كلوب هاوس.. غرف دردشة جديدة تسهل التجنيد الإلكتروني ونشر المعلومات المُضللة
السبت، 13 مارس 2021 08:00 م
الجماعة الإرهابية والتنظيمات السرية تستغل التطبيق لتجنيد عناصر جديدة وتنفيذ مشروع التنظيم التخريبي
خبراء: التطبيق يهدد خصوصية المستخدمين بتجميع البيانات الشخصية بموافقة من المستخدمين
أسابيع قليلة مضت ورواد مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد لديهم حديث سوى عن تطبيق كلوب هاوس الخاص بالدردشة الصوتية الجماعية، ذلك التطبيق الذي بمجرد أن تدخله يمكنك الانضمام إلى أي غرفة من الغرف الموجودة لتشارك من فيها الحديث، أو تُنشئ غرفة للتحدث فيها مع أصدقائٔك أو مع من يشاركك اهتماماتك، كما يسمح للأعضاء بالانضمام إلى غرف افتراضية لإجراء مناقشات صوتية حول مختلف الموضوعات.
وعلى عكس شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على الكتابة، فإن النظام الأساسي لتطبيق كلوب هاوس قائم على الصوت، وليس النص، مما يجعله يبدو وكأنه بودكاست تفاعلي أو مكالمة جماعية.
من صاحب كلوب هاوس؟
التطبيق خرج من وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية، واطلقه باول دافيسو والموظف السابق في شركة جوجل، وحصل على تمويل أولي قدره 12 مليون دولار من صندوق التمويل الاستثماري أندرسون هوروويتز، وظهر التطبيق في أبريل 2020، وارتفع عدد مستخدموه بسرعة عالية ليصبح بالملايين، وارتفعت مع ذلك قيمته التقديرية، وفي أقل من عام منذ إطلاقه، أصبح تطبيق كلوب هاوس اسما معروفا في "سيليكون فالي"، وجذب ملايين المستخدمين حول العالم، وتُقدر قيمته بأكثر من مليار دولار، فتخطط الشركة الآن للتوسع بأسرع ما يمكن وفتحه للجميع قريبًا، وفقا لما أعلنه الشريكان المؤسسان.
تغريدة إيلون ماسك عملاق التكنولوجيا ومؤسس شركتى تسلا وسبيس إكس، كانت شرارة الانطلاق للتطبيق ClubHouse، ما ساعد على نمو مستخدميه أضعافا مضاعفة، كذلك لجأ الرئيس التنفيذى لشركة Robinhood، فلاديمير تينيف إلى التطبيق من أجل الدفاع عن قرار المنصة بتقييد التداول فى أزمة جيم ستوب والأسهم المتقلبة الأخرى، بعد أن ارتفعت أسهمها أكثر من 1500% منذ بداية العام 2021، بدعم من مستثمرى التجزئة، وقد ضغط إيلون ماسك على تينيف فى جلسة عبر تطبيق كلوب هاوس لإيضاح سبب قرار منصة Robinhood بوقف التداول، حيث لاقت هذه المحادثة بين ماسك وتينيف رواجا كبيرا فى عالم الأعمال، مما زاد من شهرة منصة كلوب هاوس خلال الأسابيع الماضية.
ويتوفر Clubhouse حاليا لمستخدمى آيفون فقط، إلا أن الرئيس التنفيذى للشركة، بول ديفيدسون، قال إن التطبيق سيفتح فى النهاية للجميع، بما فى ذلك مستخدمى أندرويد، لكن الشركة تفضل النمو البطيء لقاعدة مستخدميها فى الوقت الحالي، وهذا يعنى أن أى شخص يتمكن من تلقى دعوة يحصل على دعوتين فقط، ويمكنه بعد ذلك تقديمها للآخرين.
من يُنشئ الغرف؟
من ينشئ الغرفة في تطبيق كلوب هاوس يصبح هو مسؤول الغرفة، ويتحكم في من يأخذ المايك ليتحدث، أو يسحب المايك منه، أو يدعو أحد الحضور للحديث، كما يمكنه إعطاء صلاحية إدارة الغرفة لأكثر من شخص معه في الغرفة، ولذلك ترى بعض الغرف لها عدد كبير من المسؤولين أو المنظمين، ومسؤول الغرفة تظهر بجانبه نجمة خضراء اللون.
والاعتماد على الصوت فقط يجلب تحديات جديدة عندما يتعلق الأمر بالإشراف على المحتوى، وهو أمر لا يزال أقران كلوب هاوس الأكبر في وسائل التواصل الاجتماعي يعانون منه عندما يتعلق الأمر بمقاطع الفيديو والصور، وعبر تدوينة في أكتوبر الماضي، قالت شركة كلوب هاوس إنها أضافت ميزات أمان، بما في ذلك الحجب، والكتم، والإبلاغ داخل الغرف للمشرفين لإغلاق الغرفة. وفي نوفمبر الماضي، قالت الشركة إنها قدمت خدمة "تسجيل صوتي مؤقت ومشفر، فقط لأغراض الثقة والأمان".
وأضافت: "إذا لم يتم الإبلاغ عن أي حادث في الغرفة، فإننا نحذف التسجيل الصوتي المؤقت عندما تنتهي غرفة المحادثة". وتحظر شروط خدمة كلوب هاوس تسجيل المحادثة دون إذن كتابي صريح من جميع المتحدثين المعنيين. وأكدت الشركة أنها تخطط لتوسعة فريق عمل "الثقة والأمان" لديها.
مجموعة كبيرة من المشاهير عقدوا بالفعل جلسات حوارية وندوات فيه، مثل إيلون مسك الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، ومارك زوكيربيغ صاحب فيس بوك، والإعلامية أوبرا وينفري، كما حضر وتحدّث في هذا التطبيق مجموعة من الوزارء والمسؤولين في الخليج، وقد تدخل التطبيق لتجد أحدهم متحدثاً أو ضيفاً في إحدى الغرف، كما أن التطبيق أخذ انتباه الجميع، من كل الشرائح، فيمكنك أن تجد فيه مسؤولين حكوميين، رجال أعمال، روّاد أعمال، متخصصين في الصحة، في الطاقة، في الاقتصاد، عازفون، كتاب ومؤلفون وأدباء وشعراء، ممثلون، مخرجون وكتاب دراما ومسرح، وأشخاص من كل صنف ولون.
هناك غرفة مغرقة في الجدية، ينشأها أشخاص من تخصص دقيق، وهناك غرف في قضايا عامة، كالقرارات الحكومية أو القضايا الاجتماعية، كما أن هناك غرف تقنية، طبية، أعمال، غرف مخصصة للنساء، للرجال وللعزاب وللفاشلين في مشاريعهم التجارية وللفاشلين في الدراسة وللمتميزين في الدراسات العليا، للمبتعثين في أميركا أو أستراليا، لعشاق السفر، لمن يحب فن الخبز في البيت، لمن ليس له غرفة ينضم إليها، لتبادل المتابعة، لمن شاهد سالي وحرق البوكيمون وهو في صغره! وكل ما يمكن أن يخطر على البال.
والعديد من المشاهير بدؤوا في استخدام المنصة لتقديم محتوى أو خدمات مختلفة، برز منهم مثلاً الخبير التقني فيصل السيف الذي يعقد جلسات تقنية دورية، وكان أول لقاء عقده عن تفاصيل استخدام الكلوب هاوس وكيفية التعامل معه، وهناك سعيد باعقيل المتخصص في بناء العلامات التجارية والذي يعقد الكثير من الجلسات التحفيزية للشباب ورواد الأعمال.
هذه الشهرة للتطبيق قابلها منافسة شرسة من العديد من شركات التكنولوجيا، فمثلا بدأ تويتر مؤخرًا فى تجربة ميزة جديدة تسمى "Spaces"، والتى تصفها بأنها تجربة صوتية حية يمكن فيها لعدة أشخاص التواصل أو مناقشة موضوع ما.
كما تواجه الشركة أيضا تساؤلات حول مدى جاهزيتها للتعامل مع إساءة الاستخدام ومحتوى المناقشات على تطبيقها، خاصةً مع زيادة حجمه، وقد تمت بالفعل مشاركة بعض أمثلة على معاداة السامية والمعلومات الكاذبة والمضايقات على المنصة بشكل علنى عبر الإنترنت، كما أن الاعتماد على الصوت فقط يجلب تحديات جديدة عندما يتعلق الأمر بالإشراف على المحتوى، وهو أمر لا يزال أقران Clubhouse الأكبر فى وسائل التواصل الاجتماعى يعانون منه عندما يتعلق الأمر بالنصوص ومقاطع الفيديو والصور.
القيمة السوقية
بلغت قيمة Clubhouse السوقية فى مايو 2020 قيمة 100 مليون دولار بعد الحصول على تمويل بقيمة 12 مليون دولار من شركة آندرسن هورويتز Andreessen Horowitz.
فى يناير 2021 جمع التطبيق تمويلاً جديداً – دون الكشف عن قيمته المالية – فى جولة بقيادة أندريسن هورويتز، وقد وصلت قيمة التطبيق السوقية بعدها إلى مليار دولار وفقاً لتقرير من The Information.
لماذا كان شائعا جدًا فى الصين؟
تمتد قيمة التطبيق إلى ما هو أبعد من حصريته، فبينما تنتشر الرقابة والسيطرة الحكومية فى الصين، تمكن Clubhouse من الانتشار تحت رادار جدار الحماية الصينى لعدة أشهر، فعلى عكس شبكات التواصل الاجتماعى الأخرى انستجرام وفيس بوك، أصبح "كلوب هاوس" شائعًا للغاية فى الأسابيع الأخيرة، حيث اجتذب أعدادًا كبيرة من المستخدمين الصينيين ومنحهم فرصة نادرة لـ "الإفراط فى حرية التعبير"، والانخراط فى مناقشة حول الموضوعات التى عادة ما يتم حظرها فى البر الرئيسي، بما فى ذلك شينجيانغ وهونغ كونغ وتايوان.
وقد ذكرت التقارير أن "المستخدمين الصينيين، ومعظمهم من المستثمرين والمهنيين فى مجال التكنولوجيا، يستخدمون المساحة للحديث عن الموضوعات التى كانت ستخضع للرقابة فى الوطن، مثل الديمقراطية"، فيما كانت مواقع التجارة الإلكترونية فى الصين تقدم للمستخدمين المتفائلين فى Clubhouse فرصة شراء الدعوات، وعلى منصات مثل Xianyu و Taobao، تم بيع رموز الدعوة مقابل ما بين 150- 400 يوان (23 دولارًا - 61 دولارًا)، إلا أنه اعتبارًا من يوم الاثنين 8 فبراير 2021، تم حظر Clubhouse داخل الصين.
أداة سهلة لجماعة الإخوان الإرهابية
مع ظهور التطبيق وانتشاره، بدأت العديد من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي في الانتشار بداخله وانشاء غرف خاصة بهم لتحقيق أهدافهم، حيث تري الجماعة الإرهابية أنها قادرة على العودة إلى المشهد السياسي من خلال التطبيق، إذ أنه أصبح فرصة أمام عناصرها لطرح مشروعهم من جديد، والزعم بأنه لا يزال حاضرا وفاعلا.
ورصد الكاتب الإماراتى محمد خلفان الصوافى، محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لاستخدام تطبيق "كلوب هاوس" لتنفيذ المخطط التخريبى للجماعة الإرهابية، مؤكدا أن ظهور تطبيق "كلوب هاوس" الصوتى شكل فرصة أمام عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية لا تمل من فكرة العودة إلى المشهد بأى طريقة، قائلا: "لمحاولة تذكير الشعوب العربية التي كشفت حقيقة مخططهم التخريبي، بأنه لا يزال موجوداً وفاعلاً وأنهم يستعدون للعودة مرة ثانية لتكملة مشروعهم ضد الأوطان، ومع أن هذا التطبيق ظهر فى أبريل 2020، أى قبل عام، لكن لم نشهد مثل هذه الحدة من الخطاب الإخواني خلال فترة دونالد ترامب، في تفسير واضح للفكر الإخواني الذي عادة ما يتحين الفرص للظهور.
تجنيد الشباب
يري العديد من الباحثين أن الجماعات الإرهابية والمعارضة والتنظيمات السرية، غالبا ما تبحث عن التطبيقات التي تجد قبولا بين الشباب في محاولة للحضور والانتشار، خاصة مع صعوبة السيطرة على مثل هذه التطبيقات، حيث تتواجد عناصر الجماعات الإرهابية على هذه التطبيقات لتجنيد الشباب من خلال استخدام الأسلوب المرن في الجذب والإقناع، في محاولة لتوظيف تلك العناصر لاحقا في تنفيذ مشروع التنظيم التخريبي وأهدافه المرتبطة بالعنف والإرهاب.
كما يمكن للجماعات الإرهابية من خلال هذه التطبيقات التأثير الفكري على الشباب، وهو ما يتبعه تأثير سلوكي، عبر جذب عناصر جديدة للانضمام لنشاط تلك الجماعات المسلحة التي يمكن أن تنتقل إلى أرض الواقع وليس فقط التطبيقات الرقمية.
اختراق الخصوصية
كشفت العديد من التقارير أن تطبيق كلوب هاوس وغيره من تطبيقات التواصل الإجتماعي المختلفة، تهدد خصوصية المستخدمين، خاصة مع ما تجمعه من بيانات شخصية عنهم، فضلا عن الأذونات التى تحصل عليها هذه التطبيقات من المستخدمين، وعلى جانب أخر، فقد اعترف تطبيق "كلوب هاوس" في وقت سابق على سبيل المثال أن أحد مستخدميها عمل على سحب الموجزات الصوتية من التطبيق وجعلها قابلة للوصول من موقع ويب تابع لجهة خارجية، مما أثار مخاوف أمنية بشأن الخدمة الوليدة وفقا لما نقله موقع the Verge.
وقال متحدث باسم Clubhouse إن "الغرف المتعددة" قد تأثرت، وأن المستخدم الذي يقف وراء الانتهاك قد "تم حظره بشكل دائم"، وقالت إنه تم وضع "ضمانات" لمنع تكرار ذلك، رغم أنه ورد أنه رفض تقديم تفاصيل محددة وفقا لما نقلته بلومبرج، فيما يعد هذا الحادث بمثابة تذكير لمستخدمي Clubhouse لتوخي الحذر بشأن مشاركة المعلومات الحساسة في المحادثات التي تُجرى عبر تطبيق iOS، كما ينطبق هذا الأمر بشكل خاص أيضا لأي مواطن صيني أو معارضين يستخدمون التطبيق، أو أي مستخدمين قلقين بشأن مراقبة الدولة.
عدم المصداقية والمعلومات المضللة
أثناء استكشاف غرف دردشة Clubhouse والاستماع إلى متحدثين مختلفين، يجب أن تكون على دراية بمن تثق به وأن تأخذ النصيحة منه، حيث يدعي الكثير من المدربين والمتحدثين أنهم معلمون ناجحون من أصحاب الملايين، ولكن عندما تبحث عن تجارب البعض وشركاتهم، قد تجد أن الأمر كله مجرد ادعاءات، حيث أن الشخصية التي يقدمونها عبر الإنترنت لا تتطابق مع الواقع، لذلك فمن المهم أن تبذل العناية الواجبة ولا تأخذ "الخبراء" في ظاهرها فقط لأنهم قد ينتهي بهم الأمر إلى توجيهك في مسار خطير.