مجلس أوروبا يستنكر وضع المهاجرين المخزي في البحر المتوسط.. فماذا قال؟
الخميس، 11 مارس 2021 08:00 م
قدم مجلس أوروبا لحقوق الإنسان تقريرا أسود، نشر الثلاثاء 9 مارس، شجب بشدة من خلاله "عدم وجود إرادة من الدول الأوروبية" لوضع سياسات لحماية المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، مما تسبب في إزهاق "آلاف الأرواح البشرية".
ويعتبر التقرير أنه يمكن تجنب غرق السفن المحملة بالمهاجرين إلى حد كبير من خلال نهج "منسق وعادل" للدول الأعضاء السبع والعشرين.
تقول مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، دنيا مياتوفيتش في بداية التقرير: "على مدى سنوات، انخرطت البلدان الأوروبية في سباق نحو الهاوية، لإبقاء من هم في حاجة إلى حمايتنا خارج حدودنا، ما تسبب في نتائج وخيمة".
وتؤكد مياتوفيتش أن وضع حقوق الإنسان في منطقة البحر المتوسط "يرثى له"، إذ أنه بحسب أرقام المنظمة الدولية للهجرة تم تسجيل أكثر من 2600 حالة وفاة بين يونيو 2019 ونهاية عام 2020.
واعتبر التقرير أنه عدد أقل بكثير من الواقع بحكم أن السفن تتحطم غالبا بعيدا عن الرادارات.
وعن أسباب هذا التدهور، قالت مياتوفيتش إن "الدول الأوروبية تسحب سفنها تدريجيا من البحر المتوسط، وتعيق عمليات الإنقاذ التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية بدلا من اعتبارها تملأ الفجوات التي خلفها انسحابها أو تؤخر عمليات الإنزال، ففي نوفمبر 2020، تم إبقاء 1195 مهاجرا في سفينة قبالة صقلية بسبب الحجر الصحي".
ومن جهة أخرى، عبرت المفوضة الحقوقية عن سبب مقلق آخر يتمثل في اقتصار عمل الأوروبيين في البحر على تسهيل الطريق لخفر السواحل الليبيين، المدربين والممولين من الاتحاد.
وأضافت في هذا الشأن أنه خلال الفترة المذكورة، اعترضوا وأعادوا نحو 20 ألف شخص إلى ليبيا التي "يتعرض فيها المهاجرون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".
وفي الختام، تدعو مياتوفيتش الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، وجميع الأطراف الموقعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى اتخاذ تدابير للحفاظ على حياة المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط. محذرة من أن "هذه مسألة حياة أو موت، كما أنها مسألة تعكس التزام الدول الأوروبية بحقوق الإنسان".
ويدعو التقرير الدول الأوروبية إلى "تطوير طرق هجرة آمنة وقانونية"، من خلال تعميم "التأشيرات الإنسانية" التي لا تزال "غير مستغلة"، أو من خلال تخفيف القواعد التي تسمح بلم شمل الأسرة. وعبر هذه الإصلاحات يمكن الحد من "الاتجار بالبشر".
ويقول رئيس معهد الاستشراف والأمن بأوروبا، إيمانويل ديبوي، في مقابلة مع موقع سكاي نيوز عربية إن هذا التقرير السنوي لم يقدم أي جديد فيما يخص موضوع الهجرة غير الشرعية.
ويوضح ديبوي: "سبق وتناول ميثاق مراكش في ديسمبر 2018 الذي تبناه ممثلو نحو 150 دولة، اقتراحات لمساعدة الدول على مواجهة موجات الهجرة غير الشرعية، من ضمنها تخفيف المخاطر التي يواجهها المهاجرون في طريقهم إلى بلدان المهجر وتوفير الرعاية اللازمة لهم أثناء إعادتهم، وهو ما جاء في هذا التقرير".
ويتابع "أفاد تقرير مجلس أوروبا كذلك بأن مشكلة الهجرة قائمة وحقيقة يجب الاعتراف بها، لكنه في المقابل أكد على أن سياسة الهجرة الجديدة تسير في طريق خفض عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون المتوسط. إذ بلغ عددهم حوالي 100 ألف شخص في عام 2019 بعدما كانوا يتجاوزون عتبة 1.5 مليون قبل خمس سنوات. كما يمكن ملاحظة استقرار في منحى الوفيات، فقد تم تسجيل حوالي 2500 قتيل سنة 2019 و2600 سنة 2020، فيما كان يتعدى عدد الضحايا 4400 ما بين 2015 و2016".
من جهة أخرى، يقول ديبوي إن "التقرير أكد أن المهاجرين حاليا يميلون بحوالي 40 في المئة في اتجاه الهجرة جنوب-جنوب وليس جنوب- شمال أي يفضلون "هجرة القرب".
وبالنسبة للاتفاقيات المبرمة مع تونس وليبيا لإعادة المهاجرين غير الشرعيين والحد من تدفقهم على مياه الاتحاد الأوروبي، خاصة سواحل إيطاليا، فقد أكد رئيس معهد الاستشراف والأمن بأوروبا أنها أعطت أكلها والأهم حاليا هي الاتفاقية المبرمة بين تركيا والاتحاد الأوربي في ظل التدفقات الكبيرة للمهاجرين على اليونان وبلغاريا والتي يصعب تطبيقها لأسباب دبلوماسية.
ويستطرد "لا يزال الاتحاد الأوروبي يثق في أنقرة ومنحها دعما بقيمة 6 مليارات يورو لتوفير إمدادات لنحو أربعة ملايين لاجئ على ترابها".
وفي سياق آخر، أبرز ديبوي أنه ليس عن طريق هذه الاتفاقيات بين الدول يتم حل هذه المعضلة، لأنه من الخطأ القول إن تونس أو ليبيا كدول بإمكانها التحكم في الهجرة غير الشرعية، فالمتحكم الفعلي هم المنظمات الإجرامية التي تتاجر في البشر، فيما يقتصر دور الدول المصدرة للمهاجرين في المراقبة والردع، لهذا تم إنشاء الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، وهدفها الأساسي تنسيق مراقبة الحدود.
أما عن تسهيل الحصول على تأشيرات "شينغن"، فيختم ديبوي حديثه قائلا: "هذه النقطة تم التطرق إليها في عدة مناسبات وأبرزها قمة الاتحاد الإفريقي- الاتحاد الأوربي في أبيدجان في نوفمبر2017، حيث قام المغرب باقتراح بدائل ناعمة لمعالجة ملف الهجرة، على رأسها اقتراح كوتا الدخول إلى فضاء شينغن حسب الطاقة الاستيعابية لكل دولة أوروبية".