أحد ألغاز الحضارة المصرية القديمة.. الكشف عن سر مقتل "سقنن رع تاعا الثاني" على يد الهكسوس
الخميس، 18 فبراير 2021 06:00 م
بات فك ألغاز الحضارة المصرية القديمة، حالة تتملك علماء المصريات حول العالم، للدرجة التي بلغت حد الشغف أدى للبحث وراء الأسباب الحقيقة لمقتل «سقنن رع تاع الثاني»، الذي خاضت الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة التشخيصية بكلية الطب جامعة القاهرة، رحلة الكشف عن أسرار قتل الملك المصري، الملقب بـ «الفرعون الشجاع»، إذ قدمت الباحثة المصرية، دراسة الجديدة بالتعاون مع الدكتور زاهي حواس، عالم الأثار، تفسيرا جديدا للأحداث المحيطة بوفاة الملك الذي حكم جنوب مصر، خلال فترة احتلال الهكسوس للبلاد، وتنفي النظريات التي أشارت إلى مقتله أثناء نومه داخل قصره، إذ أنه منذ اكتشاف المومياء عام 1881 بين خبيئة الدير البحري، لم يكن أحد يعلم سر مقتله، بينما أصبح لدى العلماء سيناريو لما دار لهذا الملك، من خلال الحقائق التي توصلت إليها سليم.
مومياء سقنن رع تاعا الثانى
وأظهرت الأشعة التشخيصية للملك «سقنن رع تاعا الثاني»، نتائج مثيرة ورواية جديدة لم يتناولها التاريخ من قَبل، بعدما جرى فحص المومياء بالأشعة المقطعية، وهي إحدى تقنيات التصوير الطبي التي تستخدم لدراسة البقايا الأثرية بطريقة آمنة بما في ذلك المومياوات.
يشار إلى أن الدكتور زاهي حواس، دشن مشروع فحص المومياوات الملكية عام 2005، وبعد أشهر قليلة انضمت خبيرة أشعة الآثار المصرية القادمة من كندا، سحر سليم، إلى التجربة، لتشارك في مراجعة المجموعة الأولى التي شملت 25 مومياء.
سقنن رع تاعا الثانى -1
وتقول الباحثة سحر سليم، إن الصدفة وحدها قادتها للتعلق بعالم المومياوات الملكية، بعدما شاهدت خلال دراستها في جامعة ويسترن أونتاريو الكندية، عملية فحص مومياء مصرية عام 2004 جانب مجموعة بحثية، وهو ما أثار حماسها فالتحقت بهم لدراسة كافة علوم الآثار، ثم قررت العودة للقاهرة، لتقترب أكثر من أجدادها، مشيرة إلى أنها خضت تجربة جديدة في مايو عام 2019 بفحص 15 مومياء على رأسهم سقنن رع تاعا الثاني، نظرا لأهميته الشديدة والنظريات المثارة حوله بعد العثور على جروح شديدة في رأسه عند اكتشافه، فبعد الانتهاء من فحص مومياء الملك، عثرت على جروح إضافية لم تظهر مسبقا بالجانب الأيمن من الجمجمة، كانت مغطاة بطبقات من مواد التحنيط في محاولة من المسؤولين عن تلك العملية الدقيقة لتجميل جروح الملك الأربعيني، كما تأكد الفريق البحثي من عدم وجود إصابات أخرى في جسد الملك، فيما لفت انتباههم وجود تشنج في يديه، ما يدل على ربطها من الخلف خلال مواجهة أعدائه، حيث أشارت الدلائل الأولى إلى الهكسوس، وهو ما كان لابد من البحث في هذا المسار.
وتابعت: إنها ذهبت إلى المتحف المصري بميدان التحرير، للبحث داخل مخازنه عن أسلحة الهكسوس المحفوظة، فوجدت فأس وحربة وخناجر، فعاينتهم جيدا، لتجد مفاجأة في انتظارها، حيث أنها أثناء فحص النصل وشكله ومقارنته بجروح الملك «سقنن رع تاعا الثاني»، اكتشفت تطابق كبير بينهما، بدا جليا إصابة الملك على يد الهكسوس والهجوم عليه من اتجاهات مختلفة، وشل قدرته على الدفاع عن نفسه بعد تقييد يديه.
وأوضحت العالمية المصرية، أنها قبل نشر البحث في مجلة علمية مرموقة، توجهت إلى عدد كبير من الخبراء في تخصصات مختلفة، بهدف التعرف على آرائهم حول الدراسة، كان من بينهم رونالدو بيكيت، خبير مومياوات الأمريكي، واندرو نلسون، عالم أنثروبولوجي الكندي، والدكتورة عبلة عطية، أستاذة الطب الشرعي بكلية طب القصر العين، وحصلت منهم على ملاحظات جيدة وهامة، بينما نالت استحسان لجنة المحكمين عند عرض الدراسة عليهم وأشادوا بالتجربة، كما وافقت اللجنة على قبول البحث ونشره، مشيرة إلى اعتقادها بأن الأشعة المقطعية لها دور بالغ الأهمية في اكتشاف معلومات حديثة عن المومياوات الملكية، من دون الحاجة إلى تقطيع الضمادات الملتفة حولها أو إحداث خسائر بها كما حدث قديما، إذ أن الدراسات أثبتت عدم تأثيرها على الحمض النووي لقدماء المصريين.
وثمنت العالمة المصرية سحر سليم، على الدور البارز لعالم الآثار زاهي حواس، في دفع مشروع فحص المومياوات إلى الأمام، والتعاون المثمر بينهم في العديد من الأبحاث والدراسات، علاوة على إصدار عدد من الكتب مثلScanning the pharaohs وعملها معه لسنوات في اكتشاف عدد من الحفائر الهامة، لافتة إلى أن الفترة القادمة ستشهد نشر نتائج جديدة عن مومياوات مختلفة، كان قد تم فحصها خلال الأشهر الفائتة، من بينها حفائر مكتشفة حديثا في منطقة سقارة الأثرية.
سقنن-رع-تاعا-الثاني
في المقابل أوضح الدكتور زاهي حواس، عالم الأثار المصرية، أن الملك «سقنن رع تاعا الثاني» هو أول شخص يبدأ حرب التحرير ضد الهكسوس، الذين احتلوا مصر، على مدار 150 عاما، واصفا الملك بأنه أول شهيد مصري في سبيل تحرير الوطن، والذي تم قتله وهو بسن الـ40 عاما.
ولفت حواس، إلى أن الهكسوس احتلوا مصر، عبر بوابة سيناء، لذا عمل المصري القديم على حماية أراض سيناء بعد طرد الهكسوس من البلاد، إلا أن الملك «سقنن رع تاعا الثاني» خسر المعركة ضد المحتلين، وأُسر وقُييدت يداه وقدماه، موضحا أن الأشعة المقطعية كشفت تعرضه للطعن بـ7 طعنات أودت بحياته، وأن جنوده المصريين نقلوه بعد مقتله إلى طيبة، ليتم تحنيطه ودفنه هناك.