد "إفيه كبير" بعد ما سمي بغزوة الصناديق دعما لأوامر مرشد الإخوان، كانت دعوته فاضحة هي الأخرى لعنصرية مشايخ السلفية التي مارسوها ضد المصريين، وكانت وبالا على تيارات الإسلام السياسى وكشف عورتهم أمام الشعب.
على مدار سنوات بحت الأصوات تحذيرا من فكر حسين يعقوب وشلة سبوبجية السلفية والتجارة بالدين، ومئات الكتابات والبرامج كشفت فكرهم الأخطر على المجتمع من الإرهاب نفسه، لأنهم المفرخة ذاتها، لكن لا شيء أكثر وقعا وصدقا وتأثيرا على دراويشهم أكثر من اعتراف مشايخهم بالسقوط المدوي وفساد مقاصدهم ومناهجهم وفكرهم.. "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ".
بعد شهادة يعقوب أمام المحكمة علمت أن أحد المحامين تقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهمه بممارسة الخطابة والدعوة على المنابر وشاشات التلفزيون وغيرها من الوسائل رغم كونه حاصلا على دبلوم المعلمين فى سبعينيات القرن الماضى لا غير، وأنه قام بتقسيم المجتمع إلى فئات تقاسمها مع دعاة إرهاب آخرون هم أبو إسحق الحوينى (واسمه حجازى شريف) ومحمد حسان" على حد وصف صاحب البلاغ.