جريمة بشعة في نجع حمادي.. متى ينتهي كابوس "عادة الثأر"؟
الخميس، 03 يونيو 2021 03:00 م
"الدم يستسقي الدم"، هذا هو منطق الثأر، والذي يصنّفه حكماء الصعيد بـ"ميراث الجاهلية الأولى"، والذي ينتشر في إقليم صعيد مصر، حتى ولو كان القتل حدث عن طريق الخطأ في بعض الأحيان.
صحيح أن ثقافة الثأر تغيرت في الصعيد في السنوات الأخيرة، فقد حرص أبناء الصعيد على احترام القوانين، لكن لا تزال العادة متأصلة وتطل برأسها كالأفعى من حين لآخر.
أمس الأربعاء في قرية "أبو حزام" التابعة لمركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، نشبت معركة دموية بين عائلة "السعدية" وعائلة "العوامر"، والتي أسفرت عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 7 في اشتباكات لم تشهدها المحافظة من قبل.
تعود احداث الواقعة عندما لقي فرد مصرعه من إحدي العائلتين، علي يد أحد أبناء العائلة الأخرى، بسبب خلاف علي ماكينة ري، وعقب دفن المجني عليه، هاجم أفراد عائلة الضحية سيارة ميكروباص، كانت تحمل بعضاً من أبناء عائلة الجاني، وكانت قادمة من مدينة نجع حمادي، حيث استوقفوها علي مدخل القرية، وقاموا بإطلاق وابل من الاعيرة النارية، علي جميع الركاب الموجودين داخلها، بما فيهم الضحية المستهدفة، ومنهم سيدات وأطفال ، مما أسفر الهجوم عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 7 آخرين.
أعقب ذلك اشتباكات كبيرة بين العائلتين، أستمرت لساعات طويلة، أستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة النارية والآلية، حتي استطاعت قوات الشرطة السيطرة علي القرية في ساعات متأخرة من الليل، وتمركزت القوات في جميع أنحاء القرية، وفرضت كردونا أمنيا بين العائلتين، في محاولة لضبط المتهمين، وعززت الأجهزة الأمنية من تواجدها أمام مستشفي قنا الجامعي، ومستشفي بهجوره بقرية "أبو حزام"، والتي تعرف باسم قرية "الدم والنار"، لحماية جثث القتلى والمصابين.
جريمة نجع حمادي البشعة فتحت الجرح الغائرة لعادة الثأر في الصعيد من جديد، وأثارت الجدل وتساؤلات عن كيفية القضاء على تلك الكارثة من جذورها، وهذا ما أشارت إليه دراسات بحثية عديدة أكدت أن للتعليم دور كبير في الحد من جريمة الأخذ بالثأر، حيث أن التعليم له القدرة علي تنوير وتوسيع المدارك للأفراد، مما يدفعهم في بعض الأحيان إلي قبول العفو والتسامح دون قبول "الدية"، مما يخفف إن لم يكن يقضي على تلك النزعة التي تكمن في النفس.
وخرجت من الدراسات البحثية، العديد من التوصيات للحد من جريمة الثأر، والتي منها:
- تشكيل محاكم خاصة سريعة للفصل في قضايا الثأر، مكونة من قضاة عرفيين مهمتهم تقارب وجهات النظر بين العائلات المتصارعة والسعي للصلح بين الأفراد.
- العمل علي انتشار التعليم في جميع قري الصعيد والاهتمام بالتعليم العالي، حيث ان أصحاب المؤهلات العليا أقل اهتماما وتمسكا بفكرة الأخذ بالثأر في الصعيد.
- الاهتمام بخطط التنمية الشاملة في جميع صعيد مصر
- توفير فرص عمل لشباب الصعيد للقضاء علي أوقات الفراغ
- الاهتمام بالمرأة في الصعيد من خلال عمل برامج توعية لها، لأنها تعد نصف المجتمع المؤثر في صعيد مصر.
- الاهتمام بالمجالس العرفية، وأن تكون تحت رعاية المحافظ أو الدولة، وتتبني لقاءات واجتماعات دورية لمشايخ وكبار العائلات، للتصدي لهذا الفكر وهذه الثقافة، حتي يتم القضاء نهائيا عليها من صعيد مصر.
- زيادة القبضة الأمنية في الصعيد، والعمل علي جمع الأسلحة الغير مرخصة، مما يساعد في الحد من انتشار جرائم الثأر.