عزبة الهجانة.. من المجهول تحت سطح الأرض بـ8 أمتار إلى قمة أولويات الدولة
السبت، 13 فبراير 2021 06:00 مسامي بلتاجي
المنطقة بين 9 مناطق غير مخططة وسط وشمال القاهرة تمت صياغة مخططاتها الرئيسية الاستراتيجية لتحزيم وتطوير العشوائيات
الأحد الماضى، اصحب الرئيس عبد الفتاح السيسى أعضاء الحكومة من الوزراء ورئيس الوزراء في جولة تفقدية داخل منطقة عزبة الهجانة بشرق القاهرة على طريق القاهرة السويس، اطلع خلالها على تلك المنطقة غير المخططة ذات الكثافة السكانية العالية موجهاً بالاستمرار في نهج الدولة وجهودها في تطوير كافة المناطق العشوائية، وغير الآمنة، وغير المخططة المنتشرة علي مستوي الجمهورية من كافة الجوانب وكذلك الوقوف علي حجم الجهود المطلوبة لتغيير واقع تلك المناطق على نحو يرتقي بالأحوال المعيشية اليومية للمواطنين بها وتوفير سُبل الحياة الكريمة للأسر القاطنين داخلها، فضلاً عن ربطها بشبكة الطرق الجديدة بالمناطق المحيطة بها وتوفير مختلف الخدمات الأساسية.
جولة الرئيس جاءت بعد ساعات من مداخلته الهاتفية مع الإعلامى عمرو أديب، والتي تحدث خلالها عن المناطق الخرطة وغير المخططة ومن بينها عزبة الهجانة، ليفاجأ الجميع بالرئيس وهو يصطحب أعضاء الحكومة، للاطلاع على الأرض على ما يحدث.
وبدأت الدولة مرحلة تطوير شاملة لمنطقة عزبة الهجانة، بحي شرق مدينة نصر، للقضاء على كافة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السلبية، في إطار خطة استراتيجية لتطوير إقليم القاهرة الكبرى؛ وذلك، بعد سنوات طويلة من الإهمال.
أصل ونشأة عزبة الهجانة
ذكر كتاب «العشوائيات في الوطن العربي.. ماهيتها.. تداعياتها الاجتماعية»، الطبعة الأولى، عام 2007، للدكتور محمود عرابي، عن أصل ونشأة عزبة الهجانة، عند الكيلو 4.5، بطريق السويس، بحي شرق مدينة نصر، بمحافظة القاهرة، يرجع إلى حسن النوبي، الذي كان يعمل في سلاح الهجانة، وبعد أن خرج على المعاش، وتقطعت به سبل الرزق، أخذ قطعة أرض وبنى عليها، ثم أصبح كل من يخرج من سلاح الهجانة يقطن بها؛ وأخذت عزبة الهجانة في النمو، وزادت في القوة، في عام 1986 أو 1987، حتى أشيع عن المنطقة صعوبة دخولها من قبل القوات الأمنية لإزالة ما بها من مخالفات، تحسبا لاحتمالات الصدام المسلح مع الأهالي.
المهندس خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات، التابع لمجلس الوزراء، وفي تصريح خاص لـ«صوت الأمة»، في وقت سابق، كان قد نوه إلى أن منطقة عزبة الهجانة بمدينة نصر، يتم تصنيفها باعتبارها غير مخططة، فعماراتها آمنة، وحالتها الإنشائية سليمة، ولا تشكل خطرا على الحياة؛ لافتاً إلى أن المحور الذي يتم إنشاؤه بالمنطقة، تنفذه القوات المسلحة، وليس صندوق تطوير العشوائيات، بحسب المدير التنفيذي للصندوق.
وكانت لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها، برئاسة مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، قد أقرت توصية، في 19 أبريل 2017، بإرجاء تقنين أراضى الدولة بمنطقة عزبة الهجانة، لحين الانتهاء من مخطط تطوير المنطقة الذى تقوم عليه وزارة الإسكان بالتنسيق مع محافظة القاهرة؛ وطالب اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس للشئون الأمنية، باعتباره عضوا باللجنة، بسرعة الانتهاء من تنفيذ المخطط الذى قدرت له الحكومة تكلفة تصل الى مليارين ونصف المليار جنيه، مما سيكون له مردود إيجابي على المنطقة وسكانها اجتماعيا وأمنيا وإقتصاديا أيضا، مع مد مهلة سداد المتأخرات حتى 22 مايو من ذات العام، نظرا للإقبال المتزايد.
وطبقا لما أفادت به الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق، بمحافظة القاهرة، في مايو 2019، في شأن المناطق العشوائية من حيث التطوير، فإن حي شرق مدينة نصر، يضم منطقتي الهجانة 2 و3؛ بإجمالي مساحة 11.86 فدانا، بإجمالي عدد سكان 4114 نسمة؛ إلى جانب المنطقة غير المخططة، بمساحة 27.6 فدانا، يسكن فيها 17325 نسمة.
لا يوجد حصر لمساكن الأهالي بعزبة الهجانة، بحسب تأكيدات أعضاء الحكومة، للرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي وجه بإعداد مخطط للعرض وفتح محاور للحركة؛ حيث خلال الجولة بعزبة الهجانة، تم رصد استمرار عمليات البناء العشوائي؛ وهو ما تم التشديد على ضرورة وقفه، ووجه السيسي بإيجاد البديل الملائم اجتماعيا واقتصاديا؛ أن قيمة الإيجار الشهري بعزبة الهجانة، تتراوح بين 800 إلى 1000 جنيه.
وخلال جولة تفقدية، بالعاصمة الإدارية الجديدة، في 8 فبراير 2021، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تكاليف إصلاح الوضع بالكيلو 4.5 بعزبة الهجانة، أعلى مما يتم في مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة.
تخطيط ورؤية الحكومة لتطوير عزبة الهجانة
تعتبر منطقة عزبة الهجانة، ضمن 9 مناطق غير مخططة، وسط وشمال محافظة القاهرة، تمت صياغة مخططاتها الرئيسية الاستراتيجية، لتحزيم وتنمية تلك المناطق، وهي قيد التنفيذ؛ حيث تم تخصيص مناطق محددة بإقليم القاهرة الكبرى، لمشروعات الإسكان للفئات محدودة ومتوسطة الدخل، يتم بناؤها بواسطة القطاع الخاص؛ ويعتبر التحزيم أحد أهم المبادرات، التي تتبناها الحكومة للسيطرة على تمدد المناطق غير المخططة، وتحسين الظروف المعيشية بتلك المناطق؛ وذلك، بحسب ما جاء في الجزء الأول من استراتيجية التنمية العمرانية لإقليم القاهرة الكبرى، والخاص بالرؤى والتوجهات الاستراتيجية، إذ تتولى الحكومة إقامة البنية التحتية الأساسية للمنطقة بأكملها، مع دعم إقامة وحدات محدودي ومتوسطي الدخل.
المخطط الاستراتيجي بعيد المدى، للتنمية المستدامة لإقليم القاهرة الكبرى، أوضح أن التنمية المستقبلية بالقطاع، تتجه نحو الشرق؛ حيث أن العمران يغطي الانحدارات الشديدة بالغرب، وتعتبر مدينة نصر ذات تخطيط جيد، وستتم تنمية المنطقة المحيطة بها، لمشروع موقع الحكومة الجديد، مع ضرورة منع الامتدادات غير المخططة، حتى لا تنتج عنها مناطق عشوائية جديدة.
بدأت الحكومة المصرية، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في التطوير الشامل لعزبة الهجانة، في ديسمبر 2021، من خلال بدء مسارات الخدمات بالمشروع، على أن يتم فتح شوارع بالمناطق الأقل كثافة؛ مع توفير سكن بديل بالقاهرة، ضمن مشروع 500 ألف وحدة سكنية بمشروع «سكن كل المصريين»، التي وجه الرئيس بإنشائها في الأراضي غير المستغلة بالمحافظات، فضلا عن استيعاب أعداد من سكان عزبة الهجانة، في مشروعات: أهالينا 2 و3، الأسمرات 1 و2، والمحروسة 1 و2، لنحو 500 ألف وحدة سكنية قد تضطر الدولة لإزالتها، عند فتح محاور الحركة؛ حيث تم بالفعل، تسكين 1400 أسرة، وخلال الأسبوع الأخير من فبراير 2021، سيبدأ تجهيز وحدات إسكان بديل بالفرش، لعدد ألف أسرة من أهالي عزبة الهجانة، بالتنسيق بين محافظة القاهرة ووزارة التضامن الاجتماعي؛ ولفت الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن 250 مليار جنيه، كحد أدنى، تتطلبها تكلفة الخدمات والسكن البديل لفتح محاور الحركة بعزبة الهجانة؛ وذلك، تأكيدا لملاحظة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن أقصى اتساع لشوارع عزبة الهجانة 4 أو 5 م، وبانخفاض 8 م عن مستوى الطريق الرئيسي.