خبراء يضعون روشتة مواجهة خطر الزيادة السكانية.. السر في العودة إلى مصطلح «تنظيم الأسرة»
السبت، 27 فبراير 2021 09:00 مأمل غريب
وليد الهندى: الزيادة السكانية تؤدي إلى زيادة في نسبة التلوث والحرمان من الخدمات
خبير الإعلام السكاني الدكتور فرج الكامل: لدينا ما يكفي من النتائج العلمية التي تؤكد أن تنظيم الأسرة هام جدا لصحة الأم والطفل وهو ما يجب أن يكون جوهر الرسالة الموجهة للجمهور
السفيرة مشيرة خطاب: الدراسات أثبتت أن المرأة المتعلمة تنجب قليلا لإدراكها قيمة التعليم وتحرص على إلحاق أولادها بالمراحل التعليمية
خبير الإعلام السكاني الدكتور فرج الكامل: لدينا ما يكفي من النتائج العلمية التي تؤكد أن تنظيم الأسرة هام جدا لصحة الأم والطفل وهو ما يجب أن يكون جوهر الرسالة الموجهة للجمهور
السفيرة مشيرة خطاب: الدراسات أثبتت أن المرأة المتعلمة تنجب قليلا لإدراكها قيمة التعليم وتحرص على إلحاق أولادها بالمراحل التعليمية
حدد عدد من الخبراء المعنيين بأزمة الزيادة السكانية وتأثيرها على محاور التنمية، مجموعة من الخطوات التي يجب السير عليها، لضبط أيقاع التزايد السكانى في مصر، والذى يهدد بالتهام كل فرص التنمية التي تقوم بها الدولة.
وأكد الخبراء لـ"صوت الأمة" أن من أهم هذه الخطوات هي التصدى للمشكلة السكانية من جميع جوانبها المتعددة لا من جانب واحد، وتشكيل فريق عمل متخصص ومتفرغ لتناول المسألة السكانية بشكل متعمق باعتبارها أخطر مشكلة اجتماعية بالمجتمع المصري، مع الاهتمام بالإرشاد النفسي والتربية السكانية وتنمية الاتجاهات الإيجابية نحو تنظيم الأسرة، والعمل نحو تدريس التربية السكانية في مراحل التعليم المختلفة وخاصة الجامعي، على أن يترافق ذلك مع تقديم علماء الدين الإسلامي والمسيحيُ خطب توعية عن ترشيد الأسرة والاهتمام بنوعية الإنسان باعتباره خليفة الله فى الأرض وأنه يمثل رسالة للتنمية والعمل والإبداع وتنمية الحياة، وكذلك تفعيل برامج محو الأمية وتشغيل الإناث ومنع عمالة الأطفال مع التطبيق الصارم للقوانين التي تمنع تشغيل الأطفال حتى لا ينظر إليهم كمصدر دخل.
وقال الدكتور وليد هندي، استشارى الصحة النفسية، أن الزيادة السكانية هو المعدل الذي يرتفع به عدد السكان سواء كان بالنقص أو الزيادة، خلال عام كامل، بسبب فائض في المواليد أو عجز بالوفيات في منطقة جغرافية محددة، مشيراً إلى أن سكان العالم بصفة عامة ارتفعت اعدادهم خلال عام 2020 إلى نحو 8.7 مليار نسمة، وهو رقم ضخما للغاية، إلا أن المشكلة الحقيقية يترتب عليها ترتيب عشوائي للسكان مما يؤثر على الخصائص السكانية بشكل كبير جدا، إلا أن المشكلة الحقيقية لدينا في مصر، هي ارتفاع نسبة المواليد في مقابل انخفاض عدد الوفيات، مشيرا إلى أنه خلال الفترة ما بين يناير وإبريل، بلغ معدل الزيادة السكانية مليون مولود في حوالي 125 يوما فقط، لافتا إلى أن أخر إحصائية سكانية في شهر أكتوبر الماضي، أكدت وصول عدد سكان مصر إلى 100 مليون و525 آلف نسمة خلال عام 2020، وهو يعتبر عدد ضخما للغاية.
وأوضح هندي لـ"صوت الأمة"، أن المشكلة الأخطر في مصر، تكمن في أن نحو 40% من هذا الهرم السكاني، تقع أعمارهم تحت سن الـ 16 عاما، ما يعني أنهم فئات لا تعمل وغير منتجة، لافتا إلى أنه إذا تمت إضافة شريحة كبار السن وأصحاب الشيخوخة على هذه النسبة، فإن النتيجة الحتمية ستؤكد أننا مجتمع استهلاكي، وهو أمر يعتبر معوقا لعجلة التنمية، موضحا أن هذه الأزمة لا تقتصر على الحكومة كما يعتقد الكثير من الأشخاص، وأكد أن افتقاد ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة تؤدي إلى أن يعاني البعض من السلبية واللامبالاة، علاوة على تعليم الفساد بغرض التمتع بحياة كريمة، وكذلك الهجرة غير الشرعية، فضلا عن انتشار جرائم التسول والزواج العشوائي والبطالة والعنوسة، ومشكلات صحية كثيرة.
ولفت الدكتور وليد الهندى إلى أن محافظة القاهرة، تحتل المركز الأولى في قائمة ارتفاع الزيادة السكانية من بين محافظات الجمهورية، ثم الجيزة، تليهم المناطق الريفية، والذي تبلغ به نسبة الزيادة السكانية 57.2% من عدد سكانه، مقابل 42.8% بالنسبة لمناطق الحضر، موضحا أن مشكلة الزيادة السكانية ليست كما يعتبرها البعض قضية قومية تعود بالضرر على الدولة فقط، بينما الفرد نفسه يعاني الكثير من المتاعب بسبب زيادة عدد الأفراد داخل الأسرة الواحدة، إذ تؤثر مشكلة الزيادة السكانية على الفرد قبل الحكومة، خاصة أن هذا الارتفاع الضخم يحد من التعليم الكافي للأبناء، مما يؤدي لانتشار العمالة بين الأطفال، فضلا عن انخفاض المستوى الثقافي وافتقاد ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة، الأمر الذي يقلل من فرصة الحصول على مبدأ «الحق الإنساني في المكان»، من حق الإنسان أن يعيش في مساحة محددة، فإذا كان 5 أفراد يعيشون في غرفة واحدة، فإن تلك الأسر صعوبة في شغل أوقات الفراغ، بالإضافة إلى معاناة أبنائها من انخفاض «المفهوم نحو ذواتهم»، فينظرون إلى مميزات أقرانهم من الأسر اللذين يرتدون ملابس جيدة ويتمتعون ببعض مباهج الحياة بسبب انخفاض أعداد أفراد تلك الأسر، كذلك يعاني أفراد تلك الأسر من السلبية واللا مبالاة، وفي مرحلة نضجهم يتعلمون الفساد، وإذا شغلوا وظائف يرتشوا، لأنهم نتاج بيئة تحت خط الفقر، وذلك لأنهم يريدون العيش، أما الغير متعلم منهم فيتعاطون المخدرات، ما يعني أن البيئات التي بها ارتفاع في الزيادة السكانية ينتشر فيها تعاطي المخدرات.
وأشار الاستشاري النفسي، إلى أن مشكلة الزيادة السكانية لها بعدا أخر ينعكس على الوطن، حيث تؤدي إلى زيادة في نسبة التلوث والحرمان من الخدمات، الذي ينعكس على ميزانيات الدعم الحكومي الموجه للمواطنين، علاوة على البطالة سواء العامة أو المقنعة، فضلا عن تطور وتدهور مشكلات الصحة والتعليم، وكذلك التركيز على الاستهلاك وهو ما يأتي على حساب الصناعات الهامة والزراعة، لافتاً إلى أن أزمة الزيادة السكانية تستوجب إيجاد حلولا ابتكارية وجديدة، على رأسها التوعية بخطورة الزيادة السكانية من خلال إطلاق حملات إعلانية مبسطة ومكثفة، يتم الاستعانة بنجوم لديهم قاعدة جماهيرية شعبية، وكذلك توفير وتنويع وسائل منع الحمل وتوزيعها بالمجان على السيدات والرجال، كون هناك العديد من القرى التي تفتقد لأهم مقومات واحتياجات وأدوات الصحة الإنجابية، حتى أنها لا يوجد بها مراكز تنظيم أسرة أو أطباء تساعد في توعية المواطنين، فضلا عن الشراكة الموضوعية في مشكلة الزيادة السكانية، التي لن تأتي إلا من خلال دمج شباب القرى والنجوع التي تعاني من مشكلات تنظيم الأسرة، ضمن هذا المشروع القومي، علاوة على تقديم وتشجيع المرأة الريفية على إقامة مشروعات اقتصادية صغيرة، تساعد الفتيات على الانشغال وعدم التفرغ للإنجاب، وكذلك وضع بعض العقوبات على الأسر التي لا تستجيب للحد من الزيادة السكانية، كأن يتم رفع الدعم الحكومي عن الطفل الثالث فيها فيما فو، أو تعرض الموظف للحرمان من زيادة الراتب بعد إنجاب الطفل الثالث فما فوق، علاوة على تصميم بعض المحفزات الأخرى للأسر المستجيبة، كأن تعطى مكافأة مالية للمرأة التي تصل إلى سن الـ 50 ولم تنجب إلا طفل واحد، وأيضا ترسيخ مفهوم الأسرة الصغيرة لدى الشباب الذي لم يتزوج، وأخيرا لا بد من أن يتبنى الخطاب الديني، حملة قوية لمواجه الزيادة السكانية من خلال خطبة موحدة مرة كل شهر، خاصة أن الكثيرين يعتقدون بأن تنظيم الأسرة هو أمر مخالف للدين.
أسباب نجاح حملات تنظيم الأسرة في الثمانينات والتسعينات
وعن أهمية الحمالات الإعلامية المتعلقة بالتشجع على الحد من الزيادة السكانية، ومدى تأثيرها في الفئات المستهدفة، أكد الدكتور فرج الكامل، خبير الإعلام السكاني، أن مصر بدأت الالتفات إلى خطورة الزيادة السكانية في الستينات من القرن الماضي، وبدأت في تصميم حملات إعلانية للحد منها والحديث عن ضرورة تنظيم الأسرة، إلا أنها كانت البداية الخاطئة الأولى، بسبب استخدام تلك الحملات لمصطلح «تحديد النسل»، وحتى الآن نكرر نفس الخطأ، لأن هذا المصطلح أعطى إيحاء للمواطنين أن الدولة تفرض عليهم ضرورة وحتمية تحديد عدد الأطفال التي ستنجبها كل أسرة وتم تحديده بطفلين فقط، وتم مهاجمة الحملة والمصطلح من مؤسسات كثيرة، مما أثر بالسلب على استجابة السيدات والأمهات للحملة، موضحا أن البداية الخاطئة الثانية، كانت مع أول حملة قومية شاملة عن تنظيم الأسرة بين عامي 1980/1981، ولم تأتي هي الأخرى بالهدف منها وكانت الاستجابة لها أيضا من الجمهور المستهدف، ضعيفة جدا جدا، علاوة على أن تلك الحملة كانت سيئة جدا، لأنها خاطبت الجمهور بشكل غير صحيح ، حتى أن شعارها كان «أنظر حولك»، فكانت عبارة عن رسائل بعدد المواليد التي كانت تزيد في مصر، كل يوم وشهر وسنة، وكأن هذه مشكلة المواطن، كما كانت الرسائل الأخرى التي توجه الشخص إلى التصرف الصحيح، فقد كانت محدودة جدا، علاوة أنه تم إنتاج إعلان أخر في التليفزيون باسم «سنين ومحمدين» خلال هذه الفترة سيء للغاية، حتى أن أسم الشخصيات نفسها التي اختيرت كعنوان للإعلان آثار استياء الصحافة والإعلام ولم تكن ردود أفعاله بين رجل الشارع جيدة إطلاقا.
وعن كيفية توصيل الرسالة إلى الجمهور المستهدف بشكل جيد من خلال وسائل الإعلام والبرامج أو في شكل حملات إعلانية أم المزج بينهما، أوضح خبير الإعلام السكاني فرج الكامل لـ"صوت الأمة" أنه لا بد عند الحديث عن تنظيم الأسرة، أن يتم استخدام كافة الوسائل المتاحة سواء كانت إعلان أو الإعلام بشكل عام، لكن يتحدث بشكل مناسب للجمهور، فالحديث مع الأمهات والسيدات والآباء، يختلف عن الحديث مع المسؤولين ومتخذي القرار وغيرهم، بمعنى أن رسالتي الموجهة إلى القيادات السياسية ورجال الدين، لابد أن تهدف إلى إقناعهم بأهمية المشكلة والمساعدة في حلها، بينما لا يجب أن يكون خطابي إلى السيدات والرجال يركز على أن مصر، تعاني من مشكلة في الكثافة السكانية، لأنه في النهاية أريد تغيير سلوك الفرد، وبالتالي يجب أن أخاطبه بما يساعده على تغيير سلوكه لمصلحته هو الشخصية، وهذا الأمر في غاية الأهمية لأنه يحمل رسائل كثيرة توجه إلى الجمهور عديم الجدوى لأنه لا يخاطب الدوافع الفردية الموجودة عند الشخص المستهدف، ولا تحفزه إلى تبني تنظيم الأسرة.
وقال: «إذا قلت للشخص أن مصر، تعاني من مشكلة سكانية، فهذا لن يحفز الشخص إلى تنظيم أسرته من أجل بلده، لأنه سلوك شخصي حميمي لا يجدي معه هذا الخطاب، بينما إذا قلت للجمهور بأن هناك عدو خارجي يهددني وأحفزهم للانضمام إلى صفوف الدولة وحمل السلاح، فهنا من المؤكد استجابة الجمهور للمشاركة في الحرب على كافة أشكالها، في الوقت ذاته لا يمكن أن أخاطب نفس الجمهور وأقول له حاربوا عشان مصر ونظموا أسرتكم»، مشيرا إلى أنه يجب أن أعرف الجمهور بالفوائد التي ستعود عليه هو كشخص، وأرى أننا لدينا ما يكفي من النتائج العلمية التي تؤكد أن تنظيم الأسرة هام جدا لصحة الأم والطفل، وهو ما يجب أن يكون جوهر الرسالة الموجهة للجمهور ليقتنعوا بتنظيم الأسرة.
واختتم قائلا: «يجب أن تكون الوسائل التي نستخدمها، مبنية على دراسة الجمهور، لأنه يتغير زوقه، وإذا كنا نصمم حملة الآن فإنه لابد أن نعتمد على دراسات ديموغرافية تجرى في مصر، باسم المسح الصحي الديموغرافي، وبيتم عمله كل سنتين بشكل دوري، لنرى من خلاله أين توجد المشكلة و في أي شرائح بالمجتمع، بالإضافة إلى ضرورة عمل العادات الإعلامية الخاصة بها، وما هي الوسائل الإعلامية المناسبة للوصول إليهم، ثم تأتي في النهاية طريقة صياغة الرسالة الموجهة إليهم والمدخل المناسب لها، تليها السير في منهج محدد بحيث نختبر تلك الرسائل للتعرف ما إذا كانت مفهومة لدى الجمهور أم لا، بحيث نضمن أننا نخاطب رسالتنا بشكل صحيح ومدى صحة وصولنا للجمهور، وأخيرا نقيم كل تلك النتائج».
عمالة الأطفال تكرس للفقر والزيادة السكانية
على العكس تماما ترى السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الدولة للأسرة والسكان، سابقا، أن أزمة الزيادة السكانية، يجب أن تكون سياسة دولة ولا تقتصر فقط على وزارة الصحة، كونها قضية ثقافية في المقام الأول، فيجب أن يكون وزير السكان هو رئيس الوزراء، حتي يضمن أن كل الوزارات تضع القضية في أولوياتها، موضحة أن وزارة الصحة والسكان توفر الوسائل والأطباء، إلا أنه أحيانا يكون نقص الوسائل مشكلة وكذلك عدم توافر أطباء أو لا يطيقون صبرا لجذب المرأة المترددة على عيادة تنظيم الأسرة، بينما دور وزارة الصحة هام، إلا أنها وحدها لا تستطيع حل القضية السكانية، حتى وإن أنشأنا وزارة للسكان، لأنها بتكون وزارة دولة ولا تملك أي صلاحيات إطلاقا.
وقالت السفيرة مشيرة خطاب لـ"صوت الأمة" : «لدينا قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 وهو رائع، ويضع حقوق الطفل المعيار الأساسي في كل مادة من مواده، ومنها أن التعليم حق من حقوق الإنسان، وأن الطفل الذي يُحرم من حقه في التعليم هو معرض للخطر، وولي أمره مسؤول عن هذا الخطر، كما أن هناك لجنة الحماية استثمرنا بها وقت وجهد وأموال كثيرة جدا للتوعية بالقانون وإنشاء لجنة حماية وتدريب لأعضائها في كل محافظة، وأنا لا أملك أي عنوان أخر يُوضع على القضية السكانية أهم من ضمان تنفيذ القانون وكفالة حق كل طفل في التعليم، الكننا عندما ننظر، نجد أن نسبة الالتحاق 99.5%، لكن لا أحد ينظر لماذا لا يكمل الطفل تعليمه في المدرسة، لأن معظمهم ممن تسربوا لأنهم يرون أنهم لا ينفعون في التعليم.
وتابعت، أنه لدينا نظام تسجيل للمواليد جيد جدا، لكن يحتاج إلى المزيد من التركيز، وهذا دور لجان الحماية، لأنها قضية ثقافية، ولا بد أن يكون لكل طفل يولد شهادة ميلاد ومتابعة دخوله للمدرسة واكمل بها، فعندما تضع الأسرة الطفل في مكانه الطبيعي الصحيح وأنه عيل وله من يعوله فلما الأسرة تحط الطفل في مركز الطبيعي الصحيح انه هو «عيل» ويعوله أحد، حد يعوله، وليس كما هو متبع في تحول الطفل إلى عائل، يكون هنا الخطأ الجوهري، عندما يكون لدينا طفل في عمر الـ 5 سنوات ويساعد الأسرة بالأموال من خلال عمله في الورش أو التسول أو غيرها من الأعمال غيره من الأعمال، فلماذا لا يتجرأ الأب والأم على إنجاب 10 أطفال.
وعن العزوف عن الاستجابة لتنظيم الأسرة وما إذا كان قرار الرجل أم المرأة، أوضحت السفيرة مشيرة خطاب، أنه في الغالب الأسر الكبيرة هي الأفقر، وهنا تكون الأم غير متعلمة، والدراسات أثبتت أن المرأة المتعلمة تنجب قليلا، لإدراكها قيمة التعليم وتحرص على إلحاق أولادها بالمراحل التعليمية، لافتة إلى أن المرأة إذا رغبت في تنظيم الأسرة ستأخذ القرار، مشيرة إلى أن محافظات الصعيد هي الأكثر كثافة سكانية، والفجوة هناك بين تعليم الإناث والذكور كبيرة، إلا أن أهالي الصعيد يتقبلون الحديث بصدر رحب ويحتاجون من يساعدهم إذا استطاع كسب ثقتهم واحترامهم، لذا فإن مبادرة الرئيس «حياة كريمة» لتطوير محافظات الريف والصعيد، والارتقاء به سيحول مصر، إلى شيء مختلف تماما.
ولفتت إلى أنه لا يجب الذهاب إلى وضع عقوبات أو إجراءات قاسية، للحد من الزيادة السكانية كحرمان الطفل الثالث من التموين مثلا أو التأمين الصحي، وهنا لنا وقفة لأن هناك في مصر، اقتصاد غير رسمي، وهو ما تعتمد عليه الأسر الفقيرة كثيرة العدد، لذا فهم لن يكترثوا كثيرا بهذه الإجراءات العقابية، لكن النزول إلى الشارع وشرح القانون ومميزاته وفوائده وأقنعهم به، ساعتها سيكون رد الفعل فوق التوقعات.
في المقابل، أكد الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، أن حرب تغيير المفاهيم المغلوطة والخرافات والإشاعات المنتشرة، ومن أشهر أن أقراص منع الحمل تحدث مشاكل أو عقم أو سرطان، يسبب مشكلا في الظهر، ما يعني هنا أن دور التوعية للسيدات هام جدا، وأن جميع وسائل منع الحمل آمنة وفعالة، موضحاً أن التوعية دورها ينصب على كاهل الإعلام، فلابد تطمين السيدات من ناحية أمان وسائل منع الحمل، وأنه إذا كان هناك إحدى الوسائل أحدثت مشكله لها، فهذا لأن ليس كل السيدات تأخذ نفس الوسيلة، ولابد إفهام السيدة البسيطة بضرورة زيارة الطبيب لازم ، مثلما نتحدث تماما مع الرجل والمرأة عن أثر الزيادة السكانية على مصر، ويرى أنه يجب العمل أكثر على التوعية، نشر تلك الثقافة بشكل موسع .
وعن اقتصار وسائل تنظيم الأسرة فقط على السيدات دون الرجال، أكد الدكتور عمرو حسن لـ"صوت الأمة"، أن المسألة تتعلق بالثقافة وليس أكثر، موضحا أن لابد إدخال تلك الثقافة على المناهج التعليمية في الجامعة، وتعليمهم فوائد تكوين الأسرة الصغيرة تكون ودور الراجل ومشاركاته بكيفية استعمال «الواقي الذكري»، خاصة أن هناك سيدات لا تفلح معها وسائل منع الحمل لأسباب مرضية تعانيها، وهنا يكون الحل بمشاركة الزوج باستخدام وسيلة، وهذه وحدها ثقافة جزء، إذ أن أغلب الرجال يعتقدون أن اللجوء لهذه الوسيلة يكون فقط في علاقاتهم المنحرفة، مشيرا أن أي نجاح لتغيير ثقافة المجتمع يأتي من التعليم والإعلام، وليس من الطبيب، مشيرا إلى أن معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة انخفض من 60.3 % بحسب المسح السكاني لمصر ٢٠٠٨ إلى 58.5 % ( المسح السكاني لمصر ٢٠١٤ )، علاوة على تراجع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول.
وأوضح أن المسح السكاني لمصر 2014 أشار إلى أنه كانت نسب الاعتماد على اللولب في اواخر الثمانينات، حوالي 4 أضعاف ما كانت عليه في بدايتها، وزادت بأكثر من النصف في التسعينات، ليصل لمستوى استخدام 36% عام ۲۰۰۰، وظلت ثابتة بشكل نسبي حتى ۲۰۰۸، بينما تشير نتائج المسح السكاني الصحي لمصر ٢٠١٤، أن نسبة استخدام اللولب انخفضت بـ ۱۷ % في فترة ما بين المسحين ۲۰۰۸ و ٢٠١٤ من 36 % إلى 30 % ، فيما كان الانخفاض في استخدام اللولب قابله أساسا ارتفاع في معدل استخدام الحبوب - من ۱۲ % في ۲۰۰۸ إلى 16 % في ٢٠١٤ - وبدرجة أقل - ارتفاع في استخدام الحقن من ۷ % في ۲۰۰۸ إلى 9 % في ٢٠١٤، فيما أظهر ارتفاع نسبة الحاجة غير الملباة لوسائل تنظيم الأسرة، وهي تشمل السيدات في سن الإنجاب اللاتي لم يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة ، ويرغبن في تأجيل الطفل التالي (المباعدة) أو إيقاف الإنجاب كلية (تحديد)، فقد ارتفعت نسبة الحاجة غير الملباة من 11.6 % (المسح السكاني لمصر ٢٠٠٨ ) إلى 12.6 % ( المسح السكاني لمصر ٢٠١٤ )، مشيرا أنه عند وضع أهداف وأنشطة الاستراتيجية القومية للسكان و التنمية ( ٢٠١٥ - ٢٠٣٠ ) كان من المفترض أن يؤدي ذلك لصول عدد السكان 2020 إلى 94 مليون نسمة، لكن الواقع أن عدد السكان وصل لـ 101 مليون نسمة في 3 اكتوبر 2020، أي بواقع زيادة 7 ملايين نسمة عما كان مخطط له.