ما وراء خطايا تامر أمين وأمثاله!
الجمعة، 19 فبراير 2021 04:55 م
حسنًا فعل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوقف البرنامج الذي يقدمه الإعلامى تامر أمين، على قناة النهار، إلى حين استدعائه والتحقيق معه يوم الأحد المقبل، والتأكيد على ضرورة الالتزام بمدونات النشر التي تحض على تعظيم القيم السلوكية والأخلاقية.. وكذا تأكيد المجلس الاحترام الكامل لأهالى الصعيد الذين يمثلون الشهامة والمروءة والرجولة.
تامر أمين في حلقة من برنامجه «آخر النهار»، كان ينتقد «الزيادة السكانية»، في إطار الحملة التي أطلقتها الدولة لمواجهة هذه المشكلة الكبيرة، التي تلتهم كل محاولات التنمية.. لكن يبدو أن الإعلامي أراد أن «يُجَوِّدَ»، فارتد التجويد في صدره.. خاصة حين قال إن هناك أهالي في الريف وصعيد مصر ينجبون الأطفال لا ليلتحقوا بالتعليم بل لينفقوا على آبائهم! وذكر أن هناك مناطق في الصعيد والريف حين يبلغ الولد 6 أو 7 سنوات، يرسله والده إلى ورشة لتعلم حرفة ما، مقابل 500 أو 1000 جنيه يحطهم في حجر أبوه! و«لو الأب خلف بنت هيغلب؟ هيدخلها المدرسة؟ لا.. في الصعيد بيشحنوا البنات على القاهرة عشان يشتغلوا خدامات».
تصريحات تامر أمين قوبلت بانتقادات حادة، ووصل الهجوم إلى حد التطاول عليه، وعلى والده الإذاعي الراحل، أمين بسيوني، وفتح ملف «سقطات تامر»، وأخطائه السابقة، والتي أُوقف بسببها، وكاد أن يدخل السجن بسببها أيضًا.. ما اضطر تامر أن يقدم اعتذارًا واضحًا، وصريحًا عما قاله في حق بنات الصعيد.. قائلًا، في مقطع فيديو: «أنا بعتذر لكل أهالينا في الصعيد وفي كل مكان بمصر، إللي زعلانين مني.. أنا لا هكابر ولا هآوح.. أنا من الناس إللي بتعتذر لما تحس إن الناس زعلانة منها، حتى لو كانت نيتي يعلم بيها ربنا.. نيتى خير وكان الهدف هو المصلحة العامة».
ربما يعتبر بعضنا ما صرح به تامر أمين مجرد «زلة لسان»، أو أنه «خانه التعبير»، فيغفرون له خطيئته، ويصفحون عنه.. لكن- برأيي- هناك خطيئة أخرى تسبب فيها الإعلامي بتصريحه غير المنضبط، وتعبيره غير الموفق.. هذه الخطيئة تمثلت في أن «تصريحات الأستاذ تامر»، أصبحت «تريند»، وباتت حديثًا فرض نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسببت في صرف أنظار معظم المصريين عن الحملة الإعلامية للتعريف بأخطار الزيادة السكانية.. وتلاشى الحديث عن هذه الحملة، وتأثيرها أمام «تجويد» من مذيع ليس مطلوبًا منه سوى الالتزام بأدبيات العمل الإعلامي.
والحقيقة أن لدينا المئات من الإعلاميين والمسؤولين ممن يبحثون عن «اللقطة»، ويعرفون كيف «يركبون التريند»، فيرتكبون أخطاء كارثية، ويتسببون في صرف أنظار الناس عن قضايا قومية خطيرة، بكلامهم التافه، وتصريحاتهم المنفلتة.. فإذا مرت ثرثرتهم السخيفة بسلام، أتحفونا بثرثرة جديدة أشد سخافة وتفاهة.. فإذا ما شعروا أنهم سيطاح بهم، خرجوا علينا مبررين، ومعتذرين.. وربما يتوقفون عن العمل لأيام، ثم يعودون بعدها إلى الشاشة ليتقيؤوا علينا مرة أخرى! فهل يكفى الاعتذار في محو ما تركته تصريحاتهم من آثار سلبية؟