حكم قضائي جدير بالاحترام والتعميم
الأربعاء، 10 فبراير 2021 04:35 م
ألزم القضاء الإداري المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بحجب الروابط الإلكترونية المحملة على موقع الفيديوهات "يوتيوب" داخل مصر والتى تستهدف الإساءة إلى الرسول الكريم.
المحكمة قالت في حيثيات حكمها في الدعوى رقم 60693 لسنة 66 ق: "بعد استعراض النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة، شيدت المحكمة قضاءها على سند من أنه إذا كان من شأن المواد الإعلامية التي تُبث من الخارج الإخلال بمقتضيات الأمن القومي المصري، فللمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عندئذ أن يأمر بمنع تداولها أو عرضها داخل البلاد"، مشددة على أنه "إذا كانت تلك المواد إباحية أو تتعرض للأديان والمذاهب الدينية بما من شأنه تكدير السلم العام، أو تحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية، فقد أوجب المشرع على المجلس الأعلى أن يأمر بمنع تداول أو عرض المادة المخالفة في مصر".
واستطردت المحكمة: "هذه السلطة ليست من قبيل الجزاء أو العقوبة التي يتم توقيعها على الوسيلة الإعلامية الأجنبية المخالفة، ولكنها إحدى تجليات الوظيفة الحمائية التي يضطلع بها المجلس الأعلى حفاظًا على الأمن القومي للبلاد والآداب العامة والنظام العام"، مردفة: "للمجلس الأعلى في هذا الخصوص أيضًا أن يتواصل مع الجهات النظيرة في الدولة التي يتم البث منها للعمل على تدارك أسباب المخالفة".
ولما كان الشيء بالشيء يُذكر، والإساءة لا تتجزأ ولا تختلف من وسيلة إعلامية إلى أخرى، فإن هذا الحكم يجب أن ينسحب على كل الإساءات المشابهة، سواء وردت عبر اليوتيوب أو الفيسبوك او تويتر أو انستجرام، أو الفضائيات أو الصحف المصرية، ويجب أن يكون هذا الحكم ملزمًا لكل الجهات ذات السلطات المشابهة.
ليس موقع "يوتيوب" وحده من يستهدف الإساءة إلى الثوابت الإسلامية، وفى القلب منها الرسول الأكرم، ولكن هناك وسائط أخرى "محلية" تحتشد في خندق الإساءة إلى الإسلام بطرق شتى، مدعومة تارة بـ"حرية الرأى والتعبير"، ومتسللة تارة أخرى خلف "مزاعم التنوير".
هناك فضائيات مصرية تخصصت فى إنتاج برامج من أجل الخوض فى سيرة الصحابة الكرام وغمزهم ولمزهم عن جهل أو سوء نية، والإساءة إلى أعلام التفسير وأئمة الحديث خوضًا يتجاوز مرحلة "النقد والرأى وإعادة النظر" إلى مستويات متقدمة من الجهل وسوء اللياقة والخروج عن مقتضيات الأدب. وهناك مقالات منتظمة فى الصحف السيارة لا همَّ لأصحابها سوى استعراض حالة ممزوجة من الجهل والعدوانية ضد الإسلام، حتى إن بعضها وصف "الإمام الأكبر" بـ"الكاهن الأكبر"؛ لمجرد تصديه إلى مثل هذه التجاوزات . وهناك منصات إلكترونية "فيس بوك/ تويتر/ انستجرام"، جعلها أصحابها وقفًا للسخرية والازدراء من كل ما يمت للإسلام بصلة، حتى وصل بهم الأمر، عندما يعدمون الحيلة، إلى ادعاء فتاوى وتلفيق آراء لا أساس لها من الصحة؛ من أجل جمع أكبر قدر من التعليقات المسيئة إلى الإسلام. ومع كل هؤلاء..هناك مشايخ مراهقون يبحثون عن الشهرة والذيوع بأي شكل من خلال اختلاق فتاوى مريبة تحت ستار تجديد الخطاب الديني، وتسخير الدين وتطويعه من أجل أهواء مريضة. ولا يختلف عن كل هذه الفرق أولئك المتشددون الذين يستخدمون منابرهم الإلكترونية والإعلامية لترويج فتاوى شاذة كريهة تنفر الأجيال الجديدة من الإسلام وتظهره فى صورة الدين الصحراوى البدوى الطائفى العنصرى الكاره للناس والحياة. كل هؤلاء لا يقلون فى إساءاتهم للإسلام وتأثيرهم السلبى عما تبثه الفيديوهات المحظورة بحكم قضائي ومُلزم للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بممارسة دوره فى حماية الأديان والأخلاق والأعراف والآداب العامة، فلماذا لا يتم تعميم هذا الحكم لتجفيف كل منابع الإساءة إلى الأديان واستئصالها من جذورها؟