مدير مكتب الجامعه العربية بـ «الخرطوم» فى حوار خاص: المحكمة الجنائية الدولية «مسيسة» وتحاول إختراق حصانة رؤساء الدول.. القوى العالمية تشارك في مخططات لتقسيم وتفتيت الدول العربية

الثلاثاء، 02 فبراير 2016 08:36 م
مدير مكتب الجامعه العربية بـ «الخرطوم» فى حوار خاص: المحكمة الجنائية الدولية «مسيسة» وتحاول إختراق حصانة رؤساء الدول.. القوى العالمية تشارك في مخططات لتقسيم وتفتيت الدول العربية
إبراهيم مطر

* السودان يتمتع بالأمن والإستقرار رغم ما يواجهه من تحديات داخلية
* المحكمة الجنائية الدولية تحاول إختراق حصانة رؤساء الدول
* المحكمة الجنائية الدولية «مسيسة»
* توجد مخططات تهدف لتقسيم الدول العربية والأفريقية

قال السفير صلاح حليمة، مدير مكتب جامعة الدول العربية بالخرطوم، إن المحكمة الجنائية الدولية «مسيسة»، وتتسم مواقفها بإزدواجية المعايير، وتستهدف القادة الأفارقة في تحد صارخ للحصانة التي يتمتع بها رؤساء تلك الدول، بل ولمبدأ سيادة الدولة.

وأضاف «حليمة» خلال حواره لـ «صوت الأمة»، أن هناك مخططات تشارك فيها قوى إقليمية وأخرى عالمية لتقسيم وتفتيت دول عربية وأخرى أفريقية، وذلك من خلال إثارة النعرات القبلية، والعرقية، والدينية والمذهبية، والطائفية، تحقيقًا لمصالح ذاتية تستهدف الهيمنة والسيطرة على مقدرات شعوب تلك الدول ومستقبلها. وما نراه اليوم سواء في دول بالعالم العربي أو بدول في أفريقيا إنما يجسد ويؤكد في مجمله هذا التقدير ، كما أشار إلى أن الجامعة العربية قامت مؤخرًا بدور الرائد من خلال مشروعات إنسانية تنموية إستهدفت تشجيع النازحين على العودة الطوعية إلى أماكن تواجدهم الأصلية، وذلك من خلال إنشاء مراكز خدمية تتوافر فيها الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء .

* ما هو تقييمكم لمشروع الأمن الغذائي العربي وفرص تحقيقه على أرض الواقع؟

واقع الأمر أن الرئيس البشير طرح هذا المشروع في مؤتمر قمة عربية، بأن يكون السودان سلة غذاء العالم العربي، وحظى المشروع باهتمام بالغ من جانب ملوك ورؤساء الدول العربية بما لدى السودان من إمكانيات ضخمة في المجال الزراعي في مقابل إحتياجات عربية لسلع غذائية إستراتيجية عديدة ويعد هذا المشروع من المشروعات الضخمة والعملاقة التى يجب أن تكون نموذجاً يحتذى به لإقامة مشروعات أخري مماثلة في مجالات عديدة، ليس فقط في الإطار العربي وإنما أيضاً في الإطار العربي الأفريقي، ويرتبط بالأمن القومي العربي بحكم طبيعة وحجم وكمية ماقد يوفره من منتجات في مجال السلع الزراعية والثروة الحيوانية وصناعات ترتبط بكل منهما.

ويجب أن ننظر إلى مثل هذا المشروع فى إطار ما قد ينتجه من آثار وتداعيات سياسية إيجابية على العلاقات بين الدول علي النحو الذي يتعزز معه فرص تعظيم المصالح بينهم، والإسهام كذلك فى تسوية قضايا خلافية بين دول بجوار بعضها البعض في العالمين العربي / الأفريقي، وتقتضي الحكمة السياسية والإقتصادية، أن ننظر لمثل هذا المشروع والمشروعات المماثلة على أنه يدخل في إطار المبدأ الاقتصادي المعروف بتخصص دول بعينها في منتجات بعينها على نحو ينشأ معه تكاملاً منشوداً فيما بينهم في إطار النظام العالمي الحالي الذي يأخذ بمبدأ حرية التجارة، مما يسهم في إنعاش إقتصاديات هذه الدول ويخلق فرصًا ومجالات جديدة للعمل والعمالة.

* ما تعليقك على تقارير تشير إلى ضعف قطاع الزراعة في السودان على خلفية ندرة مصادر التمويل ؟

إرتباطاً بماورد في إجابتي علي السؤال السابق فإن المطلوب من الجانب السوداني هو توفير الأرض والمياه والمناخ الملائم للإستثمار، وفي تقديري أن ما يمتلكة السودان من ثروات طبيبعة ومن بينها المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعه، وما لديه من ثروة حيوانية ضخمه وما يبذلة من جهد حاليا لتوفير مناخ إستثمارى جاذب، هي أمور في مجملها تؤهله أن يكون بالفعل سلة غذاء العالم العربي والدول الأفريقية في إطار المشروع المطروح، .

وبالمقابل فان مالدي دول عربية خاصة دول الخليج من إمكانيات مالية ضخمة ومالدي دول عربية مثل مصر من خبرات متراكمة في المجال الزراعي وفي الأساليب الفنية المستخدمة في هذا المجال، تدفع في مجملها نحو القول أن فرص إنفاذ هذا المشروع تلوح في الأفق علي النحو المنشود، خاصة وأن الدور الذي تضطلع به الجامعة العربية والدول العربية الأعضاء بها على المستوى الحكومي سيتعزز بما لدى كل منهما من آليات تمويلية وفنية. ولعل ما يوفر فرصا أفضل لنجاح هذا المشروع علي أرض الواقع ماتشهده العلاقات السودانية العربية من تنام وتعاظم تجسدت فى دعم عربى خاصة من دول بالخليج ، ربما علي نحو ٍ غير مسبوق. كما أن ما يشهده السودان من تطورات سياسية فى إطار الحوار الوطنى الشامل، يوفر مناخا ملائما ً لنشاط إقتصادي وإستثماري في السودان يجذب إليه رأس المال الأجنبي.


* يثار من وقت لآخر قضية المحكمة الجنائية الدولية فما تقييمكم للدور الذي تضطلع به الجامعة العربية بصدد السودان ؟

في التقدير أن المحكمة الجنائية الدولية مسيسة، وتتسم مواقفها بإزدواجية المعايير، وتستهدف القادة الأفارقة في تحد صارخ لحصانة يتمتع بها رؤساء تلك الدول ، بل ولمبدأ سيادة الدولة. وغني عن البيان أن مواقف الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي - وهما المنظمتين المعنيتين بقضايا دولة عربية أفريقية هي السودان – تتماثل في هذا الصدد، على النحو الذي قد يمكن معه القول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية في هذا الصدد يفتقر إلى الشرعية وبالتالى الإلزام ، بل هناك من يرى بأنه قرار باطل خاصة وأن السودان ليس طرفا في النظام الأساسي لإتفاقية روما.

* هل هناك دول بعينها تستهدف تقسيم أفريقيا والمنطقة العربية ؟

في التقدير يتنامى الحديث ويتكاثر حول مخططات تشارك فيها قوى إقليمية وأخرى عالمية لتقسيم وتفتيت دول عربية وأخرى أفريقية، وذلك من خلال إثارة النعرات القبلية، والعرقية، والدينية والمذهبية، والطائفية، تحقيقا لمصالح ذاتية تستهدف الهيمنة والسيطرة على مقدرات شعوب تلك الدول ومستقبلها.

وفي التقدير، أيضا أن مواجهة مثل هذه التحديات يستوجب تعاونا عربيا أفريقيا على نحو منشود يبطل تلك المحاولات للتقسيم والتفتيت ويحافظ على وحدة وسيادة وإستقلال كل دولة وسلامة أراضيها، وذلك عبر تعاون وثيق على مستوى كل من جامعة الدول العربية ومفوضية الإتحاد الأفريقي، وهنا يتعين إبراز الأهمية البالغة بأن يتم النظر من جانب المنظمتين إلى الأمن في البحر الأحمر ، برؤية أنه بحيرة عربية أفريقية للوصل وليس للفصل بين العالمين العربى والأفريقى ، وبتقدير أن المنطقة العربية إمتداد للقارة الأفريقية مثلما أن القارة الأفريقية إمتداد للمنطقة العربية، وما يتطلبه الإهتمام بالأمن في البحر الأحمر من إقامة مشروعات عملاقة عربية أفريقية تحقق مصالح الدول الأعضاء وشعوبها.

* ما هو دور جامعة الدول العربية الحالي في السودان ؟

يتمتع السودان بقدر كبير من الأمن والإستقرار رغم ما يواجهه من تحديات داخلية وأخرى خارجية، وتضطلع الجامعة العربية بدور في السودان يتمحور حول دعم عملية السلام والتنمية عبر العمل العربى المشترك ،في مواجهة هذه التحديات.

وتنتهي قراءة تطورات الأوضاع في السودان على المحور السياسي أن القضية المحورية التي يواجهها السودان في المرحلة الحالية وبموجبها يمكن أن يتجاوز السودان معظم تلك التحديات إن لم يكن جميعها هي «الحوار الوطني الشامل» الذي دعى إليه الرئيس البشير بمشاركة كافة القوى والأحزاب السياسية بل والحركات المسلحة دون إقصاء، وتناول كافة القضايا السودانية دون إستثناء، وصولا لتوافق وطنى حول القضايا القومية، وذلك عبر حوار سوداني، يتم إجراءه في الداخل دون تدخلات خارجية ربما فقط دور مراقب على المستوى الإقليمى للجامعة العربية والإتحاد الأفريقي، وعلى نحو يمتلك السودانيون معه عملية الحوار بأنفسهم.

وإذا المطلب المنشود، الملح والعاجل فى هذه المرحلة، هو تهيئة المناخ الملائم لإجراء الحوار الوطنى لتأمين وتشجيع القوى والأحزاب السياسية والحركات المسلحة الرافضة أو المترددة على الإنضمام إليه، فقد بادر الرئيس البشير تحقيقا لهذا الغرض بإتخاذ سلسلة من الإجراءات من أبرزها، مد آجل الحوار، ووقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المسجونين السياسيين ، توفير ضمانات لمشاركة قادة الحركات المسلحة، والسماح للأحزاب السياسية بممارسة أنشطتها فى إطار القانون .

وفي هذا الصدد فإن الجامعة العربية طرحت مجموعة من الأفكار على كافة القوى والأحزاب السياسية السودانية سواء تلك المشاركة في عملية الحوار أو المعارضة له، وهى أفكار من شأنها الإسهام بشكل فاعل في تشجيع كافة تلك القوى الرافضة أو المترددة أو الحركات المسلحة على الإنضمام للحوار الوطنى .

أما على المحور الإنساني فقد إضطلعت الجامعة العربية بدور رائد من خلال مشروعات إنسانية تنموية إستهدفت تشجيع النازحين على العودة الطوعية إلى أماكن تواجدهم الأصلية، بإنشاء مراكز خدمية تتوافر فيها الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء، فضلا عن مشروعات إنتاجية لسبل كسب العيش ومشروعات لبناء القدرات، وأخرى في مجالات الصحة والتعليم والمياه، وقد تم إنفاذ تلك المشروعات في ولايات تأثرت بالحرب أبرزها دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق وشرق السودان.

ومن المنتظر أيضا أن تضطلع الجامعة العربية بدور متنام ومتعاظم في إنفاذ عدد من المشروعات الإنسانية التنموية المماثلة الجديدة بتكلفة تتعدى العشرين مليون دولار في كافة ربوع السودان ، إتساقا مع قرار مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في هذا الشأن.

هذا وكانت الجامعة العربية أيضا قد طرحت مبادرة لدعم ومعالجة الأوضاع الإنسانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتأثرتين بالحرب ، بما في ذلك المناطق التي تحت سيطرة الحركة الشعبية قطاع الشمال، حظيت بتأييد دولي واسع وتم تخصيص بندين لدعمها وتعاون الأطراف بصددها في قرار مجلس الأمن 2046.

* ما رؤيتكم لمستقبل الأوضاع في السودان وما يواجهه من تحديات أخرى، وما هو الدور المنتظر للجامعة العربية أن تضطلع به في هذا الصدد؟

ينطلق موقف الجامعة العربية بصدد تطورات الأوضاع في السودان وما يواجهه من تحديات داخلية وفي علاقاته الخارجية من التمسك بدعم عملية السلام والتنمية في السودان على النحو الذي يتعزز معه تحقيق الأمن والإستقرار وشيوع السلام في ربوعه، مع تحرك نشط وفاعل لمساعدة السودان في التغلب على ما يواجهه من تحديات خارجية، خاصة في إطار علاقاته بالدول الغربية عامة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي لم تزل تفرض عقوبات أحادية جائرة على السودان، وتدرجه إجحافا على قائمة الدول الراعية للإرهاب ، فضلا عن تعنتا فى عدم إسقاط الديون .

إذا كانت الجامعة العربية تواصل جهودها الحثيثة للإسهام في حل قضايا السودان على مسارات قضية المنطقتين (ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق)، ودارفور، والعلاقات بين السودان وجنوب السودان، فإنها تبدي إهتماما بالغا في نفس الوقت بالقضايا المشار إليها بصدد علاقاتها مع الدول الغربية وخاصة الإدارة الأمريكية لما لها من تأثيرات وتداعيات سلبية على الأوضاع السياسية والإقتصادية وخاصة الإنسانية للمواطن العادي، وفي التقدير أن نجاح عملية الحوار الوطني وتنامي العلاقات بين السودان والدول العربية وتعاظمها على المستوى الثنائي وعلى المستوى المتعدد أي في إطار الجامعة سيتيح فرصا أفضل لتحرك عربي لدعم السودان في التصدى لما يواجهه من تحديات خارجية.

* هل الحوار الوطنى سيكون له تحركات إيجابية فى مطالب السودان الدولية ؟

يعد الحوار الوطنى الشامل الطريق المؤدى إلى تحقيق الأمن والإستقرار وشيوع السلام فى كل أرجاء السودان، حيث يستهدف التوصل إلى توافق وطنى حول قضايا السودان الحيوية وسبل التوصل لتسويات جذرية لتلك القضايا، وذلك عبر مشاركة كافة أطراف المعادلة السياسية فى السودان دون إقصاء، وعبر تناول كافة قضايا السودان دون إسثناء .

واقع الأمر أن بدء عملية الحوار الوطنى وما ستحققه من نجاحات، وما قد تنهى إليه من إنجازات للأهداف الإستراتيجية المنشودة بصددها ، ستتيح بالقطع فرصا أفضل للسودان للإنفتاح على العالم الخارجى، وتنامى وتعاظم العلاقات الإقتصادية والسياسية بينه وبين دول وقوى دولية خاصة الغربية، على نحو يمكن معه على سبيل المثال إمكانية إسقاط الديون ، ورفع العقوبات، وتدفق الإستثمارات ، وتزايد فرص إعادة البناء والإعمار والتطوير والتحديث، وهى أمور في الواقع تنشط الجامعة العربية فى التحرك بصددها حاليا وستكثف من تحركها بشأنها فى المرحلة المقبلة .

* هل حدث تغير فى السياسة الخارجية للسودان تجاه الجامعة العربية ؟

أعتقد أنه ليس هناك من تطور يدفع نحو طرح مثل هذا التساؤل، فالسودان دولة ذات هوية ثلاثية عربية أفريقية إسلامية، تضطلع بدور نشط وفاعل فى الإطار العربى فى إرتباط وثيق بعضويتها فى الجامعة العربية، وتحظى بعلاقات متميزة مع كافة الدول العربية وبدول الجوار.

* هل ستتدخل بعض الدول الإقليمية لوقف مشروع القوة العربية المشتركة؟

القوة العربية المشتركة ذات أهداف إستراتيجية محددة، وهى لم تزل فى طور الإنشاء والتكوين، وربما هناك قوى إقليمية غيرعربية ذات مصالح وأجندات خاصة قد تتقاطع مع نظائرها لقوى دولية خارج المنطقة .

وفى التقدير تستوجب الحكمة السياسية أن تعيد تلك القوى غير العربية النظر فى الرؤى والأهداف التى تسعى من ورائها إلى الهيمنة والسيطرة.

* هل قطر شريكة فى الإستثمارات فى السودان ؟

تضطلع قطر بدور متميز فى هذا المجال بل إن لها دور رائد فى المجالين السياسى والإنسانى والتنموى فى دارفور، فبجانب الإستثمارات القطرية فى قطاعات إقتصادية عديدة، تولت قطر بمشاركة أممية إدارة المبادرة العربية لتسوية قضية دارفور، كما قامت بإنشاء بنك تنمية دارفور برأسمال قدرة 2 مليار دولار، وساهمت فى مشروعات إنسانية تنموية فى دارفور بمئات الملايين من الدولارات .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق