وزير الخارجية أمام جلسة مجلس الأمن.: الممارسات الاسرائيلية في المسجد الأقصى استفزازية.. ولا سلام دون إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية
الأحد، 16 مايو 2021 07:10 م
قال وزير الخارجية سامح شكرى، فى كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الدولى بشأن تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط، بحضور وانج يى، مستشار الدولة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية، رئيس مجلس الأمن، وأنطونيو جوتيريش السكرتير العام للأمم المتحدة، أن اجتماع المجلس اليوم الأحد، بعد مضى نحو ما يزيد على 72 عامًا على بدء الـمأساة الفلسطينية، ونحو 42 عامًا على إطلاق مسار السلام فى المنطقة الذى شهد فى بداياته آمالًا عظيمة بإمكان تحقق السلام فى المنطقة، غير أن تلك الآمال تبددت شيئًا فشيئًا مع كل محاولة لم يكتب لها النجاح لوضع حد للصراع الذى شهدت فيه القضية الفلسطينية انتكاسات متتالية فاقمت من مناخ الإحباط والاحتقان، وهو ما أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.
وأضاف شكرى خلال إلقاء بيانه أمام المجلس: "إننا نجتمع اليوم فى أعقاب شهر رمضان الكريم الذى شهدنا على امتداده احتكاكات واستفزازات لا مثيل لها بالمصلين من أهل القدس فى المسجد الأقصى المبارك، بالتوازى مع عملية تهجير، ضمن سياسة ممنهجة، لعدد من السكان العرب بحى الشيخ جراح بالقدس الشرقية، مما أغضب الملايين من العرب والمسلمين الذين ضاقوا على مدى العقود الثلاثة الماضية مما بدا تغييبًا وتسويفًا لا نهائيًا لوعود وتعهدات دولية ذات طابع قانونى بالتفاوض الجاد حول إنشاء دولة فلسطينية على الأراضى التى تم احتلالها عام 1967 والتى تشمل القدس الشرقية".
وأضاف سامح شكرى، " نجتمع اليوم فى وقت يُعد التطور الذى يفرض نفسه علينا، هو مشهد العملية العسكرية التى يقع ضحيتها أعداد كبيرة من الفلسطينيين فى قطاع غزة على نحو يهدد مستقبل السلام والاستقرار فى المنطقة، ويدعو المجلس حثيثًا لأن يلتفت لهذا الوضع المتأزم، وأن يرتقى إلى حجم المسئوليات الملقاة على عاتقه لإنهاء جولة الصراع الحالية، أملًا فى تهدئة تتيح للجميع التقاط أنفاسهم، والتفكير مليًا فى الأسباب التى أوصلتنا إلى النقطة الحالية، واستخلاص العبر والاستنتاجات المنطقية التى طالما طرحتها مصر، وهى أنه لا سلام فى المنطقة دون إيجاد حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، ونحن هنا لا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، فالحل موجود، إذ أن حل الدولتين، رغم كل شيء، لا زال هو الخيار العملى الوحيد الذى ترتضيه كافة الأطراف".
أشار شكرى إلى أن ما يتعرض له الاستقرار الإقليمى اليوم من اهتزاز لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتيجة مباشرة لسيادة مناخ من الاحتقـان والإحباط تولد عبــر سنوات وسنـــوات من التراجع المنتظم لكل جهد حقيقى لإحلال السلام فى المنطقة، ولعل فى أحداث الأسابيع القليلة الماضية ما يقدم تفسيرًا لما وصلنا إليه اليوم، إذ عانت الأراضى الفلسطينية المحتلة، على مدار الشهور الماضية، تدهورًا كبيرًا على كافة المستويات، حيث شهدت الضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، توسعًا كبيرًا فى النشاط الاستيطانى، وتزايدًا فى حالات التهجير القسرى للفلسطينيين، واستمرارًا لسياسة مصادرة الأراضى وهدم المنشآت والمنازل الفلسطينية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصلت الممارسات الإسرائيلية إلى حد انتهاك حرمة الشهر الكريم كما أسلفت، فشاهدنا جميعًا كيف تحولت باحات المسجد الأقصى المبارك إلى ساحة حرب لا تليق بالمقدسات وأماكن العبادة وبالأديان السماوية الثلاثة فى كل الأحوال.
وأضاف أنه من هذا المنطلق، ونظرًا لاستشعار مصر لحجم المسئولية الملقاة على عاتقها تجاه أشقائها العرب، وإيمانًا منها بأهمية القيام بدورنا الأصيل فى صيانة الأمن والسلم الإقليميين، فقد سعت مصر منذ اللحظة الأولى، وعبر اتصالات مكثفــة مع مختلف الأطراف المعنية، للوقف الفورى لإطلاق النار، إنقاذًا لأرواح الأبرياء التى تسقط كل يوم، وتمهيدًا لإحياء مفاوضات سلام حقيقية وجادة تستهدف الوصول لحل جذرى للقضية الأساس بدلًا من الإرتكان للوضع الهش الحالى، الذى لن ينتج سوى دائرة مفرغة من العنف المتكرر، يدفع ثمنها الأبرياء.
وقال شكرى: "إن مصر لا ترى سبيلًا لتحقيق الأمن والسلام فى منطقتنا، إلا عبر نيل الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة واستقلال دولته على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأضاف: "تؤكد مصر على الأهمية العاجلة لتفعيل دور الرباعية الدولية، التى لا غنى عنها لإحياء عملية السلام، كما تسعى مصر بالتعاون مع كل من الأردن وفرنـــسا وألمانيا فى إطار صيغة ميونخ لدعم الجهود الدولية لاستئناف المفاوضات، بجانب تطلعنا للعمل البناء مع الإدارة الأمريكية نحو هذا الهدف".
وأوضح قائلا: "يقع على عاتقنا جميعًا أن نكثف جهودنا من أجل الوقف الفورى للأعمال العسكرية الحالية، والحيلولة دون أية استفزازات فى القدس مع احترام الوضع القانونى والتاريخى فى ظل الرعاية الأردنية الهاشمية للأماكن المقدسة".
ووجه حديثه لوزراء خارجية الدول الأعضاء بالمجلس قائلا: "أؤكد لكم أن مصر لن تدخر جهدًا للتوصل إلى وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام حتى ينال الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة وتنعم المنطقة بالاستقرار الذى تنشده شعوبنا جميعًا، وهو ما لن يتحقق سوى بإدراكنا أنه لا مفر من تقديم التنازلات ثمنًا السلام، وحتى نجنب تلك الشعوب الأثمان المرتفعة التى فرضتها الحروب، وليظل الأمل قائمًا فى غدٍ أفضل للأجيال القادمة من الأنجال والأحفاد".
وكان قد وجه شكرى، التهنئة لجمهورية الصين الشعبية الصديقة على توليها رئاسة مجلس الأمن خلال شهر مايو الجارى، وثمن جهودها فى قيادة أعمال المجلس فى ظل التحديات والأزمات العديدة المطروحة على جدول الأعمال.
كما ثمن وزير الخارجية جهود السكرتير العام للأمم المتحدة وسعيه الحثيث لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، كما أعرب عن تقديره للإحاطة المقدمة من تور وينسلاند المنسق الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط.