في ذكري ميلاده.. محمد نجيب «جنرال الثورة» وقائد «الأحرار»
الخميس، 18 فبراير 2021 09:00 مإسلام ناجي
"تمنيت أن يعاملوني لحظة التخلص مني كما عاملت الملك فاروق الفاسد".. سطر محمد نجيب تلك الكلمات في كتابه "كنت رئيسا لمصر" ليعبر بها عن لحظات سجنه بين جدران منزله بعدما أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بفرض الإقامة الجبرية عليه.
ولد محمد نجيب يوسف قطب القشلان، في 19 فبراير عام 1901 بالخرطوم طبقا للتاريخ المذكور بملف خدمته بالجيش، لأب مصري وأم سودانية، فكان الأخ الأكبر لتسع أبناء، فعاش مع والده يوسف نجيب، البكباشي بالجيش المصري في السودان، حتى عام 1917 حين حصل على الثانوية العامة.
التحق محمد نجيب بالكلية الحربية في مصر وتخرج منها في 23 يناير 1918، قبل أن يسافر إلى السودان في 19 فبراير 1918 ويلتحق بالكتيبة المصرية نفسها التي كان يعمل بها والده، ليبدأ حياته كضابط في الجيش المصري بالكتيبة 17 مشاة.
وفي عام 1927، كان محمد نجيب أول ضابط في الجيش المصري يحصل على ليسانس الحقوق، ثم دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1929 ودبلوم آخر في الدراسات العليا في القانون الخاص عام 1931، وكان يجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والالمانية والعبرية.
رقي محمد نجيب إلى رتبة القائم مقام "عقيد" في يونيو 1944، وفي تلك السنة عين حاكما إقليميا لسيناء، وفي عام 1947 كان مسئولا عن مدافع الماكينة في العريش، ورقي لرتبة الأميرالاي "عميد" عام 1948، ثم رقي إلى رتبة اللواء في 9 ديسمبر 1950، ورشح وزيرا للحربية في وزارة نجيب الهلالي لكن القصر الملكي رفض.
شارك نجيب في حرب فلسطين عام 1948، وأصيب ثلاث مرات، فمُنِح نجمة فؤاد العسكرية الأولى بالإضافة إلى رتبة البكوية لشجاعته، وعقب ذلك عُين مديرًا لمدرسة الضباط، ثم تعرف على تنظيم الضباط الأحرار من خلال الصاغ عبدالحكيم عامر.
وبعد نجاح ثورة 23 يوليو عام 1952 والإطاحة بالملك فاروق، اُختير رئيسًا لمجلس قيادة الثورة، وشكل وزارته الأولى في 8 سبتمبر من العام نفسه، ليتولى فيها منصب وزير الحربية والبحرية مع احتفاظه بالقيادة العامة للقوات المسلحة، قبل أن يصبح نظام الحكم جمهوريا، ويُعين اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر في 18 يونيو عام 1953.
قدم الرئيس استقالته في 22 فبراير 1954، وفي 25 فبراير أصدر مجلس القيادة بيان إقالة محمد نجيب، مُدعين أنه طلب سلطات أكبر من سلطات أعضاء المجلس، وأن يكون له حق الاعتراض على قرارات المجلس، حتى ولو كانت هذه القرارات قد أخذت بالإجماع، فخرجت التظاهرات رافضة لاستقالة نجيب.
وتداركا للموقف العصيب الذي تمر به البلاد، أصدرت قيادات الجيش بيانا في 27 فبراير جاء فيه: "حفاظا على وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته على ذلك". وعاد محمد نجيب إلى الحكم على أكتاف الجماهير.
ولم تتوقف محاولات مجلس قيادة الثورة للإطاحة بمحمد نجيب عند هذا الحد، إلى أن وقعت أزمة مارس، وزاد الخلاف حول بعض القرارات المتعلقة بتشكيل الأحزاب والانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، واتهمه المجلس بالتحالف مع حزب الوفد والتعاون مع جماعة الإخوان.
انتهى حكمه في 14 نوفمبر 1954، بعد أن اجتمع مجلس قيادة الثورة، وأصدر قرارا بأن تسلم البلاد لممثلي الأمة، وتنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها، وفرض الإقامة الجبرية عليه في فيلاه بمنطقة المرج، فبلغه عبدالحكيم عامر بالخبر.
"قال لي السادات: أنت حر طليق! لم أصدق نفسي هل أستطيع أن أخرج وأدخل بلا حراسة؟ هل أستطيع أن أتكلم في التلفون بلا تنصت؟ هل أستطيع أن أستقبل الناس بلا رقيب! ". 30 عاما قضاها الرئيس محمد نجيب بين جدران منزله حتى إطلاق سراحه بقرار من الرئيس الراحل محمد انور السادات عام 1971، وتوفي في 28 أغسطس 1984.
شُطب اسم نجيب من الوثائق وكافة السجلات والكتب ومنع ظهوره أو ظهور اسمه تماما طوال ثلاثين عامًا حتى اعتقد الكثير من المصريين أنه قد توفي، وكان يذكر في الوثائق والكتب أن عبدالناصر هو أول رئيس لمصر، واستمر هذا الأمر حتى أواخر الثمانينيات عندما عاد اسمه للظهور من جديد وأعيدت الأوسمة لأسرته، وأطلق اسمه على بعض المنشآت والشوارع.
في 24 سبتمبر 2007، تم افتتاح متحف خاص لمحمد نجيب في القرية الفرعونية يضم مقتنياته وعدد كبير من الصور، وفي عام 2013 منحت عائلة محمد نجيب قلادة النيل العظمى، وفي يونيه 2017 رفع الرئيس عبد الفتاح السيسي، العلم المصري، على قاعدة محمد نجيب العسكرية، في مدينة الحمام غرب الإسكندرية، والتي تعد أكبر قاعدة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.