كمال الجنزوري... رحل صاحب المعارك السياسية الشائكة والرؤى الاقتصادية الكبرى

الأربعاء، 31 مارس 2021 01:18 م
كمال الجنزوري... رحل صاحب المعارك السياسية الشائكة والرؤى الاقتصادية الكبرى
إيمان محجوب

رحل اليوم عن عالمنا الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق بمستشفى القوات الجوية في التجمع الخامس عن عمر يناهز 88 عام، والجنزوري كان رجل اقتصاد وسياسية من الطراز الأول فقد قضي أكثر من أربعين عاما في دورب الحكم بين محافظ ووزير ورئيس وزراء للفترتين مهمتين في تاريخ مصر إبان حكم مبارك واخري في أعاقب ثورة 25 يناير اختلف الكثير من الخبراء حول أداء الجنزوري وقت رئاسته لمجلس الوزراء ولكن لا أحد يختلف علي كونه رجل دولة وصاحب رؤي اقتصادية كبيرة، بدأ عمله السياسي كمحافظ للوادي الجديد، ثم محافظًا لبني سويف، ثم مديرًا للمعهد القومي للتخطيط، ثم أصبح وزير للتخطيط  والتعاون الدولي عام 1986،  ثم تولي رئاسة الوزراء في حكم الرئيس الأسبق مبارك من عام 1996حتي 1999وعقب ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، كلفه المجلس العسكري بتشكيل الحكومة في 25 نوفمبر 2011 التي استمر فيها حتى يونيو2012

وخلال رئاسته للوزراء في حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك بدأ عدة مشاريع ضخمة بهدف التوسع بعيدا عن منطقة وادي النيل المزدحمة من بينها مشروع توشكي، وشرق العوينات، وتوصيل المياه إلى سيناء عبر ترعة السلام، ومشروع غرب خليج السويس، كما أقر بعض القوانين الخطوات الجريئة من بينها قانون الاستئجار الجديد محدود بمدة وخروج الجهات الحكومية المستأجرة للعقارات بالقانون القديم ، لكن بسبب الفساد الذي كان مستشري في مفاصل الدولة ولعدم إدراك الدكتور الجنزوري صاحب الخطط الخمسية الثلاث، صعوبة تحمل خزانة الدولة وإدارته أربعة مشروعات كبرى في توقيت واحد، يظل خطأ لا يغتفر وهو ما ذكره هيكل في كتابه (عام من الأزمات) قائلا: "جاءت حكومة الجنزوري مكلفة بعملية التنمية الشاملة ولكن استهلكها مشروع توشكي العملاق وهو مشروع احتاج إلى تمويل طائل أرهق الدولة ومواردها، وكانت المشروعات الأخرى فرصة  كبيرة لعمليات النهب "

وللإنصاف الجنزوري لا يجب أن نغفل ما أنجزه في المشروعات الأربعة حتى ولو كانت آراء الخبراء تؤكد على عدم جدوى المشروع الأكبر فيهم وهو توشكي أما فيما يخص مشروع غرب خليج السويس فقد أنجزت حكومة الجنزوري فيه بإقامة مصنع للأسمنت وميناء العين السخنة ، أما في مشروع إمداد سيناء بالمياه فقد نجحت حكومة الجنزوري في مد 32 كيلوا مترا من ترعة السلام بعد عبور المياه في صحارى أسفل قناة السويس بالإضافة إلى مد 38 كيلو مترا من خط السكة الحديد متوقفا بعد القنطرة دون أن يصل إلى رفح كما كان مقررا، أما في شرق التفريعة فاكتفت حكومة الجنزوري بميناء الحاويات

معاركه السياسية

 يروي الجنزوري في كتابه (طريقي) بعض تجاربه في العمل السياسي لأكثر من أربعين عاما، منها واقعة تكريرالبترول المشترك بين مصر وإسرائيل، فلم يكن الجنزوري مرتاحا للمشروع، خاصة حين تبين أن نسبة 20 % من رأس المال المصري هي من نصيب رجل الأعمال حسين سالم صديق حسني مبارك فاتصل باللواء عمر سليمان وأخبره بما جرى قائلا هذا فساد مبين يستحق المحاكمة.

 

واقعة أخرى حدثت في أغسطس 1999، خلال زيارة إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل إلى مصر، حيث تحفظ الجنزوري على طلب وجهه له زكريا عزمي بأن يرافق باراك من المطار إلى قصر رأس التين، فطلب الجنزوري أن يقوم أحد الوزراء بذلك، واكتفي الجنزوري بحضور اجتماع باراك مع الرئيس، فاعتبر عزمي الأمر فرصة لضرب إسفين بين مبارك والجنزوري الذي ثار بدوره عليه ،كما تحدث الجنزوري في كتابة " طريقي"عن حساسية مبارك من نجاحه فعندما قال له رئيس قبرص: لديك رئيس وزراء ممتاز، رد مبارك بامتعاض قائلا إنه هارد ووركر، للإشارة إلى أن كل ما يميز الجنزوري كثرة عمله

 

بعد ذلك اتخذ الجنزوري قرار وضع نهايته في رئاسة مجلس الوزراء وهو رفض زيادة المخصصات المالية لرئاسة الجمهورية، معتقدا أن هناك أولويات كانت أهم في ظل الحالة الاقتصادية المتردية للبلاد، لكنه لم يدرك أن مبارك فهم ذلك القرار كنوع من تحدي الجنزوري له بعدها تمت الإطاحة به من رئاسة مجلس الوزرا، ومن ذلك الوقت والهجوم على الجنزوري لم يتوقف عند السنة الأولى أوالتالية لخروجه من المنصب كما يحدث عادة في مصر، فقد استمر لسنوات والغريب في كل ذلك أن كمال الجنزوري اتبع استراتيجية واحدة في مواجهة الهجوم والمديح وهي الصمت حتى رحل اليوم.

 

وقد نعى الرئيس عبد الفتاح السيسي الدكتور الجنزوري وقال على صفحته على مواقع التواصل إن مصر فقدت اليوم رجل دولة من طراز فريد، كان بارًا بها، وفيًا لترابها وأهلها، وصاحب يدٍ بيضاء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية مضيفا أن الراحل كانت له مكانته العلمية، ورؤيته الحكيمة، وقدراته القيادية المتميزة والناجحة، فضلًا عن أخلاقه الرفيعة العالية، وتفانيه وصدقه وإخلاصه في مراحل مصيرية وحاسمة من تاريخ بلاده.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق