البعض يستغل عقود الإذعان.. هل يجوز لمستثمر الضغط على المستهلك في بنود العقد؟

الأحد، 28 فبراير 2021 01:00 م
البعض يستغل عقود الإذعان.. هل يجوز لمستثمر الضغط على المستهلك في بنود العقد؟

تعتمد العديد من الدول العربية في معظم الخدمات التي تقدمها على- عقود الإذعان- وهى في الحقيقة عقود لا تراعي حقوق المستهلك، فهي بمثابة علاقة غير متكافئة بين طرف قوي - مقدم الخدمة - يفرض شروطه، وآخر ضعيف- المستهلك - الذي عليه أن يقبل هذه العقود كما هي دون أن يحق له تغييرها أو التفاوض بشأنها، وذلك نظراَ لاحتياجه لهذه المتطلبات الحياتية التي لا غنى عنها.

خطورة عقود الإذعان فى البنود التعسفية
ومسألة وجود بنود تعسفية في هذه العقود يمثل مشكلة كبيرة لدى الكثيرين، كونها تمس حاجات حياتية، فكل منا يرتبط بواحد أو أكثر من هذه العقود التي تتعلق باحتياجاتنا اليومية من الخدمات، منها عقود مزوّدي خدمات الاتصالات، وعقود البنوك والبطاقات الائتمانية، وعقود تأجير وبيع العقارات، ووثائق شركات التأمين، الأمر الذى يؤدى إلى مطالبات مستمرة فى الدول العربية بوجود جهات رقابية وممثلين عن المستهلك عند كتابة هذه العقود، باعتبارها خطوة استباقية، خصوصاً في ما يتعلق بالعقود التي تمس الخدمات الحياتية.    

82944-82944-مالفرق-بين-عقد-البيع-عقد-اتفاف-علي-بيع؟

هل يجوز لطرف الضغط على أخر فى بنود العقد؟
في التقرير التالي، نلقى الضوء على إشكالية عقود الإذعان مع أمثله عليها؟ وهل يجوز لنا التنصل من بنودها بعد التوقيع عليها؟ وذلك في الوقت الذي تقوم فكرة الإذعان في العقود من الناحية القانونية على المادة (104) من القانون المدني التي تنص على أن القبول في عقود الإذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب، ولا يقبل مناقشة فيها، ومصدر النص المادة (100) من القانون المدني المصري الذي اقتبست منها العديد من قوانين الدول العربية النص الخاص بمفهوم عقود الإذعان – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد الصادق.

أمثلة لعقود الإذعان مثل عقود شركات الطيران
فى البداية – عقد الإذعان هو العقد الذي يقبل فيه أحد الطرفين كامل شروط وبنود العقد دون أن يكون له الحق في تعديلها أو الإضافة عليها وليس له غير الخضوع الكامل لإرادة الطرف الثاني، وهي من العقود التي ظهرت مع تطور الحياة وظهور الصناعة والتكنولوجيا، ومنها عقود السفر عبر الطائرات أو القطارات، فليس للمسافر حق تعديل الشروط والبنود المثبتة على تذكرة السفر.
 
وهو يذعن لإرادة شركة الطيران أو شركة القطارات مستسلماً لكل الشروط، ولا يملك المذعن أن يتنصل مما ورد بالعقد من التزامات، إذ يكون قبوله مانعاً له من ذلك، إلا في حالة إخلال شركة الطيران، وفي هذه الحالة له الحق في المطالبة بالتعويض – وفقا لـ«الصادق».

3428468_1477900263

وكما هو واضح من النص، فأن المادة 104 وضعت شرطين لاعتبار العقد من عقود الإذعان، الأول: قيام أحد المتعاقدين، أي الموجب، بوضع شروط العقد، وعرضها على المتعاقد الأخر أي الموجه له الإيجاب، الثاني: عدم قبول الموجب لمناقشة هذه الشروط من الطرف الأخر، الذي إما أن يقبل بها جملة، أو يرفضها جملة، فإذا قبل بها انعقد العقد واعتبر عندئذٍ من قبيل عقود الإذعان.
 
مع ما يترتب على ذلك من أثار قانونية سنشير إليها بعد قليل - وعلى ذلك - إذا تم وضع شروط التعاقد من قبل الطرفين معأً، أو وضعها أحدهما لمناقشتها والتفاوض بشأنها من الطرف الأخر، وبالتالي تم إبرام العقد في ضوء هذه المناقشة والمفاوضة، فلا يعتبر العقد عقد إذعان – الكلام لـ«الصادق».

عقود الإذعان هي دائما عقود مكتوبة وليس شفوية
ويلاحظ على النص أنه لم يشترط في الإيجاب المتضمن لشروط التعاقد أن يكون مكتوباً، مما يعني جواز أن تكون تلك الشروط والإيجاب الخاص بها شفويأً، تمشياً مع القواعد العامة في رضائية العقود، بصرف النظر عن مسالة الإثبات الخاصة بمثل هذه الشروط أو احدها، إلا أن الوضع في الحياة العملية مختلف تماما، من حيث أن عقود الإذعان هي دائما عقود مكتوبة، ولم يعرض على القضاء أي عقد شفوي تم الادعاء بشأنه بأنه عقد إذعان.
 
بل أنه يستدل بوضوح من الآثار التي رتبها القانون على عقد الإذعان، إن مثل هذا العقد يجب أن يكون مكتوباً، وينطبق ذلك على تعديل الشروط التعسفية في عقد الإذعان وعلى تفسيره، إذ لا يمكن أن تثور إحدى هاتين المسألتين دون أن يكون العقد مكتوباً، وهذا هو الواقع في الحياة العملية كما ذكرنا، وعلى ذلك، يمكن أن نضيف شرطاً للعقد حتى يكون عقد إذعان، وهو وجوب أن يكون مكتوباً. 

images (1)

 

توفر شروط أخرى في العقد حتى يعتبر عقد إذعان
على أي حال، عكف الفقه على دراسة فكرة عقود الإذعان لبيان الشروط الواجب توفرها فيها، غير ما هو مبين في المادة (104) من القانون المدني «أو النصوص المقابلة لها»، وغير الكتابة على النحو المشار إليه، واستقر الرأي في هذا الشأن على وجوب توفر شروط أخرى في العقد حتى يعتبر عقد إذعان، ويمكن تلخيص هذه الشروط بما يلي:

1- احتكار السلعة أو الخدمة من جانب الموجب، سواء كان الاحتكار قانونيا مثل الامتياز المعطى لأحدى الشركات لتوزيع الكهرباء على المستهلكين، أو احتكاراً فعلياً كأن يسمح القانون بتقديم الكهرباء من قبل أي شركة وفق شروط معينه، ولكن لا توجد سوى شركة واحدة تتوفر فيها التقنيات اللازمة لذلك.
 
2- يجب أن تكون السلعة أو الخدمة ضرورية للمستهلك، بحيث لا يستغني عنها، أو يمكنه ذلك ولكن بصعوبة، مثل سلعة الكهرباء وخدمة الهاتف والتنقل بوسائط النقل الحديثة، فهذه السلع أو الخدمات، يصعب الاستغناء عنها في الحياة العصرية لدرجة الاستحالة بالنسبة للأعم الأغلب من الجمهور إن لم يكن للكل.
 
3- أن يكون الإيجاب واحداً بالنسبة للجميع أو بالنسبة لقطاعات معينة وأن اختلف بالنسبة لقطاعات أخرى، فالموجب يعرض إيجابه للكافة عموما دون تمييز بينهم، وشروطه واحدة للجميع، ففي مثالنا السابق، تقدم شركة الكهرباء هذه السلعة للمستهلكين وفق شروط معينه تعرضها عليهم، وكل من يوافق على هذه الشروط يحصل على السلعة من غير تفرقه بين مستهلك وآخر. 
 

077666

وعند مناقشة مشروع القانون المدني المصري، لم يخرج واضعو القانون على هذه الشروط التي استقر الاجتهاد الفقهي - بل والقضائي أيضا - عليها قبل صدور ونفاذ القانون المصري سنة 1948.   

3 مميزات لعقود الإذعان
وفي هذا الشأن، تقول مجموعة الأعمال التحضيرية بأن عقود الإذعان تتميز عن غيرها باجتماع شروط ثلاثة:
 
1- تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين.
 
2- احتكار هذه السلعة أو المرافق، احتكارا قانونياً أو فعلياً، أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها.  
 
3- توجيه عرض الانتفاع بهذه السلعة أو المرافق إلى الجمهور بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة لكل فئة منها.

ويضرب الفقه والقضاء على عقود الإذعان أمثلة تقليدية كثيرة من واقع الحياة العملية، ويشمل ذلك العقود مع شركات الكهرباء، والغاز، والمياه والنقل بوسائله المختلفة من سكك حديدية وكهربائية وبواخر وسيارات، أو مع مصالح البريد والتلفونات.   

images

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة